هل الجماعات الإسلامية على مقدار التحدي؟

لقد أقام النبي هذه الأمة على أساس من التراحم والتآخي فحث المؤمنين على ألا يظلم بعضهم بعضاً ولا يحتقر بعضهم بعضاً ...

لقد بعث الله نبيه محمداً _صلى الله عليه وسلم_ ليوجد أمة متكاملة ومتماسكة قال _عليه الصلاة والسلام_: “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم”.
ولقد أقام النبي هذه الأمة على أساس من التراحم والتآخي فحث المؤمنين على ألا يظلم بعضهم بعضاً ولا يحتقر بعضهم بعضاً، فقال:”المؤمن أخو المؤمن لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم…”.
وقال:”وكونوا عباد الله إخواناً”.

وكان من خطبته _عليه الصلاة والسلام_ في حجة الوداع أن أوصى المؤمنين بوصية جامعة، فقال: “… إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا…” وكان _عليه الصلاة والسلام_ يُقوم الصحابة وينصحهم ويعضهم في حال وجود أي خروج عن هذا المنهج الذي رباهم عليه.

فمن ذلك أن أبا ذر حين قال لبلال: “يا ابن السوداء” وجاء بلال يشتكي إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال _عليه الصلاة والسلام_ لأبي ذر: “أعيرته بأمه، إنك امرئٌ فيك جاهلية…”.
ومن ذلك تحريمه _صلى الله عليه وسلم_ للغيبة والنميمة حتى لا يبقى الإنسان منشغلاً في مجالسه بأعراض الناس.
وتحريمه للتجسس “لا تجسسوا ولا تحسسوا…” حتى لا يبقى كل إنسان منشغلاً بتتبع الغير.

مثل هذا التحذيرات تعني أن تبقى صدور المسلمين سليمة من بعضها البعض متآلفة ومتراحمة يألم المسلم لألم أخيه ويفرح لفرحه ويحزن لحزنه.
وهذا الأمر قد ظهر جلياً في حياة الصحابة فكان شغلهم الشاغل عبادة الله ومقارعة أعداء هذه الأمة لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
وهكذا كان الأمر في زمن التابعين حتى بدأ الناس يخرجون عن الجادة فانشغلوا بما حذرهم النبي _عليه الصلاة والسلام_ منه فبدأ كيد الكائدين يظهر على الساحة ولم يجدوا من يقاومه إلا ما شاء الله من ألئك العلماء الأفذاذ الذين قيضهم الله للدفاع عن دينه لكنَّ خطط الأعداء انطلت على بعض المسلمين فما من عقيدة ظهرت إلا ولها أتباع إلى يومنا هذا.

لكن كيد الأعداء اليوم أكبر وأعظم فالأعداء يخططون وينفذون وأبناء الأمة في سبات عميق إلا من رحم ربك والعلماء الربانيون قلة قليلة في المجتمع المسلم.
وأكثر هؤلاء قد انشغلوا ببعضهم البعض لا أقول في قضايا المنهج فهذا أمر لا بد منه وفق المنهجية التي رسمها سلفنا الصالح _رضوان الله عليهم_، لكنهم انشغلوا في أمور جانبية فرعية في وقت يعمل فيه الأعداء على جميع الأصعدة (عقدية، إعلامية، تعليمية، اقتصادية،… إلخ) جزأ البلاد الإسلامية وشكل الأحزاب القومية واللا دينية وانتهك الحرمات والمقدسات وسلب الأوطان والخيرات… إلخ. والأمة تنظر إلى كل ذلك ولا حراك لها.
ونداءات العلماء والمصلحين كأنها صراخ في واد سحيق لا تكاد تسمع ولو سمعت فما يستطيع السامع أن يفعل شيئاً إلا ما شاء الله.

غير أننا نرى انشغالاً من الأمة على جميع الأصعدة فالدول الإسلامية يحيك بعضها المؤامرات لبعض ويتحرش بعضها ببعض، ويستولي بعضهم على أرض بعض ويقاتل بعضهم بعضاً وما اجتمع حكام المسلمين إلا ازدادوا تفرقاً.
وعامة الناس منشغلون بدنياهم والدعاة يتتبع بعضهم هفوات وزلات البعض الآخر والجماعات تقاطع بعضها بعضاً، وتكيد بعضها لبعض، ويحذر بعضها من بعض، ويلغي بعضها بعضاً ويحاول البعض هدم الآخرين ليقوم على أنقاضه ويفرح البعض لتضييق بعض الدول على مخالفيهم من الدعاة والجماعات أو لأقفال وإلغاء بعض المؤسسات… وهكذا.

والأمة مجتمعة تقر وتعترف بأن أعدائها يكيدون لها ويخططون لإضعافها ومحوها من الوجود وأن الأعداء يخططون وينفذون لكن الأمر كما قال موشي ديان اليهودي: “المسلمون لا يقرؤون وإذا قرؤوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يعملون…” لقد فرض علينا الأعداء مفاهيمهم وقيمهم فرضاً وصار المسلم يشعر بالذل والخزي إن أظهر مفاهيمه وقيمه إلا أولئك الذين ثبتهم الله.
فهل يا ترى نحن على مستوى تلك التحديات؟

Source: www.almoslim.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *