عملية إنتاج وتلقي الأعمال الأدبية في ظِل شبكات التواصل الاجتماعي: شكل وطبيعة الأدب من المدونات وصولاً إلى تويتر
[wpcc-script type=”81bc606b47246f6d1870b8bb-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: أصبح العالم الافتراضي المتمثل في ما يتم إنتاجه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يحتل مكاناً من الممكن مقارنته بالواقع الفعلي ــ لفظة واقع مراوغة بطبيعتها ــ لكن حتى على مستوى الشكل، أصبح الإنسان يعيش ويُنتج ويستهلك ثقافته من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
هذا المناخ الذي منح الإنسان مجالاً أكثر حرية واتساعاً لطبيعة وأشكال التعبير المختلفة، خاصة في بلاد موسومة بالعروبة تتميز بأشكال معقدة من السلطة، بداية من السلطة الاجتماعية والدينية، وصولاً إلى الشكل التقليدي، المتمثل في السلطة السياسية. ولكن.. ماذا عن الأدب والإنتاج الأدبي، وعمليات التلقي، ومدى تأثُر الشكل التقليدي للأدب بالثورة التكنولوجية، وأصبح رغماً عنه يدور في مدار عالم الافتراض هذا؟ بدأ الأمر بالمدونات، حيث كانت مجالات التعبير تتجه في البداية إلى التحايل أو مواجهة السُلطة المتربصة بالأشكال التقليدية للتعبير، أهمها الكتابة والأفلام وما شابه من وسائل التعبير وأدواته.
هذه المدونات التي بدأت بمواجهات سياسية ودينية، وانتقلت إلى عالم الأدب، حيث لا سُلطة إلا سُلطة النص. ومن هذا المنطلق حاولنا استقراء آراء بعض الأدباء والنقاد، والمتفاعلين مع فعل التدوين الافتراضي عن قرب، نقداً وتحليلاً. ودارت محاور النقاش حول لغة التدوين وانتقالها إلى النصوص الأدبية المكتوبة، سواء التي يتم نشرها في كتاب ورقي تقليدي، أو أن يتم الاكتفاء بها كنصوص تحيا في ظِل الواقع الافتراضي، إضافة إلى الأصوات الأدبية الجديدة، وإتقانها للوسيط الجديد، وبالتالي تأثير ذلك على أساليب السرد الأدبي، ومدى تواصل وتفاعل القراء مع هذا الشكل. وفي الأخير وجهة النظر النقدية السائدة، التي لا تتفق وما يتم إنتاجه من هذه النصوص، فهناك مَن يرى فيها أعمالاً جيدة وتمتلك حساً وأسلوباً حداثياً، والبعض الآخر يرى أنها لا ترقى إلى الأدب، وما هي إلا موضة، مآلها إلى زوال.
وسنترك آراء المشاركين كاملة حسب سياقها المكتوب، من دون خلق مونتاج وتراكب بين فقرة هنا أو أخرى هناك، كمحاولة لتكوين صورة شبه متكاملة من هذه الآراء حسب رؤية أصحابها.
التعبيرات اللغوية والمفارقة كأساس للنص
بداية ترى الشاعرة والسينمائية صفاء فتحي أن لغة الكتابة في المدونات لابد لها أن تكون دقيقة، ساخرة ومطعمة بالتعبيرات الدارجة، مصرية إن كانت أو سورية أو يمنية وغيرها من اللغات الدارجة العربية، وأحياناً بتعبيرات إنكليزية. وكل منها لها مذاق خاص ونسيج متفرد. أدوات التواصل الاجتماعي قاربت بين هذه اللغات الدارجة، وواصلت بين عوالم ما كان لها أن تتواصل عبر وسائل الإعلام المتعارف عليه. سادت اللغة المختصرة الدقيقة الساخرة في كثير من الأحيان المدونات، كما سادت أيضاً روح المفارقة في الحكي والسرد. السؤال في رأيي من أين جاءت هذه التقنيات في الكتابة؟ أعتقد أنها جاءت أولا من الصحافة وتطورت لتأخذ الشكل السريع الخفيف للمدونات، وهذا بدوره له تأثير بالغ على الكتابة، باعتبار أن المدونات مصدر من مصادر الكتابة الأدبية أيضاً، وتطور ليصبح فرعا من فروع اللغة. فكما تظهر اللغات الدارجة وتعبيراتها في الروايات وفي الحكي الروائي، ستظهر أيضاً لغة إخبارية، مفارقة، ليست بالضرورة واقعية، بل قد تكون خيالية جداً في الكتابة الأدبية. الانتقال حتمي، وتأثيره ليس بالضرورة ملموس، فهو قد يكمن في آليات المخاطبة، ولاوعي المستقبِل/القارئ والكاتب على السواء.
ذاكرة المدونات
وتضيف فتحي، وكما أشرت في إجابتي السابقة، المفارقة، السهولة، البساطة، السخرية، هي بعض ملامح هذه الكتابة. أنا لم أدرس هذا الموضوع عن كثب، فما أقوله هنا مجرد ملاحظات، إذ أنني شخصياً لا أمارس هذا النوع من الكتابة، هناك شيء يستعصي عليّ في هذا النوع من الكتابة. أقرأ الكثير من المدونات وأجد في الكثير منها جاذبية مؤكدة، إلا أنني ألاحظ السهولة التي أنساها بها. فأنا لو قرأت المدونة نفسها بعد عشرة أيام من قراءتها الأولى، أكتشفها من جديد وكأنني لم أقرأها أبداً من قبل. هناك محو ما وطمس يعتمل في ذاكرة المدونات، فهي قصيرة الأجل، تسقط للأسفل، ينساها المدون كما ينساها القارئ، هل هذه العلاقة مع التذكر والنسيان والطمس والمحو، هو ما ينتقل إلى الأصوات الجديدة في الحكي، ربما، وربما أيضاً أن يؤدي ذلك إلى العكس. المهيمن الآن هو الكتابة الخفيفة.
ذاكرة القارئ
وفي ما يخص مدى تفاعل القارئ مع نصوص المدونات والعالم الافتراضي، ترى صفاء فتحي أن هناك أكثر من كتابة وأكثرها انتشاراً هو أخفها أسلوباً، هذا هو الحال. ولكن موضوع التذكر والنسيان ليس بعرضي، بل هو جوهري في امتداد الكتابة في ما بعد وفي ما وراء لحظة القراءة. العمل الأدبي هو ما يستمر بعد أن يغلق القارئ الكتاب، وما يحدث هو أن هذه الاستمرارية مرتبطة بعوامل عدة منها السياق التاريخي، المزاج السائد ــ المُشكَّل بدوره من عوامل كثيرة ــ الموضة في الكتابة، يعني أن هناك عددا من الكتاب يتخذون أساليب متشابهة في الكتابة ويتنافسون في ما بينهم، هيمنة رؤية جمالية دون أخرى على الإعلام الثقافي.
قد يتواصل المتأثرون بكتابة المدونات مع القراء وقد لا يتأثرون، لكنني أرى أن أكثر الكتاب نجاحاً في كتابة المدونات، هم أكثرهم انتشاراً عند كتابة الرواية أو القصيدة بسبب خفة الكتابة نفسها وانخراطها في لغة المجال العام. فلغة المدونات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بلغة الخطابات والتلغرافات معا، ولكنها خطابات وتلغرافات موجهة للجميع، لعدد كبير من الناس. المخاطب الفردي ينزوي، أمام جمع المخاطبين، وهذا ما يجعلها ترتبط بالكتابة.
أثر الكتابة كفعل يومي
لا أدري لأي جيل أنتمي ــ هكذا ترى الشاعرة ــ فالتأثيرات حتمية، ومشكلة الأدب العربي ليست في المدونات أو في كاتبي المدونات أو المتأثرين بها. المشكلة عميقة، تاريخية ممتدة الجذور وهي مشكلة وثيقة الارتباط بالديمقراطية، أي التعددية واتساع المجال العام، وتعدد المجالات الثقافية، ووجود لمدارس نقدية متعددة، ووجود قرّاء. هناك قصور تاريخي في الثقافة والكتابة باللغة العربية، وشبه انعدام للتجريب، إلا في حالات محدودة، فلربما يؤدي الإحياء ــ الكتابة أصبحت نشاطا يوميا للكثير من الناس ــ الذي تعيشه اللغة في المدونات إلى إثراء للغة الكتابة، ربما.
تجربة مؤقتة
من ناحية أخرى يرى الناقد سيد محمود، أن فكرة المدونات بدأت في مجال الانتقاد السياسي والاجتماعي، نظراً للحرية الممنوحة من خلال هذه الوسيلة أو الأداة، وانتقلت بعد ذلك إلى الأدب، حتى أن نصوص المدونات الأدبية انتقلت إلى الشكل التقليدي المتمثل في الكتاب المطبوع، ولعل كتاب «عايزة اتجوز» لغادة عبد العال هو أبرز الأمثلة على ذلك. حتى المدونات التي اختصت بالنقد السياسي، تحوّل أصحابها بعد ذلك إلى أصحاب أعمدة في الصحف الورقية المختلفة ــ خاصة بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني ــ وبذلك دخل أصحاب هذه المدونات في مدار الصحافة المطبوعة التقليدية، فالكل لم يستمر ويكمل مسيرة التدوين خلال العالم الافتراضي، بخلاف قِلة لم تزل تتعامل عبر الوسيط الافتراضي، وترفض الانضمام إلى الأشكال التقليدية من النصوص المطبوعة.
النظرة النقدية
وفي ما يخص الموقف النقدي لهذا الأسلوب من الكتابة، التي أصبحت تأخذ شكل الكتاب المطبوع، وقد نقلت إليه أسلوب وطبيعة المدونات، يرى محمود أن على النقد أن يتصف بالتسامح، والنظر إلى الأشياء ليس بمنظور حاد، فالفنون تتجاور طوال تاريخها، من دون أن ينفي أحدهما الآخر، فلا السينما على سبيل المثال ألغت الإذاعة، ولا التلفزيون ألغى السينما.
اللغة السردية
ويلفت سيد محمود النظر إلى طبيعة اللغة الأدبية في بعض الأعمال، التي تأثرت بحالات التدوين، فهناك التكثيف الكبير للغة، فالكتابة على الفيسبوك وتويتر خلقت أسلوباً في الكتابة، يمكن مطالعته بسهولة في العديد من الأعمال الأدبية الحديثة، أهمها سمة التكثيف اللغوي، حيث الجُمل القصيرة، والألفاظ المقصودة والدالة ــ الحديث هنا عن اللغة داخل النص الأدبي ــ والابتعاد عن الإطناب والتكرار، والاقتصاد الشديد واستخدام اللغة بحذر. اللغة أيضاً لم تقتصر على المفردات، بل امتدت إلى لغة الصورة في العمل الأدبي، كالأعمال الأدبية التي تعتمد أسلوب «الكوميكس» في عملية السرد الأدبي، سواء يتضمن النص بعضا من هذه الأعمال والتصاوير، أو أن يصبح العمل بالكامل عبارة عن رواية أدبية مُصوّرة.
وتدور رؤية الشاعر والكاتب شريف الشافعي، حول النص الشعري بوجه خاص، إذ يقول … سوف أتحدث عن شبكات التواصل ليس بوصفها وعاء نشر، فهذا ليس الغرض من نشوئها والتعاطي معها، كما أنه لم يثبت تبلور صنف أدبي جديد يوصف بأنه «فيسبوكي» مثلاً. لكن، مما لا شك فيه، أن الإنترنت، وشبكات التواصل، أسهمت ـ في ما يخص الشعر مثلاً ـ في أن تبدو اللحظة الآنية مناسبة تماماً، لعودة القصيدة الحيوية، أو ميلادها بصورتها النقية، بل لعلها اللحظة التاريخية الأكثر مثالية منذ سنوات بعيدة، بعد أن انهارت الوسائط التقليدية لتوصيل النص، وانقاد النقاد والوسطاء الانتفاعيون إلى مكان بارد في الذاكرة، معلنين إفلاسهم، وعدم قدرتهم على التمرير والمنع في عصر الرقمية والفضاءات المفتوحة. ومع ذلك، فإن القادرين على استغلال الفرصة من الشعراء العرب «الموهوبين» يمكن عدهم عدًّا على الأصابع، لأن جوهر الأزمة لا يزال قائماً، وهو الجوهر الشعري نفسه، المعدن الأصيل في صورته النقية المجردة، وما أندره وسط هذا الفيضان الشعري الزاعق الجارف. إن المجال صار متاحاً ليقول الشاعر ما يشاء، وقتما يشاء، بالطريقة التي يشاء، والنشر الإلكتروني عبر الإنترنت، في صفحات موقعه الشخصي أو مدونته أو في المواقع والصحف الإلكترونية ذائعة الصيت، أعفى هذا الشاعر من كثير جدًّا من البوابات السلطوية والنخبوية والرقابية التقليدية، ومَكّنه من النشر بسهولة، بل أنه أحياناً يمتلك حق تنسيق وتثبيت قصيدته بيده في هذه الصحيفة أو ذلك الموقع، والإعلان عنها في الصفحة الرئيسية. ومنطقي أن يختار الشاعر لكتابته الجديدة هذه وعاء لغويًّا حيًّا، سهلاً، حيث أن التواءات المجاز تعوق كثيراً سيولة «التداول الشعري»، الذي يحلم به. إنه عصر الفرص المتاحة حقًّا، عصر العدالة الافتراضية المتحققة بقدر مقبول جدًّا، فالعلاقة صارت مباشرة إلى حد كبير بين الشاعر وبين الجمهور في الفضاء الرقمي، وتقلصت مسؤولية مؤسسات الدولة، بل كل المؤسسات. الشاعر الآن لا ينتظر إقراراً من أحد، ولا توقيعاً على مخطوط ديوانه، كي يكون.
النشر الإلكتروني وحياة النص
ويضيف الشافعي، نحن نعيش عصراً رقميًّا، هذه حقيقة، ولا يمكن أن تغيب تأثيرات وانعكاسات هذه «الرقمية» ـ كنمط حياة ـ عما يكتبه الشاعر الحقيقي اليوم، وإلا فإنه يكتب عن عصر آخر، ويعيش حياة أخرى، فوق كوكب آخر. والنشر الإلكتروني للشعر هو أحد ـ وليس كل ـ وجوه الاجتياح الرقمي للشاعر. لكن الأهم بالتأكيد من اختيار الشاعر للرقمية كوعاء جديد للنشر، أن يكون ما في الوعاء جديدًا، معبرًا عن معاناة الإنسان في العصر الرقمي الخانق، وإذا كانت «حياة الشعر» مرهونة في الأساس بكونه «شعر حياة»، فبقدرة النص الحيوي على النبض الطبيعي والحركة الحرة، بدون أجهزة إعاشة واسطوانات أوكسجين وأطراف صناعية، تُقاس عافيته وخصوبته، ويتحدد عمره الحقيقي، ويمتد عمره الافتراضي خارج المكان والزمان.
النص كمرآة للقارئ
كذلك يرى الشافعي أن حضور القارئ، بل حلوله، في الماهية الإبداعية الملغزة، هو وضع طبيعي يعكس انفتاح المبدع كإنسان على أخيه الإنسان، ويعكس انفتاح الكتابة الإبداعية الجديدة على العالم الحسي المشترك، والوقائع والعلاقات المتبادلة، وأيضاً على الأحلام والهواجس والافتراضات والفضاء التخيّلي غير المقتصر على فئة نخبوية من البشر دون سواها. وليست هناك مسافة أصلاً بين الشاعر والقارئ، بشرط ألا تكون هناك مسافة بين الشاعر ونفسه. انطلاقاً من هذا، وفي القرية الكونية التي نعيش فيها الآن، وفي فضاء النشر الإلكتروني، وفي ظل امتلاك أغلبية الشعراء مواقع شخصية على شبكة الإنترنت، على الشاعر الحقيقي الموهوب أن يطمح إلى أن يكون صوت نفسه بالضرورة، وصوت صديقه القارئ، صديقه الإنسان، في كل مكان، خصوصاً أن هموم البشر المُلحة صارت تتعلق أكثر بمصيرهم المشترك، بوجودهم ذاته، وليس بقضاياهم الإقليمية المتضائلة.
الأدب ووسائل الاتصال
وفي الأخير يرى المُترجم والكاتب محمد كلفت أن كل ثقافة اتصال جديدة تؤثر على الأدب في زمنها. الصحافة أثرت بعمق، لغتها/نشر الروايات مسلسلة/زيادة الطلب على القصص القصيرة. الطباعة الملونة ساهمت في صعود «الكوميكس» والروايات المصورة في إثرها. الإنترنت أو ظهور التدوين ثم الوسائط الاجتماعية ساهمت في تبلور أشكال النص التشعبي والأدب السيبري عموماً، وتطور أشكال قديمة كأدب المعجبين. لا شيء جديد في المبدأ هنا. الرفض والقبول موقفان عبثيان والنقد فقط هو المطلوب. وعلى سبيل المثال يقول إبراهيم أصلان إن لغته المتقشفة متأثرة بالتلغرافات التي اطلع عليها بكثافة في عمله في البريد.
النشر وسوق الكتاب
ويُضيف كلفت، أزعم أن ظهور المدونات ثم ــ وبدرجة أعلى وأكثر شدة ــ انتشار فيسبوك وتويتر وتمبلر فجّر سوق النشر من ناحية، كما شجع هذا الشباب والمراهقين على الكتابة والقراءة بالعربية، مهما يكون السوق مليئا بالغثاء وتسوده الكتابات الساخرة وأصبح كل شيء قابلاً للنشر. ربما أيضا لأننا لم ندخل حقا بعد عصر النشر الذاتي والإلكتروني. حدث دائماً هذا الاستغلال من جانب رأسمالية النشر، ولا يتطلب الأمر بالضرورة إيمانا بشيء سوى المكسب. أقاصيص العبيد من مئات السنين، ثم أفلام استغلال السود في عقد 1970 مثلان على ذلك.
الروح والوعي الشعبي
وتبدو مشكلة الكتابة على طريقة التغريدات والتحديثات أنها متشظية ربما، وتقوم على مبدأ الإيفيه والاختزال، النكتة أو الحكمة، القابلية للاقتباس الواعي بذاتها، والانفعال والزيطة، وهي كتابة مشهدية في أغلبها، استعراضية وتستقوي بالجمهور وتحاكي مع الوقت نفسها، ربما أكثر بكثير مما يسمح أي وسيط آخر أعرفه، وقد أصبحت أكثر شعبية كمصدر للإرضاء الفني والفكري اليومي عند قطاع من (القرّاء) الجدد، فهي بهذا المعنى ليست نصوصا أو نصوص ضد. والمفارقة أيضا أنها نقيض للكتابات المطولة (لونغفورم) المنتشرة باطراد والمزدهرة في الغرب، بسبب انتشار الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية. من ناحية أخرى فهذا الأدب الجديد، كجزء من الميديا الجديدة، نوعي وعابر، لكنه امتداد للأدب الشعبي؛ جماعي ومجهّل. تأمل استخدام كلمة «منقول» مثلا. يتضمن هذا إمكانات ثورية وكبرى. وتأمل كذلك النصوص التي تولد وتتطور على الهواء تقريبا، في بث مباشر، وتتطور عضويا بتفاعل الجمهور.
سلطة النقد الموهومة
وفي ما يختص بالأصوات النقدية يرى محمد كلفت أن على الكبار أن يتجاوزوا أحكامهم عن الخفة والعمق والجدية، ليروا إن أرادوا أشياء أخرى. في كل الأحوال لا أحد يوقف التغير والتقدم على هذا المستوى. والوسيط الجديد بالذات أكثر ديمقراطية أو دعنا نقول أقل سلطوية.
محمد عبد الرحيم