ندوة احتفائية بالشاعر العراقي صلاح فائق مع صدور ديوانه «مقاطع يومية» في القاهرة
[wpcc-script type=”0f5d92bc9181a17ce1cf8a4a-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: يعد الشاعر العراقي صلاح فائق من أهم الأصوات الشعرية العربية، التي أثرَت الشعر العربي، وطوّرت القصيدة العربية وعالمها. وربما للبدايات المختلفة لفائق، وأشعاره التي لا تعكس صخباً يستريح له الجهمور أو يستسهله، ويحوّله إلى خطاب دعائي أو هتاف نضالي، هو ما جعل استقبال فائق عربياً ليس في مستوى الشاعر وعمق عالمه. فآلة الدعاية العربية لم تكن في صالح فائق على الإطلاق، ربما لعالمه المُنفلت الأكثر إرباكاً وإدهاشاً وثورة على التقليد الشعري العربي، والسياسي بالأساس.
فما كان من تضخيم مواهب أدنى، وجعلها تحتل ذاكرة الجمهور، لذلك تأتي زيارة صلاح فائق للقاهرة للمرّة الأولى حدثاً مهماً لمتذوقي الشعر. واحتفاءً بهذه المناسبة عُقدت ندوة ضمت العديد من النقاد والمثقفين في دار الثقافة الجديدة في القاهرة، وأيضاً بمناسبة صدور ديوان فائق الجديد «مقاطع يومية» في القاهرة. أدار الندوة الشاعر والمترجم محمد عيد إبراهيم، كما قدّم الشاعر والناقد شريف رزق ورقة نقدية عن عالم فائق الشعري.
الحِس الوجودي وتآلف العالم
بدأ الشاعر والمترجم محمد عيد إبراهيم الندوة، مقدماً صلاح فائق، بأنه شاعر يتجاوز مُنجزه الشعري مفهوم الهوية، ورغم غناء تجربته الشعرية بالأساليب والأشكال الكتابية المُتعددة والمتطورة دوماً، إلا أن ملامحها الأساسية تبدو من خلال الحِس الوجودي، والعالم العبثي، إضافة إلى مناهضة السُلطة في كافة أشكالها، سياسية كانت أم ثقافية. وأضاف إبراهيم أن ما يدونه فائق الآن عبر صفحته على الفيسبوك، وبعد توقف دام طويلاً، يجعل من التجربة أكثر شمولاً لعالم يحاول التصالح مع الطبيعة والتحاور من خلالها، فنرى الحيوانات والطيور، ويصل العبث مداه في ضم عدة عوالم معاً، وتصبح المخلوقات البريّة بشراً والعكس، في عالم تحيطة حالة من التناغم، لا يحدث إلا في الشعر.
ومن ناحيته يصف الشاعر والناقد شريف رزق تجربة صلاح فائق بأنها متجددة دوماً، فنصوصه تمتلك طاقة هائلة على إثارة الدهشة، بداية من الرؤية والمفارقة التي تعد سمة أساسية من سمات هذه النصوص. ورغم الاعتماد على المدهش والعجيب، إلا أن رزق ينفي عن فائق وشعره الوصف بكونه سريالياً، وأن حصر الرجل في هذا الجانب أو الحالة خطأ يصل إلى حد الجناية في حقه، فالسريالية أحد العوالم التي يرتكز إليها فائق، من دون أن تكون الوحيدة التي يكتب من خلالها أو تتجسد رؤيته عبرها.
فالغرائبية التي تخلقها نصوص فائق الشعرية تبدو وكأنها مألوفة إلى حدٍ كبير، وتأتي في لغة بسيطة ومعاصرة، وتكاد في بعض الأحيان تقترب من اللغة الشفهية، إضافة إلى التجسيد البصري والسمعي المتنوع، وكأنه يتحدث عن مشهد في غاية الاعتيادية، أو يحكي موقفاً صادفه إلى رفاقه. من هنا تضيع الحدود ما بين الواقعي والخيالي، أو الحقيقي والأسطوري، والإنساني والكوني. فيتجلى في النهاية المفهوم الخاص لصلاح فائق حول «قصيدة النثر»، التي تتجدد دوماً من خلال تجربته الحياتية والشعرية.
مجرّد شاعر
وبدوره نفى فائق وصفه بالشاعر السيريالي، وأنه فقط استفاد من جميع التجارب السابقة، ولا ينبغي اختصار الشاعر في مدرسة أو مصطلح، فأنا يقول فائق: مجرّد شاعر.
صلاح فائق من مواليد كركوك/العراق عام 1945. وينتمي إلى حلقة كركوك الشعرية، التي ظهرت أواخر الستينيات من القرن الفائت، وكانت تضم كلا من الشعراء، سركون بولص، فاضل العزاوي، مؤيد الراوي، والأب يوسف سعيد. إلا أن سركون بولص وصلاح فائق كان لهما الأثر والتأثير الأكبر في الحركة الشعرية العربية.
غادر فائق بلاده إلى دمشق عام 1974، قبل عام من إصداره ديوانه الأول «رهائن»، واستمر في ترحاله إلى بيروت، ثم لندن التي ظل فيها قرابة العشرين عاما، ليُغادرها عام 1994 ويستقر حتى الآن في الفلبين. أصدر فائق حوالي 18 ديواناً، منها… «رهائن» دمشق 1975، «رحيل»، «تلك البلاد» لندن 1987، «دببة في مأتم» دار الجمل، 2013 . «مقاطع يومية» القاهرة 2015.
محمد عبد الرحيم