في غاليري «سفر خان» و«بيكاسو» مجموعات صيف 2015 في القاهرة… الفن التشكيلي المصري من الحِس الإجتماعي إلى الوعي الشعبي
[wpcc-script type=”a0b4ab383000518279759d2a-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: مجموعة الصيف، تعد من أهم المعارض الجماعية التي تشهدها القاهرة، سواء من ناحية استعراض أهم الأعمال التي عُرضت خلال العام، كما في غاليري «بيكاسو»، أو استعراض لأعمال أهم الفنانين أصحاب التاريخ في الفن التشكيلي المصري، كما في مجموعة غاليري «سفر خان».
وما بين المجموعتين نلحظ التطور الفكري والتقني في الفن التشكيلي المصري، من خلال دراسة هذه العينة من الأعمال، بداية من الكلاسيكيين وأصحاب النزعات الحداثية، كما عند فناني الأربعينيات والستينيات، أو في أساليب ورؤى شباب التشكيليين المصريين، ونزوعهم إلى أساليب ما بعد الحداثة، رغم مسحة التراث الشعبي، الذي لم يزل هو النغمة الرفيعة التي يتوحد حولها الفن التشكيلي بوجه عام في مصر، كمحاولة لبعث الهوية أو تجديدها من خلال هذه الرؤية أو تلك. من ناحية أخرى احتوت المجموعة على عدة أعمال متنوعة ما بين التصوير الزيتي، النحت على البرونز أو الخشب، الطباعة والخط العربي.
ومن الفنانين المشاركين في مجموعة بيكاسو، سمير رافع، إبراهيم غزالة، إسلام النجدي، ريهام محمود، رمضان عبد المعتمد، سوزان سعد، علي حسان، عمرو الكفراوي، هالة الشاعي ومحمد ثابت. ومن مجموعة «سفر خان»، الحسين فوزي، صلاح عبد الكريم، إنجي أفلاطون، كريم عبد الملاك، عبد السلام عيد ومنير كنعان.
من الحِس الأوروبي إلى الحِس الاجتماعي
الملاحظ على أعمال فناني مجموعة «سفر خان»، أنهم يعدون من جيل الرواد في الفن التشكيلي المصري، وهنا نلحظ التأثير الغربي على بعضهم، والمتمثل في بعض أعمال الحسين فوزي، خاصة لوحات الطبيعة الصامتة. كذلك بدايات (إنجي أفلاطون 1924 – 1989)، وظل الأسلوب كما هو رغم تناول الموضوعات الشعبية ــ حالة أفلاطون على سبيل المثال ــ كالأرض والزراعة ومجتمع الفلاحين، أو العمال، هناك حِس اجتماعي تنامى وعبّر عنه الفنان المصري من خلال أساليب الفن الغربي/التكنيك. وتعد إنجي أفلاطون حالة خاصة في الفن التشكيلي، فهي تنتمي لأسرة أرستقراطية، وخريجة مدارس الراهبات والليسيه، وتعرفت إلى كامل التلمساني، الذي طوّر وغيّر نظرتها ووجهها إلى عوالم أخرى كانت تجهلها.
بينما نجد أن الحِس القومي والاجتماعي ظهر أكثر وضوحاً، وإن كان قد تحوّل في بعض الأحيان إلى شكل دعائي لمشروعات وأفكار المد القومي في الستينيات، وهو ما يتجلى في أعمال الفنان (صلاح عبد الكريم 1925 ــ 1988)، خاصة في أعماله الفنية الضخمة، المتكونة من خامة الحديد الخردة، وهي معالجات فنية وهندسية دقيقة لهذه الخامة، وهو ما يتوافق وشعارات التصنيع وقتها، والمناداة بتحول المجتمع من زراعي إلى صناعي متقدم. كما أنه فنان تعددت أعماله ما بين الرسم وتصميم الديكور المسرحي، والنحت.
الطقس الشعبي وعالمه
تتميز مجموعة «بيكاسو» بعرض أعمال لجيل جديد من الفنانين، مقارنة بجيل مجموعة «سفر خان». هنا نجد العديد من التقنيات الحديثة، والأفكار التي تنتمي لرؤى ما بعد حداثية، كأعمال عمرو الكفراوي على سبيل المثال، من تقنية الطباعة، واستخدام الجرائد القديمة، وتشكيل المدينة وجوها الخانق كما يراها، إضافة إلى الحِس التجريدي لهذه اللوحات والأعمال ككل، إلا أن اللافت هو (عالم الطقس الشعبي) كما جسده عدة فنانين، على رأسهم إسلام النجدي … ما بين طقوس الاحتفاء بقدوم مولود جديد، أو الاحتفاء بمظاهر العيد، وأهمها في البيئة الشعبية هي عملية صناعة أو عمل «كعك العيد»، وهو طقس احتفالي يتشارك فيه الجميع، خاصة النساء والأطفال. كذلك حالة الزواج وطقوسه، والاختلافات بين عالمي الرجال والنساء.
فالتكوينات والحكايات مُستمَدة من العالم الشعبي المصري، ملامح مألوفة إلى حد كبير، ولفتات جسد وتعبيرات/لغة يعرف كيفية الإمساك بها جيداً وتطويعها في اللوحات، ومن خلال رؤية فنية دقيقة. من ناحية أخرى تنوعت الأعمال المعروضة ما بين التصوير الزيتي والغرافيك والنحت، سواء من خلال البرونز أو الخشب، كما في أعمال الفنان رمضان عبد المعتمد كالوجوه وتنويعاتها، أو المخلوقات الخرافية، واستعراض التكوين، كما في أعمال الفنان محمد اللبان. ونلحظ حِس المدرسة التأثيرية في لوحات كل من علي حسن وآية الفلاح… مساحات لونية مسيطرة كالأبيض والأسود في حالة آية الفلاح، أو الأصفر المسيطر، مقارنة بالأخضر، هذا التناقض هو ما يعطي الثقل للتكوين صاحب اللون الأقل مساحة، وهي لعبة معروفة لخلق حالة من توازن الكادر/اللوحة، من خلال توزيع اللون، وخلق ثقل للتكوين عن طريق اللون ومكانه سواء في مقدمة أو عمق اللوحة، أو توزيعه بشكل يقصده الفنان بالطبع ما بين المقدمة والعمق.
محمد عبد الرحيم