10 فوائد تقدّمها الكتب الصوتية للصحة العقلية

إنَّ الاستماع إلى الروايات وإلى غيرها من أنواع الكتب يمكن أن يجعلنا أصحاب ثقافةٍ أوسع، وأن يُعزّز أيضاً صحتنا العقلية، وبينما تحظى الكتب الصوتية بلا شك بنجاحٍ واسع مع ازدهار مبيعاتها سنةً بعد أخرى يُعزى بعضٌ من هذا النجاح رُبّما إلى التاريخ الطويل الذي شهدته الرواية الشفوية للقصص وإلى تأثيراتها الثقافية والنفسية. فكيف في إمكان الكتب الصوتية أن تعزز الصحة العقلية؟

Share your love

1- الاستماع إلى القصص يمنحنا الشعور بالهدوء والارتياح:

بالنسبة إلى العديد من الناس لم تكن أول تجربةٍ عاشوها مع الكتب هي تجربة قراءتها بل كانت تجربة الاستماع إلى الآخرين وهم يقرؤونها عليهم – كآبائهم مثلاً، أو أول الأشخاص الذين قدّموا لهم الرعاية، ومعلميهم في رياض الأطفال. من هنا جاءت رُبّما المتعة التي بدأْتُ أحصل عليها مؤخراً من الإنصات إلى الكتب الصوتية، إذ إنَّها جعلتني أعود 50 سنةً إلى الوراء إلى مراحل طفولتي الأولى حينما كنتُ أتمدّد في السرير وكان أحدهم يقرأ عليَّ قصص الأطفال. لقد كنتُ محظوظاً بوالديّ اللّذين كان كلاهما يُحبّان أن يقرآ لي القصص وبأنَّني نشأتُ في جيلٍ كانت هذه هي الطريقة الأسهل لجعله يخلد إلى النوم.

في تلك الأيام لم يكن يوجد أجهزة إلكترونية فيها ألعابٌ وأفلام تمنحنا جرعةً مضاعفةً من النشاط، وكان الاستماع إلى ما يُقرأ على مسامعنا يجعلنا نشعر بالهدوء، وهذا الهدوء الذي تشعر به النفس هو جزءٌ من السحر الذي يمارسه الصوت اليوم على الشبان وكبار السن فهو يُتيح لنا العودة إلى أيام الطفولة بطريقةٍ آمنةٍ ومنظمة.

2- القصص تجعلنا نفهم العالم:

أنا أعي أنَّ من الآباء والأمّهات من لا يُحبّون القراءة مثلما كان والدي يُحبّانها (إذ كانت أمي تكتب قصص الأطفال وكان أبي محللاً نفسياً يدرك مقدار القوة التي تمنحها رواية القصص) لكنَّني بكل تأكيد لست الوحيد الذي يعي أهمية التراث الشفهي الموجود في رواية القصص، حيث كانت القصص على مرّ التاريخ تنتقل من شخصٍ إلى آخر بهذه الطريقة، وقد اعتمد كلٌّ من “هانس كريستيان أندرسن” (Hans Christian Andersen) والأخوان “غريم” (Brothers Grimm)، وحتى شكسبير على الحكايات القديمة التي تناقلتها الأجيال مثلما يتناقل عدائو سباق التتابع عُصيَّهم، وتذكرنا الأستاذة “هيلين كوبر” (Helen Cooper) من جامعة كامبريدج أنَّ قصة هاملت كُتبَت أول مرة قبل 1200 عام وكانت قبل ذلك تراثاً شفهياً.

تُعالِج كل قصةٍ مشكلةً عامة وترسم لها حدوداً: بداية المشكلة، ووسطها، ونهايتها، وقد ساعدتنا على مدى آلاف السنين في فهم العالم، وحتى الكتب غير الروائية بما تحويه من تحليلٍ للتاريخ، والطبيعة، والحياة، والكون تسعى عموماً إلى القيام بالأمر نفسه.

ثمَّة في الأسواق الآن ثلاثة أنواعٍ من الكتب: المطبوعة، والإلكترونية، والصوتية، وإذا ما وقارنّا النوع الأخير مع النوعين الأولين من حيث المبيعات نرى أنَّ مبيعات الكتب المطبوعة تراوح مكانها ومبيعات الكتب الإلكترونية تتناقص، في حين أنَّ قطاع الكتب الصوتية هو القطاع الأسرع نمواً في سوق النشر، والمدونات الصوتية تنتشر انتشاراً واسعاً وتغيّر طريقة تعاملنا مع الراديو. فلماذا هذا الاندفاع نحو الاستماع في عالمٍ أصبحت فيه تقنياتٌ أكثر تقدماً متاحةً بسهولةٍ كبيرة؟

3- الصوت يستخدم حاسةً مختلفة:

من الأسباب التي تُفسّر اهتمامنا بالكتب الصوتية هو التحفيز البصري الشديد الذي نتعرّض له، فأنا كاتب ومن المنطقي أن أعشق الكلمات المكتوبة، لكنَّني أجد صعوبةً في القراءة حينما تكون عيناي متعبتان، فإذا جلست أمام الشاشة طوال اليوم سيُصيبني الإنهاك في المساء نتيجة التحديق فيها كل هذه المدة، وليس من الضروري أن تكون كاتباً محترفاً لتقضي هذا القدر الكبير من الوقت في التحديق بالشاشة إذ وفقاً لـ (CNN) يقضي الشخص العادي في أمريكا 10 ساعاتٍ في اليوم وهو يحدق في شاشةٍ ما والوضع مشابه بالنسبة إلى المملكة المتحدة. في المقابل يثير الصوت حاسةً مختلفة ومن خلال استخدام أذاننا تستطيع عيوننا أن تنعم بقسطٍ من الراحة.

4- الصوت يُساعد في طرد الأفكار السلبية:

من الأسباب الأخرى التي تُفسّر الجاذبية التي تحظى بها الكتب الصوتية هو أنَّها تستطيع أن تُحسّن المزاج، إذ إنَّ أولئك المُعرّضين للقلق والاكتئاب يعرفون من واقع تجاربهم المريرة دوامة الأفكار السلبية التي ترافق هاتين الحالتين الذهنيتين. وقد يكون وأد هذه الأفكار عند ممارسة القراءة أمراً صعباً، إن لم يكم مستحيلاً، لكنَّ الصوت يستطيع أن ينجز لك هذه المهمة، إذ بالنسبة إلى الذين يجدون صعوبةً في إسكات الأفكار السلبية التي تدور في رؤوسهم يمكن أن يكون الإنصات إلى شخصٍ آخر وهو يقرأ بصوتٍ مرتفع مفيداً في جعل أمورٍ أخرى تحل محل الأفكار السلبية.

5- الصوت فعال في مكافحة الشعور بالضغط:

لست مضطراً بعد اليوم إلى الشعور بالقلق أو الاكتئاب فقد وُجِدَ أن القراءة تتمتّع بخصائص علاجية وأنَّ الكتب تُعَدُّ ترياقاً مضاداً للضغط، لا سيّما الكتب الفكاهية.

يقول المصمم “جوناثان روبيرتس” (Jonathan Roberts): “إنَّها بمنزلة أدوات لإدارة الغضب بالنسبة إلي، لقد أصبحت الآن أستمتع بالاختناقات المرورية والقطارات والطائرات المتأخرة التي كانت من قبل تُفقدني صوابي فأنا أستطيع الآن أن أستمع إلى مزيدٍ من الكتب”.

إنَّ الفائدة التي تُقدّمها الكتب الصوتية فائدة مضاعفة لأنَّ الصوت واحدٌ من أكثر وسائل الإعلام حميميةً حيث يعمل المستمعون مع الراوي والمؤلف على رسم صور ذهنية للمواقف والشخصيات، وتستطيع الكتب الصوتية أن تأسر الخيال لأنَّها تتيح للمستمعين بناء عالمٍ كامل.

6- الاستماع يُعزّز القدرة على إبداء التعاطف:

إنَّ الاستماع إلى القصص الجميلة يمكنه أن يُعزّز أيضاً قدرة الشخص على إبداء التعاطف، والقراءة بصوتٍ مرتفع أمام الأطفال يمكن أن تجعلهم يطّلعوا على تجارب، وأفكارٍ، ودياناتٍ، وهوياتٍ مختلفة وتساعدهم في اكتشاف أنفسهم والتعرّف على حياة الأشخاص الآخرين. سيجعل هذا الطفل يدرك أهمية إبداء التعاطف وإظهار اللطف، وما ينطبق على الأطفال ينطبق على الكبار أيضاً على الرغم من أنَّ هذا يعتمد على الكتب التي نختار الاستماع لها بكل تأكيد.

7- الصوت يمكن أن يكون ممتعاً:

يبثّ الرواة الحياة في القصة وهم ليسوا في حاجةٍ إلى أن يكونوا ممثلين مدربين تدريباً احترافياً ليؤدّوا عملهم على أحسن وجه. وكم سيكون مثيراً أن تسمع واحداً من أبطال الروايات الأدبية يقرأ كلماته بنفسه.

وقد كتب “نيل جيمان” (Neil Gaiman) من صحيفة الجارديان: “إذا كان الكاتب شخصاً يعرف كيف يتحدث بصوتٍ مرتفع (وبعضهم لا يستطيعون) ستفهم القصة أو القصيدة بشكلٍ أفضل غالباً من خلال الاستماع إليهما”.

8- الكتب الصوتية تُعزّز إدارة الوقت:

سواءً كانت روائيةً أم غير روائية تستطيع الكتب الصوتية أيضاً أن تحوِّل أعمالاً عاديةً كالذهاب إلى العمل، أو الركوب بالسيارة، أو الكوي، أو الغسيل إلى أعمالٍ مفيدة، والتمارين الرياضية يمكن أن تصبح ذات فائدةٍ مضاعفة بإخضاع عقولنا إلى جانب أجسادنا إلى التمرين.

9- الصوت يُحافظ على الشباب:

تمتدّ فوائد الكتب الصوتية إلى المُسنّين أيضاً إذ أظهرت دراسةٌ أُجريت حديثاً أنَّ قراءة كتابٍ ما على مسامع كبار السن يُحافظ على صحّتهم الذهنية. وبالنسبة إلى كبار السن الذين لا يستطيعون حمل الكتب بيديهم بسبب أمراضٍ كالتهاب المفاصل أو الاهتزاز العصبي المركزي أو الذين يجدون صعوبةً في قراءة النصوص بسبب مشاكل في البصر كالضمور البقعي يمكن أن تكون الكتب الصوتية طريقةً للوصول إلى الكتب التي يصل إليها العديدون منا بسهولة.

10- الاستماع إلى الكتب الصوتية لا يحتاج إلى أي جهدٍ تقريباً:

أخيراً يُعَدُّ الاستماع إلى الكتب الصوتية أمراً بسيطاً حيث يمكن تحميلها على أي هاتفٍ ذكي، أو جهازٍ لوحي، أو كمبيوتر، أو مشغل MP3، لذا حينما تسافر من مكانٍ إلى آخر لا حاجة إلى أن تأخذ معك كتاباً لأنَّك على الأرجح تملك بالفعل واحداً من هذه الأجهزة.

إذا لم تكن جرّبت الكتب الصوتية من قبل ابدأ بخطواتٍ بسيطة فاستمع إلى كتابٍ أثار إعجابك من قبل أو إلى قصةٍ قصيرةٍ لكاتبٍ تحبه. أو إذا كنت تشعر بالتوتر تحديداً ثمَّة بكل تأكيد كتبٌ غير روائية متوافرة بنسخٍ صوتية تركز اهتماماً خاصاً على إدارة التوتر والتخفيف من القلق والخوف.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!