3 طرائق لإضفاء مزيدٍ من الروح الإنسانية على مكان العمل

يمكن للعمل أن يجرد العاملين من إنسانيتهم، فأنا لا أتكلم هنا عن الأعمال الشاقة فعلاً كالعمل في منجمٍ للفحم أو على آلةٍ للتنقيب عن النفط. فالعمل الذي يمتد من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً، على الرغم من ميزاته، يُعَدُّ امتداداً للوقت الذي كانت فيه الشركات تعامل العمال بوصفهم مورداً ثابتاً لا بوصفهم أشخاصاً قادرين على اتخاذ القرارات ويمكن الوثوق بهم.

Share your love

فأنا أؤمن بوجوب عدم النظر إلى العمل والحياة بوصفهما أمرَيْن مُتنافرَين ودمج المشاعر الإنسانية بالعمل بدلاً من ذلك. فقد رأيت مع شركاتٍ أخرى أنَّ هذا التحوُّل يمكن أن يؤثِّر بشكلٍ كبير في سعادة الناس وتفاعلهم مع أعمالهم. فنحن نؤدي جميعاً، لا سيما القادة، دوراً في هذه العملية. وإليك بضعَ طرائق لتبدأ بذلك:

1- أدخل لحظاتٍ إنسانيةً إلى الروتين اليومي:

إحدى الطرائق الفعالة لجعل العمل ذا معنىً هي من خلال تعزيز التواصل بين الأشخاص. فالبشر هم كائناتٌ اجتماعية، إذ أظهرت الدراسات أنَّ الألم الاجتماعي يتداخل من الناحية العصبية مع الألم الجسدي. وقد تبيَّن أنّ التقرُّب من الزملاء والشعور بالدعم على المستوى العاطفي هما دليلان قويَّان على الرضى عن العمل.

فلا تقلّل من أهمية التغييرات البسيطة كالتواصل البصري مع الزملاء عند التجوُّل في المكتب وسؤالهم بصدق عمَّا يجري في حياتهم. وبدلاً من الانتقال مباشرةً إلى جدول أعمال الاجتماع يمكنك البدء بعرض بعض الأمور الخاصة، فالتفاعلات اليومية يمكنها أن تبني العلاقات التي تُنسَجُ منها ثقافة الشركة.

أفضِّل أن أُخصِّص وقتاً في نهاية كل يوم لأفكر وأسأل نفسي: هل استمعت إلى زملائي بشكلٍ فعلي؟ وهل ابتعدت عن إصدار الأحكام، ومقاطعتهم في أثناء الكلام، وعن هاتفي المحمول؟ وهل كنت صبوراً عليهم ومكترثاً لهم؟

إنَّ تأثيرات هذه التفاعلات تتخطى مكان العمل، فقد قالَت إحدى زميلاتي بعد شهرين من انضمامها إلى الفريق أنَّها لاحظَت تغيُّراً في علاقاتها في المنزل. فقد وجدَت أنَّ اللغة التي تعلَّمَتْها والممارسات التي شاركَتْ فيها في العمل قد ساعدَتْها على تحسين تواصلها مع زوجها الذي تعيش معه منذ عشر سنوات.


اقرأ أيضاً:
6 نصائح للتواصل الناجح مع زملاء العمل

2- التفكير في أسباب التشتّت الذهني:

من طبيعة البشر أن يجلبوا معهم “أشياء” إضافية إلى مكان العمل. إذ أظهرت إحدى الأبحاث التي أُجريت حول الانتباه أنَّ شرود العقل حوالي نصف الوقت أمرٌ طبيعي، فالتشتت الذهني يأتي على شكل عوامل مقاطعة خارجية (كالمحادثات الصاخبة، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي) إضافةً إلى الحوارات التي تجري داخل ذهن الإنسان. فيمكن لعوامل التشتيت هذه أن تؤثِّر في قدرتك على البروز أمام الأشخاص الآخرين والقيام بعملك على الوجه الأفضل.

فالعديد من المنظمات تعطي الأولوية لصحّة موظفيها وسلامتهم، حيث تقول ثلاثة أرباع الشركات (72%) في استطلاعٍ أُجريَ مؤخَّراً إِنَّها تقدِّم برامج صحية بطريقةٍ أو بأخرى. ولكنَّ هذه البرامج تحتاج إلى تجاوز الصحة الجسدية والتعامل مع الصحة العاطفية، والذهنية، والروحية، إذ تُعَدُّ تمارين اليوغا، والتأمُّل، والوعي الجسدي جزءاً مهماً من الصحة الكلية.

فحينما أجلس للتأمُّل يمكنني البدء بمعالجة الأنماط النفسية والعصبية التي تشكَّلت لدي في المراحل المُبكِّرة من طفولتي وأثَّرت في مظهري في العمل، وأطرح على نفسي أسئلةً من قبيل: ما العواطف التي تظهر في نظامي العصبي؟ وما الذي يمنعني من البروز؟ وما الأفكار القديمة التي أستطيع التخلي عنها؟ حيث تأتي الإجابات عن هذه الأسئلة من النظام العصبي لا من العقل المُفكِّر.

3- تعرَّف على الاختلافات بينك وبين زملائك في العمل:

ماذا لو نظرْتَ إلى الاختلافات بين الناس بصفتها مصدراً للفرص بدلاً من أن تنظر إليها بصفتها مصدراً للتفريق؟ فمن خبرتي يمكن لهذا التحول في التفكير أن يفتح أبواباً جديدةً لحل المشكلات، والتواصل مع الآخرين، والوصول إلى أفكار.

فأنا أقوم بذلك من خلال البحث عن طرائق للتعامل مع القصص، ووجهات النظر، والعادات التي لا تتطابق مع نظيراتها التي لدي – من خلال إيجاد فرصة لتناول الغداء مع أشخاصٍ جديدين وسؤالهم عن حياتهم خارج المكتب على سبيل المثال. وأستمع إليهم بهدف إبداء الاهتمام بخبراتهم لا بهدف مقارنتها بخبراتي.

فإذا كنت من الأشخاص الذين لا يجد إبداء الاهتمام طريقه إليهم فجرِّب حظَّك مع الفضول. فمن الأمور البسيطة التي يستطيع أيُّ أحدٍ تجريبها هو تذكُّر الأوقات التي كنت تطلق فيها الأحكام بشكلٍ عشوائي على الأشخاص والأشياء. ومن ثمَّ اسأل نفسك ماذا لو واجهْتَ هذا الشخص أو ذاك الشيء بالفضول بدلاً من أن تواجهه بإصدار الأحكام؟ وكلما فكَّرت في ذلك زاد احتمال تميزك مباشرةً وقدرتك على التواصل من خلال الاختلافات.


اقرأ أيضاً:
6 نصائح للتواصل الناجح مع زملاء العمل

تُعَدّ هذه الممارسات ممارساتٍ مُترابطة، فهي جميعاً جزءٌ من عملية كسر الحواجز بين العمل والحياة وهي العملية التي تحتاج إلى وقت وإصرار. وقد تتَّسم بالإثارة، والصعوبة، والفوضوية في بعض الأحيان لأنَّها تتطلَّب منا أن نكون على أكبر قدرٍ من الإنسانية من أجل تحقيق النجاح.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!