اقيم في قصر الفنون في دار الأوبرا… صالون القاهرة الـ 57 للفنون التشكيلية: أعمال متميزة تعبّر عن روح ورؤى التشكيل المصري الحديث

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعتبر صالون القاهرة للفنون التشكيلية من الكيانات الفنية الأقدم في مصر، أقامته جمعية محبي الفنون الجميلة للمرّة الأولى سنة 1922 تحت اسم «صالون القاهرة» على نفقة دار الفنون والصنائع المصرية، لصاحبها فؤاد عبد الملك. حتى تأسست جمعية مُحبي الفنون الجميلة، تحت رعاية الأمير يوسف كمال، الذي ترأس إدارتها، وقدّم الدعم والإسهام الكبير في تطور الفن التشكيلي المصري الحديث. وبذلك يعد الصالون أحد أهم المؤشرات على مدى ما وصل إليه التشكيل المصري، على مستوى الرؤية والتقنية الفنية. شارك في صالون هذا العام ما يُقارب من 70 فنانا، يمثلون عدة أجيال وإتجاهات ومدارس، في مختلف فنون التشكيل من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف وفوتوغرافيا، إضافة إلى أعمال الفيديو آرت والتجهيز في الفراغ. هذه الأعمال التي أبدت في مُجملها تفاعلاً مع المفاهيم الكلاسيكية للفن والأساليب الحديثة في الرؤية ومعالجة المادة. العديد من الأعمال تتمثل الروح المصرية القديمة في الفن في شكل أكثر إحساساً بوقتنا هذا، والبعض الآخر يحاول كسر كل ما هو تقليدي، دون الاستغراق في التغريب، وهي سمة لافتة من أهم سمات الدورة السابعة والخمسين من الصالون، والتي أقيمت في قصر الفنون، في دار الأوبرا في القاهرة. ومن الفنانين المشاركين على سبيل المثال، في التصوير، أحمد صابر، وأسماء النواوي، وأمل نصر، وجورج فكري، وحنفي محمود، وسالي الزيني، وعمر الفيومي. في النحت، أحمد عسقلاني، وأحمد عبد الفتاح، وطارق الكومي، وعصام درويش، ومحمد الفيومي، وعمر طوسون، ومحمد إسحق. في الغرافيك، أحمد رجب، والسيد قنديل، وطارق الشيخ، وعمرو الكفراوي، ونهى علي. التجهيز في الفراغ، إيمان أسامة، وأيمن السمري، وعادل ثروت، وكمال الفقي. وأخيراً في فن الخزف، خالد سراج، وعادل هارون، وضياء داوود.

اقيم في قصر الفنون في دار الأوبرا… صالون القاهرة الـ 57 للفنون التشكيلية: أعمال متميزة تعبّر عن روح ورؤى التشكيل المصري الحديث

[wpcc-script type=”ea68fd384a1f48a6badeb56b-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعتبر صالون القاهرة للفنون التشكيلية من الكيانات الفنية الأقدم في مصر، أقامته جمعية محبي الفنون الجميلة للمرّة الأولى سنة 1922 تحت اسم «صالون القاهرة» على نفقة دار الفنون والصنائع المصرية، لصاحبها فؤاد عبد الملك. حتى تأسست جمعية مُحبي الفنون الجميلة، تحت رعاية الأمير يوسف كمال، الذي ترأس إدارتها، وقدّم الدعم والإسهام الكبير في تطور الفن التشكيلي المصري الحديث. وبذلك يعد الصالون أحد أهم المؤشرات على مدى ما وصل إليه التشكيل المصري، على مستوى الرؤية والتقنية الفنية. شارك في صالون هذا العام ما يُقارب من 70 فنانا، يمثلون عدة أجيال وإتجاهات ومدارس، في مختلف فنون التشكيل من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف وفوتوغرافيا، إضافة إلى أعمال الفيديو آرت والتجهيز في الفراغ. هذه الأعمال التي أبدت في مُجملها تفاعلاً مع المفاهيم الكلاسيكية للفن والأساليب الحديثة في الرؤية ومعالجة المادة. العديد من الأعمال تتمثل الروح المصرية القديمة في الفن في شكل أكثر إحساساً بوقتنا هذا، والبعض الآخر يحاول كسر كل ما هو تقليدي، دون الاستغراق في التغريب، وهي سمة لافتة من أهم سمات الدورة السابعة والخمسين من الصالون، والتي أقيمت في قصر الفنون، في دار الأوبرا في القاهرة. ومن الفنانين المشاركين على سبيل المثال، في التصوير، أحمد صابر، وأسماء النواوي، وأمل نصر، وجورج فكري، وحنفي محمود، وسالي الزيني، وعمر الفيومي. في النحت،  أحمد عسقلاني، وأحمد عبد الفتاح، وطارق الكومي، وعصام درويش، ومحمد الفيومي، وعمر طوسون، ومحمد إسحق. في الغرافيك، أحمد رجب، والسيد قنديل، وطارق الشيخ، وعمرو الكفراوي، ونهى علي. التجهيز في الفراغ، إيمان أسامة، وأيمن السمري، وعادل ثروت، وكمال الفقي. وأخيراً في فن الخزف، خالد سراج، وعادل هارون، وضياء داوود.
  
الوعي والتاريخ

دارت فكرة صالون هذا العام حول العمل من خلال ثيمة (الوعي والتاريخ) حيث يحاول الفنان من خلال عمله استقراء المشهد الراهن، سياسياً واقتصادياً. في محاولة خلق عالم جديد لا يمتلك إلا بُعداً واحداً، ووجهة نظر أحادية، سواء على مستوى الواقع المعيشي وصولاً إلى الوجهة والأساليب التعبيرية الجمالية في الفن. فكان لابد للفنان صاحب الحضارة العميقة أن يحاول إثبات خصوصيته، دون الابتعاد عما يدور حوله. من هنا جاءت الأعمال على درجة كبيرة من الأهمية، سواء على مستوى التقنية أو الأفكار الحداثية، التي تتواصل مع هذا الماضي ــ الفني والجمالي ــ دون الفرار منه في سذاجة وقصور بدعوى التحديث. الأمر الآخر هو محاولة الاقتراب من المشكلات الاجتماعية المزمنة التي تتنفسها مصر، كصعود النبرة الأصولية، أو مشكلات التعليم والتجهيل، خاصة من قِبل وسائل الإعلام، التي تستثمرها السلطة الحاكمة في صياغة الجمهور وفق أهداف هذه السلطة أو تلك،  كعمل الفنان أحمد صابر على سبيل المثال.

التأكيد على الجذور

ومن هذا المفهوم تتجلى العديد من الأعمال التي تستمد تكويناتها وخطوطها من التراث الفني المصري، سواء في المنحوتات أو الرسم الأشبه برسومات الجداريات القديمة، ولكن في نِسب مختلفة، وحركة تبدو أكثر تحرراً من المصري القديم، كأعمال الفنان أحمد رجب، أو أن تتفاعل هذه النِسب في مبالغاتها وتشكل حالة من مجموعة منحوتات، كما في عمل الفنان محمد الفيومي، الذي يحذف الشخصية، ويضع تكوينات أخرى تتحاور مع ، مثل كرسي، ومنضدة، وزجاجة خمر. الأمر نفسه نجده في أعمال الفنان رضا عبد الرحمن، الذي يستحضر البيئة المصرية في شكلها القديم، المتمثلة في جِلسة المرأة كالآلهة، والرجل المُتعبّد، في تكوين يوحي بعالم الفلاح المصري الفرعوني، مع بعض الملامح المُمتدة إلى عصور أخرى، كأن تحمل المرأة وجهاً قريباً من السيدة العذراء. وتنويعاً على توابيت الموتى القدماء وطريقة المومياوات، تبدو منحوتات أحمد عسقلاني، التي تقف منتصبة، لا يبدو إلا وجهها بالكاد، بينما الجسد بالكامل مُغطى، محاولة لعقد مقارنة ما بين الأجساد الحيّة المغطاة اليوم بكاملها، وهي مُفارقة ساخرة لما كان وما هو كائن.

التجارب الحياتية

ربما تبدو هذه التجارب أكثر من خلال أعمال الفنانات المشاركات، هنا لا تصبح المرأة موضوعاً مباشراً في العمل الفني، لكنها تتعدى ذلك إلى انعكاس ما يحيطها من موضوعات، كحالة عفوية في التجسيد، كما في أعمال أمل نصر، أو التكوينات اللونية الأقرب إلى التجريد، كما في عمل جيهان سليمان. ويأتي الموروث ودوره ــ الموروث الاجتماعي ــ كما في لوحات سالي الزيني، فالمرأة التي تشبه عروس الموالد، في جلستها وألوانها وأكسسواراتها، جالسة تنتظر، وتبدو في زينتها أنها مُهيأة تماماً للعبة النظر إليها، هذا الزخم اللوني يكاد يخفي ملامحها الحقيقية، فهكذا هُم، وبالتالي هي. النغمة نفسها تؤديها هند الفلافلي، ولكن في شكل مأسوي، بخلاف الألوان الساخرة التي تضرب بها الزيني عين المُتلقي.

الذاتي والجمعي

العديد من الأعمال بدت كمشروعات فنية لأصحابها، مشروع كبير يدور حول فكرة ويمثل وجهة نظر الفنان. لذلك نلحظ سمات الحِس الذاتي، وهو الأصدق في جميع الأحوال والأشكال الفنية، ومنه يمكن الحديث عن حِس جمعي مُشترك، وهو ما أتاحته العديد من الأعمال بالفعل. من ناحية أخرى ووفق هذه النقطة تتماس بعض الرؤى الفكرية مع التقنية، كما بين الحالة الصوفية للدراويش وما يشتهرون به، كما في عمل الفنان أحمد عبد الفتاح، والعمل النحتي المتميز للفنان عمر طوسون، الذي يحاول أن يتمثل وحي تصميم التمثال الفرعوني القديم، وأن يجسد من خلاله الحِس الصوفي الذي يبحث عنه من خلال عمله الفني. هناك أيضاً عمل رفيع لسامي أبو العزم، حيث اعتمد تصوير ملابس لشخص غائب، لا يتأكد حضوه وبالتالي حالته إلا من خلال معطف مُلقى أو بنطال مُعلّق فوق مُشجب، ولنا أن نتواصل مع هذا الشخص وحياته من خلال تلك المفردات البسيطة والخاصة به.

التجريب

لم يبتعد التجريب أو محاولات الخروج من أسر التقليدية، أو حتى التحايل عليها، سواء من خلال التكوينات والتركيب اللوني، والعديد من الأعمال اعتمدت هذه الرؤية، كما في أعمال خالد حافظ، الذي يخلق منطقه الفني من خلال وضعيات الأجسام والمساحات اللونية والفراغات بينها، كذلك صباح نعيم التي تحاول أن تكلل أعمالها بحِس صوتي، هناك أصوات مسموعة تصدر عن اللوحات، بشر في تصاوير فوتوغرافية، يُعاد طبعها على القماش، ويتم تلوينها، هنا يتم حشد العديد من الأصوات، من تعبيرات الوجوه ونظرة العين، ووضعية الجسد، والمحتوى اللوني المُسيطر على اللوحة/الصورة بالكامل.
هذه بعض أمثلة للعديد من الأعمال والتجارب الهامة والمتميزة في مجال الفن التشكيلي المصري، أعمال تعبّر عن عالمها، تضيف إلى أصحابها، بعيداً عن أسماء كبيرة، أصبحت لا تضيف شيئاً للفن.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *