‘);
}

حُكم صيام الجُنب

اتّفقت مذاهب الأئمّة الأربعة في المُطلَق على صحّة صيام الجُنُب؛ اعتماداً في ذلك على عددٍ من الأدلّة من القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة، وهي:[١]

  • قول الله -سبحانه وتعالى-: (…فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ…)،[٢] حيث جاءت الإشارة في الآية الكريمة إلى صحّة صيام الجُنب؛ فقد دلّت على جواز الجِماع ليلاً وإباحته، وذلك حتى طلوع الفجر؛ إذ إنّ جواز الجِماع حتى الفجر يقتضي طلوع الفجر على المُجامِع وهو على جنابةٍ.
  • ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عائشة وأمّ سلمة -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ)،[٣] فقد بيّن الحديث النبويّ أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُجامع زوجاته في شهر رمضان المبارك ليلاً، ويتأخّر في غُسله إلى ما بعد طلوع الفجر، وقد كان ذلك بعد جِماعٍ، ولم يكن بعد احتلامٍ، وممّا يُؤيّد ذلك أيضاً ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي).[٤]

وبالاعتماد على ما سبق من الأدلّة، فإنّ الطهارة من الجنابة ليست شرطاً من شروط صحّة الصيام،[٥] وتشمل صحّة الصيام أيضاً مَن أصبح على جنابةٍ بسبب الاحتلام، ولا يُوجَد ما يمنع تأخير الاغتسال حتى طلوع الفجر،[٦] ويُقاس على ما سَبَق جواز صيام المرأة إن انتهى حيضها قبل طلوع الفجر، واغتسلت بعد طلوع الفجر؛ إذ إنّ الحيض يُشبه الجنابة، فلا مانع من النيّة والصيام.[٧]