الإماراتي طلال سالم: أغلب النقاد اليوم مبدعون فاشلون

يرى أن الإدارة في العمل الثقافي تحتاج إلى الكثير من الحرية والصدق، وأن الشعر هو الروح التي أرشدته لواحاتِ سحرِ البيانِ، حيث تنفست حُروفه الأولى.. شاعرٌ عاشقٌ للحياة والجمال.. من أبناء وطن آمن بالشعر، وانتصر له بعد أن كاد أن يُصبح غريبًا.

الإماراتي طلال سالم: أغلب النقاد اليوم مبدعون فاشلون

[wpcc-script type=”d5c68570227ee8dec7a748c5-text/javascript”]

يرى أن الإدارة في العمل الثقافي تحتاج إلى الكثير من الحرية والصدق، وأن الشعر هو الروح التي أرشدته لواحاتِ سحرِ البيانِ، حيث تنفست حُروفه الأولى.. شاعرٌ عاشقٌ للحياة والجمال.. من أبناء وطن آمن بالشعر، وانتصر له بعد أن كاد أن يُصبح غريبًا.
يؤمن أن للشعراء دورا كبيرا في تغيير العالم ببث السلام والحب في الأرواح.
درس هندسة الاتصالات ويعمل مديرا تنفيذيا في شركة «اتصالات الإمارات».
شغل عدة مناصب أدبية وثقافية، حيث يعمل رئيسا لنادي الشعر في اتحاد كتاب الإمارات، كما عمل لفترة مديرا لبيت الشعر في الشارقة. وقدم عدة برامج ثقافية في إذاعة وتلفزيون الشارقة، إضافة لتقديمه دورات في تطوير الذات والكتابة وغيرها بالتعاون مع الهيئات والوزارات.
وهو صاحب أول مشروع بيع كتب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي «بوك دليفري». إضافة لكونه ناشرا وصاحب دار «جميرا» للنشر والتوزيع.
صدرت له ثلاثة دواوين شعرية: «حتى تعود»، «خرير الضوء»، «برزخ الريح»، و«تعالي» (200 سوناتة حب)». إضافة لكتابين في أدب الرحلات: إماراتي في نيجيريا 2014، رشفة من بلاد اليابان 2015.
التقيناه على غصن أزرقٍ فكان هذا الحوار:
■ متى، وكيف أشعل الشعر بقلبك فتائله؟
□ الشعر شعورنا بالطفولة والدهشة تمتلك قلوبنا فنسعى في الحياة لنشعر فنكون، بل هو الروح التي نبدأ بها بتلمس الكلام في مواضيع التعبير في الدراسة، أو أنه الأغاني العاطفية التي تسكننا تفاصيلها وتصاويرها وأحاسيسها إن فجرها الحب والجمال، أو ربما صادفته حين حاولت في المرحلة الإعدادية أن أنفجر دموعاً على الورق لأخبئه في الأدراج أو أشاركه أصدقاء أمر عليهم بذاكرتي، أو أنه أول قصيدة استمعت إليها وحاولت أن أجاريها أو أنه ديوان الشاعر طلال السعيد الذي اشتريته من معرض الشارقة للكتاب ذات رحلة مدرسة، أو لعله قصائد فائق عبد الجليل التي كنت أستمع إليها في شريط مسجل قبل النوم، أو أنه المرحلة الجامعية التي بدأت بها كتابة أول قصيدة موزونة.
■ يقول عبدالله الطيب: «إن العلم آداب وما سواه حرف ومهن»، فلماذا لم تفكر بدراسة الأدب، وهل ترى أن دراستك له كانت ستخدم مسيرتك كشاعر؟
□ فكرت في تغيير المسار في السنة الثانية من دراسة الهندسة لدراسة اللغة العربية، لكنني لا أملك التراجع أبداً وشعرت بالانهزام أمام استكمال الهندسة، أو الهرب للشعر الذي أحببته. ووجدت المخرج في الفصل بين الهواية والعمل. ولم أكف عن القراءة التي كانت صعبة في بدايتها، لأنني عدت للكثير من كتب الدراسة والشعر العربي اللذيذ الذي عشته وأنا أقرأ الهوامش لأنمي لغتي وومفرداتي، ثم هل تؤمنين أن معيشتي الحياتية كإنسان ستكون أفضل في دراسة اللغة العربية من الهندسة في هذا الوقت؟ لا أظن، ومن لا يصدقني فليذهب إلى سلم الرواتب، أو يعيد النظر في قوانين تفرغ المبدعين في وزارات الثقافة، وتقدير الأدب في المجتمعات العربية ككل. لو اخترت دراسة اللغة العربية أظنني كنت سأعاني كثيراً في حياتي اليومية، وسأقتل نفسي في البحث عن تقدير خارجي لا يأتي إلا قليلا.
■ لك تجــــربة مميـــزة في عوالم التواصل الاجتماعي، فهل ترى أن إيجابيات هذه المواقع تتفوق على سلبياتها؟
□ التواصل وصولك بروحك للآخرين وكنا نفتقد ذلك في احتكار الصفحات الثقافية التي مازالت في القرن السابق تبحث عن نفسها في صراعات نفسية وشللية تدور في قلوب القائمين عليها. وأعيد أن الفضاءات المفتوحة أتاحت لنا الوصول بلا أجنحة. وأن الجمال يرى النور، وأن كلمة صادقة، أهم من أن تصل للعالمية، ومن وهم الخلود الذي يعيشه الشعراء، ولكننا نطمح في أن ينال الوعي مكانه ليميز القارئ الغث من السمين ويجد الفضاء الذي يليق بروحه وعقله وعاطفته وهنا أدعو كل من هو على التواصل الاجتماعي أن يروج للجمال في الكلمة فالجمال لا ينتشر لأنه لا يستفز كالأخبار والمجادلات.
■ خضت تجربة رائدة عربيا في خدمة توصيل الكتب «بوك دليفري»، حدثنا عنها؟
□ هي محاولة ردم الفجوة بين دار النشر والقارئ، حاولت من خلالها أن أوصل الكتاب لمن يريده. بدأت منذ ثلاث سنوات وستستمر بإذن الله مادمت، وهو إيمان بوصول الكلمة والارتقاء بها، وشمعة في ظلامٍ يلعنه كل الذين لا يفعلون شيئاً.
■ ألا ترى أن لأصحاب دور النشر دورا كبيرا من حيث تدني جودة الانتقاء، وترويج الأدب الرديء؟
□ لا أعتقد ذلك، فالأسواق لا تحكمها الذائقة، لكن انفتاح الفرص جعل الوصول أسهل والكتابة أكثر وصولاً، ولكن ما أطمع له أن ينقل القارئ نفسه ليختار الأروع فتضطر دور النشر لنشر ذلك، والابتعاد عن الإسفاف والترويج وإشهار من لا يستحق، أو ربطها للربح بشهرة الشخص حتى إن لم يكن كاتباً، فبعض دور النشر كتبت ونشرت لمن يعدون من المشاهير ولكنها نشرت إسفافاً استطاع المجتمع تمييزه ومحاربته بسهولة.
■ يقول جورج أورويل: «في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيداً عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية»، فهل ترى أن الأديب العربي يستطيع أن يبدع بمعزل عن السياسة؟
□ لا أعتقد أننا نستطيع الابتعاد عن السياسة، لكنني أؤمن بأن من السياسة أن تعمل على نفسك، وتنشر فكرك وكلمتك الجميلة، وتُغيِّر، بترك أثر جميل في النفوس يُصيب السياسيين نوره أيضا فيتغيرون للأفضل ولو بعد حين وجهد واستمرار. السلام جزء كبير في السياسة وأنحاز له دائماً وربما أعتبر نفسي سياسياً ببث السلام والحب في النفوس.
■ بم ترد عليّ إن قلت لك: «صادق الشعراء، ولا تقع في حبهم، فهم لا يفهمون عن الحب سوى ما يمنحه قصائدهم من بريق وحياة»؟
□ لعل خوف الشعراء من الحب هو الدافع لأن تقال عنهم عبارة مثل هذه، فهم مثاليون جداً فيه لدرجة أنهم لا يجدونه على الأرض فتراهم يشعرون بندرته. وكلما اقتربت من الشاعر وجدت غير المثالية التي تراها في شعره، لأنها موجودة في عالمه فقط، لذلك يقول البعض أيضاً أعان الله زوجة الشعر لما تلامسه من ثورات داخلية فيه، تعايشها كل يوم في تقلب مزاجه، لكتابة – قصيدة أو ما قد يصيبها من الغيرة من خيال لا يصيب الواقع غالبا.
■ ترأست بيت الشعر بالشارقة لفترة، فماذا قدمت لك هذه التجربة؟ وماذا قدمت أنت لها؟
□ هي تجربة تشرفت بها وقدمنا الكثير، ولكننا نحتاج الخروج من الأطر لتكون بعض تجاربنا في الإدارة الثقافية أكثر عمقاً، ونحتاج أن نخرج بها من الغرف التي لا يحضرها أحد، إلى العالم، ونحتاج أن نعمل على إيصال الكلمة خارج الأطُر التقليدية. وربما العمل على بناء جيل قادم، لأنني لا أرى أين يتجه الشعر في العالم مع كل ما يدور حولنا من صخب. إن الإدارة في العمل الثقافي تحتاج الكثير من الحرية والصدق، وأكبر خطأ نقع فيه هو أن نحاول أن نخرج كل يوم بنشاط في المؤسسات وننسى عملية التأثير الحقيقي، ربما نحتاج بيوت شعر إلكترونية في عصرنا الحالي مع طاقم تصوير وفريق تكنولوجي ومترجمين لنصل للعالم. هذه التجربة وصلت بي لقناعات كثيرة قلت الكثير منها في هذا اللقاء لأنه احتكاك حقيقي بالشعراء والجمهور وأتمنى أن أصل من خلاله لمشروع ثقافي أكبر من خلال دار النشر و»بوك ديلفري».
■ لك مؤلفات في أدب الرحلات لاقت تفاعلا كبيرا، ألا ترى أن كتابة الشاعر في الأجناس الأدبية الأخرى تكون خصما على شعره؟
□ الكتابة روح تتشكل وكيفما تأتي تأتي، ولكن النثر والقصة والمغامرة أكثر رواجاً من الشعر، ربما لأن الشعراء يعيشون عالمهم ويصلون إلى لغة لا يفهمها الجميع ثم يشتكون من عدم فهم الناس لما يكتبون. النثر والمقالة أكثر رشاقة في التسلل للقارئ ومن يملك الحرف يشكله كما يشاء ليصل بمشاعره وفكره.
■ هل ترى أن الحركة النقدية في المشهد العربي تواكب الشعرية فيه؟
□ لا طبعاً، لأن أغلب النقاد اليوم مبدعون فاشلون ويعيشون في عنجهيتهم، الناقد الحقيقي اليوم هو المتلقي وحركة النقد تعيش في صناديقها ولا تخاطب المبدع ليرتقي بنفسه بل إنها تحاول أن تحبطه وتضعه في أُطُر قديمة جداً، لا يطيقها من يريد أن يبدع ويتحرر لفضاءات التجديد، ومن لا يصدق هذا الرأي يتجه لأقرب جلسة نقدية أو يضع كتاباً بين يدي ناقد فيجده يتعالى ويحاول البحث عن الأخطاء بدل أن يبحث عن الجمال ليحفزه في قلب المبدع.
■ ختاما.. هلا أطلعتنــا على مشاريعك الكتابية المقبلة؟
□ لدي كتاب عن الأشرعة، وهو قصة، ولدي رغبة في طباعة كل ما كتبت من شعر ليكون متوفراً في كتاب واحد خارج المجموعات الصغيرة. وها نحن نستمر ولكن لا ندري إلى متى.

الإماراتي طلال سالم: أغلب النقاد اليوم مبدعون فاشلون
لو اخترت دراسة العربية كنت سأعاني في حياتي
حوار: منى حسن
Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *