في خضم البحث المستمر لاكتشاف علاج فعال للحالات الشديدة من مرض فيروس الكورونا الجديد، يجري العمل في الولايات المتحدة وكندا على تجارب جديدة لاكتشاف ما إذا كان دواء كولشيسين (بالإنجليزية: Colchicine) المستخدم منذ القِدَم لعلاج أمراض عديدة قد يفيد في السيطرة على الحالات الشديدة من مرض الكورونا.

ويهدف الباحثون إلى إجراء الدراسة على ٦٠٠٠ مريض حديثي الإصابة بفيروس كورونا الجديد، والذين لديهم خطر متزايد من الدخول في المراحل الحرجة للمرض كونهم أكبر من 69 عاماً، أو لديهم أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والرئتين.

ولإبقاء هؤلاء المرضى معزولين في المنزل، سيتم تسليم الأدوية لهم عن طريق البريد وسيتم متابعتهم عن طريق الفيديو أو الهاتف، وسيتم تقييم ما إذا كان اتباع هذه الخطة العلاجية سوف تقلل معدلات دخول المستشفيات أو الوفاة على مدى شهر واحد.

والكولشيسين هو واحد من بين العديد من الأدوية المضادة للالتهابات التي تخضع حالياً للتجارب السريرية لتقييم أثرها في علاج مرض الكورونا، ويعود السبب في ذلك إلى الاعتقاد المتزايد بأن أسوأ الآثار الصحية الناتجة عن مرض الكورونا ليست بفعل الفيروس نفسه وإنما بسبب رد فعل مبالغ فيه من قبل جهاز المناعة في جسم الشخص المصاب، وتعرف هذه الحالة بإسم عاصفة السيتوكين (بالإنجليزية: Cytokine Storm)، حيث يفرز الجهاز المناعي بروتين السيتوكين بشكل مفرط مما يسبب التهاباً واسع النطاق، وهذا قد يؤدي أحياناً إلى تلف للأعضاء قد يكون قاتلاً. اقرأ أيضاً: هل حقاً قد يهاجم جهاز المناعة جسم المصاب بفيروس كورونا الجديد ؟

ويعتبر الالتهاب الناتج عن فيروس كوفيد-19 مختلفاً عن غيره لعدة أسباب، منها أنه يتمركز في الرئتين، ومع ذلك يعتقد الباحثون أن العلاجات المستخدمة لعلاج الالتهابات قد تكون ناجحة جداً في السيطرة على وباء الكورونا.

ويجري الآن دراسة بعض الأدوية القوية المضادة للالتهابات، إلا أن هذه الدراسات تتضمن المرضى الذين قد دخلو المستشفى بفعل الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كوفيد-19، أما بالنسبة للدراسة التي تجرى على دواء كولشيسين فهي تسعى للسيطرة على المرض قبل احتياج المريض لدخول المستشفى.

ويمتاز الكولشيسين عن غيره من الأدوية التي تم تجربتها بالميزات التالية:

  • إعطاؤه عن طريق الفم، على عكس الأدوية التي يتم اختبارها في مرضى المستشفيات حيث يتم إعطاؤها على شكل حقن.
  • انخفاض ثمنه نسبياً.
  • وجود تاريخ طويل من الاستخدام الآمن له.

ويجدر بالذكر أن دواء كولشيسين هو مضاد للالتهاب يؤخذ عن طريق الفم، ويوصف منذ زمن طويل كعلاج لداء النقرس (بالإنجليزية: Gout) الذي هو شكل من أشكال التهاب المفاصل. كما يستخدم الأطباء دواء كولشيسين أيضاً لعلاج التهاب التامور (وهو الغشاء المحيط بالقلب).

ولكن يبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: في حال إعطاء الكولشيسين للمرضى الذين ليس لديهم أي علامات لوجود رد فعل مناعي شديد، هل يمكن أن يؤدي تثبيط استجابتهم المناعية تجاه الفيروس إلى نتيجة عكسية وبالتالي جعل العدوى أسوأ؟

وتبقى الإجابة على هذا السؤال قيد الانتظار إلى حين انتهاء التجارب السريرية.