«نوستالجيا»… لمحات من الفن التشكيلي العراقي في بريطانيا
[wpcc-script type=”3988ff56d58c4b1524646c3b-text/javascript”]

تحت عنوان (نوستالجيا) أقيم مؤخرا في صالة بيمبيبول/حي بيكهام جنوب العاصمة البريطانية/ لندن معرض تشكيلي مشترك للفنانيين العراقيين سعدي داوود، علي الموسوي، ناظم الجبوري، ياسمين عمر زيد الفكيكي وهاني مظهر.
التراث والفولكلور
قدم الفنان سعدي داوود منجزا تشكيليا ينتمي إلى المدرسة الفطرية الشعبية، وموضوع أعماله الحياة الفلكلورية التراثية العراقية، مجسدا تراكم خبرته البصرية بألوان نابضة بالحياة، مشعة بالأمل وبأشكال عفوية تمثل المرأة والرجل مع تصوير الأحصنة والطيور، ذلك مع تناسق الألوان وانسيابية الأشكال وطرافة الحركة وزخرفة الكائنات الأليفة، بضربات ريشته الأنيقة والمتمكنة من موضوعه. تتميز أعماله بالرمزية والقوة التعبيرية ومعالجة الألوان بطريقة محببة، وزركشة الطيور والأحصنة والرسم على جسدها وأجنحتها، ونقلنا إلى عالم الطفولة والحدوتة الشعبية والبيئة الريفية. مما يجعل من هذه الأعمال تحفا فنية، لذا أعطت لوحاته بصمة عراقية فرضت حضورها على المستوى العالمي.
عالم ألف ليلة
أما علي الموسوي فقدم منحوتات برونزية متوسطة الحجم تمثل المرأة والرجل، وأحد التماثيل يمثل شهريار وشهرزاد وهي تروي له إحدى الحكايات، رغم عدم دخول الفنان في تفاصيل ملامح الوجوه، إلا أنه تمكن بطريقة ما من خلال حركة الجسد وطريقة جلوس شهريار على الأرض إلى جانب شهرزاد، وفي وضعية لا تنم عن الجبروت والقسوة، بقدر ما توحي الجلسة بحوار متناغم يسيطر فيه الجنس اللطيف على الرجل الطاغية، بسحر الكلام وقوة الحضور، يمكن ملاحظة ذلك من خلال حركة الجسدين التي تروي لنا كل الحكاية، تستطيع أن تسمع الموسيقى من خلال التمثال وتستشف الانسجام بين الطرفين وتعيش لحظة تأمل في عالم ألف ليلة وليلة، ولكن على طريقة علي الموسوي.
التجريد والواقعية
فيما قدمت التشكيلية ياسمين عمر أعمالا يغلب عليها الأسلوب الغربي التجريدي مع لمسات شرقية، هذا التضاد في المعالجة ناتج عن طبيعة حياة الإنسان الفنان، الذي ينشأ في بلد ويعيش في آخر فتتكون شخصيته من خليط من التجارب والتقاليد والعادات المختلفة، حــــاولت ياسمين التعبـــير عنها بريشتـــها، مع استخدام السكين التي تخدم في تشكيل الأشكال الهندسية في العمل التجريدي، ومن خلال اعتمادها على اللون الأحمر الحار واللون الأزرق البارد.
في ما جاءت أعمال هاني مظهر، أقرب إلى الواقعية في ما يتعلق بصياغة الضوء والظل، خصوصا في ملامح الوجه الشاب النضر فلم يبتعد عن الكلاسيكية وفن البوب آرت في تقديمه لأعماله، إلا أنه اختار ألوانا حية مشرقة فاتحة تتماوج وتتداخل لتشكل خلفية موديلاته، بطريقة توحد بين عناصر اللوحة وتزيد جماليتها.
التفاصيل والحداثة
كذلك عرض زيد الفكيكي منحوتات من الصلصال لأشكال بشرية عارية، جسد المرأة وجسد الرجل، يطغى على أعماله الفنية اُسلوب التحوير، مع ذلك تتمتع ببعض التفاصيل التي تبرز العضلات وتكوير جسد المرأة وركز على الجسد من دون الرأس، وكأنه يريد أن يوصل ما يقول من خلال لغة الجسد، بغض النظر عن أهمية دور ملامح الوجه، أو طريقة منه للفت نظر المتلقي إلى قدرته في التعبير من خلال الجسد كلغة لا تقل أهمية عن غيرها، سواء في وضعية الموديل أو طريقة المعالجة.
الأعمال الأكثر حداثـــة هي اعمال النحـــات ناظم الجبــوري أشـــكال مصقولة ملساء من الحجر الأبيض، تتمـــيز بالتناغم بين الكتل وتتمتع بالبساطة المتعمدة بعيدة عن التفاصيل، أسلوبه أقرب إلى النحات البريطاني هنري مور، حيث الجسد ممتلئ يدل على الصحـــة، القوة والحيوية، كما هنالك توازن كبير بين الكتل والفراغ، بحيث تشعر بأن الواحد يكمل الآخر لخلق تشكيل فني صارم ومتقن.