هوليوود 2020: خسائر كبيرة… مهرجانات افتراضية… تعديل وسحب أفلام عنصرية

لوس انجلس ـ «القدس العربي»: في أول شهرين من عام 2020 هيمن فيلم آسيوي وهو الكوري «طفيلي» على أهم الجوائز الهوليوودية، كالغولدن غلوب ونقابة الكتاب الأمريكية ونقابة المخرجين الفنيين، كما نال أربع جوائز أوسكار: وهي أفضل سيناريو أصلي، وأفضل مخرج لمخرجه بونغ جون هو، وأفضل فيلم دولي، وبات أول فيلم غير ناطق بالانكليزية يفوز بأوسكار […]

هوليوود 2020: خسائر كبيرة… مهرجانات افتراضية… تعديل وسحب أفلام عنصرية

[wpcc-script type=”3524220721d56b5628ed74af-text/javascript”]

لوس انجلس ـ «القدس العربي»: في أول شهرين من عام 2020 هيمن فيلم آسيوي وهو الكوري «طفيلي» على أهم الجوائز الهوليوودية، كالغولدن غلوب ونقابة الكتاب الأمريكية ونقابة المخرجين الفنيين، كما نال أربع جوائز أوسكار: وهي أفضل سيناريو أصلي، وأفضل مخرج لمخرجه بونغ جون هو، وأفضل فيلم دولي، وبات أول فيلم غير ناطق بالانكليزية يفوز بأوسكار أفضل فيلم منذ تأسيس الجوائز عام 1929.
لكن لم يكد يمض أسبوعين حتى نسيت هوليوود فيلم طفيلي، عندما اخترقها فيروس كورونا المستجد، الذي ظهر في منطقة ووهان الصينية في ديسمبر / كانون الأول 2019 فقامت الحكومة الصينية بعزلها وفرض الحظر الصحي على كل سكانها لمدة أشهر، بينما أغلقت كل الأقاليم الأخرى وعلقت جميع الفعاليات الحياتية والاقتصادية فيها.
بداية، لم تعر هوليوود أزمة الفيروس الصيني أي اهتمام، واستمرت بعقد حفلات توزيع الجوائز والمؤتمرات والمناسبات والمهرجانات السينمائية. ومن المفارقات أن آخر حفلة أقيمت في هوليوود كانت بمناسبة فوز فيلم طفيلي، واكتظت بالضيوف، الذين حضروا من الصين وجنوب كوريا.

الخسائر الفادحة

وسرعان ما صارت هوليوود تشعر بعوارض كورونا حتى قبل أن يطرق أبوابها، وذلك بسبب الخسائر الفادحة التي تلقتها عقب انهيار السوق الصيني، الذي يعتبر ثاني أكبر الأسواق دخلاً في العالم بعد الولايات المتحدة، وصل دخله عام ألفين وتسعة عشر إلى تسعة مليارات دولار، وكان متوقعاً أن يتفوق على السوق الأمريكي هذا العام. إلا أن عروض أفلام هوليوود الضخمة والحائزة على جوائز الأوسكار ألغيت بأكملها، فهبط دخل شباك التذاكر هناك بما يقارب ملياري دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وعندما تفشى فيروس كورونا في دول العالم الأخرى، دفع سلطاتها إلى إغلاق دور العرض وتعليق كل الأنشطة الحياتية ضمن إجراءات التباعد الاجتماعي لاحتواء الجائحة، فاضطرت استوديوهات هوليوود إلى إغلاق أبوابها، وإيقاف إنتاج مشاريعها وتأجيل أو إلغاء إطلاق كل افلامها، ما تسبب بخسائر فادحة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات؛ إذ هبط دخل شباك التذاكر العالمية في شهر أبريل/نيسان إلى الصفر لأول مرة في تاريخ السينما.
ومع توقف العالم الواقعي، تحول الناس إلى العالم الافتراضي باحثين عن ترفيه بديل لدور العرض، فوجدوه على منصات البث الالكتروني، وعلى رأسها نتفليكس، عدوة دور العرض، حيث تضاعف عدد مشتركيها وحطمت أسعار أسهمها أرقاماً قياسية في البورصة. وخلافاً لنتفليكس، كانت الاستوديوهات مقيدة باتفاق نافذة الإصدار، الذي يلزمها بعدم طرح أفلامها على منصات أخرى إلا بعد ثلاثة أشهر من إطلاقها في دور العرض.
لكن الخسائر الفادحة وضعت استوديوهات هوليوود في أزمة وجودية، فلم يبق أمامها خيار غير خرق اتفاق نافذة الإصدار، من أجل البقاء على قيد الحياة. فصار بعضها يبيع أفلامه لمنصات البث الالكترونية، مثل يونيفيرسال وبارامونت اللذين طرحا أفلامهما: «جولة ترولز حول العالم» و«عصافير الحب» على منصة نتفليكس، بينما باعت شركة سوني بيكتشرز فيلم الحرب العالمية الثانية، جريهاوند، من بطولة توم هانكس مقابل مائة وعشرين مليون دولار لشبكة أبل بلاس.
أما ديزني فقامت بإطلاق أفلامها «وطير أرطميس» وفيلم الرسوم المتحركة «إلى الأمام» و«نداء البرية» على منصتها ديزني بلاس في موسم الربيع. وبعد عدة تأجيلات، ألغت إطلاق افلامها «الصيفية، هاميلتون: مسرحية أمريكية» ومولان في دور العرض وطرحتها على منصتها، التي سجلت ارتفاعاً حاداً في نسبة المشتركين، باتت منافسة قوية لنتفلكس، ما دفع شركتي يونيفيرسال ووورنر بروز إلى إصدار منصاتهما الالكترونية بيكوك واتش بي أو ماكس على التوالي.
خلافاً للاستوديوهات، لم يكن لدور العرض دخل بديل يحميها من الدمار الاقتصادي. فجاء لنجدتها المخرج كريستوفر نولان، الذي بادر لإطلاق فيلمه «تينت» في صالاتها، لكنه أخفق. إذ لم يجن الفيلم إلا 350 مليون دولار في شباك التذاكر العالمية، أي ما يقارب ثلث التوقعات. فرد الاستوديو المنتج، وورنرر بروز، بإجراء صارم بداية شهر كانون أول/ديسمبر، طارحاً كل افلامه الضخمة على منصته الإلكترونية أيتش بي أو ماكس، تزامناً مع إطلاقها في دور العرض، كان أولها «المرأة الخارقة 1984» الذي فشل أيضاً في شباك التذاكر بعد انطلاقه الأسبوع الماضي، إذ اختار غالبية الجمهور الأمريكي مشاهدته على المنصة الالكترونية بدلاً من المخاطرة والذهاب إلى دور العرض.
ومع إسدال الستار على ألفين وعشرين، بدا واضحاً أن دخل شباك التذاكر الامريكي هبط إلى أدنى مستوياته منذ أواخر السبعينيات، وهو 2.3 مليار دولار، ولأول مرة يتفوق عليه السوق الصيني، الذي فتح أبواب دور العرض بداية الصيف، إذ وصل دخله هذا العام ما يقارب 2.9 مليار دولار.

دونالد ترامب والعنصرية

بداية 2020 حصد الملونون وافلامهم ومسلسلاتهم التلفزيونية اهم الجوائز الهوليوودية. فرفعت هوليوود شعار التعددية العرقية والنزاهة الأخلاقية في حملتها ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يخوض معركة الانتخابات الرئاسية. لكن اندلاع المظاهرات واحتدام الجدل في الولايات المتحدة وخارجها حول العنصرية بعد مقتل الافريقي-الأمريكي جورج فلويد على يد الشرطة، وضع هوليوود تحت المجهر وكشف عن تورطها في بث الأفكار العنصرية في أبرز أفلامها الكلاسيكية وأكثرها دخلاً مثل «ذهب مع الريح» الحائز على عشرة جوائز أوسكار. فقامت بعض الاستوديوهات بتعديل تلك الأفلام أو سحبها من منصاتها.
ومع انطلاق المظاهرات المناهضة للعنصرية، اغتنمت هوليوود الفرصة للترويج ضد ترامب، من خلال إطلاق عدة افلام تحذر من منحه حقبة ثانية في البيت الأبيض، أبرزها «بورات 2» و «محاكمة متهمي شيكاغو السبعة» ومسلسلات تلفزيونية مثل «قانون كومي». لكن مناصريه تجاهلوا تلك الأفلام ووصفوها بالمؤامرات والأخبار الكاذبة. وهو ما تجلى بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، فرغم فشل ترامب في الانتخابات، إلا أن عدد المصوتين له، وخاصة بين الملونين، ارتفع مقارنة بنتائج انتخابات عام 2016.

المهرجانات السينمائية والأفلام المستقلة والعربية

بينما شكل فيروس كورونا تحدياً لأفلام هوليوود، عاث خراباً في عالم السينما المستقلة والعربية، التي أصبحت بلا منصات ترويج وتسويق أو بوابة للأسواق العالمية بعد إلغاء كل المهرجانات والمناسبات السينمائية.أولى الصدمات التي واجهتها السينما العربية كانت إلغاء مهرجان البحر الأحمر السعودي في شهر نيسان/ أبريل، الذي كان من المفترض أن يكون منصة انطلاق للسينما السعودية ومحطة دعم مهمة لصناع الأفلام العرب. وقد أسفر ذلك عن تعليق العديد من المشاريع، التي اختيرت للمشاركة في ورشات عمل والمنافسة على منح الانتاج أو إكمال مشاريع. بعض المهرجانات عُقدت افتراضياً وطرحت أفلامها على شبكة الانترنت، لكن العديد من المخرجين رفضوا المشاركة الافتراضية وأجلوا تقديم أفلامهم للمهرجانات إلى العام المقبل، خشية أن تواجه مصير اختيارات مهرجان كان الفرنسي العريق، الذي ألغي قبل موعد افتتاحه المقرر بأسبوعين. فلم تحظ أفلامه بالاهتمام الإعلامي، الذي كان يدفعها عادة إلى جوائز الأوسكار. وكان من ضمنها ثلاثة أفلام عربية من مصر ولبنان وتونس. لكن الأفلام العربية، التي شاركت في مهرجان فينيسيا الايطالي في أيلول/ سبتمبر، أول مهرجان يعقد واقعياً بعد اندلاع ازمة كورونا، خرجت بجوائز قيمة في عدة فئات، وذهبت لاحقاً لتحصد جوائز أخرى في مهرجانات الجونة والقاهرة المصريين، اللذين قدما نسخاً مصغرة هذا العام على أرض الواقع.
بلا شك أن فيروس كورونا فرض تغييرات جذرية على صناعة الأفلام لا زلنا لا نعرف مدى تأثيرها على المدى البعيد. فمصير دور العرض ما زال مجهولاً والاستوديوهات ما زالت مغلقة والمهرجانات السينمائية ما زالت تعقد افتراضياً. لكن كورونا لم يكن لعنة على الجميع بل كان نعمة للبعض. فمنصات البث الالكتروني كنتفلكس وأمازون احتكرت عرض الأفلام ومن المتوقع أن تهيمن على جوائز الأوسكار في الموسم الجديد.

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *