فيلم «ولاد رزق» … نموذج تقليدي للسينما التجارية والحيلة فقط هي المسموح بها لمواجهة فساد الشرطة

القاهرة ـ «القدس العربي»: كعادة المخرج طارق العريان منذ فيلمه الأول «الإمبراطور» عام 1990 الذي قام ببطولته أحمد زكي، والمأخوذ حرفياً درامياً وتقنياً من الفيلم الأمريكي «Scarface» الذي قام ببطولته آل باتشينو، وأخرجه دي بالما عام 1983. يأتي فيلم «ولاد رزق» ليؤكد رؤية الرجل ومفهومه للسينما، خاصة في شكل الأفلام التي يميل إلى تقديمها وهي أفلام العصابات التي تنتمي إلى السينما التجارية المُعتمدة على الحكاية والحبكات التقليدية لهذا الشكل من أشكال السينما. ورغم التقليدية في البناء والحكاية، إلا أن العريان وكاتب سيناريو الفيلم صلاح الجهيني أرادا أن يكون الصراع بين قوى الشر فقط ــ بما أننا نتحدث عن دراما غارقة في التقليدية ــ عُصبة الأخوة وعصابة أخرى، وضابط الشرطة الفاسد. وهذا يستدعي بالطبع كلاشيهات عالم العصابات من الحبيبات والعشيقات الساقطات، والمعارك، إلى آخر القائمة المدرسية لهذا الشكل من أشكال السينما. الفيلم بطولة ... أحمد عز، عمرو يوسف، أحمد الفيشاوي، سيد رجب، محمد ممدوح، أحمد داوود، كريم قاسم، نسرين أمين، وندى موسى. مدير تصوير مازن المتجول، مونتاج أحمد حمدي، وموسيقى هشام نزيه.

فيلم «ولاد رزق» … نموذج تقليدي للسينما التجارية والحيلة فقط هي المسموح بها لمواجهة فساد الشرطة

[wpcc-script type=”7e2a54aa69e45f1617ed60fc-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: كعادة المخرج طارق العريان منذ فيلمه الأول «الإمبراطور» عام 1990 الذي قام ببطولته أحمد زكي، والمأخوذ حرفياً درامياً وتقنياً من الفيلم الأمريكي «Scarface» الذي قام ببطولته آل باتشينو، وأخرجه دي بالما عام 1983. يأتي فيلم «ولاد رزق» ليؤكد رؤية الرجل ومفهومه للسينما، خاصة في شكل الأفلام التي يميل إلى تقديمها وهي أفلام العصابات التي تنتمي إلى السينما التجارية المُعتمدة على الحكاية والحبكات التقليدية لهذا الشكل من أشكال السينما. ورغم التقليدية في البناء والحكاية، إلا أن العريان وكاتب سيناريو الفيلم صلاح الجهيني أرادا أن يكون الصراع بين قوى الشر فقط ــ بما أننا نتحدث عن دراما غارقة في التقليدية ــ عُصبة الأخوة وعصابة أخرى، وضابط الشرطة الفاسد. وهذا يستدعي بالطبع كلاشيهات عالم العصابات من الحبيبات والعشيقات الساقطات، والمعارك، إلى آخر القائمة المدرسية لهذا الشكل من أشكال السينما. الفيلم بطولة … أحمد عز، عمرو يوسف، أحمد الفيشاوي، سيد رجب، محمد ممدوح، أحمد داوود، كريم قاسم، نسرين أمين، وندى موسى. مدير تصوير مازن المتجول، مونتاج أحمد حمدي، وموسيقى هشام نزيه.

الحكاية

يموت رزق ويترك أطفاله، ليبدأ أكبرهم في تولي المسؤولية، ولا يجد إلا الجريمة سبيلاً للحياة. أكبرهم رضا/أحمد عز وثلاثة أشقاء، هم ربيع/عمرو يوسف، رجب/أحمد داوود، رمضان/كريم قاسم، وصديقهم عاطف/أحمد الفيشاوي. يبدأ الفيلم بلقطات سريعة لاستعراض طفولة هؤلاء، وكيف أصبحوا في فترة الشباب من مشاهير الحارة، حيث يهابهم الجميع. ولخلق أسلوب تشويقي سردي يبحث عنهم البوليس نتيجة بلاغ صديقهم نصف الأبله عاطف، ومع فشل الضابط/محمد ممدوح يصطحب معه عاطف إلى قسم الشرطة ليعرف عنهم الكثير من المعلومات، ويتبادل السرد مواقع ما يذكره عاطف، وما يتم في حياة الأشقاء الأربعة، وهو شكل من أشكال كسر النمطية في حَكي الحكاية. حارة شعبية يسكنها الأبطال، ورضا يحب فتاة تحاول أن تبتعد به عن عالم الجريمة، بينما ربيع يحب شقيقة عاطف الأبله، رغم تعدد علاقاته النسائية. يتفق الأشقاء على عدم القتل، فقط السرقة، وعندما يكْتفون يكُفّون. وبالفعل يتوقفون بعد محاولة سطو فاشلة على إحدى صالات القمار، فيفقد الشقيق الأصغر إحدى عينيه، هنا ينتوي رضا التوقف، إلا أن الأخ الثاني ربيع يرفض، ويتبعه أخواه. ويتزوج رضا ويبتعد عنهم، يتورط الأخوة في عملية نقل مخدرات لحساب صقر/سيد رجب، فتطاردهم الشرطة وينجون بأنفسهم تاركين البضاعة، فيحتجز صقر الشقيق الأصغر ــ أيضاً ــ حتى يأتونه بالبضاعة أو ثمنها، فيلجأ الشقيقان ربيع ورجب إلى رضا، ويعاون معهما لاسترداد أخيه، ويعلمون أن الذي أخذ البضاعة أحد ضباط الشرطة، وبحيلة ما، يعرفون أنه الضابط الذي تلقى البلاغ ضدهم وطاردهم في بداية الفيلم، وتأتي المفاجأة حتى يندهش الجمهور، فعاطف الذي يقوم بدوره أحمد الفيشاوي هو في الأصل شقيقهم رجب، بينما صديقهم شبه الأبله يقوم بدوره أحمد داوود! وينتهي الفيلم بإحضار البضاعة لصقر وجعل الضابط يُلقي القبض عليه كصفقة وظيفية تعويضاً عن صفقة المخدرات الضائعة، ويتعاون الأخ الأكبر معهم مرّة أخرى.

وكأنها حكاية مُسلية

من الممكن اعتبار الفيلم مجرد حكاية مُسلية، عن بعض الشباب الفقير، الذي يحاول البحث عن الثروة بأي طريقة، ولو كانت النصب والسطو، خاصة وأن طرق الثراء بالنسبة لهذه الفئة تكاد تكون مُنعدمة، فلابد من إشعال خيالها بمثل هذه القصص والحكايات. هناك أفلام أرقى تناولت هذه الثيمة الحكائية، مصدرها فيلم «Borsalino 1970» لجان بلموندو وآلان ديلون، مع الفارق ليصبح مع اختلاف درجات الوعي وتحليل المجتمع في مصر تحت اسم «الصعاليك» لداوود عبد السيد، و»سلام يا صاحبي» لنادر جلال، والعديد من الأفلام الأخرى. فالكل يسرق وحتى السُلطة التي من المفترض أن تحارب هذا الفساد أصبحت أحد أهم أطرافه، والمشاركة فيه بقوة.

البطل الشعبي

تتغيّر صورة البطل الشعبي من حين لآخر في وعي الجمهور، ومنذ السبعينيات وسمات البطولة أصبحت في أخذ الحق في الحياة بالحيلة، حتى يتمكن البطل من الأمر، فتصبح القوة هي سِمته الأولى. وهي تركيبة درامية في غاية النجاح ــ الشخصيات الكبيرة دينياً وسياسياً تلعب اللعبة نفسها حسب تباين محيطها وموقعها ــ خاصة في أوساط الجمهور الحقيقي للسينما، المتمثل في الشباب والمراهقين، فلا حكاية ترهقهم فكرياً، بل حكاية تغذي لديهم حالة الوهم، وتشعرهم بسعادة مؤقته بأن يتمثلوا هذا البطل أو ذاك ويُشاركونه نجاحاته بعد إخفاق، وأمنه بعد خوف. الأمر أشبه بالمخدرات خاصة وأن «ولاد رزق» استخلص النجاح لأبطاله تماماً. فتى الحواري الذي تزوج بمَن أحب ــ عمل نِمرة من اللي بتعجب وطرد شابا تقدم لخطبة حبيبته، وصاح في الحارة كلها أن البنت دي تخصه ــ وأخذ بالثأر من تاجر مخدرات، وأفحم ضابط الشرطة، وأبطل مشروعه بكل ذكاء وهدوء. إنه المثل الأعلى وإله الحواري.

لغة الحوار والتعليقات الخائبة

في ظِل السوق السينمائي الراكد في مصر في السنوات الأخيرة، بخلاف عدة أعمال تعتمد تركيبة المطاردات وتبادل إطلاق النار، والعاهرة صديقة البطل المغوار، تعويضاً لفقده زوجته الرقيقة مثلاً، كسباً للتعاطف وما شابه ــ لا أقصد فيلم شد أجزاء ــ انتوى العريان أن يصنع (خلطة) جماهيرية، مُخاطباً الشباب والمراهقين، وهم جمهور السينما الحقيقي، وحتى يقترب أكثر من عالمهم، زاد في تجاوز بعض الألفاظ والإيماءات، إلا أن هذا التجاوز جاء من وجهة نظر نقاد الصحف الكبار ــ حرّاس القيم الواهية ــ وألقوا اللوم على الرقابة، ولكن ماذا ستفعل الرقابة، إذا كان الفيلم بالكامل بداية من فكرته يدخل في إطار هذا التجاوز؟ فالذي لفت النظر فقط هو بعض الألفاظ وبعض مشاهد التعرّي العبيطة، أما فكرة تمجيد الجريمة والعيش من خلالها، وهذه هي الحياة وهي محصلة ما يحدث، فالأمر عادي جداً.

الثورة والضابط الفاسد

للمعلم صقر/سيد رجب عبارة أراد الممثل أن يجعلها تحمل قدراً من الحِكمة ــ وقد نجح ــ بأن الثورة لم تقم بسبب كبت الحريات والجوع، وإنما بسبب منع أو قِلة الكيف/المخدرات «طول ما فيه مخدرات .. ما فيش ثورة». العبارة بالفعل تحمل قدراً من الصحة، ولكن أن يتم اختصار الثورة ــ لا مجال لمناقشة مآلها ــ في هذه العبارة، فالأمر أقرب إلى السَفه. ثم تأتي الدولة وتلعب ألعابها من خلال الدراما ــ كما كان يحدث في عصر مبارك ــ ومن الطبيعي التعرّض لضابط الشرطة الفاسد، ولكن … الانتقام منه يأتي هنا بالحيلة والذكاء الشعبي ــ جمهور الصالة انتقم بدوره من الضابط الذي على الشاشة ــ دون أي شكل من أشكال المواجهة، الحيلة فقط ــ فكرة البطل الشعبي القديم نفسها ــ مع ملاحظة أن في فيلم العريان الأول «الإمبراطور» تم قتل ضابط الشرطة الفاسد ــ ثم وبالنظر إلى النتيجة، نجد الضابط وإن خسر المال، إلا أنه تم التعاون معه، ليحصل على درجة أعلى من الترقي في وظيفته، ويستكمل دوره المهني في هدوء شديد!.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *