التعدد الواقعي في منجز التشكيلي السوري حسن العساف
[wpcc-script type=”844affc42d48370e20e7e7d9-text/javascript”]

الرباط ـ «القدس العربي» من محمد البندوري: إن خاصيات التعدد الواقعي والإيحائي وكل ما يرمز به حسن حمدان العساف في منجزه التشكيلي، يُحدث حركات تخلخل السكون، وتقوم بتغيير الشكل التعبيري الذي يروم تعددية الدلالات، ويفتح المجال لتعدد القراءات.
فهو يبلور العملية الإبداعية وفق خاصيات جديدة، وأساليب واقعية معاصرة في التعبير، وإنه أيضا يروم الإفصاح المباشر عن معجم دلالي يجول بالقارئ في عمق الصورة الواقعية السورية، بصيغ اجتماعية وثقافية وفنية، تحمل إشكاليات جمالية متنوعة، يؤثت بها مجموعة من الجدليات والقضايا، وفق مجموعة أخرى من المفردات والعناصر والعلامات المتوازنة في ما بينها.
وهو بذلك يقدم أعماله في وضع أكثر حرية في التعبير وبنوع من التلقائية، ويحد من الأشكال الغامضة بدرجات متفاوتة.
وتشكل بعض المواد التعبيرية قيمة مضافة في أعماله، حيث تعتبر في جوهرها أدوات أيقونية تتفاعل مع نظام الفضاء الواقعي، وفق أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، تترجم تصوراته وهواجسه وأحاسيسه وانفعالاته الداخلية، بما تفصح عنه التعددية الواقعية المتناسقة أحيانا، والمفارقات التعبيرية أحيانا أخرى. وهي مقومات فنية تعكس قدرة المبدع التحكمية في الفضاء، وفي مختلف عمليات التوظيف اللوني وتوظيف الأشكال وترتيب المفردات التشكيلية المكونة لأعماله الفنية، فهو يؤلف بينها جميعها باستخدامات تحولية ذات قيم فنية محضة، ما يعتبر تجاوزا للمألوف، وتمردا على الجاهز المستهلك وأنموذجا لعصرنة الأسلوب التشكيلي الواقعي العربي، الذي يقود إلى عوالم فنية توجه المسالك التعبيرية لديه، سواء على مستوى مقاسات الخامات المستعملة أو ما يتعلق منها بتقنيات الصباغة وصناعة الأشكال وزرعها في جوهر العمل، وطلاء الألوان، وتثبيت الرموز بشكل مضمر، وبسط المساحات وفق منهج فني معاصر، واشتقاق اللون من اللون وفق نظام تسلسلي.
وهو يقارب أشكال أعماله الفنية بالمادة البصرية، التي تشكلها عين القارئ، الشيء الذي يربط بين إحساسه وإحساس القارئ عموما. فواقعية العمل الإبداعي لديه تجعل من الإيحاءات والإشارات المنبثقة من الواقع المحلي بؤرة دلالية، تكشف عن موضوعات تتوافر فيها الرؤية الموضوعية للحياة الاجتماعية والطبيعة بكل مقوماتها وتفاصيلها وتجلياتها وجمالياتها، تنصهر في نسيج لوني ورمزي وعلاماتي يتم توظيفـــه وفق أنساق فنية متتالية، وأبعاد جمالية وقيم جديرة بالبحـــــث والقراءة، يصوغ ذلك بطــرق يتوخــــى من خلالها بسط مختلف الصيغ التي تجعل من سياقات أعماله إطارا واقعيا معاصرا بخاصيات تعددية.
وتشكل الحركة أحد أهم الأسس الرئيسة التي تغذي تمظهرات أعماله، وتجعلها تنبض بالحيوية، ما يصنع نوعا من التفاعليات التي تبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي، يشرك البعد الحسي والعنصر البصري للقارئ. ولعل التقنيات التي يستعملها المبدع تسهم في عملية المعالجة الواقعية، وإخراج العمل الفني في حلة رائقة.