رحيل الفنان المصري صبري ناشد… أشهر فناني النحت الخشبي

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعد الفنان الراحل صبري ناشد (1938 ـ 2015) من أشهر الفنانين المصريين الذي تخصص في أعمال النحت الخشبي، وتعتبر أعماله تجليات للروح المصرية العميقة، إضافة إلى دروب التحديث التي خاضها الرجل خلال مرحلته الطويلة مع الفن.

رحيل الفنان المصري صبري ناشد… أشهر فناني النحت الخشبي

[wpcc-script type=”442e5ff64f0d9dd75c4debda-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: يعد الفنان الراحل صبري ناشد (1938 ـ 2015) من أشهر الفنانين المصريين الذي تخصص في أعمال النحت الخشبي، وتعتبر أعماله تجليات للروح المصرية العميقة، إضافة إلى دروب التحديث التي خاضها الرجل خلال مرحلته الطويلة مع الفن.
فما بين التأثر بالحضارة المصرية القديمة، هناك الموروث الشعبي، والأحداث السياسية والاجتماعية، التي صاغها الفنان من خلال أعماله، من دون مباشرة، وفي لغة فنية راقية. فقط الخشب هو الذي سيصبح مُعبّراً عن التحولات الأسلوبية والوعي الفني، بدأ رحلته الفنية في عام 1969، حيث أقام أول معارضه الفنية في القاهرة، حتى أشهر قبل رحيله في 30 سبتمبر/أيلول من هذا العام.

العالم الفني

لم ينفصل الفنان صبري ناشد عن العالم وما يحدث به من أحداث، كذلك حاول طوال مشواره الفني أن يطوّع المادة لتصبح مرآة لأفكاره حول هذا العالم، بمعنى أن العمل الفني لديه لم ينفصل يوماً عن القضايا الاجتماعية والجمالية الكبرى، التي كانت بمثابة صراع دائم بين الفنان والمادة التي يصوغ منها حِسه الجمالي والتشكيلي. ولم يكن هذا التعبير مباشراً، لكنه فني في المقام الأول، بحثاً عن الروح الجمالي، لذا نجد أشكالاً نحتية تحاول القبض على كل ما هو جوهري في الطبيعة، كل ما هو إنساني من دون أدنى افتعال.
ففي الكثير من الأحيان يتم اختزال الشكل في حالة قصوى من التجريد، طائر أو إنسان أو نبات، ويتم التحوير في الشكل، بحيث يصعب تحديد العنصر الأصلي، إلا أن الصفة الطاغية هي امتزاج الإنساني والطبيعي في عفوية واحترافية لافتة. من ناحية أخرى نجد الأسلوب في تطويع المادة لتنطق كما تريد لها مخيلة الفنان، لتصبح قادرة على الإيحاء بالحركة والموسيقى الداخلية للشكل الفني، والأصعب من ذلك يتمثل في الإيقاع، سواء من الشكل ككل أو من تفاصيله الصغيرة، التي ترشد حركة العين لما يريده الفنان بالضبط.
تبدو أعمال الفنان صبري ناشد في مُجملها تحدياً على مستوى الشكل والفكرة، وقد استوحى من طبيعة النبات فكرة الصعود إلى أعلى، فتماثيله جميعها تنمو رأسياً، وكأنها تتسلق إلى الفضاء، مُقاومة بقوة فروض الجاذبية وقوانينها، إضافة إلى التقابل ما بين الكتلة والفراغات، التي تخف من الكثافة البادية للشكل الفني، وتخلق حواراً بين عالمي الخفة والثقل. ما بين عالم يتشكل من قسوة المادة، وفراغات تذلل وتتحدى هذه القسوة، خالقة حالة من التوازن والإيقاع والمقاومة في الوقت نفسه. الأمر نفسه ينصرف إلى حالة الهوية التي يبحثها الفنان في أعماله، وما بين تراث قديم وراسخ، وبين قيم جمالية وشكلية مُستحدثة.
ومن أعماله اللافتة نجد… تمثال «الشهيد»، الذي يؤرخ فيه لملحمة الجندي المصري في أكتوبر/تشرين الأول 1973، وتمثال «أم كلثوم»، الذي أطلق عليه «الأطلال»، كذلك الأعمال التي تناولت المقاومة الفلسطينية، من خلال جدارية ضخمة من الخشب صوّرت الانتفاضة الفلسطينية، إضافة إلى تجسيد المفاهيم الإنسانية السامية، كما في تمثاله الشهير «الأمومة».

لماذا الخشب؟

ويبدو هذا التساؤل البدهي، لماذا مادة الخشب التي عمل الفنان صبري ناشد من خلالها، وأصّل لأسلوبه وتطوراته الفنية عبر هذه المادة. الجواب نجده لدى الفنان نفسه خلال أحد حوارته القديمة، إذ يقول:»لأنني تأثرت بالمصري القديم وفكرته في البحث عن الخلود وتسجيله لأعماله على خامات لها صفة البقاء قدر الإمكان، مثل الأحجار والأخشاب والمعادن. وعندما بدأت العمل الفني في نهاية الخمسينيات كانت معظم الأعمال النحتية من الجبس، وكنت أشعر بأن أعمال الجبس ليس لها صفة البقاء طويلاً وتتعرض لكسور في التنقل، فكان أمامي إما الحجر وإما الخشب، وكان من المستحيل أن أقوم بأعمال نحتية من الحجر داخل شقة سكنية لثقل الكتل وصعوبة نقلها وأصوات التشغيل العالية، فاخترت الخشب. وقديماً كان الفنانون وقتها يعملون التماثيل من الجبس ثم ينقلونها إلى الخشب، فهُم يستخدمون الجبس لقياس النسب والمسافات، وبمساعدة عمال مَهَرة يتم نقل الأعمال إلى الخشب، لكنني رفضت هذا الأسلوب لأن نقاء الإحساس بالعمل يكون في أول لمسات النحات للخامة وليس في إعادة تكرار العمل ونقله من وسيط إلى وسيط آخر، كذلك فالأعمال التي كانت تصنع بطريقة الجبس كان فيها حرفة وصنعة أكثر مما فيها من فن وإحساس، ففكرت أن أرسم فكرتي على قطعة من الشجر وأبدأ التعامل معها، بحيث إن كل إحساسي ينتقل إليها لذلك فكل أعمالي بعيدة عن الصنعة لأنها نتيجة لحوار مباشر بيني وبين الخامة التي أتعامل معها.

بيبلوغرافيا
الفنان صبري ناشد إثناسيوس:من مواليد الأول من يناير/كانون الثاني عام 1938 في محافظة قنا، جنوب مصر. تخرج في كلية الفنون التطبيقية، تخصص نحت عام 1962. عمل مديراً لمجمع الجزيرة للفنون ثم مديراً لإدارة التوثيق الفني ثم مشرفاً عاما على المتاحف الفنية ثم مديراً عاماً للمتاحف والمعارض بقطاع الفنون التشكيلية، إضافة إلى عضوية كل من: لجنة الفنون التشكيلية في المجلس الأعلى للثقافة 1985 1990 . شعبة الفنون في المجالس القومية المتخصصة 1996. شعبة الفنون ولجنة المعارض الخارجية في المجلس الاعلى للثقافة 2004.

المعارض:
شارك الفنان في العديد من المعارض الجماعية والخاصة، منها على سبيل المثال … معرض في قاعة جوتة في المركز الثقافي الألماني في القاهرة 1969. معرض في قاعة السلام – المركز القومي للفنون التشكيلية 1982 .معرض في المركز الثقافي المصري في باريس 1988 .معرض في المركز المصري للتعاون الثقافي الدولي (الدبلوماسيين الأجانب) في الزمالك 2002 . معرض في قاعة الفنون التشكيلية في دار الأوبرا المصرية 2004 . معرض الفنان وأستاذه، مع الفنان (حسن العجاتي) متحف الفن الحديث، في دار الأوبرا المصرية في يناير 2015. وهو آخر المعارض الفنية لصبري ناشد.

الجوائز:
الجائزة الأولى للنحت صالون القاهرة 1971. الجائزة الأولى (جائزة مختار للنحت في الهواء الطلق) 1973. جائزة الدولة التشجيعية في فن النحت 1989 .نوط الامتياز من الطبقة الأولى 1991. شهادة تقدير من بينالي النحت الصغير، بودابست 1974. جائزة لجنة التحكيم في بينالي الإسكندرية الدولي 1997 .الجائزة الثانية في بينالىي اللاذقية الدولي 1999.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *