عزيزة علي

عمان- يقول أستاذ اللغة العربية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور أحمد الرحاحلة إنه يقف في كتابه “نظرية الأدب الرقميII-الأدب الاصطناعي وقضايا الحساسية الإلكترونية”، الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع؛ إنه عمل على التأسيس لملامح الأدب الرقمي غربيًّا وعربيًّا، وآفاق التجريب التي خاضها المبدعون والنقاد في هذا الاشتغال، سعيًا لتأسيس أدب يمازج بين السمة الأدبية والتطبيقات التكنولوجيّة.
ويضيف الرحاحلة في مقدمة كتابه أنه رصد في كتبه حالة الانبهار العربية للمهتمين بهذا الحقل بتقنية الروابط (Link) من جهة، والجنوح نحو توظيف الصوت والصورة والحركة بمختلف تجلياتها في أعمال أدبية من جهة أخرى، وناقش كذلك القضايا النقدية الأبرز مرافقة لظهور هذا اللون من الاشتغال الأدبي.
ويقول المؤلف إن الجزء الثاني من كتابه جاء أكثر عناية بالتحولات الحقيقية نحو التكنولوجيا وتطبيقاتها المتجددة، وحول التأسيس لوجه مختلف من العملة الإبداعية الرقمية، على المستويين النظري والتطبيقي، ويعاين كذلك ما نسميه الحساسية الإلكترونية والتحولات المرافقة لها، على مستوى آليات البناء الإبداعي الرقمي، وتشكيلاته الأبرز.
ويشير المؤلف إلى انه في الجزء الأول من كتابه يحاور الأدب الذي يقتحم عوالم التكنولوجيا، وينتفع من تطبيقاتها، وفي الجزء الثاني يعاين التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية التي تسعى لاقتحام عوالم الأدب، وتحاكي المبدعين والأدباء في إنتاج نصوص تسعى لإرساء ملامحها الخاصة، والتأسيس لما يمكن أنْ نسميه الصناعة الأدبية الإلكترونية، والأمر ذاته فيما يتصل بالاشتغال النقدي الأدبي، والتأسيس لحالة رقمية من النقد والتحليل الأدبي، تحاول فيه الآلة والبرمجيات أن تقوم مقام الناقد والمبدع على حدّ سواء.
ودعا المؤلف الباحثين والمبدعين والنقاد والمهتمين بالأدب والتكنولوجيا، إلى الوعي الشمولي بعمق التحولات التي بدأت تطرأ على المشهد الأدبي العام، وتتطلب بحثًا بأسباب هذا التحول، وطرائقه، وصولاً إلى نتائجه، وعند هذا الحدّ سيحتاج الأمر إلى اشتغال جماعي يتجاوز حدود الرؤى الفردية أو الرؤى المتفرقة، لتقييم التحولات التي نشهدها، وتقويمها على النحو يؤسس لعلم جديد يتطلّبه التحول العصري، قد نسميه الهندسة الأدبية، أو البرمجة الأدبية، ويُعنى بالحساسية الأدبية الإلكترونية، وجماليات التصميم الأدبي الرقمي، وغيرها من العلوم والقضايا ذات الصلة.
ويشير الرحاحلة إلى أن الكتاب جاء في ستة مباحث متخصصة، سعت كلّها قدر المستطاع إلى رسم جوانب مختلفة من الأبعاد الأساسية لهذا التحول، وتوثيق جانب من هذه المرحلة من التحولات الحضارية، التي لم يعد سهلاً أبدًا التنبؤ بالحدود والتطورات التي يمكن أنْ تبلغها، والآفاق والعوالم التي يمكن أن تجترحها، ولا يغيب عن أهدافها هدف عام من أهداف هذا المشروع يتمثل في الإسهام في تشكيل جزء من الوعي المعرفي الذي لا يمكن الاستغناء عنه لمن رام متابعة كل جديد، والتعرف إلى الإنجازات البشرية المتطورة، وصولاً إلى حالة مثالية تتجلى في المشاركة بمواكبة التقدم والبناء الحضاري الإنساني.
يقدم المبحث الأول “مدخل إلى الأدب الاصطناعي”، ويطرح جملة من الأسئلة التي تعاين أبرز التحولات التي يشهدها الأدب الرقمي، ويتلمس الحدود التي بلغها تمازج التكنولوجيا وتطبيقاتها مع الأدب عبر مفهوم الأدب الاصطناعي، ويعرض لأبرز القضايا المتصلة بهذه الحالة، ولأبرز معوقاتها وتحدياتها، ويجيب عن سؤال الجدوى والغاية منه، ويرصد السلبيات والمخاوف والهواجس المتعلقة به من قبل رافضي التمازج بين الأدب والتكنولوجيا.
بينما يتوقف المبحث الثاني عند “الشعر التوليدي والروبوت الشاعر بين النظرية والتطبيق”، ويتناول مفهوم الشعر الاصطناعي أو التوليدي، ويتتبع ظهور الروبوتات والحواسيب الشاعرة، من خلال إعادة محاورة سؤال أدبي- تقني هو: هل يستطيع جهاز الحاسوب أن ينتج شعرا؟ إلى جانب مناقشة الأسئلة والإشكالات التي تصاحب هذا الإجراء، ولتحقيق.
فيما يتحدث المبحث الثالث عن “نظرية اللعب من الأدب الورقي إلى الأدب الرقمي”، ويعاين حضور نظرية اللعب في الأدب الورقي والأدب الرقمي، وتتبع التحولات التي شهدتها النظرية على مستوى الرؤية ومستوى التشكيل، ورصد تأثيرات التطبيقات التكنولوجية والوسائط الرقمية في تطور الصلة بين الأدب والألعاب، من خلال نماذج مختارة، وتحليلات وافية.
ويناقش المبحث الرابع “جدل اللغة وتحولاتها في النصوص الإبداعية الرقمية: قراءة في المشهد العربي”، التحولات التي أصابت وضعية اللغة في عملية إنتاج النصوص الإبداعية الرقمية وتلقيها، وتأثير التنظيرات والتطبيقات الإبداعية الرقمية في بلورة دور اللغة وحضورها.
ويتحدث المبحث الخامس عن “بنية تشكيل النص الشعري الرقمي في “لا متناهيات الجدار الناري” لمشتاق عباس معن”، وتحليل البنيات التفاعلية لتمازج الأدب والتكنولوجيا، من خلال تحليل البنية الشعرية الرقمية في القصيدة التفاعلية الرقمية “لا متناهيات الجدار الناري” للشاعر مشتاق عباس معن، استنادًا إلى مفهوم القصيدة الرقمية، وخصائصها التفاعلية، وسعيًا إلى تقييمها رقميًّا وفنيًّا.
اما المبحث السادس فيتحدث عن “مسارات النقد وبرمجياته في الأدب الرقمي بين التنظير والتطبيق”، ويسعى هذا المبحث إلى تأسيس إطار نظري خاص بالمشهد النقدي في الأدب الرقمي، إلى جانب الكشف عن المواقف النقدية حيال هذا الاشتغال العصري الجديد.
ويذكر ان الدكتور أحمد الرحاحلة فاز قبل فترة بجائزة كتارا- فرع الدراسة النقدية عن “تحولات البنية الزمنية في السرديات الرقمية.. روايات محمد سناجلة نموذجا”، عمل رئيسا لقسم البحث التربوي، وفي عام 2013 عمل مدرسا في قسم اللغة العربية وآدابها– جامعة البلقاء التطبيقية، ونائبا لعميد كلية السلط للعلوم الإنسانية في عام 2015، وهو عضو هيئة تدرس في قسم اللغة العربية وآدابها حتى تاريخه.