يبدو في الوقت الراهن أن حالات الإصابة بفيروس كورونا تتناقص في مناطق كثيرة من العالم، إلا أنه لا يزال الكثيرون يتخوفون من تفاقم الوضع نظراً لعدم التمكن من الوصول إلى لقاح أو علاج حتى الآن، وخاصة بعد تحذير الكثير من الخبراء من احتمالية حدوث موجة ثانية لانتشار الفيروس قد تكون أكثر شراسة، ونظراً لأن فيروس كورونا أو كوفيد-19 يعتبر جديد نسبياً فإن العلماء لم يستطيعوا بعد تحديد طبيعته الحقيقية وخصائصه بشكل كامل. وبسبب هذا، لا يزال الكثيرون غير متأكدين بصورة كاملة من كيفية انتقال الفيروس من شخص لآخر.

كيف ينتشر فيروس كورونا؟

ينتشر فيروس كورونا بشكل أساسي من شخص لآخر وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض (بالإنجليزية: CDC)، من خلال الاتصال بقطيرات الجهاز التنفسي الصغيرة التي يفرزها الشخص المصاب بفيروس كورونا من أنفه أو فمه عندما يسعل، أو يعطس، أو يتكلم، حيث يمكن أن يصاب الشخص بالعدوى بمجرد دخول هذه القطيرات إلى الرئة عن طريق الابتلاع أو الاستنشاق.

مع ذلك، أشارت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أيضاً إلى أن فيروس كورونا يمكن أن ينتشر أيضاً عن طريق لمس الشخص لسطح أو شيء ملوث بالفيروس ثم لمس فمه، أو أنفه، أو عينيه. وعلى الرغم من أن هذا قد لا يكون وسيلة النقل الرئيسية لفيروس كورونا، إلا أن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لا تزال تحاول معرفة المزيد وفهم ما إذا كان هذا يمكن أن يساهم في انتقال الفيروس أم لا.

أشارت مراكز السيطرة على الأمراض أيضاً إلى أن فيروس كورونا يمكن أن ينتشر بين الحيوانات في حالات معينة، ولكن حتى الآن لم يتم الإبلاغ سوى عن عدد قليل جداً من الحيوانات الأليفة المصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم. في أبريل الماضي، أظهر اختبار لكلب وقطتان في الولايات المتحدة الأمريكية نتائج إيجابية لفيروس كورونا، مما أثار قلق العديد من أصحاب الحيوانات الأليفة.

اقرأ أيضاً: طرق الوقاية والعلاج لفيروس كورونا

نظراً لأن العلماء لا يزالون في مرحلة تحديد كيفية انتشار فيروس كورونا بشكل دقيق، فإنه لا تزال العديد من الأسئلة حول طرق انتقاله دون إجابة. الآن وبعد أن بدأت حرارة الطقس في الارتفاع، هناك قلق متزايد بشأن ما إذا كانت بعض الحشرات مثل البعوض يمكن أن تساهم في انتقال فيروس كورونا أم لا، ولكن حتى الآن لا تزال مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لا تحتوي على معلومات أو بيانات لإثبات أن فيروس كورونا يمكن أن ينتقل عن طريق البعوض. إذ على الرغم من أن البعوض يساهم في نقل العديد من الأمراض، إلا أنه لا ينقل كل الفيروسات التي يلتقطها، وتشير جميع الأدلة المتاحة حتى الآن إلى أن فيروس كورونا الجديد لا ينتقل عن طريق البعوض.

تحتاج أنثى البعوض إلى الدم للمساعدة في تطوير بيضها واستكمال دورة حياتها، لذلك غالباً ما تمتص دم العديد من الحيوانات أو البشر، والذي بدوره قد يؤدي إلى نشر الفيروسات مع كل لدغة. وتشير الإحصائيات إلى أن البعوض يساهم في نقل العديد من الأمراض التي تتسبب في إصابة ووفاة الملايين من البشر سنوياً. ولكن لا تنتشر جميع الفيروسات عن طريق البعوض. على سبيل المثال، فيروس نقص المناعة البشرية لا ينتقل عن طريق البعوض لأن مستويات الفيروس في الدم تكون منخفضة جداً، أما في حالة الإيبولا وهو مرض آخر لا ينتقل عن طريق البعوض، فإن الوضع كان مثيراً للدهشة، حيث حقن العلماء الفيروس في البعوض، ولكن لم يصب أي منها بالعدوى.

اقرأ أيضاً: آخر تطورات فيروس كورونا الجديد كوفيد-19

لماذا ينقل البعوض بعض الفيروسات ولا ينقل الأخرى؟

عندما يمتص البعوض بعض الدم فإنه يمتص معه مجموعة من مسببات الأمراض، مثل الفيروسات، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن البعوض قد أصيب بالعدوى. لكي ينشر البعوض العدوى، يجب أن يصاب بها أولاً، ولكي يحدث ذلك، تحتاج مسببات الأمراض إلى التغلب على سلسلة من العقبات، حيث في البداية يصل الدم الممتص إلى أمعاء البعوض، ثم تعمل مسببات الأمراض على الهروب من أحشاء البعوض ودخول مجرى الدم، وهنا تواجه عقبة أخرى وهي محاربة الجهاز المناعي الخاص بالبعوض، وفي حالة تغلبها عليه تواجه العقبة الأخيرة وهي الوصول إلى الغدد اللعابية للبعوض، وفي حالة نجاحها في تجاوز هذه العقبات، تصبح مسببات الأمراض قادرة على الانتقال إلى مضيف آخر مثل الإنسان عبر البعوض.

في حالة فيروس كورونا، وبعد التحقق من صفاته الجينية، فقد وجد العلماء أنه ليس له صلة بالبعوض، حيث أن فيروس كورونا قد نشأ غالباً في الخفافيش، وربما مر من خلال مضيف آخر في طريقه إلى البشر، ومع ذلك، قام العلماء بتحليل احتمال انتقاله عبر البعوض، ولم يجدوا أي دليل يدعم هذا الاحتمال.

ماذا تقول المصادر الموثوقة حول دور البعوض في نشر فيروس كورونا؟

أصدرت منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) من جهتها بياناً لتوضيح مدى صحة الاعتقاد بأن البعوض يساهم في انتقال فيروس كورونا من شخص لآخر، وكان نص البيان كالتالي: “حتى الآن، لا توجد معلومات أو أدلة تشير إلى أن فيروس كورونا الجديد يمكن أن ينتقل عن طريق البعوض. فيروس كورونا هو فيروس تنفسي في المقام الأول، وينتشر بشكل أساسي من خلال القطيرات الناتجة عن سعال أو عطس الشخص المصاب به، أو من خلال قطيرات اللعاب أو الإفرازات من الأنف. لحماية نفسك، يجب عليك تنظيف يديك بشكل متكرر باستخدام معقم اليد الذي يحتوي على الكحول أو عن طريق غسلها بالماء والصابون، كما يجب أيضاً المحافظة على التباعد الاجتماعي، وتجنب الاتصال الوثيق مع أي شخص يسعل أو يعطس.”

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا الجديد: أسئلة وأجوبة من منظمة الصحة العالمية (WHO)

بناءً على ما سبق فإن احتمالات انتشار فيروس كورونا عن طريق البعوض شبه معدومة، وعلى الرغم من وجود آثار لفيروس كورونا في عينات الدم الخاصة بالأشخاص المصابين، لكن لا يوجد دليل على أنه يمكن أن ينتقل عن طريق البعوض. حتى لو امتصت البعوضة الدم من مريض مصاب، فلن تكون قادرة على نشره.

ما الأمراض التي يمكن أن ينقلها البعوض؟

على الرغم من أن البعوض لا يساهم في انتقال فيروس كورونا، إلا أنه يعد ناقلاً للعديد من الأمراض الأخرى، مثل:

  • حمى الضنك

تعد حمى الضنك أحد أهم الأمراض الفيروسية التي ينقلها البعوض في جميع أنحاء العالم نتيجة انتشارها السريع في العقود الأخيرة. تنتشر بشكل كبير في المناطق الحضرية الفقيرة من المناطق شبه الاستوائية بسبب سوء الصرف الصحي.

  • الملاريا

تعد الملارياأخطر الأمراض التي ينقلها البعوض. قدرت منظمة الصحة العالمية في عام 2018 أن هناك حوالي 228 مليون حالة إصابة بالملاريا في أكثر من 90 دولة. تحدث أكثر من 90٪ من حالات الإصابة في أفريقيا وأكثر من ثلثي الوفيات من الأطفال دون سن الخامسة.

  • فيروس زيكا

بدأ تفشي فيروس زيكا في عام 2015، وينتشر عن طريق لدغات البعوض المصاب بالعدوى، ولكن يمكن أيضاً أن ينتقل فيروس زيكا من أم حامل مصابة إلى جنينها.