هل ستحدد انتخابات أكتوبر مصير العراق؟

د. محسن القزويني

أخذت أبواب الدعاية السوداء تقرأ آيات اليأس على الشعب العراقي فيما يخص الانتخابات وكأن هناك خطة مدبرة لابعاد الشعب عن فرصته الأخيرة لاختيار مرشحيه لمجس النواب العراقي، فعندما أعلن مجلس النواب عن حل نفسه قبل اجراء الانتخابات وأطراف الدعاية المضللة تعزف بوتيرة واحدة ضد الانتخابات.

 في بداية الأمر عزفت على استحالة اجراء الانتخابات وان موضوع الانتخابات ليس الا دعاية سياسية لارضاء المتظاهرين والمحتجين من الشعب العراقي سيما وانهم ركزوا على عدم استعداد المجلس في حل نفسه لصالح مرشحين جدد يستولون على مقاعد مجلس النواب الجديد. لكن وعندما شاهدوا بأن المجلس أصدر قرارا بحل نفسه أخذوا يعزفون على لحن آخر هو؛ ما الفائدة من مجلس سيُعيد نفسه من جديد. لكن وباصدار المجلس قانون الانتخابات الجديد الذي أقرّ بنظام الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة والذي منح المستقلين فسحة كبيرة للترشح في الانتخابات أحبط هذه الدعاية المضللة أيضا، لتظهر معزوفة جديدة حول تزوير الانتخابات والدعوة بضرورة وجود مراقبين دوليين يراقبون سير الانتخابات العراقية ولما انتهت هذه المعزوفة بإعلان الأمم المتحدة والدول الكبرى على استعدادها على اجراء المراقبة على الانتخابات بدأوا بعزف سمفونية عدم إمكانية قيام انتخابات حرة ونزيهة في ظل وجود السلاح المنفلت الذي يضع هذه الانتخابات تحت مطرقة التهديد بالسلاح ، وعلى اثر ذلك أعلنت بعض الكتل انسحابها من الانتخابات مرجعة السبب إلى وجود السلاح المنفلت – فهل حقا سبب انسحابها هو السلاح المنفلت أو أسباب أخرى ؟ علما بأن المتحدث باسم مفوضية الانتخابات صرّح عن عدم وجود انسحابات. وقوائم المرشحين التي تقدمت بها التحالفات والأحزاب لازالت على حالها دون تغيير ، وهذا ما يؤكد لنا بأنه لم يحدث أي تغيير في موضوع الانتخابات، لا في التوقيت ولا في المرشحين ولا في استعداد التحالفات والأحزاب في المشاركة ، وليس وراء هذه الادعاءات والاقاويل الا مآرب سياسية يستهدفون من ورائها عزوف الشعب عن المشاركة في الانتخابات لأن عدم المشاركة الواسعة سيحقق امرين اثنين الأمر الأول : إمكانية الطعن في الانتخابات وهو ما يريده أعداء العراق الذين لا يريدون استقرارا في البلد ولا يريدون للشعب العراقي الا اليأس من أية عملية تغيير تحدث في البلاد.

 والأمر الثاني: صعود الفاسدين والمنتفعين في الانتخابات لأن صعودهم سيكون مضموناً عند عدم مشاركة الأكثرية من الشعب العراقي في الانتخابات، بينما هم ضامنون للأصوات التي اشتروها بالمال الحرام والتي ستُحدد مصير الانتخابات.

من هنا كان الهدف من ترويج الأفكار المضادة للانتخابات ما هو الا افشال هذه الانتخابات وهو ما يريده أعداء العراق أو صعود الفاسدين والضعفاء وهو ما يريده بعض الكتل والأحزاب الفاسدة، وهكذا تتفق إرادة المعادين والفاسدين في كفة واحدة .

أما كفة الشعب العراقي فستكون هي الراجحة إذا قرر تفويت الفرصة على الأعداء والنفعيين والمستغلين والمحتكرين لإرادته. وذلك باختيار الكفوئين والنزيهين وهم كثيرون هذه المرة، فمن بين 3243 مرشح في الانتخابات لهذا العام هناك 887 مرشح مستقل يضم الكفاءات العراقية من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والمدراء الصالحين الذين بمقدورهم أن يديروا البلد، ويقودوا العراق إلى بر الأمان ويحققوا للشعب العراقي المستقبل المشرق. ففي هذه المجموعة عشرات الكفاءات من أمثال أستاذ القانون الدستوري التونسي قيس سعيّد لكن على الشعب أن يبحث عن هؤلاء بوعي وأن ينظر لهذه الانتخابات على انها الفرصة الأخيرة المتاحة له للتغيير، وأن لا يكرر التجارب السابقة في اختيار المرشح على أساس الطائفة أو العشيرة أو ما شابه ذلك تلك التجارب التي لم تأت للعراق وللشعب ألا الدمار والوبال الذي يعيشه اليوم.

وعندما يذهب الشعب برمته لاختيار الأفضل فالأفضل على أساس الكفاءة والحكمة والحنكة السياسية سيستطيع أن يقرر مصير البلد بنفسه لأنه باختياره الرقم الأكبر عددا في البرلمان الذي يبلغ تعداده 329 عضواً بهذا الرقم الاكثر سيُشكل الكتلة الأكبر التي ستختار الرؤساء الثلاثة للبلاد والذين سيقررون بمعاونة الشعب مصير البلد وعند ذلك سيصبح الفاسدون الذين يأتون إلى البرلمان عبر الكتل الفاسدة هم الأقلية في البرلمان الذين لا يشكلون خطرا على البلد مع وجود المخلصين ودعم الشعب العراقي لهم.  بل ربما سيختاروا الطريق الآخر وينضموا إلى معسكر الشعب وهذا هو طريق الإصلاح الذي يريده الشعب العراقي.

كاتب عراقي

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *