ضمن مُلتقى القاهرة الدولي السادس للرواية: شهادات الروائيين العرب
[wpcc-script type=”b387001f1b4de291da56a7bd-text/javascript”]
القاهرة ــ «القدس العربي»: شهد ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية، الذي انعقد أخيراً عدة شهادات للروائيين العرب، التي احتوت مفهومهم للرواية وعالمها، من خلال تجربتهم الإبداعية، وهي توضح كيفية رؤية العالم الروائي والواقعي، اجتماعياً وسياسياً، وكيفية صياغة هذه العوالم المحدودة في عالم أرحب ومن خلال تجربة جمالية تسمى الرواية.
هَم الكتابة وهَم النشر
يتذكر الروائي السوري وكاتب السيناريو خالد خليفة طفولته، ويقول، إنه عانى في مرحلة من طفولته من التأخر عن الكلام مقارنة بأقرانه من الأطفال، مما جعل الأسرة تنفق الكثير لعلاج هذه الحالة المرضية، وحين كبر أخبرهم بأنهم سيدفعون أضعاف ما دفعوه من قبل، لكن لمنعه عن الكلام هذه المرّة. وأضاف الروائي السوري ابن مدينة حلب، أن الهم الذي يصاحب الروائي أثناء كتابته للرواية وأثناء مراجعتها، لا يقارن لديه بأي حال من الأحوال بما سماه «هم النشر»، الذي لا يحتمله مطلقاً، مما يجعله يهرب إلى البارات، وصرّح بأنه دائما ما يتلقى خبر نشر الكتاب وهو في حالة سكر بيِّن، هربا من هذا الهم الذي لا يوصف.
خالد خليفة من مواليد مدينة حلب السورية عام 1964، لفت إليه الأنظار عبر روايته «مديح الكراهية»، التي تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات، ووضعته في مصاف أهم الروائيين العرب، واستغرق خليفة ثلاثة عشر عاماً في كتابة الرواية، التي وصلت إلى القائمة القصيرة في الدورة الأولى للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2008، كما كتب خليفة للدراما التلفزيونية مسلسلسلات منها «قوس قزح» و «سيرة آل جلالي»، كما كتب بعض الأفلام الوثائقية، والأفلام القصيرة، والفيلم الروائي الطويل «باب المقام»، إضافة إلى روايته الأخيرة «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة».
من الشعر إلى الرواية
ويتحدث الروائي والسيناريست المصري مكاوي سعيد عن شهادته حول تجربته الروائية فيقول، إن بدايته الأدبية كانت بعيدة تماماً عن الرواية، وكان اهتمامه كله ينصب حول الشعر وكتابته، حيث تبلورت تجربته الشعرية أثناء دراسته الجامعية في كلية التجارة جامعة القاهرة، وكان يُلقب وقتها بـ «شاعر الجامعة» حيث حصل على اللقب عام 1979. واستطرد سعيد بأنه بدأ في كتابة القصة القصيرة بعد انتهاء دراسته الجامعية، وبدلا من أن يصدر ديوانا كما كان يعتقد، صدرت مجموعته القصصية الأولى «الركض وراء الضوء». ويقول إن أعماله القليلة تسعده كثيراً، فهو ليس من هواة الكتابة اليومية، ولا يكتب إلا حين تكتمل فكرة ما في رأسه، ولذلك ليس لديه مواعيد محددة للكتابة، وغالبا ما يكتب في المقاهي وسط الناس. وعن تجربة كتابة السيناريو، يقول إنه كتب العديد من السيناريوهات القصيرة والوثائقية، نال بعضها العديد من الجوائز، وذلك بعد أن درس الكتابة السينمائية لعدة سنوات، وساعده على ذلك عمله في شركة إنتاج سينمائي، كمدير توزيع، قائلا بأنه استفاد كثيرا من النصوص السينمائية التي كان يقرأها بحكم منصبه في الشركة، التي ساعدته كثيرا على تطوير فن السرد الروائي لديه. أما عن تجربته كناشر، فيقول إنه شارك الفنان التشكيلي محمد صلاح في إقامة دار للنشر، التي تم إغلاقها عقب أحداث ثورة يناير/كانون الثاني، والتي ساعدته كثيرا على التواصل مع جيل الشباب، والاطلاع على أعمالهم الأدبية، التي تعكس تجاربهم الشابة، ما أفاده كثيرا في التعرف على تجارب أجيال تعقبه بسنوات طويلة، ثم استطرد واصفاً طريقة النشر السائدة في مصر بأنها غير أخلاقية، وغير حقيقية، حيث يتم الاتفاق على نشر القليل من النسخ للعمل الأدبي، يدفع تكاليفها الأديب الشاب، على أمل أن تكون هناك طبعات أخرى ليتم التعاقد معه، كما يخضع الأمر للعلاقات الشخصية، من دون وجود معيار حقيقي لتقييم الأعمال التي يتم نشرها، سواء تقييمها أدبيا أو توزيعيا، لتظل الفوضى سارية في سوق النشر إلى أقصى مدى. واختتم مكاوي سعيد شهادته بأنه يأمل في نوع جديد من القرّاء، يمكنهم انتقاء العمل الجيد من الرديء، من دون أن يتأثروا بألعاب البروباغندا، معربا عن إيمانه بقدوم هذا الجيل، خاصة في ظل ما يشهده العالم من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية.
مكاوي سعيد روائي وسيناريست مصري، من مواليد القاهرة عام 1956، من أشهر أعماله رواية «فئران السفينة»، ورواية «تغريدة البجعة»، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية عام 2008.
محاربة الموت على المقاهي
«رئيس المنظمة العربية للمقاهي» .. هكذا يقدم الروائي المصري وحيد الطويلة نفسه إلى الجميع، ويقول إنه لا يكتب إلا على المقهى، فلا البيت ولا المكتب يشهدان حرفاً واحدا يخطه على أوراقه. ويلخص الطويلة تجربته الروائية في صراعه مع «الموت»، حيث يرى الكتابة هي السلاح الوحيد في مواجهة الموت، ويقول إنه دائما ما يحلم بالموتى ويرتعب كثيراً من هذا، فيصر على المقاومة بالكتابة، وقد تجلى هذا في أعماله الأدبية، خاصة في روايتين له كان البطل في كل منهما يصارع الموت ويسخر منه!
وحيد الطويلة، روائي مصري من مواليد 1960، صدر له ثلاث روايات لفتت إليه الأنظار، وهي «ألعاب الهوى»، «أحمر خفيف» و»باب الليل».
الكتابة والتمرد
خلال شهادتها قالت الروائية الكويتية ليلى العثمان إن الكتابة بالنسبة إليها تمثل حالة من التمرد، وتتجسد من خلال أعمالها المتنوعة، التي تقارب 25 عملاً مختلفاً ما بين السيرة والرواية والقصة، وهي في سبيل ذلك واجهت الكثير من عادات وتقاليد سيئة، إضافة إلى سُلطة المجتمع والبيت، التي كانت ترفض أن تصبح للمرأة شخصيتها المستقلة، فما الحال إن كانت تمارس شكلاً من أشكال الفنون؟ فكان حلمها أن تجد السبيل للعلو على كل ذلك، فكانت الكتابة، خاصة أنها بدأت بتجريب العديد من الفنون، كالرسم والموسيقى والتمثيل، لكنها لم تواصل بسبب الردع وجو التهيب الذي كانت تحياه، فالكثيرون يضعون هذه الفنون تحت مُسمى «العيب». وتضيف قائلة «الكتابة هي الغيب الجميل في حياتي، تمسكت بحلمي وقطعت دروباً شاقة وشائكة». وتعتبر العثمان من رائدات الرواية في الكويت، خاصة أن أعمالها دوماً ما تناقش قضايا شديدة الحساسية بالنسبة للمرأة الكويتية والعربية بشكل عام، إضافة إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية، كالسلطة وقضايا وموبقات التأسلم والمجتمع المزيف وتقاليده البالية، من أعمالها … «فتحية تختار موتها»، «حالة حب مجنونة»، «الحواجز السوداء»، «زهرة تدخل الحي»، «المرأة والقطة»، «صمت الفراشات»، «المحاكمة»، «يوميات الصبر والمر».
فخاخ السرد
وتأتي شهادة الروائي السعودي يوسف المحيميد ليقترب أكثر من الرواية وتقنياتها، وطرق خلق العمل الروائي من وجهة نظره وتجربته، فيُشير إلى طريقة التفكير قبل الكتابة، فيكون البحث عن شكل وبنية سردية توضح وتؤكد جماليات النص السردي، الأمر الذي قد يستغرق سنوات. كما يحلم الرجل بأن يستحدث شكلاً روائياً مختلفاً، يجذب به القارئ بتكنيك ويوقع به في فخ سردي جديد. ويضيف بأنه يتتبع قراءة تجارب الروائيين ورؤاهم حول الكتابة، خاصة قصصهم الهامشية التي تتزامن وكتابتهم لنصوصهم، وصولاً إلى طقوسهم اليومية. أشار المحيميد أيضاً إلى حِسه النقدي الذي يسعى إلى تطويره باستمرار، لا بهدف كتابة النقد، ولكن في سبيل كتابة نصوص ينظر إليها نظرة نقدية قي الأساس، خاصة أن المدارس النقدية الحديثة لم تعد تترصد الأعمال الأدبية، بقدر ما تشيّد عالما فكريا موازيا لهذه النصوص. ومن أعمال يوسف المحيميد … «ظهيرة لا مشاة لها»، «فخاخ الرائحة»، «القارورة»، «نزهة الدلفين»، «الحمام لا يطير في بريده»، «غريق يتسلى في أرجوحة».
محمد عبد الرحيم