المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أحتفي بالشاعرية في كل الأجناس الكتابية

يرى الشاعر والكاتب المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أن الحركة المسرحية في السودان زاخرة بالعديد من الجماعات والأصوات المتميزة، ولكن وسائل التسويق للمسرح السوداني خارج السودان بدائية، لعدم اهتمام مؤسسات الدولة بالمسرح بالشكل المطلوب.

المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أحتفي بالشاعرية في كل الأجناس الكتابية

[wpcc-script type=”0e55ffce8e9c7a88195c02bb-text/javascript”]

يرى الشاعر والكاتب المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أن الحركة المسرحية في السودان زاخرة بالعديد من الجماعات والأصوات المتميزة، ولكن وسائل التسويق للمسرح السوداني خارج السودان بدائية، لعدم اهتمام مؤسسات الدولة بالمسرح بالشكل المطلوب.
وعفيف إسماعيل، شاعرٌ وكاتبٌ مسرحيّ، من مواليد مدينة الحَصَاحِيصَا ــ السُّودان ـــ 1962. مقيم في أستراليا. صَدَرت له عدة دواوين شعرية أبرزها: «فخاخ، رهان الصلصال، ممر إلى رائحة الخفاء، إنه طائرك، مثلما ينام الضوء بعيداً، مُنمنمات حكائية. كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة عن دار الحضارة القاهرة في 2015. أيضا صدرت له عدة أعمال باللغة الإنكليزية أبرزها: «هذا العالَـمُ يَكذبُ علينا يا أمّي» شعر، «السَّاحرُ الإفريقيّ» مسرحية للأطفال، «طيورٌ يَتيمَة» شعر، «ابنُ النِّيل» مسرحية للأطفال، «ثلاث بذرات» مسرحيات قصيرة. كما تُرْجِمَت نصوصه الشعرية والمسرحية إلى الألمانية والسويدية. ونال عدة جوائز وتكريمات في مسيرته الأدبية والفنية أبرزها جائزة مبادرة غرب أستراليا لتطوير المسرح، عن مسرحيته «أكفان» أو «أموات» 2009، وجائزة ناجي نعمان الأدبية 2015. أدناه حوار يتناول تجربته في الشعر والكتابة المسرحية ويسلط الضوء على الحركة المسرحية في السودان.

■ يقول أيان تشامبرس، «لا نستطيع أن نهجر تاريخنا السابق، وأن نختار بحرية تاريخا آخر. فإحساسنا المعرفي السابق ولغتنا، وهويتنا وميراثنا الخاص لا يُمكن أن يتم إبعادها أو إلغاؤها بسهولة»؛ كشاعر وكاتب: إلى أي مدى تتفق مع هذه المقولة بحكم إقامتك في المهجر منذ 2003؟
ـ أقيم الآن في منفىً رحيم، وليس مهجراً، لأنني لم أختر الهجرة إلى أرض الكانغرو طوعاً، بل قسراً. انتُزعتُ من بين دفء مدينتي الحصاحيصا الوديعة قرب النيل الأزرق في وسط السودان. الخبرات الجمالية لها جذر مكون، الأمر عندي أشبه بالذرة التي تتفرع منها الشجرة ثم تُخرج ثمرة بداخلها بذور أيضاً يمكن أن تـــزرع في مكان من الكرة الأرضية وتنبت مرة أخرى محتفظة بكل خصائصها الأولى ومتلاقحة مع مناخها الجديد.
هذا هو حالي، أسكن بذرتي الأولى ولغتي وأسعى نحو هوية إنسانية تحتفي بثراء التعدد والتنوع في هذا الكون.
■ من واقع تجربتك مع قصيدة النثر التي ما تزال بعيدة ربما عن تذوق المتلقي السوداني الكلاســـــيكي، كيف يستطيع الشاعر تطوير نصه باتجاه حداثي يواكب تطور الحركة الشعرية، ويكون في الوقت نفسه مقبولاً بالنسبة للمتلقي؟
□ تطور النص الشعري ليس مقياسه شكله الفني، أو جنسه الأدبي، فكل هذه الأشكال والأجناس تتلاقح وتتنفس وتعيش في حديقة الحروف متجاورة ومتحاورة بغير تضاد، ولديها القدرة لمخاطبة المتلقي وفق شروط العقد الضمني بين منتج النص وكاتبه الثاني «أعنى المتلقي» الفاعل الذي يستعين بكل خبراته الجمالية والحياتية لإعادة إنتاج النص وفق معمله الجمالي الذي يخص تذوقه للتلقي.
■يقال «إن الحاجز بين الشعر والنثر هو من صنع الشاعر العربي نفسه» إلى أي مدى تؤيد هدم حواجز الشكل بين الأصناف الأدبية المختلفة؟
□ أحتفي بالشاعرية في كل الأجناس الكتابية، واحتفي أكثر بالنص الهجين الذي يمازج بين كل هذه الأشكال ويصاهرها بحرفية واعية كي يصنع فتحاً يتردد صداه في كل الآفاق.
■ من منطلق كتابتك باللغتين العربية والإنكليزية، هـــل ترى أن المعــرفة وإجادة أكثر من لغة يغني التجـــربة الشعرية؟ أم أنه لا تأثير لهذه المسألة في كثافة وتماسك النص الشعري؟
□ في الغالب الأعم أكتب باللغة العربية، ثم أقوم بعد ذلك بتخليق النص في اللغة الإنكليزية. أما معرفة لغة أخرى هي إضافة ثرة للنص الشعري، ومحفز مشعل للمخيلة وتدريب مغنطيس الحواس لالتقاط شيفرات ثقافات متعددة كي تنجب نصاً سليلا للمعرفة الواعية المتداخلة من غير حدود جغرافية أو حواجز مصطنعة تحاول أن تمايز بين البشر في وحدتهم الإنسانوية الشعورية.
■ هل تؤمن بقدرة الكتابة على تغيير المجتمعات؟
□ من اختار الحروف لتكون صوته المعبر عن أحلامه وطموحاته، فإن هذه الحروف نفسها هي وسيلته للتغيير للأفضل لعالم بغير فوارق طبقية ينعم بكافة حقوق الإنسان، فالكاتب المثابر على تخليص العالم من كافة أشكال الشرور والدمامل هو الذي ينتج ما يهم الإنسان في راهنه، وما يعيــنه على مواصــــل رحلة الحياة بحموضة أقل، والكاتب الذي يحتفي بشوارد الغبطة المبتسرة اليومية التائهة، ويفرخ منها نصه ثم يطلقه مثل عصافير يتيمة كي تخلق التغريد الحر الذي لا يعادله غير الانطلاق بلا كوابح، وأن تصير الروح طليقة وعفوية؛ تلك هي مهمة الكاتب، كما قال غابريال غارسيا ماركيز: «إن ما يرومه الواحد منا، أن يعيش في قلب وذاكرة قارئه». في تقديري ما قاله ماركيز يصب باتجاه سارتر، ويمثلني ذلك ويجعل الكتابة الملتزمة تجاه قضايا الإنسان معولاً للتغيير.
■ إلى أي مدى يمكن أن يسهم التنوع الديموغرافي «السكاني» في السودان في إنتاج خطاب شعري جامع ذي نكهة سودانية خالصة؟
□ بسبب التنقل قديماً وحديثاً، أو آنفاً وحاضراً وباختلاف أسبابه السياسية أو الاقتصادية، تداخل القاموس اللغوي السوداني في مليون ميله القديمة الممتدة المختلطة والمتعددة الثقافات، خاصة الشعر المكتوب بالعاميات السودانية، وتصاهرت مفردات هذه العاميات وأنتجت خليطاً مدهشاً أثرى المشهد الشعري السوداني، وخلق تمايزه أيضاً، ويحتفي به إنسان السودان في كل بقعة منه.
■ لك مؤلفات في مسرح الطفل، ما هي أهم المعايير التي يجب مراعاتها عند الكتابة للطفل؟
□ لا أملك وصفة سحرية تجعل المعايير سهلة أو صعبة، لكن تحديد الفئة العمرية المستهدفة بالكتابة يساهم بشكل كبير في إنتاج نص جيد للأطفال، إذا توفرت عوامل أخرى منها قدرة مخاطبة الطفل في زمانه واهتمامه من غير وعظ مُنفر، تلك هي مهمة الآباء الفظين وليس الكُتاب.
■ الحركة المسرحية في السودان متأخرة عن باقي البلاد العربية، إلى ماذا تعزو ذلك؟
□ ليس الحركة المسرحية هي المتأخرة، بل هي زاخرة بالعديد من الجماعات والأصوات المتميزة، ولكن وسائل التسويق للمسرح السوداني خارج السودان بدائية، لعدم اهتمام مؤسسات الدولة بالمسرح بالشكل المطلوب لنهضة الأمم، كذلك وخلال سنوات الديكتاتوريات الطويلة تناصب الدولة منتجي المسرح العداء المبين، خاصة في العقود الثلاثة السابقة. كل الذين يحملون صخرة سيزيف في السودان يحاولون بجهدهم الخاص الخروج من عنق الزجاجة بمشاركات خارجية بمجهودات ذاتية وشعبية، ومنذ التسعينيات أصبح هناك وجود للمسرح السوداني في المحيط العربي بفضل هذه الجهود الذاتية المضنية.
إذن، المتأخرة هي الدولة التي لا ترعى الفنون، بل عندما تسمع سيرتها الملهمة للجماهير، تتحسس مسدساتها وترسانتها القمعية، وتخرجها في أفضل الأحوال إلى الهامش، أو ترمى بصناع المسرح في سجون قهرها. أتمنى في غد ما أن ترصد الدولة ميزانية لدعم المسرحيات والمسرحيين، وتعقد المسابقات والمهرجانات والندوات والورش المعملية الدورية، بجانب التفرغ التام المدعوم من قبل الدولة لوظيفة المبدعة والمبدع المميز، كي يعطي رحيق حياته لفعل مثمر يحبه، ويحبه الناس كغذاء للوجدان والروح.
■ هل يعاني المسرح السوداني من أزمة نص أم أداء، أم ماذا؟
□ لا هذا ولا ذاك! بل هي أزمة منتج مهموم بتطور المسرح في السودان، وأن تقوم مؤسسات الدولة بدورها المنوط بها لدعم كل الفنون، لأنها حبل السرة لهذا البلد.
■ هل ترى في التجريب المسرحي في الساحة الفنية السودانية انصرافا عن قضايا الأمة وهمومها؟
□ خلقت سنوات الديكتاتوريات الطويلة ذائقة قاسية المقاييس في الاستجابة لأنواع كثيرة من التجريب المسرحي، لارتباط المسرح بشكل عضوي مع حركة المقاومة ضد تخريب الحياة العامة، لذلك الكثير من العروض التي تهتم بتوصيل رسالة غير سياسية مباشرة أو بعيدة الترميز، يُحكم عليها بالتغريب والابتعاد عن هموم الناس بسبب طرحها عكس ما هو سائد، فطوبى للتجريب المستمر في المسرح السوداني.

المسرحي السوداني عفيف إسماعيل أحتفي بالشاعرية في كل الأجناس الكتابية

حوار: منى حسن

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *