9 طرق للحفاظ على التركيز أثناء الدراسة وتجنُّب تشتت الانتباه

أتعتقد بأنَّك تدرس أو تعمل 10 ساعاتٍ يوميَّاً؟ ربما تحسب الوقت الذي تقضيه في الدراسة أو العمل بعدد الساعات التي تقضيها جالساً، لكنَّ عدد الساعات التي قضيتها جالساً لا يُعَدُّ مهمَّاً بقدر أهمية النتائج التي حققتها خلال جلساتك. إذ ربما لا يتعدّى الزمن الحقيقي اللازم لإنجاز النتائج التي حققتها أربع ساعات. سنتطرق في هذه المقالة إلى الخسائر التي تتكبَّدها نتيجة تشتت الانتباه وسنتعرّف إلى خطواتٍ يمكنك تطبيقها لتركز مزيداً من الاهتمام في عملك أو دراستك

Share your love

سنتطرق في هذه المقالة إلى الخسائر التي تتكبَّدها (والتي تفوق بشكلٍ كبيرٍ جدَّاً ما نتوقعه) نتيجة تشتت الانتباه وسنتعرّف إلى خطواتٍ يمكنك تطبيقها لتركز مزيداً من الاهتمام في عملك أو دراستك.

أحد أبرز الأسباب التي تقف خلف خسارة الناس تركيزهم هو فقدان الاهتمام بالعمل الذي يؤدونه، وفقدان الاهتمام هذا ناجمٌ بشكلٍ كبيرٍ عن غياب الهدف الذي يمكن أن يثير اهتمامهم ويحفز نفوسهم.

ولأنَّ فقدان الاهتمام يُعَدُّ من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تشتت الانتباه، سنبدأ مقالتنا بالحديث عنه. لكن قبل ذلك دعنا نلقي نظرةً سريعة على حجم الخلل الذي يمكن أن يصيب جداول أعمالنا نتيجة تشتت الانتباه.

كيف تؤثر مصادر تشتيت الانتباه في قدرتنا على الدراسة؟

وفقاً لدراسةٍ أجرتها جامعة كاليفورنيا ارفاين عند فقدان التركيز قد تحتاج للعودة إلى مستوى التركيز السابق إلى حوالي 20 دقيقةً وسطيَّاً. نعم، قد يؤخر ذلك الردّ السريع على رسالةٍ ما وصلت للتّو إنجاز المهمّة التي بين يديك عدة دقائق، واحسب فقط عدد مصادر تشتيت الانتباه التي تتعرض لها في أثناء الساعات التي تبلغ فيها إنتاجيتك أعلى مستوياتها. يُعَدُّ هذا من الأسباب المهمة التي تفسِّر حيرتك في نهاية اليوم من ضعف الإنجازات التي حققتها موازنةً مع ما كنت تسعى إلى تحقيقه في الصباح.

إذا كنت تقود مثلاً سيارةً على طريقٍ سريعٍ خالٍ من المطبات فإنَّك ستسير طوال الرحلة بأعلى سرعةٍ ممكنة، لكن إذا واجهت مطبَّاتٍ في الطريق سينخفض بشكلٍ كبيرٍ متوسط السرعة التي تسير بها خلال الرحلة لأنَّ تلك المطبات تجبرك على تخفيف السرعة إلى الصفر تقريباً قبل العودة تدريجيَّاً إلى أعلى سرعة. ربما لا يتجاوز عرض المطب قدمين وقد لا يتجاوز طول المطبات الموجودة على الطريق مجتمعةً 0.01% من المسافة الكُلِّيَّة التي تقطعها في رحلتك لكنَّها تزيد الوقت اللازم لقطع الرحلة بمقدار 20-30%.

تفعل مصادر تشتيت الانتباه شيئاً مشابهاً للذي تفعله المطبَّات، إذ تؤدي بضع حالات توقف قد تكون قصيرةً إلى درجةٍ لا تشعر معها بأنَّها مزعجةٌ إلى انخفاض الإنتاجية انخفاضاً كبيراً.

دعنا ننتقل الآن للتعرّف إلى بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها حتى تحافظ على التركيز في أثناء الدراسة:

كيف تركز على الدراسة دون أن تفقد التركيز:

1- تحديد الهدف:

غياب الحافز… غياب الاهتمام… غياب الهدف… سمِّه ما شئت، لكنَّ جميع هذه المُسمَّيات تَصِف عاملاً واحداً يُعَدُّ من أهم العوامل التي تقف خلف معظم حالات فقدان التركيز.

أتفقِد تركيزك حينما تتابع فيديو عبر يوتيوب؟ أتشعر بأنَّك ترغب في ممارسة ألعاب الفيديو أو تصفح فيسبوك؟

لماذا لا تُماطل في ترك ألعاب الفيديو وتقضي في ممارستها جزءاً كبيراً من وقتك؟ لأنَّ هذه الألعاب تثير اهتمامك. لماذا إذاً لا تُظهر الاهتمام نفسه حينما يتعلق الأمر بمستقبلك الأكاديمي أو المهني؟

كيف إذاً تثير في نفسك الاهتمام بالأمور التي تُعَدُّ مهمَّةً بالنسبة إليك كالدراسة إذا فقدت الاهتمام بها؟ فكِّر في السبب الذي يدفعك إلى إنجاز الأعمال التي تؤديها. إذا كنت طالباً في الثانوية على سبيل المثال أنت تعلم أنَّ الحصول على درجاتٍ جيدة وتقديم أداءٍ رائعٍ في الامتحان، إلى جانب أمورٍ أخرى، يُعَدُّ مهمَّاً للحصول على قبولٍ في الكلية التي ترغب في الالتحاق بها، وهذا بدوره يُعَدُّ خطوةً مهمَّةً على طريق تحقيق الأهداف المهنية.

بعد التوصُّل إلى الأسباب التي تدفعك إلى ممارسة العمل الذي تؤديه وازن هذه الأسباب مع النتائج المترتبة على الامتناع عن القيام بهذا العمل. في مثال طالب الثانوية السيناريوهان المُتوقعان نتيجة قيامه بالعمل الذي يجب عليه أن يؤديه أو امتناعه عن ذلك هما:

  • إذا حصلت على قبولٍ في الكلية التي ترغب في الالتحاق بها من المحتمل جدَّاً أن تحقق أهدافك المهنية على المدى القصير وأن تحقق الاستقرار المادي.
  • إذا لم تحصل على القبول في الكلية التي تريد الالتحاق بها قد لا تتمكَّن حينئذٍ من تحقيق أهدافك المهنية على المدى القريب وبالتالي قد تظلّ مكانك وقتاً طويلاً.

يجب على هذه المفارقة أن تكون حاضرةً في ذهنك وأن تدوِّنها على ورقةٍ وتلصق الورقة على مرآة الحمام والجدران حتى تتمكن من رؤيتها عديداً من المرات خلال اليوم وتصبح جزءاً من تفكيرك الواعي.

تُعَدُّ الدراسة واحدةً فقط من الأمور التي نواجه كلّ يومٍ صعوبةً في استعادة الاهتمام بها، إذ ربما تواجه صعوبةً في استعادة الرغبة في العمل بجدّ حتى تصبح لاعب تنس أفضل، أو تتعلّم مهارةً جديدة، أو تخسر وزنك الزائد. أيَّاً كانت الغاية التي تسعى إلى تحقيقها حدد هدفك ووازن بين النتيجتين اللتين من المُحتمَل أن تحققهما في حال نجحت أو أخفقت.

خصص في جدول أعمالك اليومي بضع دقائق قبل الجلوس لأداء المهام تذكَّر فيها مختلف النتائج التي يمكن أن تحققها وكيف أنَّ الساعة القادمة التي ستقضيها في العمل أو الدراسة ستُمكِّنك من تحقيق النتيجة التي تتمناها. يحافظ هذا الربط بين العمل الذي تؤديه والنتيجة التي تسعى إلى تحقيقها على أعلى مستويات الاهتمام.

2- محاربة مصادر تشتيت الانتباه:

لقد أضحى انتشار مصادر تشتيت الانتباه من هواتف وأجهزةٍ رقميّة أشبه بانتشار الأوبئة، والأسوأ من ذلك أنَّ في إمكانها أن تشتت انتباهنا بكلّ سهولةٍ، إذ لا يحتاج الأمر إلى أكثر من ضغطة زر. المسألة ليست مسألة جهلٍ بالتأثيرات المؤذية التي تطال الإنتاجية نتيجة الأدوات الرقمية، بل نحن نعرف تلك التأثيرات لكنَّنا لا نتجنَّبها.

إليك بضع خطواتٍ تستطيع اتباعها للحدّ من قدرة التقنيات الرقمية على تشتيت انتباهك في أثناء جلسات الدراسة المثمرة:

  • تخلَّص من هاتفك: اضبط الهاتف على الوضع الصامت وضعه تحت الوسادة أو داخل أحد الأدراج.
  • أغلق الإنترنت: إمَّا أن تقطع الكهرباء عن الإنترنت، وإمَّا أن تستخدم “برامج مُلحَقة” (extensions) لمتصفح الإنترنت جوجول كروم مثل (StayFocused)، تساعدك في تقليل الوقت الذي تضيِّعه في استخدام الإنترنت، وإمَّا أن تدرس في مكانٍ لا يوجد فيه شبكة إنترنت. حينما تعلم أنَّك لن تستطيع استعمال الإنترنت بضع ساعات سيتأقلم عقلك مع الواقع الجديد وسترى أنَّ مشاعر الضيق الناجمة عن الحرمان من الإنترنت ستكون أقلّ بكثيرٍ مما تظن.
  • لا تفتح إلَّا المهمة التي تنفِّذها: إذا كنت تعمل باستخدام الكمبيوتر افتح أقلّ عددٍ ممكنٍ من الملفات والنوافذ وأغلق كلّ ما لا تحتاج إليه. يتيح لك هذا تركيز الاهتمام على مهمةٍ واحدةٍ ويجعل احتمالات استسلامك لمصادر تشتيت الانتباه أقل.

إذا تفقدنا هواتفنا كلّ بضع ساعات فإنَّ الأجهزة الرقمية التي تشتت انتباهنا لن تكون مصدر خطرٍ مثلما هي الآن. المشكلة هي أنَّنا لا نستطيع منع أنفسنا من تفقد الهواتف وإعادة تفقدها كلّ بضع دقائق خشية أن يفوتنا أيّ شيءٍ مهم، والعديد من الناس يشعرون بالتوتر في الواقع إذا أُبعدَت هواتفهم عنهم مدةً طويلة (تذكَّر المرات التي بقيتَ فيها ساعاتٍ بعيداً عن هاتفك). يُعَدُّ هذا الخوف من تفويت الأشياء المهمّة إحساساً وهميَّاً وغير منطقي يمكن التخلص منه من خلال تقليل عدد الساعات التي تقضيها في استعمال الأجهزة الرقمية بشكلٍ تدريجي.

3- تجنُّب القيام بعدة مهام في الوقت نفسه:

يُعَدّ تَعدُّد المهام واحداً من أبرز أسباب تشتت الانتباه لدى أفراد الجيل الصاعد، إذ في دراسةٍ أجراها ثلاثة باحثين قُسِّم 100 طالبٍ جامعيٍّ إلى مجموعتين ضمَّت الأولى أشخاصاً يمارسون الكثير من المهام المتعددة وضمَّت الثانية أشخاصاً يمارسون مهاماً متعددةً لكن بشكلٍ معتدل، وكانت المهام التي يؤديها أفراد كِلا المجموعتين ذات طبيعةٍ تكنولوجية لها علاقة بأمور مثل الإنترنت والوثائق الإلكترونية وإرسال الرسائل النصية وغيرها. طُلب من أفراد المجموعتين تركيز الانتباه على مشكلةٍ معيَّنةٍ وعُرِّضوا في الوقت نفسه إلى الكثير من مصادر تشتيت الانتباه. توقع الباحثون أن يتحلّى الأشخاص الذين يمارسون الكثير من المهام المتعددة بقدرةٍ أكبر على تركيز الانتباه على المشكلة التي طُلب منهم التعامل معها على الرغم من كثرة مصادر تشتيت الانتباه التي تحيط بهم، إذ إنَّهم معتادون أكثر من غيرهم على تشتت الانتباه. لكنَّ المفاجئة كانت أنَّ الأشخاص الذين يمارسون القليل من المهام المتعددة تمكنوا من تركيز الانتباه بشكلٍ أفضل.

فإذا كان شخصٌ ما يؤدي ثلاث مهام في الوقت نفسه (حل وظيفة الرياضيات، والدردشة، وتصفُّح الإنترنت) فإنَّه في هذه الحالة يتلقى معلوماتٍ من جميع المصادر الثلاثة حتى لو كان يؤدي وظيفةً واحدة (حَل وظيفة الرياضيات). المشكلة أنَّ الإخفاق في إبعاد المعلومات القادمة من المصدرين الآخرين يؤدي إلى البطء في أداء المهمة الأساسية.

لقد صُمِّمَت عقول البشر لتركيز الاهتمام على مَهمةٍ واحدةٍ، وحينما تؤدي أكثر من مَهمةٍ فإنَّك بشكلٍ أساسيٍّ تنقل اهتمامك بين تلك المهام، وهذا يُعَدُّ من أبرز أسباب تشتت الانتباه.

ربما تسأل نفسك الآن: “إذاً كيف أستطيع المشي والتكلم في الوقت نفسه دون أن يؤثر أحد الفعلين في الآخر؟”. في مثل هذه الحالات القليلة التي يؤدي فيها الشخص مهمتين معاً بنجاح فإنَّ إحدى المهمتين تكون محفوظةً في الذاكرة طويلة الأمد ضمن قائمة المهام الآلية. في المثال الذي ذكرناه في الأعلى يستطيع الشخص المشي والتحدث دون أن يؤثر أداء إحدى المهمتين في أداء الأخرى لأنَّ المشي يُعَدُّ فعلاً آليَّاً والشخص لا يحتاج إلَّا إلى تركيز الاهتمام على الحديث فقط. في المقابل من غير الممكن أن تتحدث وتشاهد التلفاز في الوقت نفسه لأنَّ أداء أحد العملين سيؤثر في أداء الآخر.

يمكنك أن تؤدي أكثر من مَهمةٍ في الوقت نفسه بكلّ تأكيدٍ لكنَّك لا تستطيع أن تركز اهتمامك إلَّا على مَهمةٍ واحدة، وإنجاز المهام لا يكون إلَّا من خلال تركيز الاهتمام عليها.

يُعَدُّ تَعَدُّد المهام في الأساس شكلاً من أشكال تشتت الانتباه الشديد حيث يتشتت انتباهك كلّ بضع دقائق وأنت تنتقل من مهمةٍ إلى أخرى. حينما تقرأ وتتصفح الإنترنت بشكلٍ متقطِّع مدة ساعة فإنَّ الإنجاز الذي تحققه سيكون أقلّ بكثيرٍ من الذي كنت ستحققه لو أنَّك أدَّيت مهمةً تلو الأخرى خلال المدة نفسها. توقَّف عن إبداء الإعجاب بالأصدقاء الذين يبدو أنَّهم يؤدون عدة مهامٍ في الوقت نفسه دون عناءٍ لأنَّ هؤلاء يقدمون حقيقةً أداءً أدنى من المتوقَّع.

4- “أوراق الحفاظ على التركيز”:

حينما يمارس الكُتَّاب المحترفون الكتابة فإنَّهم لا يفعلون شيئاً سوى الكتابة ولا يتوقفون حتى لو كانوا يحتاجون للتحقق من معلومةٍ بسيطةٍ مفقودة لأنَّ هذا يحتاج إلى عملية بحث يمكن أن تستمرّ دقيقةً أو دقيقتين. إذا وجدوا على سبيل المثال أنَّهم في حاجةٍ إلى إحصائيةٍ مهمة لا يتوقفون عن الكتابة من أجل البدء في البحث عن تلك الإحصائية لأنَّ ذلك يشتت انتباههم عن المهمة الأساسية التي يؤدونها؛ التي هي الكتابة (تذكَّر كيف أنَّ كلّ حدثٍ يشتت الانتباه يؤخرك عدة دقائق عن إنجاز المهمة التي تؤديها). يترك هؤلاء الكُتَّاب مكان الإحصائية فارغاً ويتابعون الكتابة، ثمَّ يعودون إلى مكان الإحصائية الفارغ بعد الانتهاء من الكتابة.

حينما تؤدي عملك يجب عليك أن تقوم بشيءٍ يشبه ما يقوم به هؤلاء الكُتَّاب. إذا تذكرت في أثناء جلسة الدراسة أنَّ فاتورة الهاتف يجب أن تُسدَّد اليوم لا تترك دراستك وتذهب إلى الموقع الإلكتروني لمُزوِّد الخدمة. دوِّن المهمة على ورقة صغيرة (حيث أطلقنا على مثل هذه الأوراق اسم “أوراق الحفاظ على التركيز”) وتابع دراستك. وإذا أحسست برغبةٍ في التأكُّد من عمر ليوناردو ديكابريو دوِّن هذه الملاحظة على “أوراق الحفاظ على التركيز” وتابع عملك، باختصار لا تنجَرَّ خلف الأفكار العشوائية التي تخطر على بالك.

تدوين هذه الأفكار التي تشتت الانتباه يحرّر عقلك منها ويمكِّنك من تركيز الاهتمام على المهمة التي بين يديك فقط، وحينما تنهي جلسة الدراسة يمكنك إنجاز المهام التي دوَّنتها في قائمة “أوراق الحفاظ على التركيز”.

5- السيطرة على المخاوف والأفكار المزعجة:

لقد أضحينا نمارس الكثير جدَّاً من الأعمال في حياتنا بشكلٍ آليّ دون أن ندرك متى بدأنا نمارسها، ومتى يمكن أن نتوقّف عن ذلك، وما عواقب ممارسة تلك الأعمال. أحد تلك الأعمال التفكير بأمورٍ تثير الخوف والانزعاج في نفوسنا (“ماذا لو لم أحرز 90%”)، والمواقف البشعة (“لماذا قال ذلك لي؟”)، والأفكار العشوائية وأحلام اليقظة التي تقفز إلى الذهن (“ماذا لو قضيت عطلتي القادمة في جنوب إفريقيا”).

تستطيع مثل تلك الأفكار التسلّل إلى عقولنا في أيّ وقت، غالباً أثناء جلسات الدراسة، وتشتت انتباهنا بعيداً عن المهمة التي نؤديها. كيف يمكننا إذاً السيطرة على مثل هذه الأفكار؟ إليك بعد الاستراتيجيات:

  • الانتباه إليها: مثلما قلنا سابقاً نعتاد في بعض الأحيان على أمورٍ -جيدة وسيئة- دون أن ندرك أنَّها تسيطر علينا. لذلك يجب عليك أن تكتشف الفكرة المزعجة وتنتبه إليها في اللحظة التي تقفز فيها إلى ذهنك.
  • تدوين الفكرة في “أوراق الحفاظ على التركيز”: حينما تلاحظ أنَّ فكرةً مزعجةً سيطرت على تفكيرك دوِّنها في “أوراق الحفاظ على التركيز” (التي تحدثنا عنها في الأعلى) وعُدْ إليها بعد أن تنتهي من دراستك.

بعد انتهاء جلسة الدراسة عُد إلى كلّ فكرةٍ من الأفكار التي شغلَت تفكيرك واسأل نفسك هل ستكون هذه الفكرة مهمةً بعد عامٍ من الآن؟ إذا كان الجواب “لا” تخلص من الفكرة مباشرةً، وإذا كان الجواب “نعم” تعامل معها. إذا سيطرت عليك مثلاً فكرة عدم إحراز 90 درجة من أصل 100 في مادةٍ من المواد الدراسيّة، وإذا كان جواب السؤال الذي أشرنا إليه في الأعلى هو “نعم”، فكِّر في طريقة للتعامل مع هذه الفكرة. كيف يمكن علاج هذه المشكلة؟ الطريقة الوحيدة لعلاجها الاستعداد بشكلٍ أفضل، لأنَّ الخوف والقلق لن يحققا لك النتيجة التي تتمنى تحقيقها، بل يمكن أن يؤثِّرا سلباً فيها.

أمَّا إذا أثار تعليق شخصٍ ما انزعاجك فإنَّ إجابة السؤال الذي ذكرناه في الأعلى تكون “لا” في معظم الحالات، فالناس يقولون ويفعلون كلّ ما يخطر على البال، ونحن في كثيرٍ من الأحيان نحمِّل أقوالهم وأفعالهم تلك معانٍ لم يقصدونها، حتى لو كان الشخص الذي صدرَت عنه تلك الكلمات والتصرفات غير مهمٍّ بالنسبة لنا. إذا كان جواب السؤال المطروح في الأعلى “لا” تخلَّص من تلك الأفكار لأنَّ الاحتفاظ بها عدة أيام يرهق كاهلك بالحزن وخسارة التركيز اللذين يُعَدُّ تأثيرهما السلبي أشدّ من تأثير الكلمات التي تفوّه بها ذاك الشخص. أمَّا إذا كانت الإجابة “نعم” -وهو أمرٌ لا يحدث إلَّا في حالاتٍ نادرة- قابل الشخص ودَعْه يبيِّن لك معنى كلامه.

قد يبدو هذا بسيطاً جدَّاً إذ إنَّ حلول المشاكل الخطيرة تكون بسيطةً عادةً، بيد أنَّ التحدّي يكمن في التحلّي بالانضباط اللازم لاتباع العمليّة بحيث تتصدّى آلياً للأفكار المزعجة في الوقت الناسب.

6- الموازنة بين الطاقة وصعوبة المهمة:

إذا بدأت نهارك بإنجاز المهام السّهلة وتركت المهام الصعبة إلى وقتٍ لاحق من المحتمل جدَّاً أن تستسلم لمصادر التشتيت الذهنيّ الممتعة، مثل اليوتيوب، حينما تبدأ أداء المهام الصعبة.

تُعَدُّ المهام الصعبة أكثر عُرضةً للتأثُّر بمصادر تشتيت الانتباه، فأدِّ هذه المهام في وقتٍ مبكِّرٍ من اليوم حينما تكون إنتاجيتك في أعلى مستوياتها (إذا شعرت أنَّ إنتاجيتك تصل إلى أعلى مستوياتها في فترةٍ أخرى من اليوم لا حَرَج في أن تؤدي هذه المهام في تلك الأوقات).

7- تقسيم المشاريع الصعبة إلى أجزاء صغيرة:

هل سبق لك أن بدأت عملاً شاقَّاً ثم ذهبت لتفقُّد هاتفك بعد وقتٍ قصير؟ يحدث هذا بكثرةٍ بين الناس، إذ تُعَدُّ المهام الصعبة أكثر عُرضةً من غيرها للتأثُّر بمصادر تشتيت الانتباه لأنَّ أداءها يترافق مع الإحساس بعدم الارتياح -وأسباب ذلك معروفة- وعندما نُحِسُّ بعدم الارتياح نميل بشكلٍ طبيعيٍّ إلى البحث عن المتعة (عن طريق تصفح فيسبوك أو يوتيوب على سبيل المثال)، وهذا البحث عن المتعة ما هو إلَّا شكلٌ من أشكال تشتت الانتباه. لذلك إذا واجهت مهمةً قاسية نفِّذها بشكلٍ تدريجي لأنَّ التعامل مع كلّ الأمور دفعةً واحدة يجعلك على الأرجح أكثر عُرضةً لمصادر تشتيت الانتباه.

8- الانشغال بما يشغلنا عن مصادر تشتت الانتباه:

لا تتخلَّ عن مصادر تشتيت الانتباه لأنَّك لا تستطيع ذلك، هل في إمكانك التوقف عن متابعة التلفزيون أو حضور الفيديوهات عبر يوتيوب؟ بالتأكيد لا يمكنك. يجب عليك أن تحصر تعرضك لكلّ مصادر تشتيت الانتباه في وقتٍ محدّد عوضاً عن التعرّض لها خلال فتراتٍ متفرقةٍ من اليوم، لا سيما أثناء جلسات الدراسة التي تبلغ فيها إنتاجيتك أعلى مستوياتها. المطلوب إذاً أن تنظم الفترات التي تتعرض فيها إلى مصادر تشتيت الانتباه.

بعد أن جلست بضع جلساتٍ للدراسة دون أن يقطع تركيزك أيُّ شيءٍ اذهب وأشبِع رغبتك في تصفُّح الإنترنت، وإرسال الرسائل، والدردشة. نفِّذ كلّ الأشياء التي تريد أن تفعلها في الوقت نفسه وانتهِ منها خلال 30 دقيقة. حينما تنتهي ابدأ سلسلةً جديدةً من الدراسة بعيداً عن مصادر تشتيت الانتباه. باختصار ابنِ سوراً يفصل بين الجلستين ولا تدع أنشطة إحداهما تتسرّب إلى الأخرى.

9- بضعة أشياءٍ بسيطة:

أخيراً ثمَّة بضعة أمورٍ لوجستيةٍ بسيطة تساعدك في الحفاظ على التركيز:

  • اختر للدراسة مكاناً خالياً من مصادر تشتيت الانتباه مثل المكتبات، وإذا كنت تدرس في المنزل اجعل الغرفة التي تدرس فيها محصَّنةً قدر الإمكان ضد مصادر تشتيت الانتباه، ودَع أفراد العائلة والأصدقاء يعرفون بشكلٍ دقيق الأوقات التي يمكنهم أن يقابلوك فيها.
  • تناول الأطعمة التي تساعدك في الحفاظ على الطاقة وإلَّا أصابك الإعياء بسرعةٍ وأصبحت فريسةً سهلةً بالنسبة إلى مصادر تشتيت الانتباه.
  • خذ استراحةً مُدَّتها 5-10 دقائق كلّ 50 دقيقة لاستعادة التركيز لأنَّ ضعف التركيز يجعلك أكثر عُرضةً للاستسلام لمصادر تشتيت الانتباه.

كيف تضع كلّ ما ذكرناه موضع التنفيذ؟

لقد ضبطتَ ساعة المؤقت معلناً بدء جلسة الدراسة، وبعد أن بدأت حرصتَ على التحصُّن جيداً من أيّ شيءٍ قد يشتت انتباهك مثل الهاتف، والإنترنت، وغمزات الأصدقاء وابتساماتهم من خلف الطاولة (حينما يدرس الأصدقاء معاً في المكتبات)، يجب عليك في أثناء جلسة الدراسة أن تركّز الاهتمام على المهمة التي تؤديها وألَّا تشتت انتباهك إلى أيّ شيءٍ آخر، ويمكنك أن توظف بعض الطرق التي تطرّقنا إليها حتى الآن في هذه المقالة لتجعل جلستك خاليةً من تشتت الانتباه.

“لكنَّني أجد أنَّ من الصعب أن أجلس وقتاً طويلاً دون أن يتشتت تفكيري فماذا أفعل؟”

إذا كنت غير معتادٍ على الجلوس فتراتٍ طويلة وتركيز الاهتمام على عملٍ واحدٍ ابدأ بجلسةٍ تمتد 30 دقيقة، نعم 30 دقيقة فقط. وإذا لم تكن تستطيع تحمُّل هذه المدة ابدأ بجلساتٍ أقصر، المهم أن تبدأ بمدةٍ زمنية تستطيع الجلوس خلالها بشكلٍ متواصل دون مقاطعة.

بعد إنهاء بضع جلسات بنجاح زِد مدّة الجلسة بمقدار 5 دقائق (أو ربما 10 دقائق) واستمرّ في ذلك إلى أن تعتاد على المدّة الجديد ثم زِد المدة أيضاً بمقدار 5 دقائق، وفي النهاية ثبِّت مدّة الجلسة على حوالي 50 دقيقة إذا كنت تستطيع ذلك (بعد جلسةٍ تمتد 50 دقيقةً متواصلة يبدأ تركيزنا بالتشتت لذلك يجب على الشخص أن يأخذ استراحةً مدتها 5-10 دقائق كلّ 50 دقيقة). إذا كنت لا تتحمَّل الجلوس 50 دقيقةً متواصلة فلا بأس أيضاً في أن تكون مدة الجلسة أقل من ذلك. دع الوصول إلى أقصى مدة زمنية يمكنك قضاؤها متواصلةً في الجلوس يستغرق أسابيع إذا لزم الأمر فهذا أمرٌ طبيعي (لا يبدأ رافعوا الأثقال مشوارهم الرياضي برفع أثقال تَزِن 80 كيلوغراماً بل يبدأون بأثقالٍ أخفَّ من ذلك بكثير). حينما تزيد المدة بشكلٍ تدريجي فإنَّك تجعل عادة الجلوس المتواصل تترسخ لديك.

تمكِّنك مثل هذه الجلسات من تحقيق الإنجازات، على عكس جلسات الدراسة الوهمية التي تقضي فيها ساعاتٍ جالساً (لهذا السبب قد يحقق بعض الطلاب الذين يدرسون يوميَّاً 5 ساعاتٍ فقط نتائج أفضل من التي يحققها أولئك الذي يجلسون 10 ساعات، فالمهمّ هو تركيز الانتباه وليس عدد الساعات). إذا نجحت في تخصيص عدة جلسات يوميَّاً للدراسة هذا يعني أنَّك تسير على الطريق الصحيح.

يُعَدُّ تشتت الانتباه وضعف التركيز في أثناء العمل اثنين من أهم أسباب ضآلة الإنجازات وبطء التقدم التي تحققها كلّ يومٍ -والسببين الوحيدين في أغلب الأحيان- على الرغم من الساعات العديدة التي تقضيها في أداء عملك.

لا يُعَدُّ تجنُّب مصادر تشتيت الانتباه أمراً هيِّناً لكنَّه قابلٌ للتنفيذ (تذكَّر أنَّ معظم حالات تشتت الانتباه ناجمةٌ عن عاداتٍ سيئةٍ بسيطة يمكن التخلّص منها أو السيطرة عليها مثل أيَّة عاداتٍ سيئةٍ أخرى). يحتاج إتقان هذه المهارة (مهارة تجنُّب مصادر تشتيت الانتباه)، مثل أيَّة مهارة أخرى، إلى التمرُّن والانضباط في أثناء جلسات الدراسة.

ابدأ بجلساتٍ تمتد 30 دقيقة واعقد عدة جلساتٍ يوميَّاً، وبعد بضعة أسابيع زِد مدة الجلسة وعدد الجلسات التي تخصصها للدراسة كلّ يوم.

الأمر يستحقّ المحاولة بكلّ تأكيدٍ لأنَّ إتقانه يجعلك مميزاً عن الآخرين في عالم تَكثُر فيه مصادر تشتيت الانتباه، وستكون هذه المهارة مفيدةً لك طوال حياتك لأنَّ المعرفة السائدة في عالم الاقتصاد اليوم تُحتِّم على جزءٍ كبيرٍ من أفراد القوة العاملة أن يؤدوا مهاماً تحتاج إلى كثيرٍ من تركيز الاهتمام، على عكس ما كان سائداً في أجواء الاقتصاد الصناعي سابقاً حيث الأشخاص الذي يضطرون إلى أداء مهمات تحتاج إلى تركيزٍ عميق قليلون.

تذكَّر أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مصادر تشتيت الانتباه المغرية لن تسدد فواتيرك، وأنَّ من يفعل ذلك هو العمل الجاد.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!