مُقدمة :
 قبل أربعون سنة، الدّكتور توماس ماك فيرسون  براون( Dr.  Thomas McPherson Brown  ) من واشنطن، دي. سي . إدّعى بأنّ العديد من حالات إلتهاب المفاصل سببها العدوى وقام بعلاج مرضاه بالتتراسايكلين(tetracyclines ) ودعاه الأطباء الآخرون   بالمشعوذ، وهذا ما يحدث  في أغلب الأحيان مع العباقرة عندما يأتون بأشياء جديدة.

الطروحات الأخيرة لإلتهاب المفاصل والروماتزم في (ديسمبر/كانون الأول 1994) و (يناير/كانون الثّاني 1995) في النشرات السنوية للطب الباطني تشير إلى إمكانية إستخدام المضاد الحيوي في معالجة التهاب المفاصل الذي يعود سببه إلى اضطراب في جهاز المناعة.4،8،9

– المبرر الأول لاستخدام المضاد الحيوي هو ما أشارت إليه بحوث جديدة ومثيرة تكشف بأنّ التهاب المفاصل  النظير الرثوي سببه العدوى بالمَجْمُوْعَةُ الإشريكية القَوْلُوْنِيَّةُ   E.coli)) الموجودة في الأمعاء،10 والتي تسبّب المرض بنفس الآليات التي تسبّب مرض سكّر الأطفال  والحمّى الرثوية  والْتِهابُ الكُلْيَةِ الأَلْبومينِيّ.


فعندما تدخل الجرثومة إلى الجسم،تحفزه على إنتاج الأجسام المضادة التي بدورها ترتبط بالجرثومة وتقتلها، وأحيانا، الجرثومة لها  بروتين سطحي يشبه بالضبط   البروتين السطحي لخلايا الجسم.
وبالتالي فإن الأجسام المضادة ليس فقط تستهدف الجرثومة، و إنما أيضا تقوم بقتل الخلايا السليمة الخاصة بالجسم التي لها نفس الأغشية السطحيّة، تماما كما يحدث في الحمّى الرثوية، فالبروتين السطحي لبكتيريا بيتا العِقْدِيَّة (beta strep )  تماما مثل الذي يوجد في عضلة القلب ولذا فإنها تهاجمها.10

الدّكتور إدوارد كيستون( Dr. Edward Keystone )  في مستشفى ويلسلي Wellesley )    في تورنتو ، بأن جرثومة الإشريكية القولونية،     التي توجد  في أمعاء كلّ شخص، لها نفس البروتين السطحي للعديد من خلايا  الجسم.

والأمعاء الطبيعية لا تسمح لجرثومة الإشريكية القولونية  بالدخول في مجرى الدمّ، والمرضى الذين يصابون بالتهاب المفاصل الرثوي تكون أمعائهم سمحت للإشريكية القولونية بالعبور إلى مجرى الدمّ وإحداث المرض لاحقا.

– هناك مبرر آخر لاستخدام المضاد وخاصة التتراساكلين ومشتقاته وهو  ان خلايا الغضروف التي تغلف المفصل تتغيّر وتتجدد  باستمرار بينما بعضها يخرج من الغضروف، أخرى تدخل. كما هو الحال في باقي الأنسجة، الإنزيم  كولاجيناز(collagenase) المسؤول عن عملية خروج هذه الخلايا من الغضروف  وُجد بتركيز اكبر في السائل الزلالي لمفاصل المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل الضموري(osteoarthritis) من ما هو موجود في المفاصل الطبيعية،  ووجدوا أيضا أن دواء التتراسايكلين(Tetracycline) يحد من تأثير هذا الإنزيم ويحفز نمو أنسجة الغضروف.2،3

ورقة أخرى من مركز هنري فورد للعلوم الصحية في ديترويت  ( Henry Ford Health Science Center in Detroit ) كشفت أن التتراسيكين(tetracyclines )  ساعد في تخفيف الورم وأعراض التهاب المفاصل النظير الرثوي.4

وبما أن التتراساكلين(tetracycline)  لا يدخل بمستويات عالية الى المفاصل،  فإن الأطباء يصفون إحدى مشتقاته مثل المينوسيكلاين( minocycline )والدوكسيسيكلاين(doxycycline ) الذي يمكن أن يصل إلى مستويات عالية في السائل المفصلي.1


 عدّة أوراق مؤخرا أشارت  بأنّ المضاد الحيوي المينوسيكلاين(minocycline ) يساعد في السيطرة على أعراض هذا المرض والدراسة الأخيرة الأخرى في مجلّة طبّ الروماتزميات( Journal of Rheumatology ) التي أشارت إلى أنّ درجة الحماية تعتمد على الجرعة، والعديد من الأطباء ينصح ب50 مليغرام من المينوسيكلاين أربع مرات في اليوم. 6-7، 1


الخلاصة:
إنّ المعالجة العادية لهذا النوع من المرض تتمثل باستخدام مضادات الالتهاب، التي تساعد على تقليل الألم،  لكنها لا توقّف دمار المفصل، وبعد عدة سنوات من العلاج ، تكون الغضاريف في المفاصل قد تحطمت ومن ثم يتم وصف ايميوران وميثوتريكسيت وأدوية أخرى ( methotrexate , imuran )  والتي تعمل على توقّيف المناعة من مواصلة تحطيم المفاصل. إلا أنّ هذه الأدوية سامّة جدا وتعجّل في الموت من خلال تحطيم المناعة. (11)
إلا ان ما كشفته هذه الدراسات التي ذكرت آنفاً أعاد النظر إلى إتباع استرتيجية جديدة في العلاج وهي تقوم على استخدام المضادات الحيوية لمدة عدة اشهر وبجرعات كافية  فور تشخيص المرض وذلك على النحو التالي:

1- دوكسيسيكلاين 100ميليغرام(doxycycline 100 mg) مرّتين يوميا .

 – المينوسيكلاين 50 ميليغرام اربع مرات باليوم. 5-7