«حرام الجسد» للمصري خالد الحجر… إقحام أحداث الثورة في حكاية مُستهلَكَة

القاهرة - «القدس العربي»: «عيّل فرحان بشبابه ومغرّق شعره صابون، مُشكلته ما بيخلفشِ ومراته كمان بتخون، ودلال بتموت في عطية، وعطية مش مضمون، لابد في زبيدة التِشّة أخت الأستاذ مأمون، جوز طنط ماريكة الهابلة اللي مرافقة المأذون، اللي مراته أم قدارة أخت محمد سعدون، اللي معلّق نبوية بنت الأستاذ مأمون». (من قصيدة صندوق الدنيا لأحمد فؤاد نجم).

«حرام الجسد» للمصري خالد الحجر… إقحام أحداث الثورة في حكاية مُستهلَكَة

[wpcc-script type=”89a15f809a1e9dee7473ac5a-text/javascript”]

القاهرة – «القدس العربي»: «عيّل فرحان بشبابه ومغرّق شعره صابون، مُشكلته ما بيخلفشِ ومراته كمان بتخون، ودلال بتموت في عطية، وعطية مش مضمون، لابد في زبيدة التِشّة أخت الأستاذ مأمون، جوز طنط ماريكة الهابلة اللي مرافقة المأذون، اللي مراته أم قدارة أخت محمد سعدون، اللي معلّق نبوية بنت الأستاذ مأمون». (من قصيدة صندوق الدنيا لأحمد فؤاد نجم).
الكثير من الأعمال السينمائية تناولت المثلث الدرامي الشهير.. الزوج، الزوجة، والعشيق. والسينما المصرية تزخر بالعديد من الأعمال التي تناولت هذه الحالة ــ في الأغلب مقتبسة عن أعمال غربية ــ سواء الحكاية الأساسية، أو ضمن التفصيلات الفرعية في العمل الفني. فأصبح تكرار تناول مثل هذه الحالة تميزه عن غيره كيفية المعالجة الفنية، والوعي الفكري بما وراء الحكاية أو دلالاتها، من دون الاقتصار على استعراض لقطات ومشاهد مُفكّكَة لا معنى لها.
وفي فيلم «حرام الجسد» لمخرجه ومؤلفه خالد الحجر ــ المعروض حالياً في دور العرض ــ حاول أن يختلق معنى ودلالة للحكاية، بأن ترمي بظلالها على أحداث عاشتها مصر أثناء الثورة المصرية في يناير/كانون الثاني 2011. ويدور التساؤل حول مدى إمكانية تجريد الأحداث من هذه التلفيقات الدرامية، وأن تقتصر الحكاية على ما قدمته بالفعل، فهل سيتغير شيء؟ الفيلم تأليف وإخراج خالد الحجر، تمثيل .. ناهد السباعي، أحمد عبد الله محمود، محمود البزاوي، زكي عبد الوهاب، سلوى محمد علي. مونتاج منار حسني، تصوير نستور كالفو، موسيقى خالد داغر. إنتاج مصر العالمية.

فاطمة وحسن وعلي

امرأة شابة فاطمة (ناهد السباعي) تعيش مع زوجها حسن (محمود البزاوي)، الذي يعمل في مزرعة أحد الأثرياء مراد (زكي فطين عبد الوهاب) ولتفاوت السِن بين المرأة وزوجها، يجد الأخير صعوبات في التوافق الجنسي معها، ويتعلل بمرض السُكر، ودائماً يستحث صاحب المزرعة بأن يُحضر له بعض المنشطات، حتى تتحقق لكل من الرجل وامرأته بعض السعادة. يأتي علي (أحمد عبد الله محمود) وقد فرّ من السجن وقت فتح السجون في أحداث ثورة 25 يناير، ويلوذ بابن عمه حسن ومكانه المنعزل الآمن. تعارض فاطمة في البداية، ويستبقيه حسن حتى يسمح رب العمل بذلك. ويوافق الرجل، ونعرف أن سبب دخول علي إلى السجن هو قتل أحد الأشخاص الذي كان يغازل فاطمة ويتربص بها ــ لم يعر حسن أي أهمية لهذه الحادثة وكأنه لا يعرف شيئاً ــ وبالتالي نكتشف أن بين فاطمة وعلي قصة حب قديمة، ولولا سجن الأخير، ما كانت تزوجت من ابن عمه.
ولتبدأ الحكاية التقليدية في لقاءات متواترة بين فاطمة وعلي. وبالضرورة يبدأ البحث عن حل للتخلص من الزوج.
على الجانب الآخر من الأحداث يبدو مراد الثري، والمنتمي لفئة الذين يمتلكون الثروة في مصر، وبينما التلفزيون والراديو يبثان أحداث الثورة، يبدو في غاية التوتر هو وأسرته الصغيرة، المرأة التي تريده أن ينقل ممتلكاته باسمها، وابنه المناصر للثورة وابنته التي لا نعرف ماذا تفعل في الحياة. وتأتي الكلمات على لسان الابن الثوري المتحمس، الذي يصف والده بأنه ينتمي إلى الفلول، فينهره، ويبدأ في خطبة حول مائدة الطعام، وكأنه يقرأ من ورقة قراءة ركيكة عن الثورة ومآلها. يكتشف مراد العلاقة بين فاطمة وعلي، وفي موقف اعتباطي يتناول الزوج/حسن جرعة زائدة من المنشطات الجنسية، وبينما تستغيث فاطمة بعلي لإنقاذ زوجها، يقوم علي بقتله خنقاً، وبمشاركة فاطمة. هنا يتواصل مراد مع فاطمة ويهددها بكشف علاقتها مع علي، وتعترف له بأن علي هو القاتل.

ربنا عاوز كده

ولابد من أن تكتمل الدائرة وتضيق، فالفيلم تراجيدي ويتعرّض لمغزى الوجود الإنساني في أدق تفاصيلة، فاطمة تلد طفلاً، وتحتار في معرفة الأب، علي أم مراد؟ ليس هذا وحسب، بل تظهر لها صورة حسن ــ الطفل اسمه حسن إكراماً للمرحوم الغالي ــ في كل مكان، فتصاب بحالة من الاضطراب العصبي. كيف سننهي الفيلم إذن، وقد ضاقت حلقاته، هناك بئر تم تجديد حفرها، وعندها يتم كتابة مشهد النهاية، تذهب فاطمة لتلقي بالطفل في البئر، فيلحق بها علي، ينقذ الطفل، لكنها تلقي بنفسها وهي في حالة من عدم الوعي، يحاول علي إنقاذها، ويغرق معها، بينما الطفل في النهاية يحمله مراد ــ الذي يُشبهه ــ ويوصي بأن يوضع لدى إحدى الأُسر الموثوق بها لتربيته، وهو سيتحمل النفقات.

الثورة المغدورة

أين الثورة وأحداثها من الموضوع؟ فقط كسبب لهروب الشاب وتخليق الحكاية. وهنا يمكن أن يكون الهرب من السجن لأي سبب آخر، من دون وجود أحداث الثورة كخلفية للحدث الدرامي.
إلا أن هذه النظرة تبدو قاصرة في عُرف صُنّاع الفيلم، على الجمهور أن يجتهد في خلق الدلالات، والمعاني المُستترة، فالفيلم جاد ولن يُقدم نفسه للمُشاهِد في سهولة، ولكننا نمتلك تاريخاً طويلاً في تلفيق الدلالات، خاصة أن الأحداث بدورها مُلفقة، والأيسر أن نعود إلى معادلات الستينيات الدرامية .. فاطمة = مصر، حسن = الشعب الطيب العاجز، علي = القتلة والمجرمين، ومراد = الفلول، أما الطفل = الجيل الجديد الضائع، دون أن ننسى أنه ابن حرام. فما الذي سيتبقى إذن .. الفلول وأولاد الحرام. وأظن أننا في استنباط هذه الدلالة الفجة توصلنا إلى معادلة ثورية تليق بالفيلم المتوسل بالثورة. الثورة التي أصبحت مُبرراً لتلفيقات فنية عديمة المعنى. الثورة التي نجح الكثيرون ــ في تواطؤ ــ في تحويلها إلى مُزحة أو كلمة سريّة تصلح كبداية لصب اللعنات. من الممكن العودة إلى كلمات «نجم» لمعرفة التركيبة المُثلى لمثل هذه الأعمال.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *