وجهان لعنصرية واحدة

وجهان لعنصرية واحدة يبدو أن كثيرا من الدراسات تشير إلى أن المجتمع الصهيوني غلب عليه التوجه اليميني وأن هذا هو ما يتيح الفرصة لبروز حكومات يمينية في الكيان الصهيوني كما أن المستوطنين أصبح لهم ثقل كبير ولذلك فإن هذا الثقل يعطي لهم وزنا في تلك الحكومات هذه الدراسات تبدو بعيدة عن لب القضية وهي أن العقيدة الاستع

Share your love

وجهان لعنصرية واحدة

يبدو أن كثيراً من الدراسات تشير إلى أن المجتمع الصهيوني غلب عليه التوجه اليميني، وأن هذا هو ما يتيح الفرصة لبروز حكومات يمينية في الكيان الصهيوني. كما أن المستوطنين أصبح لهم ثقل كبير. ولذلك فإن هذا الثقل يعطي لهم وزناً في تلك الحكومات.

هذه الدراسات تبدو بعيدة عن لب القضية، وهي أن العقيدة الاستعمارية الصهيونية يمينية ومتشددة أصلاً بل إنها قد تتجاوز مثل هذه الأوصاف.

لعل هذه الدراسات تنظر إلى المجتمع الصهيوني باعتباره مجتمعاً طبيعياً مماثلاً لأي مجتمع آخر في دولة طبيعية، وتغفل أن هذا المجتمع غير طبيعي وفي دولة غير طبيعية، بل كيان عنصري استعماري يحتل الأرض ويغتصب الحق، ولا يقيم وزناً للقوانين والمواثيق الدولية.

إن استخدام المؤشرات والدلائل والمعايير الموضوعية في تلك الدراسات لتقييم المجتمع الصهيوني وتوجهاته ومدى ثقل اليمين واليسار فيه، وكأنه مجتمع طبيعي ذو أطياف طبيعية هو استخدام في غير موضعه. والأطياف السياسية في هذا المجتمع هي أطياف تجمعها العقيدة الصهيونية الاستعمارية العنصرية واليساري فيها يميني وإن اتخذ سمة اليسار شعاراً.

ولعل بعض الفلسطينيين قد يتابعون الانتخابات الصهيونية مخدوعين بشعارات اليسار الذي يتصورونه أقل بشاعة واستبداداً من اليمين، مع أنه قاد في كثير من الأحيان حرباً شعواء على الفلسطينيين، وارتكب مذابح ومجازر على الساحة الفلسطينية.

ربما بدا بريق الشعارات مستقطباً لهم ولكن شعارات ما يسمى باليسار الصهيوني هي شعارات جوفاء مفرغة من مضمونها وهو تيار يميني في عقيدته لا يختلف عما يسمى باليمين الصهيوني.

ربما كان اليمين الصهيوني أكثر وضوحاً في شعاراته وفي صورته فيما يجمل اليسار الصهيوني صورته ببعض الشعارات البراقة، وتظل مضامين توجهه مماثلة لتوجهات اليمين الصهيوني، وتظل ممارساته العدوانية مضاهية لها.

إنه من المستغرب بل المستنكر أن يعلق بعض الفلسطينيين الأمل على أي يسار صهيوني. فهو يميني يرفع شعارات اليسار، وهو لا يقل ظلماً وعدواناً وبطشاً بالفلسطينيين عن اليمين الصهيوني.

قد تمتعض السلطة الفلسطينية من صعود اليمين الصهيوني، لأنها تأمل من اليسار الصهيوني أن يحرك ما يسمى بعملية السلام، وأن يتيح الفرصة لانطلاق المفاوضات، بعد أن أوصدت حكومة اليمين أبوابها بإصرارها على مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية، مع أنه بات معروفاً لها أن حكومة اليسار دارت بالطرف الفلسطيني في ردهاتها العبثية سنين طويلة مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية التي التهمت المزيد من الأرض الفلسطينية خلال تلك السنين ولم تفض إلى أي محصلة ملموسة.

ربما رأى البعض أن حكومة اليمين تكشف القناع عن الوجه العدواني الاستعماري للكيان الصهيوني، وتفصح عن سياستها المرتكزة على العقيدة الصهيونية العنصرية الاستعمارية، بينما تخفي حكومة اليسار توجهها المماثل لكل توجهات اليمين في عدوانيته وعنصريته واستعماريته تحت شعارات براقة جوفاء، ومثل هذه الشعارات ربما خدعت بعض الفلسطينيين ومعهم بعض العرب، بل شدت طرفاً من القيادة الفلسطينية إليها، وربما دخل بعضهم في تفاهمات مع طرف في اليسار الصهيوني متخذاً من السلام شعاراً وهو أبعد ما يكون عن السلام الحقيقي.

إن حكومة اليمين في الكيان الصهيوني تكشف عن الوجه البشع له، فيما حكومة اليسار تخفيه تحت شعارات براقة جوفاء، والمحصلة واحدة بالنسبة للفلسطينيين على محك الممارسات العدوانية الصهيونية التي تستبيح كل شيء على الأرض الفلسطينية، دون وازع من ضمير أخلاقي أو إنساني ومن دون رادع من قانون دولي أو هيئة دولية، في وقت تمنح فيه القوة الأعظم في العالم وهي الولايات المتحدة لهذا الكيان كل أسباب القوة والبطش بما تزخر به ترسانتها من الأسلحة الحديثة، كما تمنحه كل وسائل الحصانة من أي ملاحقة أو مساءلة أو إدانة على جرائمه المتواصلة على الأرض الفلسطينية والحق الفلسطيني.

إن الدراسات التي تطبق على المجتمع الصهيوني المعايير نفسها التي تطبقها على دراسة أي مجتمع آخر، هي مخطئة منذ البداية. فالمجتمع الصهيوني ليس كأي مجتمع آخر، فهو مجتمع غير طبيعي، في كيان غير طبيعي، اغتصب الأرض وانتهك الحق لإقامة مشروع استعماري عنصري، ويعتمد على عقيدة استعمارية عنصرية وليس له مثيل في العالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليج الإماراتية
 

Source: islamweb.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!