المنجز التشكيلي الواقعي في أعمال المغربية كريمة الحطري
[wpcc-script type=”1b199e15d52dd4592fec3386-text/javascript”]
تستند المغربية كريمة الحطري في منجزها التشكيلي على التجسيد الواقعي، لكونه يشكل مواد خصبة تتصل بواقعها الاجتماعي والثقافي والبيئي، وبتصوراتها ورؤاها الفنية، فهي تشكل الشخوصات والطبيعة وكل ما يتصل بالواقع في الفضاء وفق خاصيات فنية رائقة، باعتمادها على خامات متنوعة كالحرير والفخار والقماش، وباعتمادها تقنيات صباغية متنوعة وخاصة، حيث تثبت المادة التشكيلية بشكل دقيق تراعي فيه المقاسات وأشراط المادة الفنية الواقعية وملاءمتها للخامات المستعملة، وتوزعها في المساحة حسب الحاجة، بإضفاءات جمالية قوامها اللون والشكل.
وهو منحى سلكته المبدعة لاعتبارات متنوعة، تفصح عن ارتباطها بالواقع من جهة، وعن كل ما يبثه شعورها وأحاسيسها من إنتاج يروم الواقع بطريقة فنية مغايرة، وبسحر تشكيلي متعدد المعاني والدلالات، وهي تصوغ تجربتها الواقعية المائزة بأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي متعددة من القراءات، وتنبني على تصورات ورؤى تعبيرية، تمتح مقوماتها من كل ما يستجد في الفن الواقعي المعاصر، حيث تتبدى أعمالها وصفا يعبر عن معان ذهنية بأساليب معاصرة، فتصنع بؤرا بيئية تعبيرية، ومرافق طبيعية وأشكالا من الفيكيراتيف المشكل وفق خاصياتها الفنية والتعبيرية التي تصيغها في اللون الواحد وتردفه بجنسه، وفق تدرجات فنية تنسج منها المادة التعبيرية، ثم تشكل منها مواد رمزية وعلاماتية مثقلة بالإيحاءات والمعاني والدلالات، فتشكل مجموعة من الروابط العلائقية والقواسم التشكيلية المشتركة التي تكثف بها المسلك التعبيري، تتمظهر بشكل جمالي يزخرف جنبات الشخوصات التعبيرية من خطوط ملتوية، ودوائر وأنصاف الدوائر، لتشكل من خلالها في نطاق عمليات البناء إنتاج توليف بين مختلف العناصر والمفردات التشكيلية، وهي في كنهها تلجأ إلى تشخيص صور ترسخت في تصوراتها الفنية استجلبتها من الواقع لتشكل منها مختلف التتابعات الفنية في تحولاتها المرتبطة بالظواهر الفنية والتعبيرية، تنجزها بمهارات عالية وتقنيات كبيرة ومؤهلات فنية رائقة، فهي تثبت الملامح المشخصة، وتمررها من مختلف العمليات الإبداعية التي تقاربها بالمادة المرتبطة بالواقع الشخوصي والبيئي وفق رؤاها الفنية، فتتبدى في أشكال جمالية ذات تفاعلات تنطق بالمعاني والدلالات، لأنها تحاكي الواقع في شتى تجلياته وتمظهراته الثقافية والبيئية والجمالية، فتعبر عنه بصدق الفنانة التي تطوق إلى التجديد في التشكيل وفي التعبير بما تحمله تقنياتها من مواد جديدة، وما تحمله مهارتها من تقنيات فريدة، وما تحمله تصوراتها من مفاهيم ذات مغاز عميقة، ودلالات تشكل بعدا تعبيريا مباشرا.
وبذلك فإن الفنانة كريمة الحطري تقفز ببراعة إبداعية على المألوف فتتجاوزه إلى تشخيص فني يروم معاني الانسجام والجمال في عمقه المعاصر.
وهو تجاوز يدخل في نطاق مشروعها الفني المستمر. إنه إنجاز متكامل البنية الفنية، يحمل في طيه جماليات متنوعة ومتفاعلة مع كل المناحي الفنية الواقعية. إن أعمالها تطرح المجال الفني على نحو من الواقع الإبداعي الذي يستنطق الفن ويمتع البصر بما يتوافر فيه من أفكار تحولية تروم مختلف التوظيفات اللونية وأشكالها الجمالية، في إطار وجود واقعي.
تلعب فيه تجربتها وأسلوبها المتميز، أدورا محورية فعالة واضحة المعالم، لذلك يشكل التجديد في أعمالها روحا ترتقي بهذا المسلك نحو العالمية.
ولا غرو في ذلك، ففلسفتها تؤطر المنحى الفني والقيمي، كما أن منجزاتها التي شكلت قاعدة تجديدية، أدت إلى صنع طرق تعبيرية خارجة عن المعتاد ومتجاوزة للمستهلك، حيث إن كل المكونات الرئيسية التي تعتمدها في مسارها الفني؛ تتشكل وفق خاصيات إبداعية جمالية متجددة ومعاصرة.
٭ ناقد تشكيلي مغربي
محمد البندوري