ندوة في نقابة الصحافيين في القاهرة تحتفي بالراحل محمد ناجي
[wpcc-script type=”1a74183087c63c839269490b-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: أقيمت في نقابة الصحافيين في القاهرة ندوة احتفاء وتوديع للكاتب الروائي والصحافي محمد ناجي (1964 ــ 2014)، الذي صدرت روايته المعنونة بـ«قيس ونيللي» مؤخراً عن سلسلة روايات مؤسسة الأهرام، في أول إصداراتها. كما تم عرض عدة مقاطع مصوّرة للكاتب الراحل وهو في باريس يستعرض فيها حال المجتمع المصري وتعقيداته، خاصة في فترة حرب الخليج الثانية، إضافة إلى مقاطع شعرية من ديوانه الوحيد «تسابيح النسيان». ويُذكر أن رواية «قيس ونيللي» المُحتفى بها تدور حول شاب وفتاة من الطبقة الوسطى، وعالمهما المُنهار نظراً لانتمائهما لهذه الطبقة أو الفئة التي تآكلت وأوشكت على الانتهاء من قبيل فئات أعلى، حيث أصبح كل منهما عبارة عن خدم لهذه الفئات وضحية لها في الوقت نفسه. وقد قرأ بعض مقاطع من الرواية الناقد والكاتب محمود عبد الشكور، إضافة إلى ضيوف الندوة … الشاعر زين العابدين فؤاد، عمار علي حسن، الروائي والباحث في علم الاجتماع السياسي، والعديد ممن تربطهم صلات شخصية مع الراحل.
العالم الروائي
بدأ المحلل السياسي والروائي عمار علي حسن حديثه عن الراحل محمد ناجي بقوله، إنه لم يكن مُنشغلا سوى بعالمه الروائي والفني، دون الانشغال برأي النقاد، وإن وضع في الحسبان ــ ككل الكُتّاب ــ بعضا من هذه الآراء، على سبيل الاستئناس وليس الانشغال عن الإبداع. كما استشهد بعبارة لميلان كونديرا بأن «أسوأ القراءات هي القراءة البيوغرافية»، وموقف نجيب محفوظ الذي يؤكد هذه المقوله، برفضه كتابة سيرته الذاتية، لأنه بذلك سيُفسِد كل شخصياته الروائية، للمضاهاة بين حقيقة هذه الشخصيات والفعل الفني/الأدبي الذي فعله محفوظ وشيّده ضمن عالم الرواية، وبالتالي ــ وفق وجهة نظر عمار علي حسن ــ لا تصلح قراءة محمد ناجي من خلال معرفة تجربته الحياتية كعامل أساس، من دون نسيان أن هناك صلات بسياق ما، تم فيه الفعل الروائي.
ويلفت عمارعلي حسن إلى منابع الكتابة المتعددة لدى محمد ناجي، بداية من القرية/عالمه الأول، كما صورها في روايته الأولى «خافية قمر» فإن كانت القرية من صنع الله، فالمدينة من صنع البشر، إلا أن المدينة هذه اختطفته، لتتغير الشخصيات وعوالمها، وتتنوع الخبرات ما بين عالمي العمل والسفر، والاهتمامات الخاصة للكاتب، وبراعته بها، كولعه بالأحجار الكريمة على سبيل المثال.
ونظراً لأن ناجي بدأ شاعرا أولاً، حتى إن كان أصدر ديوانه الوحيد «تسابيح النسيان»، وقد هجر القصيدة في وقت مُبكر، وتحول إلى الرواية، إلا أنه لم يهجر الشعر، الذي أصبح ينساب خلال النص الروائي بكامله، ويتضح ذلك في القدرة على الإيجاز والتكثيف والموسيقى الداخلية للغة. ومن ناحية أخرى نجد أن القصائد أيضاً لها أسلوب حكائي، فهناك روح القصة في القصيدة والعكس. ويُضيف عمار علي حسن في النهاية، العالم السحري والأسطورة كسمة من سمات محمد ناجي الروائية، هذه الواقعية السحرية المُستمدة من تراث ألف ليلة وليلة، وذلك بنسبة أو أخرى يتحقق في روايات مثل .. «خافية قمر، مقامات عربية، والأفندي».
الرؤية الشعرية
قدّم الشاعر زين العابدين فؤاد، شهادته عن الراحل محمد ناجي، بأنه واحد من ثلاثة ادّعوا هجرهم للشعر، هم .. نصر حامد أبو زيد، فرج فودة، ومحمد ناجي، إلا أن الشعر كان يسكنهم بالكامل، وإن كان أبو زيد وفودة قد كتبا بالعامية، إلا أن ناجي اختار الفصحى، وقد تحولت الرؤية الشعرية لديهم في مؤلفاتهم الأخرى، هذه الرؤية التي تعمل على تفكيك العالم وإعادة تركيبه. فروايات محمد ناجي يُسيطر عليها حِس شعري لا يُنكره أحد. وأنهى الرجل كلمته بأن الراحل لم يقم سوى بتغيير عنوانه فقط، من محل إقامته الضيق إلى مكان أرحب وأجمل، هو .. قلب وعقل وضمير الناس.
ولد الكاتب محمد ناجي في مدينة سمنود في محافظة الغربية/شمال القاهرة عام 1946، تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الصحافة عام 1969، ثم التحق للعمل صحافياً في وكالة أنباء الشرق الأوسط، انتقل بعدها للعمل في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، كما كان أحد مؤسسي صحيفة «اليوم» البحرينية، ثم عاد إلى القاهرة أوائل التسعينيات ليعمل مديراً لتحرير صحيفة «العالم اليوم»، ثم مشرفًا على الصفحة الثقافية في وكالة رويترز. كتب الشعر في البداية، وأصدر ديوانه الوحيد «تسابيح النسيان»، ثم اتجه للرواية فكتب عمله الروائي الأول «خافية قمر» عام 1994، لتتوإلى أعماله بعد ذلك لتقارب 11 رواية، منها .. «مقامات عربية»، «لحن الصباح»، «العايقة بنت الزين»، «رجل أبله .. امرأة تافهة»، و آخرها «قيس ونيللي» الصادرة هذا العام. حصل محمد ناجي خلال مشواره الأدبي على عدة جوائز، أهمها .. «جائزة التميز» من اتحاد كتاب مصر عام 2009، و»جائزة التفوق» عن مُجمل أعماله الروائية عام 2013.
محمد عبد الرحيم