ضمن فعاليات «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية»: ندوة حول «المقارنة بين تقنيات السرد الروائي والسينمائي»

القاهرة ـ «القدس العربي»: أقيمت في القاعة الرئيسية للمجلس الأعلى للثقافة، في دار الأوبرا المصرية، ضمن فعاليات «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية» ندوة تحت عنوان «تقنيات السرد الروائي والسينمائي»، وماذا أضافت الرواية للسينما والفنون البصرية عموماً والعكس.

ضمن فعاليات «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية»: ندوة حول «المقارنة بين تقنيات السرد الروائي والسينمائي»

[wpcc-script type=”6ebbf4bf666268b96ef08a2e-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: أقيمت في القاعة الرئيسية للمجلس الأعلى للثقافة، في دار الأوبرا المصرية، ضمن فعاليات «ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية» ندوة تحت عنوان «تقنيات السرد الروائي والسينمائي»، وماذا أضافت الرواية للسينما والفنون البصرية عموماً والعكس.
أدارها الروائي التونسي الحبيب السالمي، بمشاركة كل من الباحثة المصرية صفاء النجار، الروائية اللبنانية لنا عبد الرحمن، الروائي والمترجم الأردني محمد شاهين، الروائي والباحث المصري منير عتيبة، حيث قدم كل منهم ورقة بحثية حول فن السرد الروائي وتقنياته.

ما بين الرواية والسينما

تناولت الباحثة صفاء النجار عدة روايات تحولت إلى أفلام سينمائية، محاولة تلمس الفروق التقنية بين أسلوبي السرد الروائي والسينمائي، سنتوقف أمام أهم هذه الأعمال المُختارة، وهي رواية «الطوق والأسورة» ليحيى الطاهر عبد الله، التي قُدّمت للسينما في فيلم للمخرج خيري بشارة، وقام بكتابة السيناريو يحيى عزمي. أشارت النجار إلى أن الرواية مقتضبة الأحداث، مُقسمة إلى 14 فصلا وخاتمة، اعتمد المؤلف فيها على العناوين الدالة والشارحة للأحداث، إضافة إلى تقنية السرد شديد التكثيف، ليبدو أشبه بالرسائل النثرية القصيرة.
من ناحية أخرى يتصدّر السارد العليم المشهد بالكامل، وهو يقترب في ذلك من رواة السيرة الشعبية، التي تحمل لغته روح الحكمة والإيحاء بمصائر الشخصيات. أما عند تحويل العمل الروائي إلى فيلم سينمائي، فالعملية السردية اختلفت تماماً، ففي البداية قام السيناريو بدمج الرواية مع قصة للمؤلف نفسه، وهي «طاحونة الشيخ موسى»، لكن من دون أي تنافر، بل جعل منها كاتب السيناريو خطاً موازياً للأحداث الرئيسية للرواية بذكاء شديد، كي يعكس الصراع بين التقاليد والتطور، وكذلك التأكيد على جانب «الخرافة» وتحكمها في هذا العالم، من خلال فكرة «فداء الطاحونة» بالدم، إلى حد الاستعانة برجل الدين ليجد بديلا للأضحية البشرية التي يعتقد الناس أنها يجب أن تُقدم من أجل أن تبدأ الطاحونة في العمل.
كما اهتم السيناريو بالتفاصيل الطقوسية الفلكلورية أكثر من الرواية، مثل مظاهر الفرح، التي لم تكن مقحمة على الإطلاق، بل تم استخدامها وإبرازها لتوضيح هذا العالم الذي تعيشه الشخصيات، ونقل صورة حياتية من واقعها الاجتماعي والبيئي.

التشكيل الروائي بين الإيقاع والصورة

ومن منظور آخر تناولت الروائية لنا عبد الرحمن الفارق التقني بين الرواية واللوحة، مؤكدة على أن فن الرواية استفاد الكثير من الفنون الأخرى، خاصة الموسيقى والفن التشكيلي، كما أن بعض أنماط السرد الروائي تتضمن فنونا أخرى من أجل كسر الحواجز بين المرئي والمُتخيل، وفي موجة ما بعد الحداثة نجد أن الفنون كلها قد تماهت معا، واختفت الحواجز بين فن الرواية والفنون الأخرى.
وأشارت عبد الرحمن إلى خروج الرواية عن الأطر التقليدية للسرد، تماماً كما خرجت الموسيقى عن حدود السلم الموسيقي، حيث ظهرت أنواع جديدة من الموسيقى، ووهنت الحدود والحواجز بين كل أنواع الفنون، خاصة الفن التشكيلي، الذي وجد ملاذه في التعبير الروائي/الدرامي، ليخلق موقفاً واضحاً مما يجري حوله من أحداث، ليعكس الفنان وجهة نظره في ما يدور حوله من متغيرات.
وتعرّضت الورقة البحثية للروائية اللبنانية إلى مناقشة عدة أعمال تشكيلية، أهمها لوحة بيكاسو الشهيرة (غرنيكا)، وأوضحت أنها تعكس حالة من الفوضى واللامعقول، ويعبر بيكاسو في لوحته عن مدى بشاعة الحرب الأهلية في إسبانيا، حيث في يمين اللوحة امرأة تصرخ، وفي اليسار امرأة أخرى تحمل طفلا، يبدو كجثة هامدة، وفي المنتصف نرى أشلاء لأعضاء بشرية متداخلة معا. ويمكن بسهولة شديدة الربط بين اللوحة وبين رواية «لمن تُقرع الأجراس» لإرنست هيمنغواي، التي عكس موضوعها فكرة الموت في الحروب، حيث تكشف الرواية مدى الخوف من أهوال الحرب وويلاتها، وتناول هيمنغواي الموضوع بمنتهى الجرأة في العرض والفظاظة في الألفاظ، ليعكس مدى قبح الحرب.

لِمَن سيُدَق الخزَّان؟

استهل الناقد والباحث الأردني محمد شاهين حديثه عن رواية «رجال تحت الشمس» للأديب الفلسطيني غسان كنفاني، بأن الصرخة الأخيرة لإحدى شخصيات الرواية وهي: لماذا لم يدقوا الخزان؟ من الأحرى أن تكون «لمن سيُدَق الخزان؟»، مثل رواية «لمن ستُدَق الأجراس» للأديب إرنست هيمنغواي. تحكي الرواية عن ثلاثة رجال يهربون من فلسطين إلى الكويت، بعد حرب 48، في خزان مياه، ويلقون حتفهم داخله، من دون أن يدقوا على جدران الخزان خشية افتضاح أمرهم. وأشار شاهين إلى أن فكرة الموت لدى الأديب الفلسطيني غسان كنفاني هي البديل الشرعي للابتعاد عن الوطن، حتى لو كان هذا الابتعاد إجبارياً، فالأمر لديه وجهان لعملة واحدة، وطالما تجلى هذا في أعماله الأدبية.
كما أشار الباحث إلى حوار كان قد أجراه مع المخرج المصري الراحل توفيق صالح، الذي حوّل الرواية إلى فيلم سينمائي بعنوان «المخدوعون»، وأشار إلى أن الفيلم قد تمت محاربته من قِبل العديد من السلطات، إلى حد عدم عرضه إلى الآن، كما تم تجاهله تماماً من قِبَل السينمائيين والنقاد، على الرغم من حصول الفيلم على العديد من الجوائز، منها جائزة مهرجان قرطاج السينمائي 1972، وجائزة مهرجان ستراتسبورغ لأفلام حقوق الإنسان 1973، وجائزة المركز الكاثوليكي الدولي ببلجيكا 1973، وجائزة لينين للسلام في مهرجان موسكو 1973.

كاميرا صنع الله إبراهيم

جاءت الورقة البحثية للناقد والباحث المصري منير عتيبة بعنوان «تقنية السرد بعين الكاميرا في رواية (التلصص) للروائي صنع الله إبراهيم». أشار الباحث في البداية إلى أن رواية «التلصص» تُعد رواية فارقة في مسيرة الروائي صنع الله إبراهيم، لأنه على عكس كل أعماله جاءت بعيدة عن أيديولوجيته السياسية المعروفة عنه، كاشفة عن الروائي دون ظله السياسي المعروف، ليكتب روايته الأولى غير «المؤدلجة». وأكد عتيبة أن تقنية الكاميرا هي المتحكمة في البناء السردي للرواية، عبر عين بطل الرواية، وهو طفل في التاسعة من عمره، كعين محايدة، ومن عنوان الرواية «التلصص»، نجد أن مفتاحها المبدئي للرواية عبر العين/الكاميرا.
كما أن الروائي قد استخدم صيغة «المضارع»، سواء في الحاضر أو الماضي، الذي كان يتم عرضه عبر تقنية «الفلاش باك»، ولأنها كاميرا نجد أن الرواية فيها الكثير من التفاصيل، فنراها جلية واضحة، إضافة إلى وعي صنع الله إبراهيم الذي جعله يستخدم هذه التقنية السردية. ومع الكلمة الأولى في الرواية وهي «تمهل»، تبدو كما لو كانت دعوة من المؤلف للقارئ كي يكون على استعداد للبناء السردي البطيء الذي اختاره المؤلف.
ثم أشار عتيبة إلى أن هناك مستويين للقص، الأول هو ما يراه الطفل في الحاضر، والثاني ما يتذكره الطفل عبر تقنية الفلاش باك، مما أعطى بعداً عميقاً، كما أن المؤلف اختار أن يكون حوار الرواية بالعامية القاهرية، وهو اختيار موفق تماماً لطبيعة وسِن الشخصية المحورية/الطفل، الذي اختاره صنع الله إبراهيم ليكون مُنتمياً إلى الطبقة المتوسطة الفقيرة، ويسكن أحد الأحياء الشعبية في القاهرة، مقدماً من خلاله الحياة الاجتماعية والسياسية في تلك الآونة.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *