في الدِّيسِ الهاذِي في الأنقاض

ها قد استيقظَ فينا المَجازُ حجَراً حجَراً.

في الدِّيسِ الهاذِي في الأنقاض

[wpcc-script type=”3b8fbaf37015ecfae6409b6c-text/javascript”]

ها قد استيقظَ فينا المَجازُ حجَراً حجَراً.
كأنَّنا نقطفُ همسَنا الجُوريَّ مِنْ مُعادلةِ الشَّوك
أو كأنَّنا نعصرُ رُؤوسَ مَناماتٍ تُنازِعُ، وتحتَها الشَّهوةُ رماد.
كما لَوْ أنَّ الرِّيحَ
إسمنتٌ يرصفُ جباهَنا
كما لَوْ أنَّ الفضاءَ
قبضةُ مَساميرَ تُثبِّتُنا على مِشجبِ المَجهول
رحَلَ فينا الغيابُ، وما زلتُم على حِبال التَّثاؤب..
ابنُ رُشدٍ مُحنَّطٌ في كُحولِكُم المُجفَّف
والحلَّاجُ عادَ إليكُم جُثَّةً هامدة فوقَ
حصان الحضارة.. وما كانَ لكُم إلَّا أنْ تُنقِّبوا عن مُسوِّغاتٍ
مُعتلَّةٍ في أحاجي الزُّبدة واللَّبن في السُّلالاتِ الأميرة في اجترارِ
الحصَى والهواء في الشَّبح الأنشوطة في الدِّيس الهاذِي في الأنقاض
بلا مادَّة تُكَوِّرُها وفي إبادةِ البرتقالِ الطَّائرِ حينما تُسفَحُ الصَّرخةُ
فوقَ عماماتِ البساتين:
(تستقبلُكُم الأحلافُ على حفلة شاي ومِشنقة
وتُودِّعُكُم الأحلافُ على مِشنقة شاي ومِشنقة).
هل استيقظَ أحدُكُم تحتَ رذاذِ بكاءٍ مَغمور
وسألَ نفْسَهُ: مَنْ أنا؟
هل تساءَلَ مَنْ كُنّا، ومَنْ سنكون؟
هل استسلَمَ لذكرىً قديمة مُتوهِّجة
لقومٍ أغرارٍ يحلُمونَ بالعدالة؟
هل أعادَ لذوي الإراداتِ الأقوى غنائمَ معركةٍ لَمْ تحصلْ؟
وهل اكتشفَ أنَّ حصَّتَهُ كانتْ ذاكرةَ أحدِ القتلى
فعزَّى ذاتَهُ بتوليد عالَمٍ تستبيحُهُ العواصِمُ
ورصَّعَهُ بأنشودةٍ على نارٍ لا تستريح؟
(يا آلهةَ المُحال
النَّبيذُ يُفجِّرُ نهاياتِ اللَّيل
ودُخانُ السَّجائرِ يلفُّ الفضاءَ
كمَدْفنٍ يتمدَّدُ على أرضٍ زراعيَّة).
والآنَ..
أيُّنا سيعترفُ قبلَ الآخَرينَ
ليصيرَ لنا
قفلٌ مِنْ ماء، ومفاتيحُ مِنْ سمك؟
مَنْ سيعلنُ أنَّ قُلوبَنا لَمْ تتآكَلْ
في ريحٍ مُنطوية تحتَ اللُّحاف
أو مُلتصقة بمدفأةِ الخوف
إنَّما خرَجْنا مِنْ أصنامٍ تعبدُ نفسَها
كيْ نقليَ المساحةَ العذراء بجناح سنونوةٍ
وبينما كُنَّا نتنزَّهُ في السُّهوبِ المُوغلةِ في الرُّعب
صدَّعَتْ ناقةٌ مُصفَّحة نُهوضَنا المُتثاقِلَ
حلَقَتْ أهدابَ الحُروف بالخديعة
بتَرَتْ أصابعَ المرج الابتدائيِّ
قبْلَ أنْ ينبسِطَ في حناجرِ الأطفال
فيُناهِزَ بيضةً مَسلوقة وكُوبَ حليب
ولهفةَ أمٍّ تُخبِّئ الدُّميةَ
لابنها الهاربِ مِنْ ولاداتٍ تشتعِلُ في ريش الطّواويس
والآنَ..
مَنْ سيَقوى على الوُقوف عاريًا أمامَ الكون
مِنْ شُعوبٍ غابِرة وأسرابِ حَمامٍ وأزهارِ ياسمينٍ مُحبَط؟
مَنْ سيتجاسَرُ مُعارِكًا مُكبِّراتِ الصَّوت؟
ليعترِفَ بِغُنَّةٍ واثِقة وضَميرٍ مَفلول
أنَّنا نحنُ..
مَنْ ركَلْنا هَديرَ الرُّعودِ السّاخِرة بِحُرْقة
وأنَّنا نحنُ..
مَنْ اكتشَفْنا في النِّهاية
أنَّها مُجرَّدُ حِجابٍ مُحكَم
وأنَّنا..
مُجرَّدُ
شمَّاعة.

٭ شاعر سوري

في الدِّيسِ الهاذِي في الأنقاض

مازن أكثم سليمان

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *