يليّن المعادن بيدين من حرير ويحلم ببناء متحف: التشكيلي الفلسطيني وسيم بقاعي يحول الحديد إلى تحف

الناصرة ـ «القدس العربي»: وسيم بقاعي فنان تشكيلي فلسطيني من الجليل داخل أراضي 48 يمتاز بيدين من ذهب، أو من حرير يطوع بهما الكتل الحديدية الصماء، ويجعلها تنطق. وبدلا من إلقائها في مجمعات المهملات وإيذاء البيئة، يجعلها تحفا فنية مدهشة تزدان بها حديقة منزله. بقاعي الذي لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره نجح في تطوير […]

يليّن المعادن بيدين من حرير ويحلم ببناء متحف: التشكيلي الفلسطيني وسيم بقاعي يحول الحديد إلى تحف

[wpcc-script type=”abf3f7b3c37946ea868c4b11-text/javascript”]

الناصرة ـ «القدس العربي»: وسيم بقاعي فنان تشكيلي فلسطيني من الجليل داخل أراضي 48 يمتاز بيدين من ذهب، أو من حرير يطوع بهما الكتل الحديدية الصماء، ويجعلها تنطق. وبدلا من إلقائها في مجمعات المهملات وإيذاء البيئة، يجعلها تحفا فنية مدهشة تزدان بها حديقة منزله. بقاعي الذي لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره نجح في تطوير مهاراته بعصامية، فاكتسب كفاءات مهندس آلات ومعالج بيئي معا.

داخل حديقة بيته في بلدة شعب الجليلية أنجز أكثر من 300 قطعة فنّيّة صمّمها وبناها بأشكال تجعل الناظر لها في حيرة من أمره، لدقتها وجماليتها. وتشمل الحديقة في محيط منزله عشرات الحيوانات والطيور، وبعضها يتكون من آلاف القطع الصغيرة كما هو الحال مع الحصان العربي الأصيل، ومنها ضفادع وصراصير وفرس البحر والأسود وطيور البوم وغيرها. يعمل اليوم على مجسمات بكف اليد يعيد تدويرها ويصنع منها تحفا كشخص يعزف قيثارة على سبيل المثال. حينما يقال قطعة قد يخطئ البعض في تصورها، فبعضها يزيد وزنه عن ألف كيلوغرام.


«القدس العربي» زارت ورشة العمل في شعب وتجولت في جنبات حديقته الأقرب للمتحف بفضل فنان يعرف نفسه بأنه «فنان بالفطرة» يصنع من الخردة تحفا فنية على شكل تماثيل معدنية تخال خلال التجوال وكأنك في حديقة حيوانات من حديد. وعن البدايات يقول بقاعي إنه كان يعمل في مجال البناء، وكان دائم التأمل في القطع المعدنية من حوله، فيرسمها في مخيّلته شكلًا آخر ويضيف «بدايتي كانت عام 2010 حينما عملت في مرآب فقمت بتفكيك قطعة من دولاب سيّارة تعرف باسم «تفاحة العجل» ورأيت أنّه يشبه الفراشة فقلبته ودوّرتها في شكل جديد لفراشة.. ومن هنا بدأت الفكرة، خاصة أن زوجتي تنبهت للقيمة الجمالية في الفراشة المعدنية التي نظفتها ودهنتها، وفعلا انطلقت في تدوير الحديد والخشب والحجر.

أعجب الناس بـ«الفراشة» فطلبوا مثلها، حينها اشتريت ماكنة لحام وبدأت بتطوير ذاتي وترجمة الخيال إلى واقع.

أعجب الناس بـ»الفراشة» فطلبوا مثلها، حينها اشتريت ماكنة لحام وبدأت بتطوير ذاتي وترجمة الخيال إلى واقع». ويستدل من الحديث معه أنه تنبه لمهارته مبكرا فقد كانت والدته تقتني له ألعابا إلكترونية فيسارع لتفكيكها ويعيد تركيبها، وما لبث أن بدأ مشواره مع الرسم بقلم رصاص، مرجحا أنه ورث موهبة الرسم من أخواله. وبقاعي ابن قرية الدامون المهجّرة تعلم للصف التاسع، وشرع بالعمل كعامل بسيط في فرع البناء حتى 2010 حيث شق طريقا صعبا لا يعينه في حياته اليومية، لكنه يحقق فيه ذاته ويعبر عن موهبته الخلاقة. وردا على سؤال يقول إنه لا يبيع أعماله الفنية لعدم تقدير القيمة الحقيقية لأعماله، فيفضل الاحتفاظ كتحف فنية ويستذكر أنه يعمل يوميا في مجال التدوير في ساحة البيت.
■ ما هي الأدوات التي تستخدمها؟
□ يضحك وسيم ويشير بيده لورشته المتواضعة وهو يقول، إنه لا توجد لديه سوى ماكنة لحام قديمة وماكنة قص معادن كهربائية. ويتابع «من يزور مدرسة البيادر في بلدتي شعب يشاهد مجسّم طيّارة صنعتها من «عيدان أسكيمو». هذه صمّمتها وأنا في المدرسة الابتدائية وطيّرتها بأدوات أبسط مما تظنّ. مع ذلك فأنا أطمح في أن يكون لديّ مشغل أصمم به وأنحت وأبني ما أريد، لكن الإمكانيات حاليًا لا تساعدني، فالعين بصيرة واليد قصيرة». وردا على سؤال يوضح أن هذا الفنّ يصنع المعجزات رغم قلة الإمكانات ومع ذلك فإنه على يقين أنّه سيتطور ماديًا ومهنيًا، لافتا إلى أنه حاليًا يُدخل قدرًا ماليا بسيطًا لا أكثر بالذات من إعادة تدوير الإطارات وبيعها للروضات». وردا على سؤال يقول للأسف حتى اليوم لم يتلق أي دعم من أي مؤسسة أو سلطة، لكنه يؤكد بابتسامة تقطر ثقة ورضا بأنّ ذلك سيحصل لاحقًا إن شاء الله، لاسيما وأنّ مثل هذا الفن نادر. عند التجوال بين أكوام الحديد المتكدسة في جنبات بيته لجانب المجسمات المعنية المصنوعة منها تلاحظ أن وسيم يقوم أيضا بدور منقذ البيئة. وعن ذلك يقول «أقوم بجمع الحديد من كل مكان. أي أداة كهربائية أو قطعة حديدية أجدها على هوامش الطرقات أو في الأحراش أجمعها وأعيد تدويرها بشكل فنّي».

■ هل هناك مجسّم تعتزّ به أكثر من غيره؟

□ «لكل مجسّم ولو كان صغيرًا أهمية عندي، فهذه المجسمات قطع مني. مع ذلك، كنت أشير إلى مجسّم «قرية بيت لحم ومولد المسيح»، فقد درست في بيت لحم القديمة وقمت ببناء مجسّم متحرّك للقرية، ترى فيه الناس بأعمالهم، والدواب والماء وكلّ ذلك بحركة دائمة من خلال تفعيل الإلكترونات.

أقوم بجمع الحديد من كل مكان. أي أداة كهربائية أو قطعة حديدية أجدها على هوامش الطرقات أو في الأحراش أجمعها وأعيد تدويرها بشكل فنّي.

هذا المجسّم عملت لإتمامه ستة أشهر بوتيرة 13- 14 ساعة يوميًا مع حسابات دقيقة، وهو اليوم موجود داخل متحف التراث الشعبي في الناصرة». ومن المجسمات اللافتة المدهشة في براعة تصميمها هي تصميم لحيوان الديناصور المنقرض الذي استغرق إنجازه ستة أشهر، وكذلك الحصان أيضا وقد استغرق بناؤه ثلاثة شهور وهو الآخر يستوقفك ويتركك محتارا. لكن العمل الفني الذي ينطق الحديد لا يستغرق شهور العمل اليدوي فحسب، فهذه الفترة هي مدّة البناء، لكن يسبق البناء التفكير والتخطيط والرسم الذي لا بدّ منه قبل الانطلاق بالعمل، كما يؤكد بقاعي. يبلغ وزن مجسم الحصان نحو 600 كيلوغرام وارتفاعه نحو 240 سنتمترا، وطوله 260 سنتمترا.
■ ما هو المجسم التالي الذي تنوي بناءه؟
□ «هنالك حيوان ضخم منقرض يدعى «الماموث» يشبه الفيل. سوف أقوم بتدوير الحديد وأصنع منه مجسمًا لهذا الحيوان. وسيصل ارتفاعه حوالي ستة أمتار، ووزنه من 3- 4 أطنان».
والمثير لدى وسام بقاعي أنه لم يدرس الفن إطلاقًا ولم يزر متحفًا، بل تعلّم من تجاربه وأخطائه ومحاولاته الدائمة خلقت هذه الأشكال المعدنية التي يقوم بتعديلها أكثر من مرة ريثما تستقر في شكلها النهائي.
■ رسالة أو حلم تريد أن تنهي به الحوار؟
□ «رسالتي إلى جميع المدارس والمؤسسات التربوية والاجتماعية في بلادنا بإداراتها المختلفة، تشجيع مجال إعادة التدوير والتصنيع، فبيئتنا موبوءة ملوّثة ومثل هذا المجال لا بدّ أن يساهم في تحسين جودة البيئة، فليس أجمل من أن ترى بيئتنا مزيّنة نظيفة جميلة، أنقذوا بيئتنا بتشجيع إعادة التدوير، ففي ذلك خير للتربة والهواء والبيئة أجمع. أحلم ببناء متحف خاصّ لي يجمع كلّ المجسّمات، ويكون مركزًا لتعليم التدوير للصغار والكبار، مع صعوبة الأمر، فأنا لا أملك مساحة أو مالًا يساعدني اليوم في تحقيق ما أصبو إليه، لكنني على ثقة بأنّ ذلك سيحصل بمشيئة الله وتوفيقه».

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *