هدايا بالإكراه.. هل أفسدت المدارس عيد الأم؟

التأمل - الجزيرة في مارس/آذار كل عام، تحتفل معظم الدول العربية بـ "عيد الأم" الذي بدأ الاحتفال به أوائل القرن الماضي

Share your love

التأمل – الجزيرة

في مارس/آذار كل عام، تحتفل معظم الدول العربية بـ “عيد الأم” الذي بدأ الاحتفال به أوائل القرن الماضي في الولايات المتحدة، وانتقل منها إلى باقي دول العالم.

في ذلك اليوم، تكرم الأمهات ويقدر فضلهن بحفاوة، إلا أن الاحتفال قد انتقل من داخل البيوت والأسر إلى المؤسسات العامة في أغلب الدول، فتذاع الأغاني التي صنعت خصيصا لذلك اليوم، وتقام المسابقات لاختيار وتكريم الأم المثالية، وتعلن الشاشات عن هدايا خاصة ومميزة للأمهات احتفالا بتلك المناسبة.

في المشهد العام، يبدو الجميع سعيدا، ما عدا قطاع من الأمهات “الشابات” يشعرن بثقل ذلك اليوم ويتمنين لو تم إلغاؤه، فلماذا تكره تلك الأمهات عيد الأم؟

تحولت تلك المناسبة لدى معظم الأسر من الاحتفال بالأم إلى الاحتفال بالمعلمات داخل المدرسة، وتقديم الهدايا لهن، والمنافسة على تقديم الأثمن والأكثر تميزًا.

وبدلا من أن تحصل الأم على هدية خاصة بها تشعرها بتقدير أبنائها لها، أصبح لزاما عليها في 21 مارس/آذار كل عام تخصيص مبلغ مالي من أجل هدايا المعلمات.

في هذا اليوم تكرم الأمهات ويقدر فضلهن (مواقع التواصل)

وبالتزامن مع عيد الأم الحالي، دشن عدد من مستخدمي فيسبوك وسم مطالبة بإلغاء الاحتفال بعيد الأم ووقفه، من بينها:  

# أوقفوا_عيد_الأم # عيد_الام # إلغاء_عيد_الأم، وتنوعت التعليقات ما بين المطالبة بإلغاء عيد الأم مراعاة لشعور الأطفال الأيتام، وبين إلغاء الاحتفالات بالمدارس والاكتفاء بها في البيت.

الحلي

تختلف قيمة الهدية ماديا حسب المستوى التعليمي الذي يحظى به كل تلميذ عن الآخر، فالهدايا بالمدارس الحكومية أقل تكلفة من الهدايا المقدمة للمعلمات بمدارس اللغات ونظيرتها الدولية.

يرتبط شكل الهدية وقيمتها بحسب مستوى التعليم والمصروفات الدراسية، وكلما ارتفعت تلك المصروفات كانت الهدية أغلى ثمن.

بعض المعلمات يشترطن الهدايا المقدمة لهن بعيد الأم (بيكسابي)

تلعب مجموعات الأمهات على “واتساب” دوراً مهما في تلك المناسبة، فدائما ما تتطوع أم أو اثنتان بالتحضيرات اللازمة لتلك المناسبة من خلال رسالة نصية، تحدد المبلغ الذي سيتم جمعه من التلاميذ لشراء الهدايا سويا للمعلمات داخل الفصل.

“نحتاج إلى خمسمئة جنيه من كل طفل، لشراء خمس هدايا للأربع معلمات”.. كان ذلك نص الرسالة التي أرسلتها إحدى الأمهات على جروب واتساب بإحدى المدارس الدولية، لتصاب غادة سمير (والدة طفل بالصف الأول الابتدائي) بالهلع على حد قولها، موضحة “عدد التلاميذ في الفصل عشرون تلميذا، وحين نجمع خمسمئة جنيه من كل طفل يعني ذلك عشرة آلاف جنيه هدايا لأربع مدرسات، وهو الأمر الذي وصفته بالرشوة ورفضت دفع ذلك المبلغ، ليتفجر الجدال وينتهي بخفض المبلغ إلى ثلاثمئة جنيه”.

تحكي غادة عن آخر هدية قدمتها لمعلمتها حين كانت طالبة بالصف الثالث الإعدادي “كنت في مدرسة خاصة، وكان لدينا ثلاث معلمات، لم أشتر إلا هدية واحدة لمعلمتي المفضلة، وكذلك باقي الطالبات، وكانت عبارة عن كوب خزفي مرسوم عليه بألوان ولم يتعد ثمنه عشرة جنيهات من مصروفي الخاص، ولا أتذكر أنني كنت أحضر هدايا لمعلماتي في المرحلة الابتدائية”.

بعد الاتفاق على الحصول على ثلاثمئة جنيه من التلميذ الواحد، أصبح إجمالي المبلغ ستة آلاف جنيه، تم شراء حلي ذهبية للمعلمة الرئيسية بحوالي ثلاثة آلاف جنيه، وشراء ثلاث هدايا للثلاث معلمات الأخريات بما قيمته ألف جنيه لكل واحدة تتنوع ما بين حقيبة يد أو حلي فضية، مع كارت يحمل أسماء التلاميذ المشاركة بالهدايا، فمن يجرؤ على الانسحاب من المشاركة؟

من اختيار المعلمة

في بعض الأحيان تتدخل المعلمة نفسها لفرض شكل وقيمة الهدايا المقدمة لها بتلك المناسبة، تقول رباب حسين والدة تلميذة بالصف الخامس الإبتدائي بإحدى المدارس الخاصة “كل عام أدفع ما يزيد عن ألف جنيه هدايا للمعلمات، وأنا الأم لا أحصل على أي هدية لدرجة أني كرهت عيد الأم”. تكمل رباب “ابنتي لديها ثلاث معلمات، وابنتي الأخرى لديها معلمتان، المعلمات ترفض إحضار هدية كبيرة لهن، وتطلب أن تحضر كل تلميذة هدية منفصلة، ولا مانع لدى بعضهن بطلب الهدية سواء كانت أدوات عناية بالبشرة أو أدوات للمنزل، وبعضهن أيضا يحددن المحل الذي نشتري منه الهدايا”. 

تعتقد رباب -من خلال الأداء العام للمعلمات- أن طفلتيها ستتعرضان للعقاب أو الإقصاء في حال امتنعت عن إرسال الهدايا للمعلمات، مؤكدة أن المعلمة تطلب من التلميذات أن يكتبن أسماءهن على الهدايا.

لكن التكنيك واحد لا تختلف كثيرا في المدارس الحكومية عن مثيلاتها من المدارس الدولية أو الخاصة، ربما كان المبلغ أقل، لكن “التكنيك” واحد.

تقول نهى شريف والدة تلميذ بالصف الثالث الإبتدائي بإحدى المدارس التجريبية الحكومية “في عيد الأم كل عام ترسل إحدى الأمهات على “واتساب” لتجميع مبلغ من المال لشراء الهدايا للمعلمات، عادة يتراوح المبلغ من عشرين و25 جنيها لكل تلميذ، فيصبح المبلغ تقريبا سبعمئة جنيه، نقوم بشراء أدوات منزلية مثل كاسات أو بعض أواني المطبخ للمدرسات، وإعطاء عاملات النظافة مبلغا بسيطا في ذلك اليوم”.

رشاوى

ورغم أن سياسات عدد كبير من المدارس -أصبحت مؤخرا- تتجه لمنع الاحتفال ذلك اليوم مراعاة لشعور التلاميذ الذين فقدوا أمهاتهم، إلا أن ذلك لم يمنع من تورط المعلمات في عملية تجميع الأموال في أغلب المدارس على اختلافها، فترسل الأمهات الأموال في حقائب الأطفال وتقوم المعلمة بتجميعها ووضعها في حقيبة طفل محدد لتقوم والدته بشراء الهدايا.

العبء المادي الذي يشكله تقديم الهدايا للمعلمات في تلك المناسبة جعل الكثيرين من أولياء الأمور ينتقدونه على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين عن العلاقة بعيد الأم وتقديم الهدايا للمعلمات، خاصة مع شعورهم بالإجبار في إحضار الهدايا ولا يتم تقديمها بدافع الامتنان أو الحب من جانب التلميذ إلى معلمته.

وذهبت بعض الأمهات بإحدى مجموعات أولياء الأمور -التي تضم 5309 أعضاء- إلى إجراء استفتاء “مع أو ضد هدايا عيد الأم للمدرسات” وكانت النتيجة 1054 ولي أمر ضد الهدايا مقابل 26 مع الهدايا، مع العلم أن المجموعة تضم عددا من المعلمات.

Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!