المغربية نادية كونيجو ترسم البورتريه المعاصر بتقنيات مغايرة
[wpcc-script type=”da6db3de05d322d4827270fd-text/javascript”]
■ تستند الفنانة التشكيلية نادية ورياشي كونيجو في منجزها التشكيلي على الشخوص باعتبارها مادة متصلة بتصوراتها أولا، ثم ترسخها في الفضاء وفق خاصيات تشكيلية رائقة ثانيا، باعتمادها بشكل مدروس، تراعي فيه مقاســـات المادة الفنية وتوزعها في المساحة حسب الحاجة، بإضفاء جمالية أساسها اللون والشكل.
وهو منحى سلكته لاعتبارات متنوعة تفصح عن خلجاتها ولواعجها، تنبثق من شعورها بطريقة فنية مغايرة، وبسحر تشكيلي متعدد الرؤى والدلالات، وبعلامات لونية، وأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي متعددة القراءات. فالتجربة التشكيلية لكونيجو تنبني على تصورات ورؤى تعبيرية، تمتح مقوماتها من الانفعالات الداخلية، حيث تتبدى أعمالها وصفا يعبر عن معان ذهنية.
تصنع شخوصا تعبيرية، تصيغها أحيانا في اللون الواحد، وتردفه بجنسه لتنسج منهما المادة التعبيرية أحيانا أخرى.
ثم تشكل منها مواد رمزية وعلاماتية مثقلة بالايحاءات والدلالات، فتعمد إلى روابط علائقية تكثف بها المسلك الشخوصي، تتراءى بين كتل من الرموز والعلامات والخطوط الملتوية، فتشكل من خلال عملية البناء إنتاج توليف بين مختلف العناصر المكونة لأعمالها، وهي في الواقع تلجأ إلى تشخيص صور واضحة المعالم لتشكل من خلالها التتابعات الفنية في تحولاتها المرتبطة بالظواهر الفنية والتعبيرية، تنجزها وفق التقنيات العالية والمهارات الكبيرة والمؤهلات الفنية الرائقة، فهي تثبت الملامح المشخصة، وتمررها من مختلف العمليات الإبداعية التي تقاربها بالمادة المرتبطة بالواقع الاجتماعي، وتقاربها أيضا بالتصورات والرؤى الفنية التي تتوفر عليها، لهذا تبدو مشخصاتها في تفاعلات إيجابية مع القارئ، لأنها تتبدى حابلة بالمعاني والدلالات، لأنها تحاكي الواقع الاجتماعي والفني والثقافي وتعبر عنه بشخوص وبأشكال صادقة في التعبير تحمل في طيها مفاهيم ذات مغاز عميقة، ودلالات تشكل رسائل صريحة الى القارئ.
وبذلك فإن الفنانة تتخطى ببراعة البورتريه المألوف إلى تشخيص فني يروم معاني الانسجام والفكر والثقافة والفن المعاصر في تجاوز صريح وواضح لمجموعة من المفاهيم التي لم تعد قابلة لإعادة الصياغة في الوقت الراهن. لذلك فمنجزها التشكيلي المعاصر الذي يدخل في سياق مشروعها الذاتي هو إنجاز متكامل البنية الفنية، ويحمل مضامين عميقة بجماليات متفاعلة مع كل منطق فني سليم.
إن أعمالها تتواشج على نحو يرصد الواقع في طرح لسياقات أعمالها الفنية ذات الرؤية التشكيلية الإبداعية التي تستنطق المشاعر اتجاه الواقع والفن بمتعة الفنانة التي تصنع الأفكار والتصورات بإيجابية وبتحويلات فنية وجمالية، تروق لعين القارئ باستعمالاتها الموتيفية وأشكالها التنوعية وتوظيفاتها اللونية وأشكالها الجمالية، فتتحول إلى سحر فني عميق الدلالة. وكلها مقومات البناء الشخوصي المتقن، المحمل بالإيحاءات والمغازي والدلالات التي تخرج المادة التشكيلية إلى حيز وجودي واقعي. ولعل للمهارة والتقنيات العالية دورا أساسيا، الشيء الذي تمتاز به نادية كونيجو وما تقود إليه تجربتها الرائدة في التشكيل الشخوصي المعاصر، بإيجابية تدير أدورا فعالة في منجزاتها التشكيلية الواقعية والثقافية والفنية الواضحة المعالم، في التجديد الذي تلامس به الروح الإنسانية. إنه أسلوبها الخاص في التعبير، ومشروعها الإبداعي المتميز في الساحة التشكيلية العالمية، وفلسفتها التي تلف منجزاتها الفنية التي تحظى بالتقدير في المنظومة التشكيلية محليا ودوليا، اعتبارا لمجهوداتها وتقنياتها الهائلة لمزج هذه الفلسفة بمكونات أعمالها حتى تتمتع بألوان من الجمال والرقي. وهو منحى خاص في أعمالها تتخذ منه مجالا واسعا لنسج روابط سحرية بين مختلف المفردات والشخوص المستهدفة، والمواضيع الاجتماعية والثقافية والفنية المتناولة، مما يوفر توازنا أكبر بين مختلف مكونات العمل الفني الإبداعي لديها.
هذه الاستعمالات وغيرها قادت كوينجي إلى طرق تعبيرية خارجة عن المعتاد ومتجاوزة للجاهز، حيث إن كل المكونات الرئيسية التي اعتمدتها في ثقافتها التشكيلية تشكلت في مسلك خاص ومعاصر.
٭ ناقد تشكيلي مغربي
محمد البندوري