مدونات جورج بهجوري ومُلتقى القاهرة الدولي للرسوم المتحركة

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يقتصر فن الكاريكاتير على السخرية، رغم أنها السِمة الغالبة على الأعمال المُنتمية لهذا الفن. فتصبح المبالغات والتحويرات في الأشكال والشخوص ما هي إلا حالة من البحث عن روح هذه الشخوص ومحاولة تجسيدها أو الإيحاء بها، من خلال الخط واللون وزاوية النظر. ويقام الآن في القاهرة بالتزامن كل من معرضي «مُلتقى القاهرة الدولي للرسوم المتحركة»، المُقام في قاعة آدم حنين في مركز الهناجر للفنون في دار الأوبرا المصرية، في الفترة من 18 إلى 24 فبراير/شباط. ومعرض «مدونات العُمر» للفنان جورج بهجوري، الذي أقيم في قاعة بيكاسو في القاهرة، في الفترة من 3 وحتى 18 من الشهر الجاري. ورغم التفاوت ما بين المعرضين، من حيث الموضوعات والحِرفية، إلا أنهما حملا العديد من الأفكار اللافتة والمُبتكرة على مستوى التقنية والتنفيذ.

مدونات جورج بهجوري ومُلتقى القاهرة الدولي للرسوم المتحركة

[wpcc-script type=”2342098a8c2d894a37e227e1-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يقتصر فن الكاريكاتير على السخرية، رغم أنها السِمة الغالبة على الأعمال المُنتمية لهذا الفن. فتصبح المبالغات والتحويرات في الأشكال والشخوص ما هي إلا حالة من البحث عن روح هذه الشخوص ومحاولة تجسيدها أو الإيحاء بها، من خلال الخط واللون وزاوية النظر. ويقام الآن في القاهرة بالتزامن كل من معرضي «مُلتقى القاهرة الدولي للرسوم المتحركة»، المُقام في قاعة آدم حنين في مركز الهناجر للفنون في دار الأوبرا المصرية، في الفترة من 18 إلى 24 فبراير/شباط. ومعرض «مدونات العُمر» للفنان جورج بهجوري، الذي أقيم في قاعة بيكاسو في القاهرة، في الفترة من 3 وحتى 18 من الشهر الجاري. ورغم التفاوت ما بين المعرضين، من حيث الموضوعات والحِرفية، إلا أنهما حملا العديد من الأفكار اللافتة والمُبتكرة على مستوى التقنية والتنفيذ.

عن العزلة وآفة السُلطة

تم استعراض العديد من الأعمال الفنية، الذي ينتمي أصحابها إلى عدة دول، ضمن مُلتقى القاهرة الدولي للرسوم المتحركة. فتنوعت الرؤى والمعالجات للموضوعات، إلا أن السمة التي لوّنت معظم الأعمال كانت حالات العزلة وانعكاس الأوضاع السياسية والاجتماعية، سواء أكانت أعمالاً لفنانين من الصين، فرنسا، إستونيا، ألمانيا، ومصر. لم يقتصر المعرض على الرسومات الكاريكاتيرية في شكلها التقليدي، بل هناك التصوير الفوتوغرافي، واللوحات متعددة الخامات، التي انتهجت تقنية الكولاج. وهو شيء يُحسب لمنظمي المعرض، فالفكرة هي التي تحكُم صياغة العمل الفني، من حيث طرافة الفكرة ومدى الابتكار والتجديد، بغض النظر عن تصنيف هذا العمل أو ذاك. فوتوغرافيا، كولاج، تحبير، وعرائس خشبية. معظمها يجسد الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في العالم، بدون تفرقة ما بين عالم أول وثالث. هاجس القلق يطول الجميع إذن، وما السخرية هنا إلا السخرية السوداء، وليصبح الإنسان أكثر عزلة وغرابة عما يحيطه، حتى أنه في بعض اللقطات ــ التنفيذ عن طريق الفوتوغرافيا ــ يتصدر اللقطة قرد يشعر بالعزلة بين ما يحيطة في غرفة ضيقة، تختلف بالطبع عن بيئته وما تعود أن يحياه. من هنا تأتي السخرية السوداء في وعي شديد (عمل للفنان الإستوني ريو أونت). وموقف السلطة السياسية وتأثيرها على الرأي العام، ليصبح بوقاً يروّج لمفاهيمها، وأن أي شكل من أشكال المعارضة يصبح في مواجهة الأغلبية الصاخبة.
هذه الحالة يعبّر عنها أحد الأعمال الآتية من الصين.. عمل للفنان الصيني يفانج وي. ونأتي للاشتراكية ووعودها وأحلامها، وما تحقق منها بالفعل على أرض الواقع، من خلال استخدام تقنية الكولاج بأن تصبح الجريدة خلفية للمشهد، ويتعارض عنوانها مع ما تحويه من شخوص في حالة بؤس وقِلة حيلة، وكلب مُقيّد، يحاول الانقضاض على عبارة «الاشتراكية».. عمل للفنانة المصرية مي موسى. الأعمال ليست في معظمها على هذه الشاكلة، هناك أعمال مُبهجة واحتفائية، خاصة بالثقافات الأخرى، عمل للفنانة المصرية هبة الديب، التي تحتفي بالمرأة الأفريقية وعالمها، وتحاول أن تجسدها من خلال تراثها، المتمثل في الملابس والأكسسوارات، والأدوات التي تستخدمها. هنا زاوجت الفنانة بين الملامح والتفاصيل الجسدية العصرية، والأدوات التراثية، في تركيب من الخطوط والألوان المُبهجة، وخالقة نِسبا جمالية في التكوين البصري غاية في الإدهاش.
لجورج بهجوري تاريخ طويل مع الفن التشكيلي، وتجربة متفردة في عالم الكاريكاتير. ويأتي معرضه المعنون بـ «مدونات العُمر» لاستعراض أهم ما في هذه التجربة. غلب الطابع الاحتفائي على رسومات بهجوري، وغاب الحِس الانتقادي، ربما لأهمية البحث عن الجمالي أو الاحتفاء بعالم كان. تأتي أعمال بهجوري كعادته لتشمل أهم مطربي مصر، كأم كلثوم وعبد الوهاب، والفرقة الموسيقية وحالتهم، وكأنها ــ اللوحات ــ لقطات من هذه الحالة أثناء الأغنية، حالة من التواصل والتماهي ما بين الفرقة والآلات، وسيدة الغناء التي يتحلق حولها الجميع.
من ناحية أخرى يُعارض بهجوري أشهر اللوحات المصرية في العصر الحديث (لوحة بنات بحري لمحمود سعيد)، يُعارضها وفق أسلوبه ورؤيته، لتصبح كجسد واحد، وتفاصيل تجسد نظرته الجمالية للمرأة المصرية في زيّها التقليدي القديم. إلا أن هناك العديد من الأعمال في المعرض جاءت في شكل تكوينات لونية صارخة، بدون تفاصيل تذكر، ولولا اسم جورج بهجوري لاتصفت بأنها أعمال متواضعة نفّذها أحد الهواة!

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *