11 أمر هامّ يجب تذكّره عند تغيير العادات

قد ينصح معظم خبراء التنمية البشرية عن العادات قائلين: "تحتاج إلى الضغط أكثر على نفسك"، أو "لا يمكنك أن تكون كسولاً"، أو "يجب أن تستيقظ في الخامسة صباحاً"، أو "أنت بحاجةٍ إلى مزيدٍ من التحفيز"، أو "لا يمكنك أن تفشل أبداً"؛ ويمكنك إضافة مزيدٍ من هذا الهراء هنا. الأشياء الهامَّة التي يجب تذكُّرها عند تغيير العادات هي بسيطةٌ وسهلةٌ على حدٍّ سواء، لأنَّها حقيقةً تُحدِث الفارق كلَّه. لذا، دعنا نرَ ما هذه الأشياء الصغيرة.

Share your love

لكن، فلنتشاطر بعض الحقائق غير العادية: قد لا تحتاج إلى بناء العادات وتغييرها، ولا إلى التحفيز أو الاستيقاظ في الخامسة صباحاً؛ إذ يمكنك أن تفشل عدة مرات، وأن تكون كسولاً، وألَّا يكون لديك حافز؛ ومع ذلك، لا يزال بإمكانك إنجاح الأمر بسهولة.

إنَّه أمرٌ بسيطٌ ويسهل القيام به، خاصَّةً مع القائمة التالية؛ ولكن تذكَّر أنَّ جيم رون (Jim Rohn) اعتاد أن يقول: “ما هو بسيطٌ ويسهل القيام به، هو أيضاً بسيطٌ ويسهل عدم القيام به”.

الأشياء الهامَّة التي يجب تذكُّرها عند تغيير العادات هي بسيطةٌ وسهلةٌ على حدٍّ سواء، لكن لا تعتقد أنَّها لا تحدث أيَّ فارق؛ لأنَّها حقيقةً تُحدِث الفارق كلَّه. لذا، دعنا نرَ ما هذه الأشياء الصغيرة:

1. ابدأ بمقدار محدود:

أكبر خطأ يرتكبه الناس مع العادات هو أن يبدؤوا بالكثير منها. إياكَ والبدء بمقدارٍ كبيرٍ على الإطلاق، وابدأ بمقدارٍ صغيرٍ من عاداتك. فمثلاً:

  • أتريد أن تنمِّي عادة قراءة الكتب؟ لا تبدأ بقراءة كتابٍ في اليوم، بل ابدأ بقراءة عشر صفحات في اليوم فقط.
  • هل تريد أن تصبح كاتباً؟ لا تبدأ بكتابة 10000 كلمةٍ في اليوم، بل ابدأ بكتابة 300 كلمة في اليوم فقط.
  • أتريد إنقاص وزنك؟ لا تتوقَّف عن تناول الآيس كريم، بل تناول كرةً واحدةً أقلَّ منه.

يجب أن تبدأ بمقدارٍ صغيرٍ مهما كان ما تفعله، إذ تؤدِّي البداية الكبيرة دائماً إلى الفشل، ولا بدَّ لها من ذلك؛ لأنَّها ليست مستدامة. ابدأ بمقدارٍ صغير، بحيث تكون الكمية التي تبدأ بها مريحةً بالنسبة إليك، فمثلاً: إذا كنت تعتقد أنَّ قراءة 20 صفحةً من كتابٍ ما أكثر من اللازم، فلتبدأ بقراءة 10 أو 5 صفحات؛ إذ يجب أن تبدو المهمَّة سهلة، ويسهل القيام بها أيضاً.

قُم بالقليل اليوم، لتنجِز المزيدٍ في السنة.

2. أبقِ المقدار محدوداً:

هناك مفهومُ يدعى كايزن “Kaizen”، والذي يعني التحسين المستمر، وقد استُخدِمت هذه الفكرة في العادات، حيث يُطلَب منك البدء بقراءة صفحةٍ واحدةٍ من كتابٍ يومياً، ثمَّ زيادة مقدار ما تفعله تدريجياً، وبمرور الوقت؛ لكنَّ المشكلة مع هذا النهج هو خط النهاية، حيث يتوقَّف “التحسين”.

لا بدّ أنّك تتساءل: “إذا انتقلْتُ من قراءة صفحةٍ واحدةٍ من كتابٍ في اليوم، ووصلت تدريجياً إلى 75 و100 صفحة، فمتى أتوقف؟”، “متى أتوصَّل إلى قراءة كتابٍ واحدٍ في اليوم؟”، عندما تبدأ عادةً ما، ابقَ فيها بالكثافة التي حدَّدتها، ولا تدفع نفسك للقيام بالمزيد.

فمثلاً: بدأ أحدهم بقراءة 20 صفحةً من كتابٍ ما في اليوم، ومضى أكثر من عامين على ذلك، وكان خلالهما قد قرأ 101 كتاباً في تلك الفترة، ولا سبيل لزيادة العدد في المستقبل. لماذا؟ لأنَّ قراءة 40 إلى 50 كتاباً في السنة أمرٌ أكثرُ من كافٍ. ينطبق الشيء نفسه على كلِّ عادةٍ أخرى، فقط اختر رقماً (صغيراً)، والتزم به.

3. تذكَّر أنَّ نسبة حدوث الأيام السيئة هي 100%:

سيكون لديك أيامٌ سيئةٌ لن تمارس فيها عادتك لفترة، وذلك بغض النظر عن مدى روعتك.

لا توجد طريقةٌ للالتفاف حول هذا الأمر، لذا من الأفضل أن تُعِدَّ نفسك لحدوثه بدلاً من التفكير في أنَّه لن يحدث، فما يمكن فعله عندما يفوتنا يومٌ دون ممارسة عاداتنا هو أن نحاول العودة في اليوم التالي لممارسة العادات عن كلا اليومين. فمثلاً: إذا قرأت 20 صفحةً من كتابٍ يومياً وفوَّتَ يوماً دون قراءة، ستضطر في اليوم التالي لقراءة 40 صفحة. وكذلك، إذا فاتتك كتابة 50 كلمة، فعليك كتابة 100 كلمةٍ في اليوم التالي.

هذه نقطةٌ هامَّةٌ حقاً، وسوف نناقشها لاحقاً، وهي الطريقة التي يجب أن نستعدَّ بها للأيام السيئة عندما نفوِّت ممارسة عادتنا، وهي في الواقع النموذج الذي يجب أن يتبعه الجميع.

4. تأكَّد أنَّ أولئك الذين يتبعون عادة، يخرقونها:

عندما تتبع نشاطاً ما، يمكنك أن تعرف بشكلٍ موضوعيٍّ ما قمت به في الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات الماضية؛ وإذا كنت لا تتبع عادةً ما، فإنَّك بالتأكيد ستنسى كلَّ شيءٍ فعلته.

هناك العديد من الطرائق المختلفة لتتبُّع أنشطتك اليوم، بدءاً من استخدام موقع Habitica (موقعٌ لإدارة وتذكُّر المهام)، وصولاً إلى ملفِّ إكسل بسيط.

قال “بيتر دراكر” (Peter Drucker)، كاتبٌ اقتصاديٌّ وإداري: “ما تتَّبِعه هو ما تفعله”. لذا، تتبَّع شيئاً ما للقيام به، سيساعد هذا حقاً؛ لكن، يترافق التتبع مع نشاطٍ واحدٍ أكثر سهولة، وهو “القياس”.

5. قِس مرةً واحدة، ونفِّذ مرَّتين:

يقول بيتر دراكر أيضاً: “ما تقيسه هو ما تُحسِن القيام به”، فلدينا إلى جانب التتبع أرقامٌ يمكننا قياس كميَّات الأنشطة اليومية من خلالها، مثل:

  • للقراءة: 20 صفحة يومياً.
  • للكتابة: 500 كلمة يومياً؛
  • بالنسبة إلى صالة الألعاب الرياضية: (ذهبتَ) أو (لم تذهب) إلى الصالة اليوم.
  • للميزانية: تدوين الدخل والنفقات.

يسير كلاً من التتبع والقياس جنباً إلى جنب، ويستغرق الأمر أقلَّ من 20 ثانيةٍ يومياً للتبّع، لكنَّهما يخلقان من الزخم ما لا يمكن تصديقه.

6. اعرف أنَّ كلَّ الأيام تُحدِثُ فارقاً:

هل سيجعلك يومٌ واحدٌ في صالة الألعاب الرياضية تتمتع باللياقة؟ لن يحدث ذلك. هل يفعل ذلك يومان؟ لن يفعلا. ماذا عن ثلاثة أيام؟ كلَّا، لن يفعلوا. ممَّا يعني أنَّ جلسة رياضيةٍ واحدةٍ لن تجعلك تتمتع باللياقة، ولكن بعد 100 جلسةٍ في الصالة الرياضية، سوف يبدو أنَّك تتمتع باللياقة، وستشعر بذلك أيضاً. ماذا حدث؟ ما الذي جعلك تتمتع باللياقة؟ الإجابة عن هذه المفارقة هي أنَّه لا يمكن لجلسة ألعابٍ رياضيةٍ واحدةٍ أن تجعلك تتمتَّع باللياقة، أمَّا كلُّ الجلسات المتعاقبة ​​فتفعل ذلك.

لا يوجد يومٌ واحدٌ يُحدِث فارقاً، ولكن عندما تُجمَع الأيام، فإنَّها تُحدِث ذلك؛ وبالتالي ثِق بالعملية واستمرَّ (بمقدارٍ صغير).

7. تذكَّر أنَّ العادات لا تعمل من تلقاء نفسها أبداً:

يقول معلمو العادات أنَّ هذه العادات تصبح تلقائية. نعم، يصبح بعضها كذلك، مثل استخدام طريقةٍ معينة لتنظيف أسنانك؛ لكن، لا تصبح بعض العادات تلقائية، وإنَّما تصبح أسلوب حياة.

المقصود بذلك هو أنَّك لن “تستيقظ” تلقائياً في صالة الألعاب الرياضية وتتساءل كيف وصلت إلى هنا، بل سيصبح الاستيقاظ والذهاب إلى الصالة الرياضية جزءاً من أسلوب حياتك. الفارق هو أنَّك تقوم بأول مرةٍ تلقائياً دون التفكير الواعي، في حين أنَّ المرات الأخرى تصبح جزءاً من الطريقة التي تعيش بها حياتك.

إنَّها ليست تلقائية، ولكنَّها قرارٌ لا تتدبره ولا تفكِّر فيه؛ أنت ببساطةٍ تقوم به؛ وقد يكون الأمر سهلاً عند نقطةٍ معينة، لكنَّه لن يصبح تلقائياً تماماً أبداً.

8. تأكَّد أنَّ ما أوصلك إلى هنا، لن يصل بك إلى هناك بالضرورة:

لدى رجل الأعمال والكاتب الأمريكي مارشال غولدسميث (Marshall Goldsmith) كتابٌ رائعٌ يحمل عنوان هذه الفقرة نفسه. تعني الجملة أنَّك ستحتاج أحياناً إلى التخلُّص من عاداتٍ معينة، لإفساح المجال لعاداتٍ أخرى ستنقلك إلى الخطوة التالية. لا تخف من تطوير عاداتك عندما تشعر أنَّها لا توصلك إلى المكان الذي تودُّ الوصول إليه.

على سبيل المثال: قد يبدأ أحدنا بالقراءة، ويمكن لهذا أن يكون حول قراءة نوعٍ معينٍ من الكتب، مثلاً: كتب الأعمال والتكتيك؛ ولكن بعد مدةٍ من ذلك، يتحوَّل إلى كتب الفلسفة التي لا تعلِّمه أيَّ شيءٍ “قابلٍ للتطبيق”؛ ولكن، بدلاً من ذلك، تعلِّمه كيفية التفكير.

أقوى شجرةٍ هي شجرة الصفصاف؛ ليس لأنَّ لها جذراً أقوى أو جذعاً أكبر، بل لأنَّها مرنةٌ بما فيه الكفاية لتتحمَّل أيَّ شيءٍ لتستمر بالحياة. لذا، كن مثل الصفصاف، وتكيَّف مع الأساليب الجديدة للقيام بالأشياء.

9. ضع هدفاً ثم انسه:

يعرف من هم أكثرنا نجاحاً ما يريدون تحقيقه، لكنَّهم لا يركِّزون عليه. أيبدو هذا متناقضاً؟ أنت على حق، ولكن سنذكر هنا المنطق الذي يكمن وراء ذلك.

يجب أن يكون لديك هدفٌ للقيام بشيءٍ ما، مثلاً: “أريد أن أصبح شخصاً معافىً”؛ وبعد ذلك، تحتاج إلى ما يشبه الهندسة العكسية لكيفية التوصُّل إلى ذلك من خلال عاداتك، مثلاً: “سأذهب إلى صالة الألعاب الرياضية أربع مراتٍ في الأسبوع”؛ ولكن بمجرَّد حصولك على هدفك، فعليك “نسيانه” والتركيز فقط على العملية؛ لأنَّك تعمل على أن تصبح شخصاً معافى، وهذا في طور التكوين دائماً، إذ سوف تكون بصحةٍ جيدةٍ طالما تهتمُّ بجسدك؛ لذلك، لديك هدفٌ غير ثابت، ولكنَّه يستمرُّ في التقدُّم.

إذا ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية 150 مرةً في العام وحقَّقت هدفك، فماذا تفعل بعد ذلك؟ ستتوقَّف عن الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ لهذا السبب يختبر الأشخاص الذين يركِّزون على “الهدف” تأثير اليويو، أو ما يُسمَّى بتأثير تدوير الوزن (فقدان الوزن وإعادة اكتسابه مرةً أخرى)، ولهذا السبب أيضاً لا يقع الأشخاص الذين يركِّزون على العملية في ذلك الفخ. الفارق بينهم هو أنَّ المجموعة الثانية تركِّز على الإجراءات اليومية، بينما تركِّز الأولى على المكافأة في خط النهاية فقط.

حدِّد هدفاً، ثمَّ انسَ الأمر، واحصد مكافئاتٍ هائلة.

10. عاقب نفسك:

القسمان الأخيران من هذه النصائح هما من “البافلوفية” المحضة، وهي الارتباط الشرطيُّ الذي تحدَّث عنه العالم الروسي إيفان بافلوف (Ivan Pavlov)؛ حيث يجب معاقبة السلوك السيئ ومكافأة السلوك الجيد. أنت الشخص الوحيد الذي يقرِّر ما هو الجيد وما هو السيء بالنسبة إليك، ولكن يتعيَّن عليك أن تتبع هذا بدقةٍ عندما تقوم به.

لقد تحدثنا في الفقرة الثالثة عن الأيام السيئة، وكيف أنَّنا نضاعف العمل في اليوم التالي لحدوثها، وهذه إحدى أشكال العقوبات. إنَّها الحاجة إلى إخبار دماغك أنَّ بعض السلوكات غير مقبولة، وأنَّها تؤدِّي إلى نتائج سيئة؛ وهذا هو الغرض من العقوبات.

تريد أن تخبر دماغك أنَّ هناك عواقب وخيمةٌ لتفويتك العادات اليومية، فمثلاً: لا تتناول طعامك المفضل، أو لا تشاهد عرضك المفضل، أو لا تذهب إلى السينما لمشاهدة فيلمٍ جديد، لا تفعل أيَّ شيء تعدّه مكافئة أو تستمتع به؛ سيتذكَّر الدماغ هذه المشاعر السيئة، وسيحاول تجنُّب السلوكات التي تؤدِّي إليها قدر الإمكان؛ ولكن لا تنسَ الوجه الآخر للعملة نفسها وهو مكافئة النفس أيضاً.

11. كافِئ نفسك:

كافئ نفسك عند اتباع وتنفيذ خطتك، وبهذه الطريقة يعرف الدماغ أنَّك فعلت شيئاً جيداً. كلَّما أنهيت إحدى عاداتك لهذا اليوم، أحضر أداتك للتتبع واملأها بالأرقام.

قم بذلك بمجرَّد أن تنهي قراءة 20 صفحةً من كتابٍ يومياً (أو أكثر قليلاً)، كي تحصل على دفعةٍ فوريةٍ من هرمون الإندورفين؛ وبعد 100 يوم، قارن بعض الأرقام لترى كيف أبليت. فإذا كان لديك أقلُّ من 10 أيامٍ فارغة (أي لم تمارس فيها العادات الجديدة)، فلتكافِئ نفسك بوجبةٍ رائعةٍ في مطعم، أو يمكنك تحديد مكافآتك الخاصة التي يمكن أن تكون يومية، أو أسبوعية، أو شهرية، أو بأيِّ جدولٍ زمنيٍّ عشوائيٍّ تختاره.

في النهاية:

ما تفعله ليس هامَّاً لك فقط، بل للأشخاص المحيطين بك أيضاً؛ فعندما تزيد من مقدار الجودة في حياتك، فإنَّك تزيد بشكلٍ غير مباشرٍ مقدار الجودة في حياة الناس من حولك. وأحياناً، هذا هو كلُّ “التحفيز” الذي نحتاج إليه لنبدأ، وإليك أفضل اقتباسٍ لنهاية هذا المقال: “يجعلك الحافز تبدأ، لكنَّ العادات تجعلك تمضي قُدماً”؛ فاستمرَّ إذاً في المُضي قدماً.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!