لا شك إن الأسرة لها عمودان أساسيان تقوم عليهما و هما الأب و الأم , و ما يلفت الإنتباه أن معظم الأسر في مجتمعاتنا الشرقية تعتبر الأم فقط هي عمود المنزل و تغفل تماما دور الأب , ونحن هنا لا نقلل من دور الأم فهو بالفعل دور كبير جدا , لكننا نوجه حديثنا اليوم للأب لنلقي الضوء قليلا على هذا الدور المهم لكل أسرة.
الأبوة الإيجابية:
دائما ما نسمع نصائح ضمن التنمية البشرية تحث كل شخص على أن يكون إيجابي , و نجد أيضا الأب يتمنى زرع الإيجابية في أبناؤه , لكن على العكس تماما لا يتمتع هو بتلك الإيجابية , فتجده لا يسعي لأن يكون أب إيجابي لكنه يطلب من أطفاله دائما التحلى بالإيجابية , فلابد أن يتحلى الأب بالإيجابية أولا و أن يراها الأطفال فيه , و بدون عناء أو جهد سيقلدوه و يصبحوا إيجابيين يؤدون ما عليهم فعله بكل نشاط و همة و حيوية , و لسان حالهم يقول نحن إيجابيين مثلك يا أبي.
عاوزين مني إيه تاني؟
هذا السؤال يتردد على ألسنة الكثير من الأباء و حتى إن لم ينطقوها نستطيع أن نراها في كل تصرف يقومون به , ففهمهم عن الأب أنه البنك فقط و الممول و الراعي الرسمي للأسرة و ما عليه سوى أن يدفع فقط , و غير مسموح بأي حال من الأحوال أن يشترك في العملية التربوية , فمن وجهة نظره أنه يؤدي دوره على أكمل وجه و العملية التربوية هي دور الأم فقط , و لكن هذا خطأ و غير مقبول أن تكون هذه هي نظرة الأب للأسرة , فنجد الكثير من الأباء يعود من العمل ثم يخرج للجلوس مع أصدقاؤه و حتى إن ظل بالمنزل يمسك معظم الوقت بالموبيل و التابلت أو اللابتوب , تجده – للأسف – يهش و يبش للأصدقاء و الأقارب و يكشر و يعبس في وجوه أطفاله , و يقول: “أنا متعب و أعمل من أجلكم و أكسب المال و أعطيكم كل ما تحتاجون , فماذا تريدون مني أكثر من ذلك؟”
الجواب: – و الذي ينطق به لسان حال كل أسرة لديها أب كهذا سيكون – “نحن نريدك أنت يا أبي و لا نهتم لكثرة المال أو الألعاب , بل وجودك بجانبنا سيجعلنا نشعر و كأننا نمتلك كل شئ.”
للباحثين عن السعادة:
و إن سألنا الأب لماذا تخرج دائما بعد العمل مع أصدقائك؟ أو لماذا تمضي كل وقتك على الفيس بوك أو غرف الدردشة؟ سيكون رده أنه بذلك يرفه عن نفسه بعد عناء العمل , و أنه يحاول تسلية نفسه و يحاول أن يجد السعادة , ولكن كيف تكون السعادة بالبعد عن أطفالكم؟ و هل جربتم أت تنسوا أعباءكم و تعبكم باللعب معهم؟ , فإن لم تكونوا جربتم أنصحكم بذلك , فليس هم فقط من يحتاج إلى وجودكم بجانبهم بل أنتم أيضا , فالسعادة التي تبحثون عنها خارج المنزل ربما تكون بين أيديكم و أنتم لم تجربوها.
أصابعك ليست كلها متشابهة:
نعم و حتى لا نظلم بعض الأباء الذين يستحقون فعلا أن نطلق عليهم لقب أباء , لابد ألا نعمم كلامنا كله و نقول بأن كل الأباء لا يقوم بدوره , بل يوجد بعض النماذج الجيدة جدا في أداء دورها , و يوجد أيضا من يعرف أنه مقصر بسبب ضغوط العمل و يحاول أن يصلح من نفسه ليقوم بدوره , و لإحقاق الحق ليس كل الأباء يغفلون دورهم , بل إننا نتحدث عن نوع الأباء الذي لا يرى أنه مقصر و يريد ألا يشترك بأي حال من الأحوال في تربية الأبناء , بل يريدهم أن يصبحوا أمثلة مشرفة و متفوقة و أصحاب أخلاق عالية فقط من خلال أمهم , بل و يلقي باللوم عليها إن رأي أي شئ لا يعجبه في الأبناء , و لكن هذا غير صحيح فقبل أن تفكروا في بناء أسرة عليكم التفكير في الدور الذي ستقومون به داخل هذه الأسرة.
وفي النهاية نتمنى أن نكون قد ساعدنا بعض الأباء في معرفة دورهم الحقيقي داخل أسرهم , و نتمنى من كل أب أن يقوم الأن و يجلس مع أطفاله و يعطيهم المزيد من الإهتمام و الرعاية كما يعطيهم المال , و لا تنسوا أن أطفالكم ستسألون عنهم أمام المولى عز و جل فلا تفرطوا في هذه الأمانة.