تكريم آدم حنين وافتتاح المتحف المفتوح لأعمال الدورات السابقة
[wpcc-script type=”22eaef5917aa22bcf1dd87a6-text/javascript”]
القاهرة ــ «القدس العربي»: يعتبر فن النحت من أقدم الفنون التي مارسها الإنسان، خاصة الإنسان المصري، والذي سجّل حضارته المهيبة من خلال هذا الفن، الأثر الأكبر الباقي والمُجسّد لهذه الحضارة. وتأتي الدورة الـ 20 لسيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت لتؤكد تعظيم ومكانة هذا الفن في مصر، خاصة وأن المناخ المحيط الآن بالمنطقة يشهد تراجعاً بل وتحطيماً لكل أثر حضاري وفني، لصعود أصوليات متشددة ومتعجرفة، لا تعترف بالفن، وبالتالي بالإنسان. وجديد هذه الدورة (15 كانون الثاني/يناير ــ 6 اذار/مارس) أنها شهدت افتتاح المتحف المفتوح، والذي يقع في ما بين خزان أسوان والسد العالي جنوب مصر، إضافة إلى تكريم فنان النحت الكبير آدم حنين مؤسس فكرة السمبوزيوم، والذي شارك بعمل صخم بعنوان «بيت الروح» وألقى كلمة في حفل الختام تعتبر بمثابة بيان لهذا الحدث الهام … «من أعلى هذا الجبل تطل هذه المنحوتات الغرانيتية، لتقول إن الفن المصري والدولي يتعانقان معاً في مشهد إنساني بديع، ليبلغ رسالة سلام إلى العالم أن مصر الحضارة والفن والثقافة .. هنا يُبنى المستقبل المضيء في مواجهة التطرف والهدم».
الدورة الـ 20
اقتصرت هذه الدورة على الفنانين المصريين، من خلال ورشة تدريبية ضمن 16 فناناً، 9 فنانات و7 فنانين، منهم … أمينة عاطف، التي قدمت ثلاثة أعمال، إيمان بركات، تريز أنطون، التي قدمت عملاً يميل إلى الروح التكعيبية، مريم مكرم الله، ياسمينة حيدر، ومنى هيكل، إضافة إلى الفنانين عصام درويش ، شريف عبد البديع، وهاني فيصل، الذين شاركو آدم حنين في عمله الضخم. شهدت الدورة أيضاً افتتاح المتحف المفتوح للنحت، والذي يجمع معظم أعمال الدورات السابقة، والتي شارك بها حوالي 138 فناناً من جميع أنحاء العالم/52 دولة، وضم أكثر من 190 عملاً فنياً من الغرانيت. من ناحية أخرى تم تكريم عدد من أبرز الفنانين الذين شاركوا في السمبوزيوم خلال العديد من دوراته، وهم … فرنسوا فاي/فرنسا، تون كال/هولندا، هارو كويا باشيتا/اليابان، نيكولاى فلايسيغ/فرنسا، مهندس الديكور الراحل صلاح مرعي، الفنان الراحل عبد الهادي الوشاحي، والناقد صبحي جرجس، وكذلك الفنانين أكرم المجدوب، عصام درويش، شريف عبد البديع، هانى فيصل، وناجى فريد نائب القوميسير العام.
بيت الروح
يُعد عمل آدم حنين الكبير تجربة إبداعية لافتة في ذاتها، إذ قامت على المشاركة بينه وبين بعض الفنانين المصريين. فالعمل لم يكن ذاتياً بحتاً، ويُشير الفنان إلى أن هذه التجربة الجماعية تعد أساس فكرة النحت عند قدماء المصريين، والتي كانت تقوم على العمل الجماعي، دون الفردي. بدأت فكرة «بيت الروح» عام 1993، حيث عمل عليها حنين من خلال ماكيتات مُصغّرة، أضاف إليها وعدّل وحوّر خلال كل هذه السنوات، وهي عبارة عن 7 أعمدة من الغرانيت يبلغ ارتفاعها حوالي 4 أمتار، وتخلق مع اختلافات درجات الظل والنور تبعاً لحركة الشمس ومواقيتها، حالة فنية تؤثر في المُتلقي، حيث تتبدّل ملامح وتفاصيل القطع النحتية. قطع متدرجة الألوان من الأحمر حتى الوردي الفاتح، يسير المُتلقي بينها، ويستقبل التجربة ويكاد يحياها كما صممها آدم حنين ورفاقه. فهو عمل تفاعلي في الدرجة الأولى، وليس مجرد عمل نحتي في الهواء الطلق، فهناك إدراك حاد للمكان وتفاصيله ــ هضبة مرتفعة بين الجبال ــ وهو ما يشبه إلى حد كبير المنحوتات الفرعونية الضخمة، كحالة، وليس تجسيداً لشخوص أو آلهة. من ناحية أخرى نجد الحِس التجريدي لهذا العمل الذي يحاور الفراغ والطبيعة، للإيحاء أكثر من كونه تجسيداً تحيطه العين في سهولة.
من الفراعنة إلى آدم حنين
قام الفنان وليد عوني ــ من خلال فرقة الرقص المصري الحديث ــ بتقديم عرض مسرحي راقص بعنوان «محمود مختار/من الفراعنة إلى آدم حنين» يستعرض فيه رحلة النحات المصري بداية من العصر الفرعوني مروراً برائد النحت الحديث الفنان محمود مختار (1891 ــ 1934)، وصولاً إلى آدم حنين (1939). حيث دار العرض على كيفية ميلاد حيوات الفنانين المصريين وتسليم الراية للروّاد الجدد، بداية من الجد الفرعوني الأكبر، مروراً بمحمود مختار الذي غيّر وأثر وبعث الروح في فن النحت المصري، حتى استلام آدم حنين راية النحت. الأمر أشبه بدورات حياة، فلا يوجد موت لهذه الحضارة وروّادها، وإن اختفت فترة من الزمن إلا إنها لم تغب، فهي في وجدان وروح أحد الأفراد المنذورين لحمل راية الإبداع. نفى عوني خلال عرضه فكرة الموت الشائعة في الفن المصري القديم ــ تقديس الموت ــ وجعل منه دورة حياة جديدة وميلادا حتميا لتجربة جمالية أخرى، تحمل الروح القديم وحداثة العصر الحالي.
محمد عبد الرحيم