التنظيم الفارقي في أعمال الخطاط السعودي سعود شاكر عبد الله خان
[wpcc-script type=”8b6f20bf713108bfcb3de8fa-text/javascript”]

الرياض ـ «القدس العربي» من محمد البندوري: تتجسد سحرية الخط الديواني، والديواني الجلي، والكوفي المشرقي والثلثي في عملية التثبيت المحكم والمنظم داخل الفضاء، باحترام عفوي لبعض قواعده في منجز الفنان التشكيلي سعود شاكر عبد الله خان، ما يحيل إلى أن ريشة المبدع رهينة المسار الكلاسيكي، على الرغم من التوظيف الجمالي للألوان واكتساح المساحات بعفوية وتلقائية. إلا أن الشحنات التراثية والتسطيرات والخطوط والشكل وعملية التنظيم الفارقي، هي عناصر تدعم القاعدة الكلاسيكية للخط العربي أكثرمنه للفن التشكيلي.
ويتبدى أن هذا التأطير يأتي في سياق التجربة الفنية للمبدع سعود شاكر عبد الله خان التي تروم التجريد المعاصر باستعمالات حروفية كلاسيكية، لكنها تجربة تضطلع بتقاطعات ـ وإن كانت في وضع تشكيلي ساحر- فإنها تتغيى الالتزام بالقيود، ما يغيب المشروع الفني للمبدع، فليس من السهل المزج بين مفارقتي التداعيات الوجدانية بسحرها الجمالي المرصع بنشوة التراث الثقافي الأصيل بمنمنماته القديمة، وخزان من الأشكال والألوان المعاصرة المدججة بالتقنيات الحديثة. وعلى الرغم من ذلك، فإن حِرفية سعود شاكر ورؤاه التشكيلية تمنح القارئ تحويلا خلاقا، يتمثل الكلَّ الفني، ويجمع المفردات التشكيلية، ويبدد الغموض، ويختزل بعضا من المساحات. فهو ينجز طبقات صباغية خفيفة وبعضا من الطلاء، بنوع من التبسيط، بانتقاء وتسويغ تحكمه الموهبة، فيتراءى عليها الدال الخطي، لتتوارى في أسمال التستر والاحتجاب، وهو بعض من التذويب المطلق للرؤية البصرية التي تستجلي غالبا دلالات إضافية. وهذا يحيل إلى أن الفنان سعود يبني فضاءه على ميزان فني معرفي مركّب، يغلِّب المجال الحسي على المجال البصري، لكنه مليء بالطاقة التعبيرية، ويروم إبراز الملامح الجمالية للحرف العربي داخل جمال اللون.
إن تقطيع سعود شاكر عبد الله خان للفراغات التي تتزاحم فيها الخطوط المنحنية البائنة، والأشكال المتنوعة والألوان المتدرجة، وإحداث تفاعل بين مختلف العناصر الفنية، يشكّل تصميما مفتوحا على بلاغة ودلالات تمنح أعمال المبدع جماليات قيمية وروحانية، بعيدا عن كل تأويل أو أيقونية.
أعماله تنبني على دمج الشكل في اللاّشكل سعيا إلى إنجاز عمل منظم ومدقق، يراعي الضوابط الحروفية، والتقييدات الجمالية للحروف ليكشف حجب المضامين الدينية التي يشتغل عليها، مع التقليل من التمثلات الفنية التشكيلية المعاصرة، علما بأن هذه الأخيرة تتجاوز المحدودية وتتجاوب مع المطلق – وهو أمر مطلوب في التشكيل المعاصر، لأنه يحاكي العالمية ويروم الارتقاء – كما أن بعض الكتل الفنية الخفيفة في أعماله لا تطاوع التأويل، لأنها تصب في مضامين مباشرة، تبتعــد شيئا فشيئا عن التجريد في جوهره. لكن على الرغم من كل ذلك؛ فإن أعمال الفنان سعود شاكر عبد الله خان بخطوطها المتداخلة وألوانها المتدرجة تفصح عن تجربة عالمة في التدبير الحروفي والتوظيف الشكلي، وتحقيق توليف بين وحدة الشكل والبناء والتصور والأسلوب، وتراعي جماليات الخط العربي ومقوماته الحضارية، وهذا يحسب لسعود شاكر الذي يحافظ على أصالة الخط العربي وعلى أبعاده الروحية والقيمية.