يموت مليون شخص ليعيش 70 مليونًا.. مناعة القطيع طريقة لمواجهة كورونا

أدلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتصريحات يخبر فيها الناس أن عائلات كثيرة ستفقد أحباءها بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتحدث

Share your love

أدلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتصريحات يخبر فيها الناس أن عائلات كثيرة ستفقد أحباءها بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتحدث المستشار العلمي للحكومة البريطانية عن مناعة القطيع، التي تقضي بأن يصاب بالمرض 60% من الشعب البريطاني. فهل تقوم آلية التعامل الطبي البريطانية على التضحية بمليون شخص ليعيش بقية الشعب؟

بدأت القصة يوم الخميس، عندما صدم بوريس جونسون مواطنيه قائلا إنه يتعين على العائلات الاستعداد لفقد أحبائها لأن فيروس كورونا سيواصل الانتشار في البلاد على مدار الأشهر المقبلة، حاصدا المزيد من الأرواح.

وأضاف جونسون “سأكون صريحا معكم، ومع كل الشعب البريطاني؛ عائلات كثيرة، كثيرة جدا، ستفقد أحباءها قبل أن يحين وقتهم”.

بعدها بيوم، أي الجمعة، صرح كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية السير باتريك فالانس بأنه كلما توسعت دائرة انتشار الوباء فستصبح هناك مناعة وطنية أوسع لأجيال، رغم ما قد يرافق ذلك من خسائر في الأرواح.

وألمح فالانس إلى احتمال ترك فيروس كورونا يصيب نحو أربعين مليونا من سكان المملكة المتحدة، أي 60% من السكان، للوصول إلى “مناعة القطيع”، وهي نظرية معروفة تقول بمواجهة أي فيروس بالفيروس ذاته؛ “داوها بالتي هي الداء”.

ما مناعة القطيع؟

يحارب جسم الإنسان الأمراض المعدية عبر جهاز المناعة، فعندما يتعرض جهاز المناعة لعدو جديد –فيروس مثلا- فإنه يتعامل معه، وإذا عاش الشخص وتعافى فإن جهاز المناعة يطور ذاكرة لهذا الغازي، بحيث إذا تعرض للفيروس مستقبلا فيمكنه محاربته بسهولة.

هذه هي الطريقة التي تعمل بها اللقاحات، والتي تقوم بخلق ذاكرة للمرض من دون أن يصاب الجسم حقيقة بالمرض، إذ يكون اللقاح مكونا من فيروسات ميتة أو ضعيفة، لكنها كافية لتكوين ذاكرة لدى جهاز المناعة، من دون إصابة الجسم بالمرض.

مناعة القطيع تقول التالي:

إذا كان لديك مرض جديد مثل كوفيد-19، وليس له لقاح، فعندها سينتشر بين السكان، ولكن إذا طور عدد كافٍ من الأشخاص ذاكرة مناعية، فسيتوقف المرض عن الانتشار، حتى لو لم يكن جميع السكان قد طوروا ذاكرة مناعية.

المشكلة أن تطبيق مناعة القطيع على فيروس كورونا في المملكة المتحدة يتطلب أن تصاب نسبة كبيرة من السكان بين 60 و70%، ثم تتعافي من المرض؛ يعني هذا إصابة أكثر من 47 مليون شخص في المملكة المتحدة.

ومع الإحصاءات الحالية التي تقول إن معدل إماتة فيروس كورونا هي 2.3%، وأن نسبة من يتطور لديهم المرض إلى مرحلة خطيرة هي 19%، فهذا يعني أنه في المملكة المتحدة وللوصول لمناعة القطيع سيموت بفيروس كورونا أكثر من مليون شخص، مع ثمانية ملايين إصابة أخرى تتطلب خضوع المريض لرعاية مكثفة لأن وضعه الصحي سيكون خطيرا وحرجا.

انتقادات حادة

تصريحات فالانس قوبلت بانتقادات حادة، حيث شككت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في جدوى إستراتيجية بريطانيا لمواجهة انتشار فيروس كورونا، والقائمة على “مناعة القطيع”.

وأوضحت هاريس أنه لا تتوفر معرفة علمية كافية بفيروس كورونا، لأنه مستجِد وليس معلوما بعد كيف يتفاعل من الناحية المناعية، مبينة أن كل فيروس له طريقة مختلفة في التعامل مع المناعة التي تتطور لمواجهته.

وطالبت هاريس بالتركيز على الأفعال بدل النظريات في مواجهة الموقف الحالي.

وفي رسالة مفتوحة، قالت مجموعة من 229 عالما من جامعات المملكة المتحدة إن النهج الحالي للحكومة سيضع خدمات الصحة الوطنية تحت ضغط إضافي، ويخاطر بعدد من الأرواح أكثر من اللازم.

كما انتقد العلماء تصريحات السير فالانس بشأن التعامل مع انتشار عدوى كورونا لجعل السكان محصنين.

وقال العلماء إن “تدابير التباعد الاجتماعي” (مثل منع التجمعات والحجر الصحي وتعطيل المدارس والجامعات والعمل من المنزل) الأقوى ستبطئ بشكل كبير معدل انتشار المرض في المملكة المتحدة، وستنقذ آلاف الأرواح.

وقالت المجموعة العلمية إن “التدابير الحالية غير كافية، يجب اتخاذ إجراءات إضافية وأكثر تقييدا على الفور”، كما يحدث في دول أخرى.

لكن المتحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية قال إن تعليقات السير فالانس أسيء تفسيرها، وقال “إن مناعة القطيع ليست جزءا من خطة عملنا، ولكنها نتاج ثانوي طبيعي لوباء”.

ونهج المملكة المتحدة للتعامل مع وباء الفيروس التاجي يتناقض مع البلدان الأخرى، إذ فرضت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا إجراءات لتقييد حركة عشرات الملايين، وأمرت أستراليا جميع الأجانب القادمين إلى البلاد بالالتزام بالعزل الذاتي، في حين وسعت الأرجنتين والسلفادور نطاق الحظر على دخول أراضيهما في إطار المساعي العالمية لاحتواء وباء كورونا.

وفرض عدد من الدول حظرا على التجمعات الكبيرة، وأوقفت الأنشطة الرياضية والثقافية والدينية، في الوقت الذي حث فيه خبراء الطب الناس على الالتزام “بالتباعد الاجتماعي” للحد من انتشار الفيروس.

وتعتزم الحكومة البريطانية سن قوانين للطوارئ لحظر التجمعات العامة؛ في محاولة للحد من انتشار الفيروس، في تصعيد لخطة الأزمة التي قال منتقدوها إنها شديدة التراخي.

وقاوم بوريس جونسون حتى الآن ضغوطا لتطبيق بعض الإجراءات الصارمة المطبقة في بلدان أوروبية أخرى لإبطاء انتشار الفيروس.

ويوم الجمعة عُلقت كافة مباريات الدوري الإنجليزي حتى 4 أبريل/نيسان القادم، في حين أرجأ المنظمون أحداثا رياضية أخرى مثل ماراثون لندن.

Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!