إنَّ قدرتهم على البقاء في معزل عن التشاؤم والنظرة السلبية التي تُعيق العديد من الناس الأذكياء هي ما تدفعهم بثقة إلى الأمام لمواجهة المحن، وقد درس عالِم النفس “مارتن سليجمان” (Martin Seligman) في جامعة “بنسلفانيا” (University of Pennsylvania) هذه الظاهرة أكثر من أي شخص آخر، ووجد أنَّ النجاح في الحياة مدفوع بتمييز حاسم واحد: سواء أكنتَ تعتقد أنَّ فشلك ناتج عن عجز شخصي خارج عن إرادتك أم أنَّها أخطاء، فإنَّ بإمكانك إصلاحها ببذل القليل من الجهد.
ليس النجاح هو الشيء الوحيد الذي تُحدده طريقة تفكيرك، فقد وجد “سليجمان” (Seligman) أنَّ معدلات الاكتئاب عند الناس الذين يعزون إخفاقهم إلى شعورهم بالعجز أعلى بكثير من أولئك المتفائلين الذين يتعاملون مع الفشل كونه تجربة يتعلمون منها، وممَّن لديهم القناعة الكافية التي تجعلهم يؤمنون أنَّ بإمكانهم القيام بعمل أفضل في المستقبل.
وتتطلب طريقة التفكير هذه ذكاءً عاطفياً، ولا عجب أن يكون 90% من بين أكثر من مليون شخص لديهم مستوىً عالٍ من الذكاء العاطفي، وذلك وفقاً لاختبار أجرته شركة “تالنت سمارت” (TalentSmart)
ليس سهلاً أن تحافظ على عقلية النجاح؛ فهناك سبعة أشياء تميل لأن تثبط عزيمتك في هذه الرحلة، وتجر هذه التحديات الناس إلى الأسفل لأنَّها تبدو حواجزَ لا يمكِن التغلب عليها، ولكنَّ الأمر ليس سياناً عند الناجحين؛ ذلك أنَّ التحديات التالية لا تعوقهم أبداً.
1. العمر:
إنَّ العمر هو مجرد رقم؛ ذلك أنَّ الناجحين لا يسمحون لعمرهم بتحديد ماهيَّتهم وقدراتهم، ولتتأكد من ذلك، عليك سؤال أي رائد أعمال في طور النمو، ربما سبق وسمعتَ أحد الأساتذة في الجامعة يقول إنَّ الطلاب ما زالوا صغاراً ومحدودي الخبرة ليعملوا في مناصب ترتبط باختصاصهم، وأنَّ عليهم العمل في شركات أخرى لسنوات عدَّة قبل أن يأملوا في تحقيق النجاح كرواد أعمال، إلا أنَّ أصغر هؤلاء الطلاب من الممكن أن يُبدع في مجاله ويحقق النجاح أكثر من أي شخص مخضرم.
قد يشعر الناس أنَّ عليهم إخبارك بما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفعله بسبب عمرك؛ لذا لا تصغِ إليهم، فالناجحون لا يفعلون ذلك بل يتبعون قلبهم ويسمحون لشغفهم أن يرشدهم.
2. السلبية:
لن تسير الحياة كما تريدها دائماً، إلا أنَّك تملك 24 ساعة يومياً مثل الجميع، والناجحون وحدهم هم مَن يلتفتون لوقتهم ويستثمرونه، وبدل التذمر من الطريقة التي ينبغي أن تجري بها الأمور، فإنَّهم يتأملون ويمتنون لكل ما يملكونه ثمَّ يجدون الحلول الأفضل، ويعالجون المشكلات، ويمضون قدماً، وعندما يتصرف الآخرون بسلبية ويشتكون طوال الوقت، فإنَّ الناجحين يضعون حداً لذلك ويتجنَّبونه.
ومن الطرائق التي لها دور في وضع حد للمشككين هي سؤالهم عن نيتهم في إصلاح المشكلة التي يتذمرون منها؛ فإما أن يلتزموا الصمت أو يستمروا في الحديث بطريقة مثمرة.
شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/6oJNXSRGnE8?rel=0&hd=0″]
3. الناس السامة:
يؤمِن الناجحون بفكرة بسيطة مفادها أنَّنا نتاج أكثر خمسة أشخاص نقضي أغلب وقتنا معهم، وعند التفكير في الأمر فقد أُسِّسَت أنجح الشركات العالمية الحديثة من قِبَل شركاء لامعين مثل: “ستيف جوبز” (Steve Jobs) و”ستيف وزنياك” (Steve Wozniak) اللذين ترعرعا في الحي ذاته وأنشآ شركة “أبل” (Apple)؛ و”بيل غيتس” (Bill Gates) و”بول ألين” (Paul Allen) اللذين كانا في المدرسة التحضيرية ذاتها وأسَّسا شركة “مايكروسوفت” (Microsoft)؛ بالإضافة إلى “سيرجي برين” (Sergey Brin) و”لاري بيج” (Larry Page) اللذين التقيا في جامعة “ستانفورد” (Stanford) وأسَّسا شركة “غوغل” (Google).
وكما يساعدك العظماء في الوصول إلى إمكاناتك الكاملة، فإنَّ الأشخاص السامين يجرونك إلى الهاوية معهم، سواء بسلبيتهم أم قسوتهم أم تمثيلهم لدور الضحية؛ فهُم يخلقون جواً من الإجهاد والخلافات التي ينبغي تجنبها بأي ثمن.
وقد يعود سبب تعاستك وعدم ارتياحك في موقعك الحالي من الحياة إلى أولئك الذين يحيطون بك، ولن تبلغ القمة حتى تجد الأشخاص المناسبين وتحيط نفسك بهم.
4. آراء الناس فيك:
أنت وحدك مَن يقرر مصيرك؛ لذا ففي اللحظة التي ينبع فيها رضاك عن ذاتك من خلال مقارنة نفسك بالآخرين، فإنَّك ستفقد هذه المَلَكة، وبما أنَّه من المستحيل أن تسيطر على ردات فعلك عن تقييمات الآخرين، ولكن ليس لزاماً عليك أن تقارن إنجازاتك بإنجازات أي أحد، وتستطيع أن تدير ظهرك لآراء الناس متى شئت، فخُذ آراءهم دون أن تلتزم بها، وبذلك تبقى قيمتك نابعةً من داخلك مهما كانت أفكارهم أو تصرفاتهم.
يعلم الناجحون أنَّ الاهتمام بما يعتقده الآخرون مضيعةً للوقت والطاقة، فإنَّهم متى شعروا بالارتياح حيال شيء فعلوه مهما كلفهم ذلك، وبصرف النظر عما يعتقده الآخرون إلا أنَّ الشيء الأكيد أنَّهم ليسوا مَن يحددون فيما إذا كنتَ شخصاً جيداً أم سيئاً.
5. الخوف:
ما الخوف إلا مجرد شعور نابع من مخيلتك، وهو خطر حقيقي؛ لأنَّ اندفاع الأدرينالين الذي يتدفق في جسمك أشبه بالوقوف أمام حافلة.
يُعَدُّ الخوف اختياراً، ويعرف الناجحون ذلك أكثر من أي شخص؛ لذا لا يؤثر فيهم، وذلك لأنَّهم مدمنون على البهجة التي يحصلون عليها عند كسر مخاوفهم.
لا تتراجع في حياتك لأنَّك تشعر بالخوف فقط، فكثيراً ما نسمع الناس يقولون: ما أسوأ ما قد يحصل؟ هل سيقتلك ويتخلص منك؟” إلا أنَّ الموت ليس أسوأ ما قد يحصل، بل أن تسمح لنفسك بالموت داخلياً بينما لا تزال على قيد الحياة.
6. التحسر على الماضي والخوف من المستقبل:
وهو أيضاً نتاج عقلك، فلا يمكِن أن تُغيِّر الماضي مهما شعرتَ بالذنب ولا يمكِن للقلق أن يُغيِّر شيئاً من المستقبل، وهذا ما يدركه الناجحون؛ لذا يركزون على العيش في اللحظة الراهنة، ومن المستحيل أن تصل إلى إمكاناتك بأكملها إذا كان عقلك يسرح في مكان آخر كلياً وكنتَ عاجزاً عن تبنِّي الواقع بكل سلبياته وإيجابياته في اللحظة الحالية.
وكي تعيش في اللحظة الراهنة، عليك فعل شيئين، أولهما: أن تتقبل الماضي، فإذا لم تتصالح مع ماضيك فلن يتركك وسيفسد مستقبلك، ويعرف الناجحون الوقت الوحيد المناسب للنظر إلى الماضي، وهو أن ترى المكان الذي كنتَ قد وصلتَ إليه، أما الشيء الثاني: فهو تقبُّل عدم استقرار المستقبل وعدم وضع توقعات لا داعٍ لها، وقد قال الفيلسوف “مارك توين” (Mark Twain) ذات مرة: “يشبه القلق قضاء دين ليس عليك”.
7. الوضع الذي يعيشه العالم:
إذا تابعتَ الأخبار فترة طويلة، فقد تلاحظ أنَّها مجرد حلقة لا نهاية لها من الحروب والهجمات العنيفة والاقتصاد الهش، فضلاً عن فشل الشركات والكوارث البيئية، ومع هذا كله، أصبح من السهل التفكير أنَّ العالم في انحدار سريع.
ولكن مَن يعلم، ربما الأمر كذلك، لكن لا يقلق الناجحون بشأن ذلك؛ لأنَّهم لا يقعون في شِراك أمور لا يستطيعون السيطرة عليها، بل يركزون طاقتهم على توجيه الأشياء التي في حدود قوَّتهم، ويصبُّون جل اهتمامهم على الأشياء التي يمتنون لها، ويبحثون عن الخير الذي يحدث في العالم، كما يسخرون طاقتهم لتحسين حياتهم والعالم من حولهم؛ لأنَّ هذه الخطوات الصغيرة هي ما تجعل العالم مكاناً أفضل.
في الختام:
وحدها طريقة تفكيرك قادرة على أن تنتشلك من براثن العجز والإحباط، وتقودك نحو النجاح؛ فمن خلال التركيز المنظم، يمكِنك ضمان أنَّ هذه العقبات السبع لن تمنعك من إطلاق إمكاناتك الكاملة.
المصدر