10 طرق لاكتشاف المواهب التي يتمتع بها الطفل

حينما يفكر معظم الناس في مواهبهم يذهب تفكيرهم باتجاه ما يعتقدون غالباً بأنَّه قدراتهم الطبيعية، إذ إنَّ بعض الناس مولعون بشكلٍ طبيعيٍّ بالرياضة، وبعضهم بالرياضيات، وبعضهم بالفن، وبعضهم بالموسيقى. لكنَّ الذي يغيب عن أذهاننا في أغلب الأحيان أنَّ الموهبة مُكتسبةٌ ولا تولد مع الشخص، فالذي لا يمكننا أن نراه حينما نشاهد عازفي الموسيقى المفضلين بالنسبة لنا وهم يمارسون العزف على التلفاز هو الكم الهائل من الساعات التي قَضَوْها وهُم يعملون بجدٍّ ويتدربون قبل أن يصبحوا نجوماً مشهورين.

Share your love

كذلك حينما يتعلق الأمر بأطفالنا فإنَّنا نميل إلى البحث عن قدراتهم الطبيعية ونحثُّهم على صقل تلك القدرات سواءً أكانوا يحبونها أم لا. القيام بذلك قد يكون ذا أثرٍ عكسيّ وقد يُثبِّط عزيمة أطفالنا الصغار قبل أن يعثروا على الأشياء التي تثير شغفهم فعلاً في هذه الحياة.

إذا كنت تحاول معرفة كيف يمكن اكتشاف المواهب التي يتمتع بها طفلك يجب عليك أن تعلم أنَّ السرّ في ذلك يكمن في السماح للأطفال باكتشاف اهتماماتهم والبحث عن الأمور التي تثير اهتمامهم بشكلٍ كبير أكثر من أيّ شيءٍ آخر، وبذلك يتعلّم الأطفال الإصرار والمثابرة اللّذَيْن يحتاجون إليهما ليحققوا ما يتمنون. دعنا نلقي نظرةً أعمق على هذه الطرق العشر التي تساعد الأبوين في اكتشاف مواهب أطفالهم:

1- التروي وعدم الضغط على الطفل:

التروي وعدم الضغط على الطفل

من الأخطاء التي يرتكبها الأبوان أنَّهم يجبرون أطفالهم على المشاركة في عددٍ كبيرٍ من الأنشطة المختلفة، مثل التخييم وكرة القدم، على أمل أن يثبتوا براعتهم في أحدها. تُعَدُّ ممارسة الأطفال العديد جدَّاً من الأنشطة من الأمور التي تُذْكَر كثيراً في وسائل الإعلام ومواقع تربية الأطفال وتُوجَّه لها الانتقادات لأنَّ ذلك يجعل الأطفال يُحِسُّون بالضغط في نهاية المطاف نتيجة اكتظاظ جداول مواعيدهم بالمنافسات، والاجتماعات، والحفلات، وغيرها. قد يُؤدي هذا إلى انخفاض درجات الطفل في المدرسة، والأسوأ من ذلك أنَّه يمكن أن يُلْحِق الأذى بصحته.

عوضاً عن التنافس مع الأطفال الآخرين، تجنَّب إجبار الأطفال على ممارسة أنشطة مختلفة وابحث عن الأشياء التي تثير الشغف فعلاً في نفوسهم. حينما يختار الطفل نشاطاً، سواءٌ كان هذا النشاط العزف على البيانو أو السباحة، لا تسارع إلى تعليم الطفل المهارة التي اختارها ولا تمارس عليه الضغط ليكون مميزاً فيها. ادعم الطفل لكن تذكَّر أنَّ التسرع يمكن أن يُثبِّط عزيمته.

2- مراعاة الاهتمامات السائدة لدى أفراد الأجيال الحالية:

إذا كنت لا زلت تواجه مشكلةً في اكتشاف الموهبة التي يتمتع بها طفلك، يجب عليك ألَّا تنظر إلى أبعد من عالمنا الذي نحيا فيه اليوم. قد لا يُحب ابنك الرسم أو العزف وربما لا تُفضِّل ابنتك الباليه، أو البيسبول، أو حتى الانضمام إلى فرقة الكشافة. لقد أضحى الأطفال اليوم أكثر ولعاً بالتكنولوجيا من أيّ وقتٍ مضى، وإذا وجدْتَ نفسك مُحبَطاً لأنَّ طفلك لا يرغب سوى في الجلوس والتحديق في الشاشة استثمر رغبته هذه أفضل استثمار من خلال تحويل اهتمامه الحالي بالتكنولوجيا إلى شغفٍ باستكشاف أسرار هذا المجال.

يزداد في أيامنا هذه إقبال الأطفال على تعلُّم الترميز (Coding) من خلال حضور دروس برمجة مُصمَّمة خصيصاً للأطفال، فلماذا لا تستثمر اهتمام الجيل الحالي -الذي ينتمي إليه طفلك- بمجال الإنترنت؟ في حين أنّه قد يعيب بعض الكبار -الذين ينتمون إلى أجيالٍ سابقة- على الأطفال أنَّهم لم يجربوا الحياة قبل ظهور التكنولوجيا، إلَّا أنَّ التكنولوجيا يُمكن أن تُستثمَر لتشجيع الأطفال على العثور على الأشياء التي تثير شغفهم في هذه الحياة. عوضاً عن التفكير فيما فعلته أنت أو فعله آباؤك حينما كنتم أطفالاً، فكر مثلما يفكر طفلٌ يعيش في أيامنا هذه وتبنَّى بشكلٍ كامل الثقافة السائدة في وقتنا الحالي.

3- لا بأس في ارتكاب الأخطاء:

لا بأس في ارتكاب الأخطاء

بعد أن يختار الطفل نشاطاً أو نشاطَين ويبدأ ممارسته أو ممارستهما قد يُصاب الطفل بالإحباط إذا لم يتعلّم بسرعةٍ كافيةٍ المهارات اللازمة لممارسة الأنشطة التي اختارها. لا يمكن على سبيل المثال تعلُّم العزف على البيانو بين ليلةٍ وضحاها، وحتى يصبح الطفل عازف بيانو حقيقي يحتاج إلى حضور دروسٍ تمتد عدة ساعات والتدرب على مدى سنوات.

لتُعلِّم طفلك ثقافة الأهداف والمكاسب بعيدة المدى، اغرس في عقله فكرة أنَّ الناس جميعاً يتعلّمون من الأخطاء التي يرتكبونها. حينما يُدرك الطفل أنَّ الإخفاق يُعَدُّ ضروريَّاً لتحقيق النمو، سَيَعِي أنَّ ارتكاب الأخطاء يُعَدُّ فرصةً لتحقيق النجاح مستقبلاً، وبذلك يتعلّم الطفل إظهار المرونة وإبداء الثقة في سائر الأمور التي يسعى إلى تحقيقها.

4- تعزيز العلاقة الصحية بين الأبوين والطفل:

يسعى جميع الآباء إلى دعم أطفالهم بأفضل الطرق الممكنة لكنَّ القوانين، والضوابط، وعجلة الحياة اليومية من السهل أن تمنعنا من السماح للأطفال بالعمل على تحقيق أحلامهم. لهذا السبب من المهم جدَّاً أن يبني الآباء علاقةً صحيةً مع أطفالهم مبنيَّةً على الدعم النابع من الحب عوضاً عن إظهار الانزعاج عند ارتكابهم الأخطاء أو تعرضهم للانتكاسات.

يعزز الحفاظ على الهدوء أثناء الإخفاقات أو الصراعات ثقة الطفل بك ويوفر له فضاءً آمناً للتعلّم. إنَّ إظهار القبول والحب للطفل حتى حينما يرتكب الأخطاء يجعله مستعداً للنمو بشكلٍ مستمر. أثنِ على الجهود التي يبذلها طفلك حتى لو كان يبدو أنَّ التقدم الذي يحرزه أقل ممَّا كنت تتوقع أو تأمل.

5- تشجيع الطفل على التحلي بالعزيمة:

تشجيع الطفل على التحلي بالعزيمة

لاتنسَ أنَّ المواهب ليست القدرات الطبيعية التي يتمتع بها الإنسان حينما يولد، ومن أجل أن يكتشف الطفل مواهبه من المهم أن تعزّز لديه العمل الجاد، والإصرار، والمثابرة التي يحتاج إليها جميعاً لتطوير مهاراته.

لقد كانت العزيمة من الكلمات التي استُعْمِلَت كثيراً في مجال التعليم – ولا تزال، ويُقال أنَّها يمكن أن تكون أحد أكبر العوامل التي يُكتَب بفضلها للمرء النجاح طيلة حياته. العزيمة تعني التحلّي بالمرونة، وتجاوز العقبات، وعدم الاستسلام أبداً. علِّم طفلك أن يصْقَُل مهاراته ويقوّيها من خلال التمرين والمثابرة.

6- الإنصات إلى أفكار الطفل وطموحاته:

الإنصات إلى أفكار الانصات إلى  الطفل وطموحاته

يتمنى الآباء في بعض الأحيان أن يقتدي أطفالهم بهم وأن يمارسوا الأنشطة نفسها التي مارسها الآباء وأن تكون لديهم نفس الطموحات التي كانت لديهم حينما كانوا شُبَّاناً. بيد أنَّنا لا يمكن أن نتوقع أن يكون أطفالنا نُسخاً طبق الأصل عن آبائهم، فالمسألة لا تتعلق باختلاف عالمنا اليوم عن العالم الذي ترعرعنا فيه فقط بل تتعلق أيضاً بامتلاك الأطفال اهتماماتٍ ورغباتٍ خاصة.

بعد أن تحدّد الطريقة التي ستكتشف فيها موهبة ابنك تراجع إلى الوراء ودع طفلك يقود العملية. تقبَّل الأفكار التي يطرحها طفلك بصدرٍ رَحِب وناقش معه كل الخيارات الممكنة لاكتشاف اهتماماته الحقيقية. سيشعر طفلك بسعادةٍ أكبر في النهاية، لا سيما إذا ما أبديْتَ فخرك به حتى لو كانت الموهبة التي اختارها لا تثير اهتمامك.

7- الإشادة بالجهود التي يبذلها والنجاحات التي يحققها دون التباهي بقدراته الطبيعية:

لأنَّ المواهب بحاجةٍ إلى تنميةٍ، ودعمٍ، وصقل من المهم أن تشيد بالجهود التي يبذلها الطفل مع كل خطوةٍ يخطوها. لا شكَّ في أنَّ بعض الأطفال يكون لديهم منذ الولادة ميلٌ طبيعيٌّ إلى مواد أو مواضيع معينة فيكون بعضهم مثلاً أمهر من الآخرين في الرياضيات، لكن من المهم تجنُّب الإشادة بتلك القدرات الطبيعية التي يتمتع بها الأطفال لأنَّ الفضل بالتمتع بتلك المهارات لا يعود إليهم، ومثلما هو حال المظهر، الموهبة الطبيعية ليست شيئاً يُنسَب الفضل في امتلاكه إلى النفس. عوضاً عن الإشادة بالقدرات الطبيعية التي يتمتع بها الطفل أثنِ على الجهد الذي يبذله والعمل الجاد الذي يؤديه وعزز ثقته بنفسه وامنحه مزيداً من القوة لتطوير مهارته، حينئذٍ ستطلق العنان لموهبته وستبني خصلةً شخصيةً إيجابيةً فيه.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/0IwIDy72rYI?rel=0&hd=0″]

8- السعي إلى إحراز التقدّم لا إلى بلوغ الكمال:

السعي إلى إحراز التقدم لا إلى بلوغ الكمال

نتذكر جميعاً العبارة القديمة التي تقول: “التدريب يجعلك مثالياً”، لكن يجب علينا ألَّا نثق كثيراً بهذه المقولة، إذ بينما يساعد التدرب على المهارات وصقل المواهب في تعزيز القدرات قد يكون التقدم الذي يحرزه الشخص في أثناء التدريب بطيئاً في بعض الأحيان. يحتاج الأطفال أحياناً إلى التدرب على تحديد الأخطاء التي يجب عليهم أن يتلافوها حتى يتقنوا ما يفعلوه، وقد يتدرب الأطفال في أحيانٍ أخرى ويُصابون بالإحباط إذا أحسوا أنَّهم لا يحرزون ما يكفي من التقدم.

شجع طفلك على الاستمرار في التطور عبر إقناعه بأنَّ الكثير من التدريب يُعَدُّ ضرورياً لتعزيز القدرات أو صقل المهارات. واحرص على إعادة النظر في توقعاتك وتذكَّر أنَّ الطفل يسعى إلى تحقيق هدفٍ بعيد المدى وأنَّ الكمال ليس هو الهدف.

9- تشجيع الطفل على تقليد الآخرين ليكتسب منهم المهارات ويتعلم إظهار الاحترام:

حينما نفكر في التقليد فإنَّنا ننظر عادةٍ بشكلٍ سلبيٍّ إلى أولئك الذين يحاولون تقليد الآخرين، لكن حينما يتعلق الأمر باكتساب المواهب أو تعلّم المهارات فإنَّ تقليد أصحاب الخبرة أو المعلّمين قد يكون أكثر ما يحتاج إليه الطفل.

لا مشكلة أبداً في إظهار التقدير لأستاذٍ أو شخص يُكِنُّ له الطفل الاحترام، إذ في إمكان جميع الناس تعلّم شيءٍ ما من الأشخاص الذين حققوا أهدافاً مثل أهدافنا من قبل. ساعد طفلك في استيعاب أنَّ التقليد لا يعني الخداع بالضرورة، فإذا كان الطفل يتدرّب على كرة المضرب على سبيل المثال قد يتعلّم من خلال مراقبة مدرّبي كرة المضرب ولاعبيها حركاتٍ مهمةً كان من المستحيل أن يتعلمها لو لم يراقب هؤلاء بعناية.

10- الابتعاد ومراقبة الطفل وهو يحقق النجاح:

النصيحة الأخيرة -والأهم- أن تتنحى جانباً حينما يكتشف الأطفال مواهبهم وتراقبهم من بعيدٍ وهم يحققون النجاح. ابتعد جانباً واسمح للطفل باكتساب الخبرة والنمو بالوتيرة التي تناسبه، أنصت إلى طفلك وقدّم له من بعيد التوجيهات التي يحتاج إليها للحفاظ على الإصرار والعزيمة، وتجنَّب توبيخه ووفّر له الراحة والدعم إذا احتاج إليهما.

قد يحتاج العثور على طريقةٍ لاكتشاف المواهب التي يتمتع بها الطفل إلى بعض الوقت ريثما تعرف الأفكار التي تجول في رأسه، والقدرات التي يتمتع بها، والاهتمامات التي تشغل تفكيره. ولا تنسَ أنَّ صقل موهبة الطفل يتيحُ له التعلّم من أخطائه والعثور على طريق النجاح وتحقيق الأحلام. في أثناء ذلك سيكتسب الطفل مرونةً، وثقةً، وأدواتٍ يحتاج إليها لتحقيق النجاح والسعادة طوال حياته.

 

المصدر.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!