عند قتل المسيحين في الحرب سواء كان يدافع عن الأرض أو في سبيل العمل، وجلب قوت يومه، يتم التساؤل حول هل يكون شهيد أم لا.
يعتبر هذا الأمر بيد الله -سبحانه وتعالى- فلا يعلم من يتم حصوله على منزلة الشهادة سوى الله -سبحانه وتعالى-.
قال جمهور من علماء الدين بأن كل من مات على غير دين الله، وشريعة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر.
تم الاستدلال على ذلك بالكثير من الآيات القرآنية حيث قال الله تعالى في سورة التوبة الآية التالية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
هل المسيحي إذا استشهد يدخل الجنة
أجمع الكثير من علماء الدين الإسلامي أن كل من مات، أو استشهد وهو على دين غير دين النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خير المرسلين فهو كافر ومخلد في النار.
جاءت الكثير من الآيات القرآنية أن اليهود والنصارى يعتبرون كفاراً ومشركين بالله وغير موحدين بالله -سبحانه وتعالى- وتم الاستدلال على ذلك من سورة البينة في الآية (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ).
ودل على ذلك حديث جاء من السنة النبوية الشريفة جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ).
حكم استشهاد المسيحي
الشهيد هو من يقتل في الحرب لإعلاء كلمة الله -سبحانه وتعالى-، وهذا ما أجمع عليه الكثير من العلماء المسلمين، وهو حد الشهيد في المعركة بحسب ما قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أشرف المرسلين.
تلك الصفات لا تنطبق على اليهود والنصارى، ولكنها تنطبق على المسلمين فقط، ولا تشمل المسيحيين وأيضاً نحن لا يمكننا الحكم فالله تعالى وحده هو من يقرر والعلم عنده وحده.
تم الاستدلال على هذا القول من الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: “مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
هل يدخل الشهيد الجنة بغير حساب ولا عذاب
الشهيد في سبيل الله -عز وجل- ليس عليه أي حساب أو عقاب إلا فيما يتعلق بحقوق العباد والديون المتربة عليه للناس، حق الله -عز وجل- على الشهيد ويسامحه في تلك الذنب.
هذا ما تم تصريحه من قبل علماء الدين الإسلامي، والله أعلم بذلك، فالله وحده هو من يقرر هي العمل مقبول أم لا، وهل يحتسب شهيد أم لا.
تم الاستدلال على صحة هذا بالاستناد إلى الحديث النبوي الشريف الذي روته عنه النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي قال: {شهيدُ البَرِّ يُغفَرُ له كلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ والأمانةَ، وشهيدُ البحرِ يُغفَرُ له كلُّ ذَنْبٍ والدَّيْنُ والأمانةُ}.
شروط الشهادة في سبيل الله
يجب أن يكون مسلماً موحداُ بالله -سبحانه وتعالى-، وذلك لأن القتال شرع من الأساس للدفاع عن الإسلام ورفع الضرر عن، ونشره في الأرض.
لا يمكن أن تتحقق هذه الغاية إن لم يكن القائم عليها من المسلمين الموحدين بالله تعالى ومضحين بأنفسهم في سبيل الله -عز وجل-.
ويشترك أن يكون الشهيد تم قتله من قبل شخص كافر، أو أصيب بسلاح مسلم بالخطأ، أو تمت إصابته بسلاحه عن طريق الخطأ وغيرها من الأمور التي تؤدي إلى قتله.
ويجب أن يكون مقبلا في القتال غير مُدبر، وهذا شرط أساسي أن الشهيد يكون مقبلاً على عدوه، وليس مدبراً عنه حيث ذكر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الجهاد في سبيل الله فسأله رجل: (يا رَسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقالَ له رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سَبيلِ اللهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: كيفَ قُلْتَ؟ قالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ).
أن يكون مخلص النية في سبيل الله تعالى، حيث أن الشهيد هو المقتول في سبيل الله تعالى ومخلصاً نيته له.
وهو الذي دخل معركة مخلصا من أجلب إعلاء كلمة الله تعالى والدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف، وقام برفع الضرر عن الدين الإسلامي، ونشره، ولكن من دخل معركة من أجل مال أو منصب أو جاه أو سمعة ثم تم قتله لا يحتسب شهيداً حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَن قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ اللَّهِ).
ومن الجدير بالذكر أن الشهادة في سبيل الله لا تقتصر على طريقة موت معينة،فقد يكون قتل على يد كافر، أو برصاصة خاطئة من مسلم، ولكن من المهم والأساسي هو القتال من أجل إعلاء كلمه الله تعالى، تعتبر الميزان الذي تقاس به الشهادة التي ينال صاحبها منزلة الشهيد حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرْوَاحُهُمْ في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إلى تِلكَ القَنَادِيلِ).
حث الدين الإسلامي الحنيف على نيل الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى فقال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
ومن الجدير بالذكر أن الشهادة لا تقتصر على مقتل في المعركة بل لها الكثير من الأنواع: حيث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشهادة تشمل: المبطون، الميت بالطاعون، المحروق، وصاحب الهدم، من يموت تحت الأنقاض، المرأة النفاس التى تموت بسبب الولد، ولكن الشهادة درجات وأعظمها هي مرتبة الشهيد في المعركة.
هل يجوز الترحم على المسيحي
الترحم على المسيحي لا يجوز، ولا يجوز الترحم على كل من لا يؤمن بالدين الإسلامي الحنيف سواء من النصارى أو اليهود.
ورد أيضاً في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “والذي نفْسُ محمدٍ بيدِهِ، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ، لا يهودِيٌّ، ولا نصرانِيٌّ، ثُمَّ يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلَّا كان من أصحابِ النارِ”.
أفتى الشيخ الجليل ابن باز -رحمه الله تعالى-، بأنه لا يجوز الترحم على غير المسلم، فمن توفاه الله تعالى من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار فلا يجوز الترحم عليهم، فالترحم عليهم والاستغفار لهم غير جائز شرعاً.
قد دل على ذلك قوله تعالى “مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”.
كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يسمح له بأن يترحم، أو يستغفر لأمه التي ماتت في الجاهلية، وهي أم خير الخلق، فهل يتم الاستغفار أو الترحم على غيرها من غير المسلمين.