ذاك الثغاء الأخير
[wpcc-script type=”801737607deb42db1a9927ae-text/javascript”]
1
تحدث عن نفسِكَ في الظهيرةِ أو الليل
عندما تتناول العشاء على سريرك
بينما الآخرون يعبرون بين حانة وأخرى.
تحدث عن حُبّك للطيور في فاتورةِ الحساب
عندما تهشم نظرة قط بالشوكةِ والسكين.
تحدث عن الساطورِ وأصابعِ الشعراءِ والفتاةِ العارية
عن دشداشتِك في تموزِ الجزيرة في محطةِ البنزين تحت الظل إن دعت الحاجة
عن نقاطِ العبورِ وخطواتِ الممرضاتِ وأضلاعِ مدرسِ الرياضيات.
تحدث عن حكمةِ البردِ ونبوءةِ البخورِ وتأويلِ أعينِ الوقت
تحدث بصوتك المليء بالأخطاء
حتى تتمكن من وضعِ حصان في لوحة العشب.
2
هكذا عُدت وحدكَ
بلا نجمةٍ أو قصيدةٍ أو امرأة
تسحلُ خلفكَ جُثة الأحلام الرمادية.
عُدت وحدكَ
في محطةِ القطارِ
منكسراً أمامَ مرايا المقهى
كرسالةِ حبٍّ لا تصل لأحدٍ.
عُدت وحدكَ
تحت رذاذ المطر
بلا منديل أو أغنية
فلا تلتفت لصهيل العشب
وبكاء الريح المهمومة عند ضفة النهر.
هكذا…
عُدت وحدكَ
ممتلئاً بالبردِ والجوعِ
ولسعاتِ العيون.
3
بعدَ عشرينَ عاماً
سوفَ تصلُ بعدَ الغروب
تعبرُ الجسرَ بأعصابٍ مشدودةٍ
فتبصرُ المساءات فارغة
المدن غير المدن
الشوارع غير الشوارع
البيوت غير البيوت
والناس مخضرة بالغياب.
بعدَ عشرينَ عاماً
لا أحد يتذكركَ هنا
تبكي عمركَ الضائع في شوارعِ المنفى
تبكي
تبكي
ثم تموت بصمت.
4
ليت القرى التي هرّبها العابرون في جوارب الليل تحكي.
ليت الخوف والمواعيد والضحك والبكاء وكتاب التعثر في الخزانة.
ليت النبال التي أخطأت ظهورنا
ورؤوسنا التي احتمت من الرصاص بكوفية حمراء ورائحة المسافة ولحظة الاعتذار والشجر في غرف النوم وزهور المحلات الاصطناعية وديدان المقابر تتعفن.
ليت نصوص الذكريات ونساء السطوح وقصائد الحب تسيل.
ليت قلبكَ أيها القروي ينفجر في شوارع المدينة.
5
قلْ: سلاماً
واذهبْ
ستجد لك سبيلاً تمضي فيه
ولو إلى حين.
عُد… وخذها
الأماني المُتساقطة في الورقِ الأصفرِ
تحمل أسماء كثيرة
اسمُكَ فقط لم يكن.
6
لا تلتفت…
لا ظلّ يتبعكَ تخشى عليه أن يتوه في أزقّة الظلام
لا تلتفت…
لا أحد إلا أنت في متحفِ الذكريات
ينتحب من بردِ المسافة والانكسار.
7
دونما فرح أو حزن
أو ملامح محددة
وقفت في آخرِ الشارع
أعدُّ خرافي التي عبرتُ بها من حنينٍ لآخر.
أنا راعي الكلمات الصالح
أحملُ في داخلي
ذاك الثغاء الأخير.
٭ شاعر سوري
حسن شاحوت