التصفيف اللوني في أعمال التشكيلية التونسية لطيفة بيدة

تتميز الأعمال التشكيلية للفنانة التونسية لطيفة بيدة بالطابع الجامع لعدد من العلاقات التفاعلية، والأشكال التعبيرية، والتصفيفات اللونية المتوالفة مع مختلف المفردات الفنية، المشكلة لأعمالها الفنية والفسيفسائية، وهي تتوقف على جماليات الفسيفساء المحلي من جهة، وعلى الطابع التشكيلي الذي تتخذ منه، ومن خلال التصفيف اللوني مواد تعبيرية صرفة. ويشكل الفضاء التفاعلي والأشكال الفسيفسائية والعناصر التشكيلية المختلفة مواد أيقونية للتعبير عن خلجاتها، بإلهام فني يُمأسس لإنتاج الدلالات وبسط المعاني، بما يُضمره إنتاجها الفني من مضامين جديرة بالقراءة.

التصفيف اللوني في أعمال التشكيلية التونسية لطيفة بيدة

[wpcc-script type=”5996804070baa5b2fe9d4fce-text/javascript”]

تتميز الأعمال التشكيلية للفنانة التونسية لطيفة بيدة بالطابع الجامع لعدد من العلاقات التفاعلية، والأشكال التعبيرية، والتصفيفات اللونية المتوالفة مع مختلف المفردات الفنية، المشكلة لأعمالها الفنية والفسيفسائية، وهي تتوقف على جماليات الفسيفساء المحلي من جهة، وعلى الطابع التشكيلي الذي تتخذ منه، ومن خلال التصفيف اللوني مواد تعبيرية صرفة. ويشكل الفضاء التفاعلي والأشكال الفسيفسائية والعناصر التشكيلية المختلفة مواد أيقونية للتعبير عن خلجاتها، بإلهام فني يُمأسس لإنتاج الدلالات وبسط المعاني، بما يُضمره إنتاجها الفني من مضامين جديرة بالقراءة.
وهي بذلك تؤثث لمنحى فني يروم غايات فنية ذات مضامين ومقومات أداتية. إن بؤرة الشكل والتصفيف اللوني وفق طرق فنية، ووفق أشكال متنوعة؛ كلها مفردات تؤشر إلى وجود مجال إبداعي يعج بالحركة، وينطق بالقيم الجمالية، تتفاعل معه الفنانة لطيفة بيدة بشيء من الوعي والسيولة الفنية والتنظيم المحكم، من خلال توجيه الكثافة اللونية نحو الحركة الموسيقية، التي تتخذ منها بعدا فضائيا مثقلا بالإيحاءات لبعث الجديد، ومادة لبناء اللوحة التشكيلية والفسيفسائية بشكل مغاير للمألوف، مؤدى بطلاء لوني متجانس، تتبدى فيه القيمة التركيبية بين الألوان والرموز والعلامات، وهو توظيف يحيل إلى تجربة الفنانة لطيفة بيدة المبنية على الشكل الفني الراقي والموضوع الهادف.
إن ريشة المبدعة تتغيى المسار التحديثي والتوظيف الجمالي للألوان، على الرغم من عامل اكتساح المساحات بعفوية وتلقائية وفطرية، إلا أن الشحنات السيميولوجية، وبعث جملة من الأشكال المثقلة بطابع الرمزية، وعملية التنظيم والتوليف؛ كلها عناصر تدعم المنحى التحديثي والبعد الجمالي والقيم الفنية المعاصرة. ويتبدى أن هذا التأطير يأتي في سياق التجربة الفنية المائزة للمبدعة، التي تروم التجريد المعاصر باستعمالات فنية رائقة، وهي في مجملها تجربة تضطلع بتقنيات عالية الجودة، في وضع تشكيلي مخالف للمستهلك، تقصد به التحرر من القيود واستحضار التجربة الفنية القائمة على قاعدة من المقومات الثقافية والتراثية، والأشكال والمفردات الفنية المعاصرة، وذلك للمزج بين مفارقتي الموروث الحضاري والتداعيات الوجدانية والرؤى المتنوعة بسحرها الجمالي، المدجج بتأثيرات الفن المعاصر، ما يجعل من أعمالها التشكيلية والفسيفسائية وعاء لحزمة من الأشكال والألوان المعاصرة.
كما أن القيمة الزمنية حاضرة تؤكدها حركية العناصر المكونة لأعمالها والمتناغمة في ما بينها، وأيضا ارتباط الموسيقى بالحاضر والمستقبل في سياق توليفي يمتزج فيه التعبير الرؤيوي التصوري والتعبير الحسي بالمجال السيميائي، المعتمد على الرؤية البصرية، لتصنع مجالا تعبيريا رمزيا علاماتيا أيقونيا دلاليا، بأشكال جمالية منظمة بمهارات فنية وأداء عالي الجودة، قوامه التجريد والواقعية أو فن البورتريه المعتمد على التبسيط والتقنية العالية، وهي مسالك فنية تستهدفها المبدعة بوعي، ما يجعل أعمالها قابلة لتعدد التأويلات، ويجعلها تنطق بقيم فلسفية وفكرية وجمالية.. فضلا عن تعدد الاحتمالات والتأويلات التي يصنعها اللون بالطلاء المتكرر والشكل المتنوع، بمعية مختلف العناصر والمفردات الفنية المكونة لأعمالها، والتوظيفات التقنية العالية. وعملا بالقاعدة النقدية؛ فإن أعمالها في شق آخر تنقصها الصناعة الضوئية اللازمة، وهو أحد المطالب في أعمالها الفنية المميزة، لكن على الرغم من ذلك؛ فإن تَشَكُّل اللون وفق خزان من العلامات والأشكال الهندسية، ووفق تصوراتها ورؤاها المتفردة، يجعل أعمالها مثقلة بالاجتهادات التي تقارب بها المادة الفنية والنسيج التشكيلي، الذي تنتج منه أعمالها، ما يجعلها تنفذ إلى الأعماق بكل التصورات التي تشتملها المضامين، وهي تعمد إلى توفير كل ما يجعل مكونات أعمالها تتواشج في نطاق طابع تعبيري فني معاصر. فعملية بناء الفضاء على أسس وأبعاد رُؤيوية يغذي أعمالها بحيز من الوجود الحسي والبصري. ولا شك أن المهارة والتقنيات العالية، يسمحان بدفع تجربتها الرائدة في الحركة التشكيلية المعاصرة إلى أبعد الابتكارات الفنية. وهو ما يتيح للقارئ التأمل بعمق في أعمالها، والتواصل مع مادتها الفنية بوجدانية وحب وتفاعل فني رائق.

٭ ناقد تشكيلي مغربي

التصفيف اللوني في أعمال التشكيلية التونسية لطيفة بيدة

محمد البندوري

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *