7 خطوات لتغيير عاداتك السيئة

شخصية الفرد ما هي إلَّا مجموعةٌ من السلوكات والعادات المتكررة، سلبيةً كانت أم إيجابية؛ وإنَّ الطريق نحو إحداث تغييرٍ هامٍّ في الحياة يتطلَّب الالتزام الحقيقي والجاد، والثبات للوصول إلى ما يطمح إليه الفرد، وعندها لن يثنيه أحدٌ عن تحقيق ما يرنو إليه. إليكَ هذه الخطوات التي سوف توضِّح آليةً علميةً ومجربةً تستطيع توظيفها في هدم العادات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية، لتحقيق النجاح والتفوق في حياتك.

Share your love

قد تشكِّل بعض العادات السيئة حواجز ومعوِّقاتٍ تكبِّل إرادة الشخص وتمنعه من مواصلة التزامه للتقدُّم وتطوير ذاته، وعلى العكس من ذلك فإنَّ تبنِّي العادات الإيجابية يُعدُّ المكوِّن الرئيس للشخصية الجذَّابة والناجحة.

عاداتك هي وقودك للوصول إلى القمة، وسبيلك لتحقيق حالة السلام الداخلي وارتقاء الذات؛ وإنَّ التخلُّص من العادات السلبية وتطوير عاداتٍ جديدةً وإيجابيةً سيقلِّل من توترك، ويزيد من إنتاجيَّتك، ويساعدك لتعيش حياةً أكثر صحةً ونجاحاً.

كيف تتخلَّص من عادة ما بشكلٍ دائم؟

تكتسب الحياة معناها من الأفعال التي نقوم بها بشكلٍ متكرر، وبالتالي يُعدّ وضع استراتيجيةٍ فعَّالةٍ للتوقُّف عن اتباع العادات السيئة أمراً ضرورياً.

فإذا كنت ترغب حقاً بتغيير عادةٍ لديك تعدُّها سلبيةً وتودُّ التخلُّص منها نهائياً؛ فيجب أن يكون تركيزك منصبَّاً على الطريقة والأسلوب لكسر تلك العادة، وبناء أخرى إيجابيةٍ بدلاً منها.

إليكَ هذه الخطوات التي سوف توضِّح آليةً علميةً ومجربةً تستطيع توظيفها في هدم العادات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية، لتحقيق النجاح والتفوق في حياتك.

1. حدِّد العادات التي تريد تغييرها:

لا يكفي إدراكك ومعرفتك الفعلية بعاداتك السيئة، ولكن يتوجَّب عليك الاهتداء إلى الطريقة التي تضمن تغييرها بصورةٍ نهائية؛ وبهذا الخصوص نجد أنَّ “روبرت تايبي” (Robert Taibbi) -الأخصائي الاجتماعي السريري المعتمد- يؤكِّد ما يلي: “يبدأ تحفيزك للبدء بعملية كسر العادة من خلال التفكير بسلوكاتٍ محدَّدةٍ وقابلةٍ للتنفيذ مثل: عدم إلقاء حذائك في غرفة المعيشة ولكن وضعه في مكانه المخصص. ابدأ التغيير من القاعدة”.

إنَّ التحديد هو الحلُّ الأساسي للمشكلة، حيث سيساعدك تحديد عاداتٍ معينةٍ بدلاً من سلوكاتٍ عامَّةٍ في التغيير على نحوٍ أسرع، ما يتيح لك الوصول إلى هدفك مباشرةً بدلاً من إضاعة الوقت.

2. ادفع غرامة مقابل كل عادة سيئة:

أن تدفع غرامةً مقابل كلِّ عادةٍ سيئةٍ تقوم بها قد يبدو أمراً سهلاً وبسيطاً في البداية، وقد لا يشكِّل إنفاق مبلغٍ زهيدٍ مقابل شرائك علبة سجائرٍ أيَّ نوعٍ من الأعباء الإضافية؛ ولكن إذا غيَّرت نمط تفكيرك هذا ونظرت إلى الموضوع على أنَّه عقاب، وأنَّ إنفاق تلك الأموال هو هدرٌ لها؛ ستدرك عندها ما قد تجمعه هذه الغرامات على مدى الأيام وما يمكن تحصيله في حال عدم إهدارها، وبأنَّ دفع الغرامة التي فرضتها على نفسك يجعل من عاداتك السيئة مصدر إزعاج.

3. ابحث عن دوافعك:

تنشأ العادات السيئة في معظم الأحيان من شعور الفرد بالإجهاد والضجر؛ لذا فإنَّ تحديد السبب الجذري وراء اكتساب هذه العادة قد يكون كفيلاً بتغييرها أو استبدالها بأخرى أفضل، فعلى سبيل المثال: إذا كان تناولك الأطعمة السريعة مرتبطٌ بحالتك الجسدية أو النفسية، ويعود إلى شعورك بالإرهاق والتعب؛ فيجب أن تُحدِّد هذا الوقت الذي تجري استثارتك فيه وقيامك فيه بهذه العادة، ثمَّ حاول استبدالها بعد ذلك بعادةٍ إيجابيةٍ تخفِّف من إجهادك وتزيل التوتر مثل: ممارسة التأمل، أو المشي، أو ممارسة بعض وضعيات اليوغا.

4. ابدأ بتغييرات صغيرة:

قد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً منتظماً من أجل تبنِّي عاداتٍ جيدةٍ وجديدةٍ في حياتنا اليومية. إنَّها ليست قضيةً سهلةً بالتأكيد، ويجب عليك توقُّع أنَّ كسر العادة السيئة لا يحدث بين عشيةٍ وضحاها، بل يحتاج مزيداً من الصبر والتركيز على اتخاذ خطواتٍ صغيرة وواضحة في البداية.

فعلى سبيل المثال: يمكنك التقليل من تناولك للسكر إذا استخدمت حليباً قليل الدسم بدلاً من كامل الدسم في أثناء تحضيرك للقهوة. لا تطمح إلى تغييرات دراميةٍ وخياليةٍ بالإقلاع عن استهلاك السكر نهائياً؛ لأنَّك ستفشل لاحقاً؛ لذا ابدأ بالقليل من التغيير، فليس الهامُّ هو الكمُّ الذي تنجزه في عادةٍ ما، بل إنَّ الأهمَّ هو مقدار المداومة على فعل هذه العادة الإيجابية الجديدة.

5. مارس التأمُّل:

يخلق التأمُّل حالةً من الوعي والإدراك لخبايا ذواتنا، فيغوص المرء تدريجياً ويجتاز طبقات نفسه واحدةً تلو الأخرى ليتعرَّف على ماهية ما يحدث في كونه الداخلي الرحيب ولماذا. إنَّه يكشف جميع الأوهام التي عادةً ما نقنع أنفسنا بها للقيام بالعادات والأمور السيئة.

اكتشف علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أنَّه بالرُّغم من أنَّ العادات لها جذورٌ عميقةٌ في الدماغ، إلَّا أنَّ مركز التخطيط في الدماغ قادرٌ على غلق هذه العادات والتخلُّص منها.

إنَّ ممارسة التأمُّل واليقظة الذهنية يؤدِّي إلى تنشيط قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التخطيط واتخاذ القرار والتركيز، كما تُقلِّص أيضاً من عمل اللوزة الدماغية اليمنى المسؤولة عن الخوف والمشاعر السلبية، وبذلك فهي قادرةٌ على منحنا السيطرة الكاملة على تلك المشاعر والمخاوف التي تؤثِّر سلباً في عاداتنا.

ووفقاً لما ذكر “جودسون بريوير” (Judson Brewer) في حديثه على منصة تيد (TED)، فإنَّ عقلك يتبع روتيناً يتألَّف من: الحافز والسلوك والمكافأة. فعلى سبيل المثال: قد يساعدك التدخين في التغلُّب على مشاعر القلق أو الحزن في أثناء تعرُّضك إلى حادثٍ ما، وتستمرُّ في الانخراط تدريجياً في السلوك؛ لأنَّه كفيل بمساعدتك في التخفيف من التوتر، ومنح جسدك مكافأة المتعة والراحة.

توصَّل “بريوير” وبعض المشاركين في بحوثه إلى أنَّ التدخين له مذاقٌ ورائحةٌ سيئان جداً. عادةً ما تحلِّل قشرة الفص الجبهي آثار العادات السيئة، ولكنَّها تتعطَّل تماماً عندما يكون الشخص متوتراً، وبممارستك للتأمل يمكنك تنشيط هذه المنطقة لمساعدتك في تحديد المثيرات، وتقويم العادات السيئة، وتبنِّي العادات الجيدة.

6. هيِّئ بيئةً محيطةً مناسبة:

لقد أظهرت عدة دراساتٍ أنَّ البيئة المحيطة بالشخص تؤثِّر في العادات التي يكتسبها. إن كنت تقوم بالسلوكيات نفسها في البيئة نفسها، فمن الصعب تغيير عاداتك، وستعود دائماً إلى نقطة الصفر.

وتشمل العادات ثلاثة أجزاء:

  • الإشارة البصرية” المسؤولة عن تحفيز دماغك على اتباع الروتين.
  • ويأتي بعدها “الأداء الفعلي” وممارسة العادة.
  • وبعد ذلك “المكافأة” التي تأتي من خلال الروتين.

وكمثالٍ على ذلك: مرورك في شارعٍ يحتوي متجراً للسجائر (حصول الإشارة)، وتوجُّهك إليه لشراء علبة السجائر، ومن ثمَّ البدء بتدخينها (الروتين)، وحصولك على الفور على ذلك الشعور الممتع لفترة قصيرة (المكافأة). فإذا كنت ترغب حقاً في التوقف عن التدخين، عليك التوقف عن السير في هذا الشارع، فبمجرد التوقف عن تلقِّي الإشارة البصرية من خلال تغيير بيئتك، سوف يكون بإمكانك تهيئة نفسك لتبنِّي عاداتٍ جديدةٍ مفيدة.

7. كن صبوراً مع نفسك:

لا تحدث الأشياء الهامَّة بين عشية وضحاها، وهذا أيضاً يشمل تغيير العادات؛ لذلك عندما يستغرق الأمر بعض الوقت لتغيير عادةٍ ما، يحتاج دماغك إلى مزيدٍ من الوقت لتطوير روابط جديدةٍ وإنتاج سلوكاتٍ جديدة؛ لذا انتظر عملية الضبط لتشغيل الدورة الكاملة، ولا تستسلم أبداً في أثناء انتظار تغيير هذه العادات.

8. أعِد صياغة نمط تفكيرك:

يمكنك تغيير عاداتك السلبية من خلال إعادة صياغة وكتابة “نصوصك النفسية” (Mental Scripting)، والتي يمكن تعريفها على أنَّها مجموعةٌ من السلوكات أو ردود الفعل على مواقف معينة، ويتطلَّب ذلك بذل مزيدٍ من الجهود المتضافرة.

يمكن أن تتضمَّن النصوص القديمة إخفاقاتٍ وخيباتٍ سابقة جرى إنشاؤها عن طريق التعزيز والتوكيد المستمر إمَّا بالحديث عنها، أو تبنِّيها، أو عن طريق تكرار حدوثها. إنَّ امتلاكنا لهذه النصوص لا يثبت أنَّها حقيقيةٌ وواقعٌ مستمر؛ إذ أنَّ حقيقة أنَّك فشلت البارحة، لا يعني أنَّك ستفشل اليوم.

ولكن، كيف يمكنك إعادة صياغة نصوصك النفسية؟

  1. التعرُّف على النصوص القديمة: انظر إلى ماضيك واعثر على الأحداث والمواجهات التي صنعت وكوَّنت وجهة نظرك الحالية.
  2. اكتب النص الذي تريد استبداله: تماماً كما يحدث عندما تعيد كتابة نصٍّ برمجي، فأنت عادةً ستكون بحاجةٍ إلى نصوصٍ برمجيةٍ أصلية.
  3. قسِّم النص إلى أجزاء وتناول الأول منه ومن ثمَّ ما يليه.
  4. ضع خطةً وخطواتٍ واضحةً للقيام بذلك.
  5. لا تُضِيِّع الوقت حتى يكون لديك خطةٌ مثالية للبدء، بل لتبدأ في الحال.

كم من الوقت يستغرق تغيير العادة؟

لا يوجد رقمٌ دقيق لتحديد إطارٍ زمنيٍّ للتخلُّص من عادةٍ أو لكسر العادات السيئة، فلقد قدَّم الباحثون العديد من التقنيات والأُطر الزمنية لتشكيل عاداتٍ جديدة.

قاعدة الـ 21 يوم:

جرى تعميم هذه القاعدة بعد البحث الذي أجراه الدكتور “ماكسويل مالتز” (Maxwell Maltz). لقد كان الدكتور مالتز جراحاً تجميلياً سعى خلال سنوات عمله كطبيبٍ إلى إيجاد فهمٍ واضح للطريقة التي ينظر بها الأشخاص إلى أنفسهم. لقد كان أيضاً مذهولاً للوقت الذي يستغرقه المريض في التعافي بعد خضوعه لعمليةٍ جراحية، وكان أن استنتج من ملاحظاته تلك أنَّ الفرد العادي سيقضي 21 يوماً في التحسُّن والتغير نحو الأفضل؛ وبناءً على هذه المعلومات، تبنَّى العديد من خبراء التنمية الذاتية فكرة تغيير العادات في غضون 21 يوماً.

كما تطرَّقت الدكتورة “فيليبا لالي” (Phillippa Lally) -باحثةٌ في علم النفس الصحي في جامعة كاليفورنيا- في أبحاثها إلى الوقت المستغرق لتغيير هذه العادات، ووفقاً للدراسة التي أجرتها بالتعاون مع فريقها، جرى اختبار أكثر من 96 فرداً على مدى 12 أسبوعاً، وقد اختار كلُّ فردٍ عادةً جديدةً خلال الأسابيع الـ 12 التالية، وأبلغوا عمَّا إذا كانوا يمارسون هذه العادة.

اختار بعض الأفراد بعض العادات البسيطة مثل: شرب الماء مع الغداء، واختار آخرون القيام بأنشطةٍ مرهقةٍ مثل: الركض لمدة 15 دقيقة في المساء. في النهاية، اكتشف الفريق أنَّ المشاركين تمكَّنوا تلقائياً من تفعيل عاداتٍ جديدةٍ في إطارٍ زمنيٍّ محدد. والحقيقة التي توصلوا إليها هي أنَّك ستحتاج إلى ما بين شهرين إلى ثمانية أشهر لتشكيل عاداتٍ جديدةٍ أو كسر العادات القديمة، وذلك وفقاً لدراسة الدكتورة لالي.

وأخيراً، إنَّ الالتزام والثبات كفيلٌ بتغيير عاداتك السيئة واستبدالها بعاداتٍ إيجابيةٍ تمكِّنك من تحقيق النجاح؛ لذا ركِّز على الرحلة، حيث يمكنك اتخاذ خطواتٍ صغيرةٍ والاستمتاع بها وتحقيق ما ترنو إليه.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!