أيتها القديسة الرؤوم
علميهم كيف يفتح التاريخ مصراعيه على الصوت
وكيف تُلونُ الأسلاكُ اسوداد السراديب
وكيف تستيقظ السماء من آبار الصّمم
وكيف ينحلُّ قوس قزح في ضبابية المشهد

أيتها القديسة الرؤوم
علميهم كيف يستقرُّ العالم في أصابع امرأةٍ
لتشكل منه سوناتا الصوت المفتوح بنعومةٍ إلى حافّة الخطر
ويستدير الصوتُ في مقارعة الرَهبة
فيلتئم أوله ومنتهاه في حلقة النور واللون معاً
أيتها القديسة الرؤوم
علميهم كيف تولد البدايات في عقارب الخراب
وكيف تنضح المباضع نَتَن الأنسجة وتصْرفُ الصديدَ برقصة
وكيف لعلامات الخياطة أن تُنكّس أنوف المهرجين الحمراء
وتنفضَ العناكب بمعطفٍ أبيض

علميهم كيف تختصر امرأةٌ كلَّ الحب في مبضعٍ
وعينين كجناحيْ نورس عائدٍ لموطنه بعد الشتاء
وصوتٍ يختصر سلّمُه كلَّ الحب والوطن والثورة
وكيف تسير الساعة عكس الاتجاه بلمسةٍ طريّةٍ من كفّي قديسة

علميهم كيف ينعقف أنف الصمت ويفغر فاه
وكيف يسيلُ الصمت نحو بؤرةٍ فيصير صوتاً
وأن الصوت فسيلةٌ من حنطةٍ وقطن وعنب
وأن امرأةً من ماء ونجومٍ وقمحٍ وفضةٍ تنكأ ظهر الصمت
وتقصقص سفح دبابةٍ لتفصل منه ثوب عرسٍ ليأس مطعون وعيونٍ مقلوعة

علميهم كيف يختمر المبضع في يد جراحٍ
فيلدُ ريشةً وبالتةَ ألوان
ويكرّسُ اللوحةَ لصوتٍ تشير سبابته باتجاه البياض المرقش بالدم
بينما يمدَ ظهره جسراً لموكب النبوءات والأجنّةِ والعصافير
علميهم كيف تصهرُ امرأةٌ صوتَ الثورة في قلب
وكيف تصيرُ امرأةٌ قلبَ الثورة في صوت

شاعرة مصرية

ديمة محمود