7 طرق لحفظ المزيد من كل كتاب تقرؤه

هناك العديد من الفوائد لقراءة مزيدٍ من الكتب، ولكن ربّما يكون الكتاب المفضل هو ما ينطبق عليه القول: "يمكن أن يمنحك الكتاب الجيد طريقةً جديدةً لتفسيرِ تجاربك السابقة". عندما تتعلم نموذجاً أو فكرةً ذهنيةً جديدة، يكونُ الأمرُ مثلَ تحديثِ "برنامج" في دماغك. فجأةً، يمكنك تشغيلُ جميعِ نقاطِ البياناتِ القديمةِ من خلال برنامجٍ جديدٍ، ويمكنك تَعَلُّم دروسٍ جديدةٍ من اللحظات القديمة. تدور هذه المقالةُ حولَ القراءة للتعلّم، لذلك نودُّ أن نشاركَ بعض أفضل استراتيجيات فهم القراءة التي ننصحك بها.

Share your love

وكما يقول باتريك أوشوغنيسي (Patrick O’Shaughnessy): “القراءة تغيّر الماضي”. بالطبع، هذا صحيحٌ -فقط- إذا استوعبتَ وتذكرتَ رؤىً من الكتب التي تقرؤها. فلن تزداد المعرفة إلا إذا احتُفِظَ بها، وبعبارةٍ أُخرى: ما يهمّ ليسَ مجرد قراءةِ مزيدٍ من الكتب، بل الحصول على مزيدٍ من كلّ كتابٍ تقرؤه.

إنَّ اكتسابَ المعرفةِ ليسَ السبب الوحيد للقراءةِ بالطبع، إذ يُمكن أن تكون القراءة من أجل المتعة استخداماً رائعاً للوقت.

تدور هذه المقالة حولَ القراءة للتعلّم، ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، نودُّ أن نشاركَ بعض أفضل استراتيجيات فهم القراءة التي ننصحك بها.

1. أنهِ قراءة مزيد من الكتب:

لا يستغرقُ الأمر وقتاً طويلاً لمعرفة ما إذا كان هناك شيءٌ يستحقّ القراءة، حيث تُبرِز الكتابة الماهرة والأفكار عالية الجودة ذلك. ونتيجةً لذلك، ربما يجب على معظم الناس أن يبدؤوا تصفُّحَ الكتبِ بمعدلٍ أعلى مما كانوا يفعلون. هذا لا يعني أنَّك بحاجةٍ إلى قراءة كلّ كتابٍ صفحةً تلو الأخرى، إذ يمكنك تصفُّح جدول المحتويات وعناوين الفصول والعناوين الفرعية، واختيار قسمٍ مثيرٍ، واستكشاف بعض الصفحات. ربما تتنقل في الكتاب وتلقي نظرةً على أيّ نقاطٍ أو جداولَ بالخط العريض، وفي غضون عشر دقائق، سيكون لديك فكرةٌ معقولةٌ عن مدى روعته.

ثم تأتي الخطوة الحاسمة: إنهاء الكتب بسرعةٍ، ودون الشعور بالذنب أو الخجل.

الحياة أقصر من أن تضيعها على الكتب العادية، فالفرصة الثانية تساوي الكثير. كما أنَّ هنالك الكثير من الأشياء المذهلة للقراءة، ونعتقد أنَّ باتريك كوليسون، مؤسس ستراتيب Stripe، عبّرَ عن الأمر بشكلٍ جيّد عندما قال: “الحياةُ أقصرُ من ألا تقرأ أفضل كتابٍ تعرفه الآن”.

لذا ابدأ بمطالعة مزيدٍ من الكتب، أنهِ معظمها، واقرأ العظيم منها مرتين.

2. اختر الكتب التي يمكنك استخدامها على الفور:

تتمثل إحدى طرائق تحسين استيعاب القراءة في اختيار الكتب التي يمكنك تطبيق محتواها على الفور، إذ يُعدُّ وضع الأفكار التي تقرؤها موضع التنفيذ أحد أفضل الطرق لتأمينها في عقلك، فالممارسة هي شكلٌ فعالٌ من أشكال التعلّم.

كما يوفر اختيار كتابٍ حافزاً قوياً على الانتباه وتَذكُّرِ المادة المطبوعة. هذا صحيح، خصوصاً عندما يكون هنالك شيءٌ مهمٌ تحاول موازنته. إذا كنت تبدأ نشاطاً تجارياً، على سبيل المثال، فلديك الكثير من الدوافع للحصول على كلِّ ما يمكنه مساعدتك من كتاب المبيعات الذي تقرؤه. وبالمثل، قد يقرأ الشخص الذي يعمل في علم الأحياء أصل الأنواع بعنايةٍ أكبر من القارئ العادي؛ لأنَّه يتصل مباشرة بعملهم اليومي.

بالطبع، ليس بالضرورة أن يكون كلُّ كتابٍ عملياً، أو دليلاً إرشادياً يمكنك تطبيقه على الفور، ولكن لا بأس بذلك، فمن الممكن أن تجد الحكمة في العديد من الكتب المختلفة. لكن بشكلٍ عام ستجدُ أنَّك -على الأرجح- تتذكر الكتب ذات الصلة بحياتك اليومية.

3. إنشاء ملاحظات قابلة للبحث:

احتفظ بملاحظاتٍ حولَ ما تقرأ. يمكنك القيام بذلك كيفما تشاء، إذ لا يلزم أن يكون إنتاجاً كبيراً أو نظاماً معقداً. فقط افعل شيئاً للتأكيد على النقاط والمقاطع الهامة.

يمكنك فعل ذلك بطرائق مختلفةٍ، وذلك اعتماداً على التنسيق الذي تتبعه، إذ يمكنُ أن تسلّط الضوء على المقاطع عند القراءة باستخدام قارئ كُتُب إلكترونية، كما يمكنك كتابة اقتباساتٍ مثيرةً للاهتمام عندما تستمع إلى الكتب المسموعة، وتقومُ بتدوين صفحات الكتب ونسخ الملاحظات عند قراءة كتابٍ مطبوع.

إليك المفتاحَ الحقيقي: دوِّن ملاحظاتك وفق تَنسيقٍ قابلٍ للبحث.

حمل ملاحظاتك على تطبيق ايفرنوت “Evernote” -مثلاً- بثلاث طرائق:

  • كتابٌ مسموعٌ: أنشِئ ملف “Evernote” جديد لكلِّ كتاب، ثم اكتب ملاحظاتك مباشرةً في أثناء الاستماع.
  • كتابٌ إلكتروني: قم بتمييز (Highlight) مقاطع معينةٍ باستخدام جهاز قارئ الكتب الإلكترونية (على سبيل المثال جهاز Kindle Paperwhite)، واستخدم برنامجاً يسمى (Clippings) لتصدير جميع الفقرات التي قمت بتمميزها مباشرةً إلى برنامج إيفرنوت، ثم أضف ملخصاً أو أيّ أفكارٍ إضافيةٍ إلى الكتاب قبل نشرها في صفحة تخصصها لملخصات كتبك.
  • الكتب المطبوعة: على غرار استراتيجيتك للكتاب المسموع، اكتب ملاحظاتك في أثناء قراءتك للكتاب، فإذا صادفت مقطعاً أطول تريد نسخه، فضع الكتاب على حامل الكتب في أثناء الكتابة. (يمكن أن تكون كتابة الملاحظات في أثناء قراءة كتابٍ مطبوعٍ أمراً مزعجاً؛ لأنَّك تضع الكتاب دائماً وتعيده مرةً أخرى، ولكن هذا هو أفضل حلٍّ في الحقيقة).

بالطبع، ليس من الضروريّ أن تكون ملاحظاتك رقميةً لتكون “قابلةً للبحث”. على سبيل المثال، يمكنك استخدام أوراق الملاحظة الصغيرة الملونة لوضع علاماتٍ على صفحاتٍ معينةٍ، للرجوع إليها في المستقبل. كخيارٍ آخر، يقترحُ الكاتب رايان هوليدي (Ryan Holiday) تخزين كلِّ ملاحظةٍ على بطاقة فهرسة، وتصنيفها حسب الموضوع أو الكتاب.

الفكرة الأساسية هي نفسها، فالاحتفاظ بملاحظاتٍ قابلةٍ للبحث أمرٌ أساسيٌّ للعودةِ إلى الأفكار بسهولةٍ. فالفكرةُ مفيدةٌ فقط إذا كنت تستطيع إيجادها عندما تحتاجها.

4. اجمع بين “أشجار” المعرفة:

إحدى طرائق تخيّل الكتاب هي أنَّه بمثابة شجرة المعرفة، مع بعض المفاهيم الأساسية التي تشكّل الجذع، والتفاصيل التي تشكل الفروع. يمكنك معرفة المزيد، وتحسين فهم القراءة من خلال “ربط الفروع” ودمج كتابك الحالي مع أشجار المعرفة الأخرى.

تساعدك مثل هذه الروابط على تذكر ما تقرؤه من خلال “ربط” المعلومات الجديدة بالمفاهيم والأفكار التي تفهمها بالفعل. كما يقول تشارلي مانجر: “إذا دخلت في سلوكٍ عقليٍ عملت من خلاله على ربط ما تقرؤه بالبنية الأساسية للأفكار الرئيسة التي تُعرَض، فإنَّ بعض الحكمة تتراكم تدريجياً”.

عندما تقرأ شيئاً يُذكّرك بموضوعٍ آخر أو يثير اتصالاً أو فكرةً على الفور، لا تسمح لهذه الفكرة أن تأتي وتذهب دون سابق إنذار، بل اكتب عمَّا تعلمته وكيف ترتبط هذه الفكرة بأفكارٍ أخرى.

5. كتابة ملخّصٍ قصير:

بمجرد الانتهاء من كتاب، تحدَّ نفسك في تلخيصِ النص بأكمله في ثلاث جملٍ فقط. هذا الإرغام مجردُ حيلة، لكنَّه يُجبِرك على التفكير في ما هو مهم حقاً في الكتاب.

تتضمن بعض الأسئلة التي قد تراها عند تلخيص كتابٍ ما:

  • ما هي أفكاره الرئيسة؟
  • إذا قمتَ بتطبيق فكرةٍ واحدةٍ من هذا الكتاب الآن، فأيُّ فكرةٍ ستكون؟
  • كيف أصفُ الكتاب لصديق؟

ستجد في كثيرٍ من الحالات أنَّه عادةً ما يمكنك الحصول على المعلومات المفيدة نفسها من قراءة الملخص المكون من فقرةٍ واحدة، ومراجعة ملاحظاتك كما لو كنت تقرأ الكتاب بالكامل مرةً أخرى.

إذا كنت تشعرُ أنَّه لا يمكنك اختصارِ الكتاب بالكامل في ثلاث جمل، ففكر في استخدام تقنية (فاينمان)، وهي استراتيجيةٌ لتدوين الملاحظات، سُمّيت على اسم الفيزيائي ريتشارد فاينمان الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء. الأمر بسيطٌ جداً: اكتب اسم الكتاب في القسم العلوي من ورقةٍ فارغةٍ، ثم اكتب كيف تشرح الكتاب لشخصٍ لم يسمع به من قبل.

إذا وجدت نفسك عالقاً، أو إذا رأيتَ أنَّ هنالك فجواتٍ في فهمك؛ فراجع ملاحظاتك، أو عُد إلى النص وحاول مرةً أُخرى. استمر في كتابتها حتّى تتعامل جيداً مع الأفكار الرئيسة وتشعر بالثقة في شرحك.

ستجد أنَّه لا يوجد شيءٌ -تقريباً- يكشف عن فجواتٍ في تفكيرك أفضل من الكتابة عن فكرةٍ كما لو كنت تشرحُها للمبتدئين. يقول بِن كارلسون، المحلل الماليّ، شيئاً مشابهاً: “أجدُ أنَّ أفضل طريقةٍ لمعرفةِ ما تعلَّمته من كتابٍ ما: كتابة شيءٍ عنه”.

6. الإحاطة بالموضوع:

إذا قرأت كتاباً واحداً فقط حول موضوعٍ واستخدمته كأساسٍ لمعتقداتك مدى الحياة، فما مدى صحة هذه المعتقدات؟ وما مدى دقة واكتمال معرفتك؟

تتطلّب قراءة الكتاب جهداً، ولكن غالباً ما يستخدم الناس كتاباً واحداً أو مقالاً واحداً كأساسٍ لنظامِ معتقداتٍ كامل. يعتبر هذا أكثرُ صحةً (وأكثرُ صعوبةً في التغلب عليه) عندما يتعلق الأمر باستخدام تجربتنا الفردية كأساسٍ لمعتقداتنا، وكما أشار مورجان هاوسيل: “تشكل تجاربك الشخصية ربَّما 0.00000001٪ مما حدث في العالم، ولكن ربَّما 80٪ من الطريقة التي تعتقد أنَّ العالم يعمل من خلالها. نحن جميعاً منحازون إلى تاريخنا الشخصي”.

هنالك طريقةٌ واحدةٌ لحلِّ هذه المشكلة، وذلك بقراءة مجموعةٍ متنوعةٍ من الكتب حول الموضوع نفسه. ابحث عن زوايا مختلفةٍ، وانظر إلى نفس المشكلة من خلال عيون مؤلفين مختلفين، وحاول تجاوز حدود تجربتك الخاصة.

7. اقرؤهُ مرتين:

بالعودة إلى فكرةٍ ذكرناها في بداية هذا المقال: اقرأ الكتب العظيمة مرتين. شرح الفيلسوف كارل بوبر الفوائد بشكلٍ جيدٍ حين قال: “أيّ شيء يستحق القراءة حقاً، لا يستحق القراءة مرتين فحسب، بل القراءة مراراً وتكراراً. فإذا كان الكتاب جديراً بالاهتمام، فستتمكّن دائماً من اكتشاف أشياءَ جديدةً فيه، والعثور على معلوماتٍ لم تلاحظها من قبل، على الرغم من أنَّك قرأته عدة مرات”.

بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ مراجعة الكتب الرائعة أمراً مفيداً؛ لأنَّ المشكلات التي تتعامل معها تتغير بمرور الوقت. بالتأكيد، عندما تقرأ كتاباً مرتين ربَّما ستكتشف بعض الأشياء التي فاتتك في المرة الأولى، ولكن من المرجّح أن تكون المقاطع والأفكار الجديدة ذات صلةٍ بك، فمن الطبيعي أن تتبادر إلى ذهنك جملٌ مختلفةٌ اعتماداً على النقطة التي أنت فيها.

اقرأ نفس الكتاب للمرة الثانية، وسترى أنَّك لا تقرؤه بنفس الطريقة. كما أشار تشارلز تشو: “أعود إلى المنزل دائماً لأقرأ لنفس المؤلفين القلائل. وبغضِّ النظر عن عدد المرات التي أعود فيها، أجد دائماً أنَّ لديهم شيئاً جديداً يقولونه”.

بالطبع، حتى إذا لم تحصل على شيءٍ جديد من كلِّ قراءة، فسيكون من المفيد إعادة النظر في الكتب الرائعة؛ لأنَّ الأفكار تحتاج إلى تكرارها لتذكرها. يقول الكاتب ديفيد كين: “عندما نتعلّم شيئاً لمرةٍ واحدةٍ فقط، فإنَّنا لا نتعلمه حقاً. على الأقل، لا نتعلمه بما يكفي ليغيرنا كثيراً. فقد يكون مصدر إلهامٍ للحظات، ولكن بعد ذلك سرعان ما تغلب عليه عقودٌ من العادات والتكيُّف التي سبقته”.

تلخص الأمور بقاعدة لجميع القراء: “يتحسن الكتاب الجيد في القراءة الثانية، ويصبح كتاباً عظيماً في المرة الثالثة. أيُّ كتابٍ لا يستحق إعادة القراءة، فهو لا يستحق القراءة منذ البداية”.

في الختام:

تتركب المعرفة بمرور الوقت؛ فتعلُّم فكرةٍ جديدةٍ لن يجعلك عبقرياً، ولكنَّ الالتزام بالتعلم مدى الحياة يُمكن أن يُشكِّل تغييراً جذرياً”. نادراً ما يغير كتابٌ واحدٌ حياتك، حتى لو كان يعطي بصيرةً حقيقيةً؛ لأنَّ المفتاح هو أن تصبح أكثرَ حكمةً قليلاً كلَّ يوم.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!