‘);
}

حال النبي قُبيل رحلة الإسراء والمعراج

مكث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سنواتٍ طويلةً يدعو قومه إلى الإسلام والتوحيد، ويصبر على أذاهم، وكفرهم، واستهزائهم به، وكان ممّن يُعينه ويهوّن عليه ما يلاقي من قومه عمّه أبو طالب فقد كان ذا مكانةٍ رفيعةٍ بين كفار قريش، فكان المدافع عنه أمام قريش، وكذلك كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- زوجة النبي -عليه الصلاة والسلام- تشدّ من أزره وتؤيّده في مواقفه أمام المكذّبين، وقد كتب الله -تعالى- أن يتوفّى كلاً من عمّه وزوجته خديجة في عامٍ واحدٍ، فحزن النبي -عليه الصلاة والسلام- عليهما حُزناً شديداً، وبدا ذلك على محيّاه لثِقَل المصاب الذي وقع به، وسمّي ذلك العام بعام الحزن؛ لشدّة حُزن النبي -عليه السلام- على وفاة عمّه وزوجته، وممّا خفّف الحزن عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- استبشاره في أهل الطائف خيراً بعد أن ازداد إيذاء قريش للنبي وأصحابه، فاستهمّ خارجاً إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام والتوحيد.[١][٢]

لم تكن دعوة أهل الطائف كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام، إذْ استقبله أهلها بالشتم والاستهزاء، وأظهروا له البغض والكفر، وأخرجوا إليه أطفالهم وعبيدهم يرمونه بالحجارة حتى أصابوه فسال الدم من قدميه الشريفتين، ممّا زاد من حزن وألم النبي -عليه الصلاة والسلام- على قومه الذي رفضوا استقبال دعوة ربّهم بالإجابة والرضا، حيث خرج النبي من الطائف يحمل همّاً عظيماً، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (يا رسولَ اللهِ هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يومِ أُحُدٍ؟ فقال: لقد لقيتُ من قومِك، وكان أشدَّ ما لقِيتُ منهم يومَ العقبةِ، إذ عرضتُ نفسي على ابنِ عبدِ يا ليلِ بنِ عبدِ كلالٍ فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أَستَفِقْ إلا بقرنِ الثعالبِ)،[٣] وبعد تلك الحادثة أراد الله -تعالى- أن يأخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- في رحلة الإسراء والمعراج، لتكون تخفيفاً عن النبي، وأُنساً له، وتذكيراً له أنّ الأرض إن ضاقت عليه بتكذيب أهلها، فإنّ السماء تُفتّح له وترحّب به وتحبّه.[٢][١]