بعد توقف عشر سنوات وبمشاركة 100 فنان… مهرجان الغرافيك القومي الرابع في القاهرة: تكريم الروّاد وتجارب شديدة التباين

القاهرة ـ «القدس العربي»:بعد توقف دام عشر سنوات دون معرفة السبب، استأنف المهرجان القومي للغرافيك نشاطه من خلال دورته الرابعة، التي أقيمت في «قصر الفنون» في دار الأوبرا المصرية، واستمر من 21 كانون الثاني/يناير وحتى 7 شباط/فبراير الجاري. شارك في هذه الدورة 100 فنان تشكيلي، وتم عرض ما يُقارب من 160 عملا فنيا، إضافة إلى عرض نتاج ورشة العمل التي أقيمت في دورة المهرجان الثالثة ــ منذ 10 سنوات ــ وهي أعمال مختلفة للمصورين والنحاتين الذين اشتركوا في هذه الورشة، وأنتجوا أعمالاً تنتمي لفن الغرافيك للمرّة الأولى. وكعادة كل مهرجان تم تكريم الرواد الأُوائل لهذا الفن، وهم .. مريم عبد العليم، وحسين الجبالي، وفتحي أحمد، وحسن الأعصر، وسعيد حداية، وصبرى حجازى، وحازم فتح الله، وأحمد نوار.

بعد توقف عشر سنوات وبمشاركة 100 فنان… مهرجان الغرافيك القومي الرابع في القاهرة: تكريم الروّاد وتجارب شديدة التباين

[wpcc-script type=”87918cf67852dc900ad73aa4-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»:بعد توقف دام عشر سنوات دون معرفة السبب، استأنف المهرجان القومي للغرافيك نشاطه من خلال دورته الرابعة، التي أقيمت في «قصر الفنون» في دار الأوبرا المصرية، واستمر من 21 كانون الثاني/يناير وحتى 7 شباط/فبراير الجاري. شارك في هذه الدورة 100 فنان تشكيلي، وتم عرض ما يُقارب من 160 عملا فنيا، إضافة إلى عرض نتاج ورشة العمل التي أقيمت في دورة المهرجان الثالثة ــ منذ 10 سنوات ــ وهي أعمال مختلفة للمصورين والنحاتين الذين اشتركوا في هذه الورشة، وأنتجوا أعمالاً تنتمي لفن الغرافيك للمرّة الأولى. وكعادة كل مهرجان تم تكريم الرواد الأُوائل لهذا الفن، وهم .. مريم عبد العليم، وحسين الجبالي، وفتحي أحمد، وحسن الأعصر، وسعيد حداية، وصبرى حجازى، وحازم فتح الله، وأحمد نوار.

الأساليب والتقنيات

نظراً للعدد الكبير من الفنانين المشاركين، فقد تباينت الأساليب والتقنيات الفنية في الأعمال. فما بين الطباعة سواء من الحفر البارز أو الغائر، حتى التعامل مع الأسطح المستوية إضافة إلى تقنيات متعددة أخرى. ويتيح الغرافيك للفنان حرية خلق حالة بصرية غير محدودة، خاصة أنه الفن الذي يجمع خبرات فنية ليست بالقليلة، وهو ما يجعله يتماس ويتجاور مع عدة فنون، وتقنياتها المختلفة، بداية من المادة مروراً بعملية التنفيذ الشكلي، وصولاً إلى الرؤية وكيفية التوظيف لعناصر العمل الفني، وهو ما أدى إلى التباين الكبير في التجارب الفنية المعروضة. من ناحية أخرى نلحظ تأثير العديد من المدارس الفنية في هذه الأعمال، الكلاسيكية منها على اختلافها، وصولاً إلى أساليب تنحو منحى ما بعد الحداثة، حالة الفوضى المنتظمة، والتي لا يحتويها إلا منطقها الفني الخاص.

التكوينات البصرية

الكثير من الأعمال كان هدفها إبراز جماليات التكوين البصري، فهو الموضوع والأسلوب معاً. تكوينات تخلق إيقاعها، فقط عن طريق الخط، وهي بذلك أكثر تجريداً وصعوبة. فبساطة الخط وتعقد الشكل وبالتالي محاولة نقل الشحنة العاطفية من الفنان إلى المتلقي ليس بالأمر الهين. هذه التكوينات تخلق مجالاً أرحب للتلقي والتأويل، وتوفر مساحة كبيرة للتفاعل والإحساس بالحالة الفنية. هنا ينتفي التجسيد، ويصبح البحث عن تطابقات واقعية ــ ولو في شكلها المُحوّر ــ غير ذي جدوى، وللمتلقي أن يعكس حالته هو من خلال العمل الفني، وفي حدود ما أرساه الفنان من تقنيات ورؤية يحاول عبرها التواصل مع المتلقي.

التجسيد وعوالمه

جاءت بعض الأعمال لتوحي بأفكار ورؤى ذاتية، انتقادية في أغلبها، سواء للحالة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها مصر الآن، أو للوجود المصري عموماً من خلال السمة الحضارية للفن المصري، كأن نجد مثلاً الاحتفاء الساخر في لوحة كبيرة برغيف الخبز ــ الفنان هشام نوار ــ أو حالة التواصل بين الحضارة الفرعونية والإسلامية من خلال لوحة تجسد الفلاحة المصرية وتصميم جسدها عبر الخط فقط ــ الفنان فتحي أحمد ــ وفي شكل من أشكال الجداريات الفرعونية، تحتل المرأة الجزء الأكبر من اللوحة، وتأتي مأذنة الجامع في عمق الجزء الأيمن من اللوحة، حيث الخط الممتد من نظرة عين المرأة إلى المأذنة. جاءت حالة التجسيد الاحتفائية أيضاً من خلال لقطات شهيرة لممثلات مصريات مأخوذة من أفلامهن كتحية كاريوكا ونادية لطفي ــ الفنان خالد حافظ ــ إضافة إلى حالات العزلة والوحدة والقلق، وذلك من خلال الجسد وعلاقته بالفضاء الذي يحيطه ــ الجسد الأنثوي بالأساس ــ وهي حالات تلعب على التناقض الشكلي في اللوحة، فالجسد في بعضها يحتل المساحة الأكبر، لكنه يتداخل على نفسه، ويبدو غريباً إلى حد كبير، وهو ما يتنافى مع حالة وجوده البادية، إنه غريب وبعيد، أو أن يحتل الجزء الأصغر ــ الفنانة أحلام فكري ــ ويصبح عالم اللوحة بالكامل من حيث الخلفية والوجوه والتكوينات في مواجهة صاحبة الجسد.

الأعمال القديمة والتكرارات

ومن اللافت في أعمال بعض الفنانين من أصحاب الأسماء الشهيرة في عالم التشكيل المصري أنها جاءت كتكرارات لأعمالهم السابقة، دون أدنى تجديد، إضافة إلى تنفيذها من سنوات، وعرضها في معارض خاصة. هنا يكتفي الفنان باسمه والهالة التي تحيطه، وقد يتخطاه في الرؤية والجرأة الفنية فنان صغير السن وكبير الموهبة، كما في تكرارات أعمال كل من أحمد نوار ومحمد عبلة على سبيل المثال، فلا أي إضافة ولا جديد.

الحرفة والرؤية

أغلب الأعمال كانت الحرفة هي سمتها الأولى، وإن افتقدت إلى رؤية فنية لافتة، أو أفكار مُبتكرة، ما يوحي أن الهدف من العمل الفني هو استعراض هذا الجانب الاحترافي ليس أكثر، يتساوى الأمر بين أسماء كبيرة في عالم الفن التشكيلي المصري، وفنانين صغار في السن، ولكننا لم نزل ننظر إلى اسم الفنان أولاً بعيداً عن عمله، وبالتالي نحاول تأويل العمل على أنه يحتوي على قدر من الإدهاش والابتكار والتجديد، وعليه يستكين الفنان نفسه إلى هذا التأويل، ويظن أنه يمتلك جديداً. إلا أن هذه الأعمال لو تم عرضها دون ذِكر اسم صاحبها لنالها من تقريع النقاد وانتقاداتهم الجاهزة أو كلاشيهاتهم بمعنى أدق الكثير، وهي آفة الكتابة عن الأعمال الفنية في العالم العربي.
لم يزل الفن التشكيلي رغم الصخب الذي يُصاحبه ــ كثرة المعارض والأعمال الفنية وعدد التشكيليين ــ بمنأى عن الناس العاديين، يكتفي بجمهوره الضيق من الأصدقاء والفنانين والمتابعين، لا نقول بتوظيف الفن ودوره في المجتمع وهذه العبارات التي تنتمي إلى عصر الستينيات، إلا أن المفارقة تكمن في لغة الصورة التي أصبح يتنفسها المواطن العادي، وعبر التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات. فالشخص العادي، والذي لا يدّعي الفن، أصبح يعرف الكثير عن لغة الصورة ــ شعورياً على الأقل ــ بل ويستخدمها في سياق يخلقه، ويوحي بتأويلها من خلال المتلقي المجهول ــ مثل عمل الفنان تماماً ــ لنطالع صفحات التواصل الاجتماعي ونرى كيفية التعامل مع الصورة واعتمادها في إيصال الأفكار، بديلاً عن الكلمة. ورغم عدم إدعاء الفنية، إلا أن الأمر لا يخلو من جماليات تحملها هذه التجارب، كأن يلتقط أحد صورة من الحياة وينشرها عبر مواقع التواصل، فهو يحمل حساً فنياً ويخلق حالة جمالية بعيداً عن التنظيرات والمدارس النقدية وفناني المعارض، الذي أصبح العديد منهم الآن يعي هذا ويحاول أن يتميز بأسلوبه الفني ورؤيته، أن يخلق حالة من التواصل، وبالطرق نفسها أي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فينشر لوحاته أو البعض منها، ويتلقى ردود الفعل ــ قد يأتي أغلبها مجاملة ــ إلا أنها تتحاور مع الآخر المجهول/المتلقي، لتعود إليه حالة التقييم، ليس النقدي المعهود ولكن حالة صادقة تتمثل في عفوية القبول أو الرفض. فالمتلقي العادي هنا أصبح يُنتج فناً وتتطور جماليات ما ينتجه، وقد يبدو احترافياً أكثر من الفنان نفسه، وبالتالي يتبادل اللعب والأدوار مع الفنان، الذي أصبح مُتلقياً لعمل لا يدّعي الفن أو التهليل لصاحبه.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *