موسيقى الكتابة «2 ــ 3»: الإيقاع ليس مجرد جرس ضاجّ بل ذهاب إلى عمق الدلالة
[wpcc-script type=”83ad9e0caaa516a9c07fd3e0-text/javascript”]
19
يتبلور إحساسُنا بضرورة الموسيقى في الكتابة والإيقاع الشعري، عندما نتحرّر من وهم أن الإيقاع ليس سوى زينة زائدة. فهذا منطقٌ يبتذل الدلالة الأرقى ويضعها في غير مكانها ومكانتها الطبيعيين. فحين نتجاوز هذا المنطق، يمكننا إدراك المعنى الحيوي للإيقاع الشعري في الكتابة الأدبية باعتباره ضرورةً جماليةً لازمة، ومكوناً أساسياً للشعرية في جميع اللغات. الشعر لا يبحث عن الموسيقى، إنه الموسيقى، قبل الكتابة وبعدها. وشخصياً، لا أكون موجوداً في الكتابة بدون قلق الموسيقى.
20
في الشعر، ليس ثمة قيود لحظة الكتابة، لكن من المؤكد أن هناك قوانين تقترحها طبيعة الفن، وعلينا أن نحسن تأمل قلقنا بوصفه أملنا المتاح. هذا قلقٌ فنيٌ مطلوبٌ، وعلينا تفهمه، بل أنه، في العُمق، قلقٌ إبداعيّ يتصل موضوعياً بالتجربة الشعرية. فالإيقاع في حياتنا الشخصية هو مادة من عناصر إبداع الكائن، والموسيقى هي بمثابة الحب في الفعل الإنساني، ومن الطبيعي أن يأخذ الفن الإنساني منها قسطاً واضحاً لكي يصبح كذلك، لئلا تنقطع التجربة الفنية عن حركية الحياة.
21
سوف تكمن الموسيقى، دائماً، في المكان الذي يكتشف الشاعر جمالياته. فالموسيقى هي السحر الغامض الذي تشعُّ به اللغة العربية، وتتجلى فيه عبقريتها التي ألهمتْ علماء اللغة وفقهاء النظر، نحواً وصرفاً، وشَحذتْ مخيلة الذين اكتشفوا سرَّ هذه العلاقات الباهرة بين الحروف والكلمات والمفردات والجُمل والصوامت والصوائت والأعراس والنحيب والحرية والريح والحلم.
22
على المبدع، من بين أمور أخرى، التنّبه لحقِّهِ الجماليّ في هذه اللغة التي يكتبها، بالرحيل المتواصل نحو النبع كلما أراد الاغتسال في النهر، في ما يصوغ مفاهيمه الجديدة للكتابة، لكي يمنح لغته نعمة اكتشاف جماليات الإيقاع في هذه اللغة. ليس من أجل أن يسهم في ارتياد الآفاق الرحبة بوسائط التعبير وآلياته فحسب، ولكن، خصوصاً، من أجل أن يكون جديراً بالنهوض بدوره الفذّ في اقتراح حريات أحلامه، بمعزل عن قداسات الموروث الحديث. وكلما اقتربَ الشاعر أكثر من غوامض اللغة في تجربته، تسنى له المزيد من المكتشفات التي تصقل أسلوبه ومعرفته، فالشغف باللغة هو ما يساعد على اكتشاف جواهرها وامتلاك أسرارها.
23
سوف يرى الشاعر في كل نأمة من صنيعه ضرباً من الموسيقى، متجاوزاً التخوم المتوهمة بأن الإيقاع مجرد جرس ضاج، ذاهباً إلى عمق الدلالة الصوتية في الموسيقى.
وحين لا يتوقف الشاعر أمام ثنائية الشعر/النثر، يستطيع أن يصوغ نصاَ شعرياً ينجو من الثرثرة والإنشاء الاجتماعي، ويساعدنا لكي ندرك الفرق الإبداعي بين الكلام والكتابة. ثمة جهدٌ ينتظر من الشاعر النهوضَ به، يتمثل في اتقان فنّ الكتابة، والحساسية الجيدة باللغة. فالكتابة الأدبية ليست خبط عشواء ولا استهانة ولا استسهالاً، إنها قدرة دقيقة على الدرس والمعرفة وسهر التحديق في المناظر المصقولة بالتجربة، والسعي الصارم لتحرير اللغة وإطلاقها من قوالب العروض، ومن أسرها القاموسي الصامت عن صوت المعني. ليس الشعر فقط، وليس النثر وحده، بل الكتابة التي تقدر على جعل اللغة فتنة المعنى، الشعر والنثر جناحاها، بلا تخوم ولا فجوات ولا مسافة للمفاضلة.
24
لقد رأينا كيف يتخفَّفُ شعراؤنا من الإيقاع في كتاباتهم، في الوقت الذي يتريث شعراءُ بعض التجارب الأوروبية لاستدراك ما يفوتهم من الإيقاع في لغاتهم، من أجل استعادة الروح الجوهريّ في الشعر المنجرف إلى الصمت. وربما أدى هذا الاستدراك إلى حدّ ذهاب بعضهم إلى ما يسمونه بالشعر الصوتي، كلٌ بطريقته.
يَصفُ هنري ميشونيك الإيقاعَ في الكتابة الشعرية بـ (الدالَ الأرقى)، من دون التخلي عن شهوة التفلّت من كوابح الوزن التقليدي، مؤمناً بأن النقد المتواصل، والوعي بالتجربة الشعرية هو ما يعمل على بلورة الشعر والسعي إلى جمالياته، مستفيداً من التراث الفني للشعر السابق، معتمداً رؤى التجديد المقترحة في الشعر الحديث.
25
نفهم كل تجارب التمرد والتحرر من القيود الموروثة في حقل الكتابة الأدبية، وتجاوز تخوم الأوزان والبحور. ونتفهم جيداً ظاهرة الفوضى وانعدام الوزن في لحظة التحولات كمعطيات تجارب التمرد. لكننا نريد، أيضاً، التفاهمَ على قدرة التجارب ذاتها، وهي تخرج من نظام الحدود السابقة، على ابتكار نظامها الجديد، فليس من المتوقع الزعم بأن الفوضى هي البديل الوحيد الممكن والمتاح أمام ثورات تحرير الكتابة… لأن السديم لابد أن يتبعه خلقٌ جديدٌ، فالسديم ليس حلاً.
26
يتطلب العمل من الشاعر، إلى جانب موهبته، درجة واضحة من المعرفة. فلكي يحسن صنيعه الإبداعي، يتوجب على الشاعر أن يعرف، بشكلٍ جيد، شيئاً من التقنية الشعرية التي يتوغل في حقولها، فإذا هو افتقد المعرفة، سوف يتعسّر عليه اتقان صنيعه، فلن يميزه، اليوم أو غداً، سوى وعيه، معرفياً، لسبل رفد موهبته الإبداعية، حيث العمل الإبداعي صنيعٌ يتطلب العلم، فالموهبة هي أيضاً ضربٌ من العلم، نوعياً. وعندما أتريث في هذا التوقف الطويل، فإنما أصدر عن شعورٍ عميقٍ بفداحة ما نتورط فيه، ونحن نحرم شعرَنا من عنصر جماليّ مهمّ في الفن الذي يشكل إرثنا التاريخيّ، وربما هو إسهامنا الوحيد في الثقافة الإنسانية. لابد أن نطمح في تأمل العمق الإيقاعيّ في لغتنا العربية، التي منحت شعرنا حسّه الصائت، وأن ننظر إلى الإمكانات المتاحة أمام مخيلتنا لتشغيل حرياتها كاملة لحظة الكتابة، تماماً مثلما فعل الشعراء الأوائل وهم يطلقون العناصر الموسيقية الخام، ليؤسّس عليها الخليل بن أحمد، لاحقاً، علمه في عروض الشعر، بوصفه أحد المعطيات التقنية التي انطلقت منها حدود الكتابة الشعرية العربية. على ذلك، نتوقع من شعراء الأجيال الراهنة واللاحقة أن يبدعوا في تجربة الخلق، وإعادة الخلق، برؤىً ومفاهيمَ ومخيلة أكثر حريّة وجمالاً. وعادة ما ترافق كل حركة تجديدٍ أدبيّ أو شعريّ، حركةُ وتجربة لغويتان تصدران عن وعيٍ جديد، يشي بأن مشروعاً مرتبطاً باللغة هو محورٌ في صلب حركة التجديد الجديدة. أخشى أن هذا ما لم يتوفّر، أو يتجسّد أو يتوضّح، في تجربة الكتابة الشعرية العربية الجديدة. وربما كان علينا تأمل المسألة اللغوية بأدوات وآليات مختلفة عن تلك المثقلة بالإرث النقديّ السابق. هل كنا نتوقف عند مثل هذه المسألة ونحن نتوغّل في المجاهيل التي تغرينا بها مسألة التحرّر من الماضي، والماضي المعاصر؟ الآن،
يتوجب علينا التفكير جدياً في الكفّ عن مواصلة تشيّيد الأوهام وتصديقها. تلك هي المهمات التي لم نزل نتخلّف عنها يومأً بعد يوم، ولا نحقق انتقالاً نوعياً في عملنا الشعري. وأخشى أننا تقريباً، كنا نُشَيّد ما يقوّض الشعرية. وأعترفُ بأنني، في خضم سعي التجربة للمزيد من مكتشفات مجاهيل ذلك الغموض الشعري الأخاذ، ربما أسهمتُ بدرجةٍ ما في تكريس جانب من الوهم، غير أن الوقت لا يزال ممكناً لاستدراك هذا الانجراف نحو الخسارات الفادحة في حقل التعبير الشعري الجديد، فالشعرية بحاجة دائمة للبدء بإيقاظ الذاكرة، وصقل المرايا المختلفة للمستقبل.
27
عندما اقترحَ العربُ السابقون البحورَ والأوزان، ظنَّ كثيرٌ من العرب اللاحقين أنها القولُ الفصلُ في تاريخ الإنسان والشعر معاً، كما لو أن الفراهيدي والأخفش وغيرهما، قد وضعوا للكتابة العربية حدودها الأبدية، ليأتي نقادٌ يصدرون في كلامهم عن تلك المقترحات، كما يصدر مفسرو وشراحُ النص الديني، لكي يكون جوابَ الأبد. وظني أن ما فعله أصحاب ذلك النقد من الفداحة بحيث أنهم لم يصادروا فقط حق الاكتشاف المتواصل لآفاق موسيقية جديدة للكتابة العربية، وإنما سدّوا الطريق أمام انبثاق الروح الإنساني في الحياة العربية وثقافتها، لكأنهم بإغلاق باب الاجتهاد في حقل الشعرية العربية، سدّوا الباب أمام الأمل في ملامسة جمال الإيقاع، وهو الأهم شعرياً في اللغة العربية، لنجد حياتنا على هذه الدرجة من الجفاف، لفرط غياب الموسيقى عن نصوصها. لذلك يجوز لنا التعبير عن قلقنا لما يقع فيه النص الشعري الجديد من صمت، لفرط غياب الموسيقى عنه، حيث اعتبرَ البعضُ ذلك ذهاباً للرد على نظام أوزان الخليل وخروجاً عليه، حتى ليبدو لنا، فيما نقرأ بعض الكتابات الشعرية الآن، كما لو أنها قد كُتبتْ لقراءٍ من الصُمّ.
28
من جهة أخرى، فيما بعض الشعراء يبالغون في إزاحة البلاغة عن لغتهم، بحجة خلع الفصاحة عن النص، نجد أن النص الشعري يفتقد الطراوة اللغوية التي تُميّزُ اللغة العربية، حتى أن كثيراً من النصوص تبدو، لفرط جفافها، متخشبة اللغة، لا تشي بأنها مكتوبة من شاعرٍ عربيٍ بلغةٍ عربية. فلا تكاد تفرقها عن القصيدة المترجمة إلى العربية عن لغة أخرى، مما يسهم في حجب الكتابة الشعرية الجديدة عن الطبيعة اللغوية الخاصة ذات الحيوية والسلاسة التي تجعل النص منتعشاً والقارئ منتشياً بالصائت من الكلمات والحروف المتماوجة وهي تدفق المعاني والصور في النص.
29
أتمنى أن يكون قلقنا مشروعاً، وهو القلق الذي يتطلب منا التحلي بالشجاعة عند مسؤوليتنا المباشرة عما نكتب، لئلا يصدّق غيرُنا، في مستقبل الأيام، أن ثمة شعراً كاملاً يمكن أن يُكتب بمعزلٍ عن الموسيقى.
اللغة العربية ليست مجرد حروف في الأبجدية، أو كلمات منظومة ومصفوفة ومرتبة ومموسقة فحسب. اللغة العربية، هي ذلك الروح الشعري الغامض الذي يستعصي على الوصف، القائم على منطق قياس المادة وفيزياء الدلالة الملموسة.
اللغة هي أن تشعر بأن النص قد ولد تواً من عبقريات الجمال الرهيف الذي صقلته تجربة الذات الإبداعية، وتَخلَّقَ من تجربة الكتابة. تلك هي التجربة الجمالية التي حين يعجز النقد عن الإحاطة بها، يدركها الشعراء. تلك هي العلاقات المتوهجة، بين تجربة العشق الكثيفة التي لا يكتنهها إلا شاعرٌ يصوغ تدفقات روحه بحرية، ويمزجها بلحظة الذات متناهية الطفولة والخبرة في آن. فالجمال لا يأتي فقط من الخارج اللغوي، ولكنه يصدر من حرّيات الذات الخبيرة بالحلم، منذ اكتشاف الكلام حتى مختبرات الكتابة وتحولاتها.
30
عندما تنطلق الكتابة الشعرية خارج التخوم الثابتة، متحررةً من قيودها، فسوف يَتخلَّقُ الطموحُ الإبداعيّ في سياق التاريخ الشعري للإنسان. هذه التجربة التي تجعلنا نتشبَّثُ بحلم أن نكتب الشعر مكتنزاً بالجمال. وعندي، أن الجمال في هذا الحلم، يتمثل دائماً في موهبة ابتكار الموسيقى في النص، متصلاً بالوعي للجوهر الإيقاعي الدال. وهذا بدوره سوف يتيح الفرصة لتأكيد خصوصية اللغة التي تمنح نفسها للشاعر كلما أخلصَ في عشقه. والإيقاع هو أحد أجمل وأهم عناصر الجمال اللغوي الذي ينهض بالكلمات، ليس بوصفها دليلاً على شيء، كما يعبر شلوفسكي، لكن لأنها الشيء ذاته، وهي بالتالي أجنحة النص صاعداً إلى المستوى الأعلى من الشعرية، فالكلمات تتجلى كلما صُقلتْ وتمَّ إطلاق صوتَها في النص، إنها الموسيقى التي تجعل الكتابة شعراً، وتوقظ الحواسَ جميعَها مفسحةً الطريق للاتصال بالعالم والتأثير فيه.
31
بما أن الشعر، بكافة محمولاته، هو ممارسة لغوية، فإذن هو الحقل الحيوي من اللغة، مشتملاً على مجموع العناصر البلاغية، خصوصا تلك المتصلة بالأدوات الصائتة، من الوزن حتى أصغر الحروف والرموز والانزياحات اللغوية الدالة، (حيث التماثل الصوتي يدعم التماثل الدلالي) حسب تعبير جان كوهن، الذي يقول في كتاب «الكلام السامي»: «الشعر هو الشعر والموسيقى معاً»، كناية عن ضرورة الإيقاع في الكتابة الشعرية. محذراً، من دوغمائية تطبيق هذه المعادلة المختزلة، خشية أن يكون اختزالاً مخلاً، من الوجهة النقدية، مستغرباً في الوقت نفسه من النزوع الجارف لدى الشعر المعاصر نحو التخلي عن الإيقاع، وهو المعيار الشعريّ في جميع اللغات. أكثر من هذا، فإن أدجار ألن بو، سوف يعتبر الموسيقى «أعمقَ افتتانٍ شعري».
فربطه الجوهريّ بين الموسيقى والشعر، يصدر عن إيمانه بأنهما قادران على منحنا تلك الأفراح الإلهية، فليس ثمة حكمة، حسب «بو»، في نبذ الموسيقى لحظة الشعر. ويرى فيها «أنغاماً لا يمكن أن تكون غريبة عن الملائكة وقد انبجستْ من قيثارة إنسانية»، فالشعر عنده هو «الخلق الإيقاعيّ للجمال». وكان مايكوفسكي قد قال في إحدى لياليه الأخيرة: «إن القصيدة عندي تبدأ مع إيقاع يديّ المتأرجحتين أثناء المشيّ». وبسبب التقنية الشعرية العالية في رواية «يوليسيس»، كان الناقد الأمريكي إدموند ويلسون يعتبر جيمس جويس: «الشاعر الكبير في المرحلة الجديدة للوعي الإنساني».
32
لقد انتبه أكثر من شاعرٍ أجنبي إلى الدرجة العالية من الشعرية في اللغة العربية. وظني أن هذه الانتباهة تتصل بالجانب الصوتي في اللغة، كلماتٍ وحروفاً وعلاقاتٍ موسيقية. الشاعر الفرنسي إيف بونفوا، مثلاً، عبّر عن شعوره العميق «بأن في اللغة العربية مكاناً طبيعياً للشعر، في حين أننا في اللغة الفرنسية نصارع دائماً لنتذكر الشعر فيها». الأمر الذي يدعو إلى الحرص وعدم الغفلة عن هذه الطاقة الجمالية التي تفتح الكتابة العربية على أفق لانهائي من الموسيقى.
33
في تاريخ الثقافة العربية القديمة، ثمة لحظة تاريخية دالة، أحب أن استحضرها في مثل هذا السياق من شعرية الكتابة، فمنذ أن وصفتْ قريش النبي محمد بأنه شاعرٌ وساحرٌ ومجنون، وبأن القرآن ضربٌ من الشعر، وقتها بَرَقَتْ شرارةُ مفهوم الشعرية المتغيّر عند العرب. ففي تلك اللحظة ربما تكون السليقة العربية قد أعلنتْ إمكانية خروج الشعر عن بيت القصيد، واستعداد العرب لقبول ذلك، كلما توفرت حساسية الإيقاع في الكتابة، والقراءة خصوصاً، ففي الإيقاع تأثيرٌ يدركه العربيّ جيداً.
وسوف أرى في ذلك الموقف بياناً نقدياً مبكراً ليس من الحكمة التفريط في منظوره، أو تفادي دلالاته الأدبية، أو التقليل من شأنه الثقافيّ. فقد كان، آنذاك، يصدر في أوج التجربة الشعرية العربية الأولى. خصوصاً بعد أن أصبحت الكتابة العربية شبه مكتملة التأسيس، بقواعدها التي سوف تحكم تاريخ الشعر والنثر العربيين لقرون لاحقة. بعد تلك التجربة بزمنٍ طويل، سوف ينطلق أحد أهم أسئلة الشك النقدي العربي الحديث، التي أطلقها طه حسين حول النصوص العربية القديمة، مبتدئاً بالشعر. ففي خضم السجال الذي دار حول شعرية القرآن، اقترحَ طه حسين أن القرآن ليس شعراً ولا نثراً، إنه (قرآن). لا لكي يكرّس قدسية الكتاب، لكن لكي يرى إليه عن كثبٍ من أسئلة الشك اللاحقة.
شاعر بحريني
قاسم حداد