معرض «مراسم سيوة» السنوي في القاهرة: أعمال متفاوتة بين التقليدية والابتكار

القاهرة ــ «القدس العربي»: يُقام حالياً في قاعة آدم حنين في الهناجر في دار الأوبرا المصرية المعرض السنوي لنتاج مراسم سيوة، وهو ما يتم من خلال إيفاد عدة فنانين إلى هذه الواحة ومحاولة التعبير التشكيلي عنها، حسب رؤية كل فنان والمادة التشكيلية التي يتم من خلالها إنتاج عمله الفني.

معرض «مراسم سيوة» السنوي في القاهرة: أعمال متفاوتة بين التقليدية والابتكار

[wpcc-script type=”72a5b238779dc5dca7d655c2-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: يُقام حالياً في قاعة آدم حنين في الهناجر في دار الأوبرا المصرية المعرض السنوي لنتاج مراسم سيوة، وهو ما يتم من خلال إيفاد عدة فنانين إلى هذه الواحة ومحاولة التعبير التشكيلي عنها، حسب رؤية كل فنان والمادة التشكيلية التي يتم من خلالها إنتاج عمله الفني.
تراوحت هذه الأعمال ما بين الطباعة والغرافيك، والأعمال الزيتية والكولاج. ويبدو التباين الشديد بين هذه الأعمال، التي من المفترض أنها أفضل ما تم إنتاجه خلال هذه الدورة. التباين هنا لم يكن قاصراً على التقنية فقط، بل على الرؤية المعهودة والمتكررة لمثل هذه البيئات المختلفة عن المدن الشهيرة ومفرداتها، حيث اللون والحركة وطبيعة شخوصها وأماكنها. كما أن الجوائز التي حصل عليها البعض تبدو مُحيّرة إلى حدٍ ما، فعمل في غاية التقليدية، ولا ينم عن أي شكل من أشكال الابتكار يتوّج في النهاية بجائزة.

وحي الطبيعة ووعي الفنان

عدة أعمال لافتة من حيث فكرتها وكيفية معالجتها بصرياً، لا كيفما اتفق وكروت البوستال السياحية. بداية من الربط بين البيئة الصحراوية في الخيال الجمعي وما طالها من عمليات التحديث التي تُدهش البعض. على سبيل المثال في لوحة الفنان أحمد سنبل، الذي مزج فيها بين التناقض البصري والحركي لشابين أحدهما يُمسك ببراد شاي والآخر يقوم بضبط اللاقط الهوائي (الدِش) التناقض هنا على مستوى الحركة والمادة موضوع اللوحة واللون أيضاً، حيث كل منهما في زي أبيض وآخر من مشتقات الأزرق النيلي. فهناك حالة تحديث لا محالة، وليست البيئة في هذه الواحة كما يتخيلها الكثيرون.
وهناك الحالة التقليدية للمكان، حيث الجدران وسقوفها من جذوع النخيل، كما في عمل الفنانة رشا جوهر، وإن كانت حاولت الخروج عن المباشرة ببعض اللمسات التجريدية، خالقة عدة مستويات للوحة، ومؤكدة على تجسيد العمق ــ خلق مستويات بصرية في الكادر ــ الطبيعة الصامتة أيضاً هي ما جسدت فكرة الفنانة رانيا شوقي، التي أوحت لها عملاً اتخذ من بيوت الواحة رؤية بالكاد مختلفة.

التشخيص والمعالجة البصرية

وما بين الأماكن والشخصيات تتوالى الكلاشيهات البصرية، كرجل عجوز يتصدر اللوحة، وخلفه في العمق تجسيد لملامح البيئة، كما في عمل الفنان أحمد صابر، أو كامرأة تقف في رداء نساء الواحة المعهود، كما في عمل الفنان علي حسان ــ وكل من العملين نالا الجوائز ــ وهما ضمن العديد من الأعمال، من دون أي ابتكار يُذكر!
أما الجائزة الأولى فحصلت عليها الفنانة شذا خالد، وهي بالفعل بحثت عن شكل ابتكاري في معالجة موضوعها، ما بين التجريد الجسدي واللوني، والأخير مُستمد من ألوان البيئة، فلا انفصال بين الشخوص والألوان والحركات. نساء يسرن في طريق، وبعض من مشغولاتهن ــ يعملن في هذه المهنة ــ تتوسد نهاية اللوحة. التجريد هنا خلق حالتهن العامة، من دون الاقتصار على ملمح سياحي أو تسويقي، فالعباءات تخفيهن، مجرد خطوط، أكثرها حاد، ولا توجد خطوط مُنحنية إلا بالكاد، الانحناءات والحياة في ما يُنتجن من مشغولات وما شابه من البيئة المحيدة بهن.

تجربة لافتة

يأتي عمل الفنان هاني عبد الله ليبدو مختلفاً تماماً عن الأعمال المعروضة، يعود الفنان إلى البيئة في واحة سيوة وكأنه يراها من خلال رقائق الجلد، وكأنها رسالة قديمة يحاول أن يفك شيفرتها ورموزها، كالبيوت والطرق المتعرجة والسماء، تجسيد كامل لحالة مجهولة تنتظر مَن يكتشفها. هناك نقوش فرعونية وقبطية، والعديد من الرموز المطموسة وكأنها بيئة تتجمع فيها كافة الحضارات التي مرّت بمصر، والأمر كذلك بالفعل.

النشاط التشكيلي ونتاجه الفعلي

يبدو أن وزارة الثقافة في جميع قطاعاتها تعيش على مسألة تقضية الواجب، وأن المهم في الأمر هو إتمام المناسبة، والتقاط الصور التذكارية ونشر الخبر في الصحافة والسلام ختام. عقلية الموظفين هي ما تحكم مثل هذه الأنشطة، المفارقة أن هؤلاء الموظفين من المفترض أنهم فنانون بالأساس، ولكن بمجرد التكليف بمنصب ما، حتى تبدأ جينات الموظف المصري المعروفة والموسومة. فتحت أي معايير يتم اختيار الفنانين المشاركين في مثل هذه الأنشطة، وهل تتوزع دوماً ما بين المعارف والأصدقاء، ليبدو الأمر على أنه رحلة من رحلات الاستجمام؟ هناك العديد من المعارض الخاصة والجماعية للشباب ترد بقوة على مثل هذه العقلية، ولكن الأكثرية من الفنانين الشباب لا يجدون مُتنفسا ولا منفذا لأعمالهم ومشروعاتهم الفنية إلا بطرق أبواب الوزارة المُثقفة، وينتظرون إما ضياع أعمارهم أو الكفر بموهبتهم، أو فرصة الحصول على وظيفة وبالتالي ممارسة الانتقام بدورهم.

معرض «مراسم سيوة» السنوي في القاهرة: أعمال متفاوتة بين التقليدية والابتكار

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *