هشام بنجابي: تجربة تقوم على أساس تعبيري جمالي معاصر
[wpcc-script type=”b699f22a8e20ba845e1b276e-text/javascript”]
ترتكز التجربة التشكيلية للفنان التشكيلي هشام بنجابي على نمط تعبيري شخوصي، فهو أحد الوجوه المألوفة في العالم العربي التي تشتغل على هذا الأسلوب التعبيري وعلى الطبيعة بكل مفرداتها وجمالياتها.
والفنان الرائق هشام بنجابي يستقي مادته التشكيلية من التراث العربي عامة، وفق طرق متنوعة وأسلوب تشكيلي يتميز بمقومات وتفاعليات وجماليات مختلفة، سواء على مستوى البناء الفضائي أو على مستوى التقنيات العالية الموظفة، أو على مستوى الاستعمالات المضامينية والجهاز المفاهيمي بكل مقوماته، فأعماله تتبدى وصفا يعبر عن معان فلسفية أو ذهنية، فهو يصنع شخوصات تعبيرية، يصيغها في ألوان مختلفة، ويردفها بأخرى من جنسها لينسج منها المادة التعبيرية، ثم يشكل منها مفردات جمالية ذات دلالات معينة، فيعمد إلى روابط علائقية تتراءى بين العلامات والألوان والمادة التعبيرية، فيلجأ من خلال عملية البناء الى إنتاج توليف بين مختلف العناصر المكونة لأعماله، ويفصح عن التراكمات الرمزية، والأشكال والدلالات العميقة، والعلامات الأيقونية، التي تنبثق أساسا من الأشكال والألوان المحادية لما يشخصه من الواقع والطبيعة، والتي تؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات العمل التعبيري والواقعي حتى يتفاعل مع المتلقي والثقافة التشكيلية التفاعلية، حيث يشكل البورتريه بمختلف عناصره ومفرداته التعبيرية أحد أهم الأساليب التشكيلية الواقعية التي يستند عليها الفنان التشكيلي العالمي هشام بنجابي، فهو يبني فضاءات أعماله باعتماد البورتريه والطبيعة والشخوصات المختلفة كمادة واقعية، ثم يحولها لتعبير ودلالات متنوعة، وأحيانا الى أيقونات، ليفصح عن كل ما تختزنه دواخله من هواجس وتأثرات، بتصورات ورؤى متعددة الدلالات، يجسدها بطريقة فنية خارجة عن المعتاد، وبفنية تشكيلية عالية، وتقنيات فائقة، وبعلامات لونية، وأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي قيمية وجمالية ساحرة، كلها تعبيرات جمالية تنبع بصدق من نفسية المبدع هشام بنجابي بعد أن ينسجها إلهامه واجتهاداته في قوالب تعبيرية رائدة كتدليل على انغماسه في الفن التشكيلي المعاصر بحرفية كبيرة وموهبة ذاتية ومهارات عالية ومؤهلات فائقة وتقنيات معاصرة رائقة، وكفاءة مهنية قوية، وبكثير من الدقة والعناية والتوظيف التقني البديع والمحكم. ثم إن خاصية التعدد العلاماتي والإيحائي وكل ما يرمز به في منجزه التشكيلي، يحدث حركات تخللخل السكون وتقوم بتغيير الشكل التعبيري الذي يروم تعددية الدلالات والقراءات، فهو يبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة وأساليب معاصرة في التعبير، وإنه أيضا يروم الافصاح عن معجم دلالي يجول بالمتلقي في عمق الصورة التعبيرية بصيغ إشكالية جمالية متعددة يؤثت بها مجموعة من الجدليات وفق مجموعة أخرى من المفردات والعناصر والعلامات المتوازنة فيما بينها، وهو بذلك يمنح أعماله حيزا كبيرا من الحرية في التعبير ونوعا من التلقائية، ويحد من الأشكال الغامضة بدرجة كبيرة، والتي هي في جوهرها أدوات أيقونية تتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة فيما بينها، تترجم تصوراته وهواجسه وأحاسيسه وانفعالاته الداخلية، وهو ما تفصح عنه التعددية المتناسقة أحيانا، والمفارقات التعبيرية أحيانا أخرى.
وبالإضافة إلى قدرته التحكمية في الفضاء وفي عملية توظيف الألوان والأشكال وكل العناصر المكونة لأعماله الفنية، فهو يربط بينها كلها باستخدامات تحولية فائقة، مما يعتبر تجاوزا للمألوف، ونموذجا في عصرنة الأسلوب الفني الذي يقود إلى عوالم توجه الطريقة التعبيرية لدى الفنان هشام بنجابي سواء على مستوى الخامات المستعملة أو ما يتعلق منها بتقنيات الصباغة وصناعة الأشكال وتوظيف الألوان، وزرع الأشكال، وتثبيت الرموز، وبسط المساحات، وإرداف اللون على اللون وفق طبقات، وصنع الفراغ..، وتضعه في عوالم الفن التشكيلي المعاصر بامتياز. فهو الذي يقارب أشكال أعماله الفنية بالمادة البصرية التي تشكلها عين المتلقي، وهو ما يصنع ارتباطا وثيقا بينه وبين إحساس المتلقي. فواقعية العمل الابداعي لدى الفنان الكبير هشام بنجابي، تجعل من الإيحاءات والرمزية المنبثقة من الواقع تنطق بدلالات أخرى في إطار موضوعات تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للحياة والطبيعة بكل مقوماتها وتفاصيلها وتجلياتها وجمالياتها، وفق نسيج لوني ورمزي وعلاماتي يتم توظيفه وفق أبعاد وقيم، بطرق فنية يتوخى من خلالها بسط الصيغ الجمالية مما يجعل من سياقات أعماله ككل إطارا تعبيريا معاصرا بسياقات مختلفة. وتلعب الحركة أحد الأدوار الأساسية التي تغذي شرايين أعماله وتجعلها تنبض بالحياة، مما يصنع نوعا من التفاعليات بأبعاد حقيقية واقعية ملموسة، تبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي يشرك البعد الحسي والعنصر البصري للقارئ. كما أن جودة التقنيات التي يستعملها الفنان هشام بنجابي تساعد في عملية المعالجة الواقعية وإبراز العمل الفني في رونق وجمال فائق، فتجربته الفنية الموفقة وخبرته الكبيرة في مجال التشكيل تجعله رائدا في الفن التشكيلي المعاصر. لأن سحرية الفن التشخيصي المعاصر، تعتمد الموهبة الفنية والتجربة والخبرة والتقنية المعاصرة، لتأليف عوالم تشكيلية تمنح المتلقي إحساسا جديدا، وشعورا قيميا ونظرة جمالية فاتنة. استجابة للضرورات الجديدة، إنها أبعاد بائنة تتوافر بشكل قوي في تجربة الفنان الرائد الكوني هشام بنجابي. إنه المتفاعل الجريئ مع كل مقومات المنظومة التشكيلية العالمية، ومع كل المواد التعبيرية الراقية، ومع الألوان التشكيلية المتخصصة، قد أفرز لديه أسلوبا تعبيريا معاصرا، ينبني على قاعدة تشكيلية معاصرة، باختياراته وتوجهاته المباشرة، التي تستشرف العالم التشكيلي الباسم. بأسلوبه الخاص الرائد الخصب الذي يحتوي مجموعة من المعارف التشكيلية والمعالم الفنية والذوقية التي تندرج ضمن نسيج ثقافي واجتماعي وفكري، ورصيد معرفي تشكيلي، وبحضوره المائز في الساحة التشكيلية العالمية. إنه يحمل خصائص فنية فريدة وجديرة بالمتابعة النقدية الجادة، لأنه يتوق في الفن التشكيلي المعاصر كل مكوناته ومفرداته وعناصره ومراميه الإبداعية المتطورة، والجماليات التشكيلية، وكل الأساليب التي تنبض بالحياة والتطور، وتهدف إلى إنتاج ودعم الفن الراقي الصادق.